19‏/02‏/2017

انتحار الجنرال / قصيدة

انتحار الجنرال / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     بَرْقوقُ الشُّموسِ يَخْترقُ أمعاءً مُهَشَّمةً / عَلى أزرارِ البِزَّةِ العَسْكريةِ لِجِنرالِ اليَأْسِ / شَاهِدُ قَبْري يَتحركُ بِاتِّجاهِ ضَوْءِ المِئْذنةِ/ وَكَانَ عُشْبُ القُبورِ يَكْسِرُ مَخَالِبَ القَياصرةِ القِرْمِيديةَ/ يُجْرُون القُرْعةَ عَلى طَاولةِ القِمار / مَن يُشَرِّحُ تَابوتَ عُصْفورٍ واقعٍ في الأَسْرِ ؟ / عَقَدوا عَلى أشلاءِ الإِنسانِ مُؤتمراً لحقوقِ الإِنسانِ ! /
     دَهشةُ الدَّجاجِ الذي يَسُوقُهُ الغَيْمُ إلى الذَّبْحِ / خَبَّأَ نِسيانُ الحِجارةِ رَحيقَه / في رَوابي قَرْيتي المخضَّبةِ بالسُّيوف المكسورةِ / لِلحُطامِ قُبَّعاتُ التَّتارِ / ارتفعَ مَنسوبُ الانهيارِ في دَمِ الأحزانِ المتقاعِدةِ / وَقَّعَ الإمبراطورُ وَثيقةَ الاستسلامِ / وقذائفُ المِدْفعيةِ تُجفِّف ذِكرياتِ الفئرانِ الرَّماديةِ /
     وَبَيْنما كَانت نِساءُ رُوما يَأْكُلْنَ الشَّبابَ المدمِنِين على الأفيون / كَانت عُيونُنا تَقْصِفُ أوروبا مِن الإسكندرية / لِتَحْريرِ الوَهمِ مِن الوَهمِ/ استقالتْ أطرافُ القَيْصرِ مِن العملِ في المذابح بَعْدَ خِبْرةٍ طَويلةٍ ! /
     يَا رِمالاً تَنحِتُ في رِقاب المغولِ صُورتَها / لا تَشْكريني لأنني حَوَّلْتُ أشعةَ حَبْلِ المِشنقة إلى رسائل بَيْنَ الأصدقاءِ/ وَدِّعْ أشكالَ الأواني الفَخَّاريةِ يَا لَوْنَ جِلْدي / ولا تَحْضُر المؤتمرَ الصَّحفيَّ للحطبِ / هؤلاء المذيعاتُ السَّبايا / يَبْحَثْنَ في أشلاءِ الزُّهورِ عَن سَبْقٍ صَحفيٍّ /
     بَيْتي الذي كَانَ طَابَعَ بَريدٍ / نَفاه رِجالُ الأمنِ إلى مُنْحَدَرَاتِ الثلجِ المجروحِ / هَيَّا إِخْوتي رُعاةَ الغَنمِ نَبكي مَعَ أغنامنا / دَمُنا في عُروق الرَّعدِ / فَكُوني يَا أعشابَ القَصْديرِ أكثرَ وَفاءً مِن أُنثى العَنكبوت/يا أجفاني الثَّلجيةَ/ هَل سَمعتِ زَئيرَ الجداولِ يَضْرِبُ رِئةَ الغابةِ ؟/ هل رَأيتِ صَوْلجانَ القَمر يَلتفُّ حَوْلَ مُذكَّراتِ النَّبْعِ السِّريةِ ؟/
     عَلى أيدي القَتَلةِ يَعِيشُ غُبارُ البُحيرات / دُوَيْلاتٌ يَسْتأجرها الرَّمدُ البرونزيُّ / صُوَرُ مُتَسَكِّعين يَذْبحون دِهانَ أقنعتهم في السِّرداب/ جُيوشٌ بلاستيكيةٌ تَقْبِضُ حِصَّتَها مِن الهزيمة/ والموْجُ يَقْتلعُ رَمْلَ الرِّئَتَيْن مِن جُذوره /

     يَا قَلبي المنسِيَّ / انْسَ وُجوهَهم / سَأخْدَعُكَ وأقولُ لَكَ إِنهم مَاتوا / كَي تَرتاحَ مِن عَدْوى المرايا وعَذابِ الذِّكرياتِ/تَجْلِسُ الفَراشةُ على بَلاطِ المطاراتِ بِلا جَوازِ سَفَرٍ/ لا أَحَدٌ يَنتظرُها / ولا تَنتظرُ أحَداً / بَحثتُ عَن الْحُبِّ / وحِينَ وَجَدْتُهُ دَفَنْتُهُ / فيا أيُّها البَحَّارةُ / عَانِقُوا الرُّبَّانَ/ وَدِّعُوا فِئرانَ السَّفينةِ / إِنَّ السَّفينةَ تَغْرَقُ / العِنَاقُ الأخيرُ / والوَداعُ النِّهائِيُّ .