15‏/03‏/2013

أهمية اللغة الشعرية

أهمية اللغة الشعرية

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .


     إن اللغةَ الشعرية اكتشافٌ متواصل لعوالم الإنسان الداخلية ، وتنقيبٌ دائم عن المعنى . وهذه اللغةُ المتفردة لها طبيعة خاصة تتنفس من خلال الحلم الإنساني ، كما يتنفس الإنسانُ من خلالها . وبما أن القصيدة نظام لغوي كَوْني ينظر إلى الثقافة على أنها حضارة لا بديل عنها، ومتنفَّس لعناصر الطبيعة ، كان لزاماً على النَّص أن يُفعِّل القيمَ الإيجابية في المجتمع ، ويَحرس الواقعَ المعاش من التآكل، ويؤسس في تفاصيل الحياة المادية رموزاً لغويةً قادرة على حمل إيقاع الرُّوح، وتوهجَ الحلم. فاللغةُ هي كَيْنونة الفرد ، وهويةُ المجتمع ، والتكوينُ المنطقي القادر على صياغة الأحلام ، وبناءِ الدلالة المعرفية الفاعلة في المنظومة الحياتية بكل تفاصيلها .
     ولا يمكن اعتبار اللغة الشعرية جزءاً هامشياً في تاريخ الوجود الإنساني ، لأنها تاريخٌ متجدد قائم بذاته ، ويتمتع بشرعية ذاتية ، واستقلالٍ معرفي لا ينتظر اعترافاً خارجياً . وهذا يشير إلى أن اللغة الشعرية تتميز باكتفاء ذاتي قادر على تكوين البنى الاجتماعية والثقافية داخلياً وخارجياً ، أي داخل المستوى الرمزي للكيان القصائدي ، وخارج الأطر الواقعية المحصورة بالزمان والمكان . فاللغةُ لا تكتفي بالتواجد في الواقع المحسوس الذي يعيشه الناسُ ، بل أيضاً تُحوِّل الحلمَ إلى واقع جديد يسير جنباً إلى جنب مع حياة الفرد والجماعة . وفي هذا إشارةٌ واضحة إلى أن تكوين العالَم الشعري ضرورة مُلحة لإنقاذ العالَم الذي نعيش فيه ، وليس ترفاً أو جرعةً تخديرية . فالقصيدةُ هي المحرِّك الرمزي الوجداني لأنساق المجتمع، وهي الضمانة الأكيدة لتشييد التجانس الإنساني كوَحدة سلوكية مقاومة لاغتراب الفرد في متاهة الواقع الضاغط ، واغترابِ الجماعةِ في تحديات الهوية الذاتية .
https://www.facebook.com/abuawwad1982