09‏/07‏/2017

أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة

أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

    لَسْتُ أنا مَرْيَمَ لِتَسْقُطَ عَليَّ الرُّطَبُ / لَستُ أنا خَديجةَ لِيُحِبَّني النبيُّ / خُدودي هِيَ الْمَذْبحُ / وَرَقَبَتي هي المذبحةُ / إِنني مَخْنوقةٌ يا كُلَّ صُلْبانِ الجسَدِ الْمُهَشَّمِ / تَصيرُ الأشلاءُ كُوباً مِنَ الشَّايِ المصلوبِ على خَشَبَةِ المسْرَحِ / وإِعْدامي هو المسْرَحُ والمسرحيةُ / لا مِكياجٌ حَوْلَ ظِلِّ الرِّيحِ /  وَلا عُيوني قَوافلُ البَدْوِ الرُّحَّلِ / يَقرأُ الزبدُ الظِّلَّ النُّحاسيَّ إِنجيلاً للإبادةِ / وأيْنَ ظِلِّي ؟ / أبني في شُعيراتي الدمويةِ أبراجاً للنحيبِ / والأغرابُ يَبْنُونَ في طِلاءِ أظافري ناطحاتِ السَّحابِ / وجُثماني حاجزٌ أمنيٌّ / تَبني عَلَيْهِ العصافيرُ مَملكةَ القُشَعريرةِ / نَشيدُ الرِّياحِ كُحْلٌ للقَتيلةِ / فيا بَراميلَ النِّفْطِ في مِيناءِ السُّنونو / اقْتُليني عَاريةً مِن أجْنحةِ البَجَعِ وَتَراتيلِ الكَنيسةِ / عُذْراً أيُّها الموتى العُراةُ / لَم أتأمَّلْ في وُجوهِ الأراملِ العابرةِ خَلْفَ زُجاجِ القِطاراتِ / التي تَذهبُ ولا تَعودُ / لَوْ كُنتُ قَبْضةَ النهرِ / لَخَرَجَ صَوْتُ الرصاصِ مِن عِظامي / لكني أجراسُ الجلادين / مَن أنا لأَرْسُمَ مِكْياجَ الأميراتِ ؟ / فَلْتَكُنْ حُفْرتي جَرَساً في أُذُنِ غَزالةٍ / مَن سيتذكرُ بُكائي أمامَ الأمواجِ التي صَادَقَتْ ضُبَّاطَ المخابراتِ ؟ / أنا لَم أَعُدْ أنا / مَن أنا ؟/ لا شيءَ حَوْلَ اسْمي يَعشقُ صَليبي المكسورَ / قَد يَرْسُمُ أسْفَلْتُ الوَحْشةِ صَليباً وَحْشياً على شَظايا صَدْري / لا طِفْلٌ يَلتقمُ ثَدْيي / وَلا نشيدٌ وطنيٌّ لأبنائي في سُوقِ النِّخاسةِ / غَرِقْتُ في حَليبِ العُشْبةِ الأخضرِ / وحليبي أكياسٌ مِن الأسمنتِ على أرصفةِ المِيناءِ المهجورِ / مَن أنا لأَمْنَعَ أنَّا كارنينا مِن الانتحارِ وَكُلُّ حَياتي انتحاراتٌ ؟ /
     تَكَاثَرْ أيها الحزنُ / سَيِّجْني بِقُيودِ الغَسَقِ بأُمومةِ الأرصفةِ / القَبائلُ بَاعَتْ رَاياتِها مِن أجْلِ الرَّاتبِ الشَّهْرِيِّ/ أُنادي على القَتيلاتِ في المرفأ/ تتساقطُ أظافري كالثلجِ الأخضرِ في رِئةِ المِدْخنةِ / أحببتُ قِطتي فَخَانَتْني / فَأيْنَ أجِدُ زَوْجاً لا يَخُونني ؟ / أرْشِدْني أيها الموجُ الأعْرجُ / الأيتامُ يَمشونَ إلى أشجارِ الألَمِ / والغاباتُ تتعاطى وُجوهَ الفُقراءِ / ستقرأُ الماريجوانا وُجُوهَ طَالباتِ هَارفارد / الخارجاتِ مِن لَيْلةِ الدُّخلةِ/ الدَّاخلاتِ في سِفْرِ الرُّؤيا/مَن أنا لِيَعتذرَ لِيَ الملوكُ عَن سَرقةِ الشُّعوبِ؟/
     سَأعودُ لِكَيْلا أَعودَ / فَانهضْ مِن مُوجَزِ تاريخِ الْحُزْنِ / وتَقَمَّصْني / أنا خَشَبةُ المسْرَحِ / لكني لا أَعرفُ وَشْمَ النِّعالِ التي سَتَرْكُضُ على جَسَدي / لا تَكْرهيني يا أُمِّي / إِنَّ أبي يُمارِسُ هِوايَتَهُ في وأدِ البناتِ / كلُّ وَجْهٍ مطرٌ على أرْضٍ لا تَعترفُ إلا بالجلادين / فَلْتَفْرُشْ مَرايا الطوفانِ عِظامي أجنحةً صِناعيةً للنَّعَاماتِ المشلولةِ / يَا جَارَنا الراكضَ عَلى حَوَافِّ الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ / لا تَمْلِكُ ثَمَنَ وِسادةٍ تنامُ عَلَيْها أو تبكي عَلَيْها / كُلُّنا رِمالٌ مُتحرِّكةٌ / أشباحٌ على صَوْلَجانِ الوَهْمِ / والعُروشُ تَقتلُ الملوكَ كالنَّمْلِ/ مَن أنا لأَقولَ لابنةِ القَيْصَرِ / كُوني أقلَّ تفاهةً مِن لاعباتِ التِّنسِ ؟/ المطرُ يَجْرَحُ لَحْمي الخريفيَّ / كَشِتاءٍ خَارِجٍ مِن غُرفةِ العِنايةِ المركَّزةِ / لا تسألْني لماذا أموتُ في الحياةِ / الدَّقيقةُ سَنَواتٌ مِن الألَمِ / ورَنينُ الدَّمْعِ كَسَرَ رَنينَ الأجراسِ في تاريخِ الرَّمادِ / يا أبراجَ الكنيسةِ / قِدِّيسةٌ أنتِ في النهارِ / مُومِسةٌ في الليلِ / قلبي أسئلةُ الأشجارِ/ والذينَ يَعْرِفُونَ الإجابةَ ماتوا / يَرْمي المساءُ شَظايا جُمْجمتي في صَحْنِ الملوخيَّةِ / والفَيَضَانُ يَكتبُ مُذكَّراتِ امرأةٍ تَكْرَهُ نَفْسَها / تَنسَى وَجْهَ زَوْجِها / ولا تَنسَى وَجْهَ مُغْتَصِبِها / وزَوْجُها هُوَ مُغتَصِبُها /
     أنظرُ وَراءَ تُفاحِ الجِنسِ / أرى دَمَ الوِلادةِ على أغصانِ النيازكِ / الرِّعشةُ النِّهائيةُ / والوَهْمُ اللذيذُ / والمِشْنقةُ الشَّهيةُ / اللاعَوْدةُ تَصيرُ عَوْدةَ النوارسِ المحكومةِ بالإعدامِ / أنا أكرهُكَ لأني أُحِبُّكَ / البطاطا المقْليةُ أرشيفٌ للقلوبِ المحترقةِ بالعِشْقِ / تَجْلِسُ عِظامي على طَاولاتِ المطاعمِ / أنا وَحيدةٌ كالصدى / وهَيْكلي العَظْمِيُّ مَبْلولٌ بالسِّيانيدِ / أنتحرُ في الصَّيْفِ / لكني أَشُمُّ رَائحةَ العَدَسِ في شِتاءِ الأديرةِ / يَسْتلقي الفَيَضانُ على رُموشي / والضَّبابُ يُعلِّقُ مَلابسي على حَبْلِ مِشْنقةٍ عابرةٍ / دَمي أعْزَلُ أيها الأسمنتُ المسلَّحُ/ مُحَاصَرَةٌ أنا بِمَلاقِطِ الحواجبِ والحواجِزِ الأمنيةِ / افْهَميني أيتها المزهرياتُ الملوَّثةُ بِدُموعِ العُشَّاقِ/ لماذا نَقتلُ الْحُبَّ بِاسْمِ الْحُبِّ ؟/ لن أرسمَ الصليبَ عَلى صَدْري المهجورِ قَبْلَ أن أنتحرَ مِثْلَ أنَّا كارنينا/ لأنَّ ذِكرياتي انتحاراتٌ / الصليبُ مَرْسومٌ على سَرَطانِ الثَّدْيِ / امرأةٌ لا تنسَى وَجْهَ جلادها / تَخونُ زَوْجَها معَ زَوْجِها / لكنها غَيْرُ مُتزوِّجةٍ /
     رَمْلُ البحرِ يُعاني مِن الإسهالِ / فَكَيْفَ يَموتُ عُشْبُ المقابرِ غريقاً ؟ / قَوْسُ قُزَحَ يَكتبُ واجباتِهِ المدرسيةَ على سَطْحِ كُوخي / وفي أقاصي أُنوثتي تَنْبُتُ ذُكورةُ النهرِ / لكني المشنوقةُ اللازورديةُ بِلا أرقامِ سُجناء / نَسيتُ أرقامَ الزَّنازين / وتاريخي ضِدُّ تاريخي / وأعضائي تتآكلُ / وَكُرياتُ دَمي الحمراءُ تُقاتلُ كُرياتِ دَمي البَيضاءَ / وأنا الهدنةُ المؤقَّتةُ بَيْنَهما / خُدودي تتصارعُ على أماكنِ النُّفوذِ في شَواهِدِ القُبورِ / ودِمائي مِكْياجُ الغِرْبان / مَن أنا لِتَنتظرَني وَلادةُ بِنْتُ الْمُسْتكفي عَلى أبوابِ مَحاكِمِ التفتيش ؟ /
     احتضاراتُ مُراهِقَةٍ تُتاجرُ بِثَدْيَيْها في مَرافئِ الملاريا / أزمنةُ الحطبِ تَصيرُ مكاناً يَختبئُ فِيهِ الجنونُ خَوْفاً مِن عُلبةِ مِكْياجي / لِمَن أتزيَّنُ أمامَ مِقْصلةِ الرَّماد ؟ / أَحْفِرُ في جُلودِ الأحصنةِ اسْمَ جُثماني/ والسنابلُ لا تَزُورُني إلا في مَواسمِ احتضاري / سَتأكلُ الطيورُ أشلائي على رَصيفِ الميناءِ / جِنازتي تَصيرُ مَطْعَماً للعُشَّاقِ الفاشلين / سَوْفَ يَلتقي الضَّبابُ المقتولُ باللبؤةِ الجريحةِ / وَيَستمعانِ إلى وَصايا الزَّبدِ / يَعْشَقُهُما الانتظارُ في محطةِ القِطاراتِ الخرساءِ / الإضراباتُ أَكَلَتْ زُجاجَ القِطاراتِ والمقاعِدَ الخشَبيةَ / وَعُمَّالُ المناجِمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / عَاشُوا تَحْتَ الأرضِ / وماتوا تَحْتَ الأرضِ / ومَناديلُ الوَداعِ مُلْقاةٌ على السِّكةِ الحديديةِ / مَشَاعري مِن الحديدِ أو النُّحاسِ / لكني أَعْرِفُ قِصَصَ العِشْقِ في طَريقِ المقابرِ الجمَاعيةِ / رُبَّما تَحصلُ الفُقْمةُ على جائزةِ الدُّبِّ الذهبيِّ / انتصرَ التُّرابُ على التُّرابِ / وفازَ الزَّرنيخُ بأعضائي البلاستيكيةِ / تُصبحُ جدائلي صَالةَ سِينما لِرِجالِ المخابَراتِ المخلِصِينَ للحَطَبِ / لا رَجُلٌ أموتُ على صَدْرِهِ / ولا سَيَّارةُ نَقْلِ الموتى تَنْحِتُ على شَاهِدِ قَبْري رَقصةَ الموجِ الأخيرةَ / عَرْشي غَامضٌ / والصَّوْلجانُ مَكْسورٌ / سَتَمُرُّ على كَفَني الْمُسْتَوْرَدِ الأشجارُ المسافرةُ/ لكني سَأعودُ معَ السُّنونو في مَساءٍ خَريفيٍّ/ مَن أنا لأُدرِّبَ الكِلابَ البُوليسيةَ على الملاعبِ العُشبيةِ ؟ /
     كانت أُنوثتي عُلْبةَ سَرْدين / وكانَ أبي يَخونُ أُمِّي / كَما تَخونُ بَناتُ آوَى بَناتِ أفكاري / أيها الإسطبلُ المهجورُ / حَاوِلْ أن تَفهمَ اكتئابَ الخيولِ / يا حِيطانَ الوَداعِ / ارْسُمي دُموعي على الوِسادةِ صُورةً تِذكاريةً / لَحْمي هُوَ أرشيفُ الحروبِ السِّريةِ / أعيشُ معَ الدَّبابيسِ الأُرجوانيةِ / التي تَزرعُ الحشيشَ في ثُقوبِ جِلْدي / وَدَمي لا يَقْبَلُ القِسْمةَ على اثنَيْن / وَجَسدي عاجزٌ عَن الانصهارِ في جَسَدِ رَجُلٍ / أنا وَرَقُ اللعبِ عَلى طَاولةِ لاعبةِ القِمارِ /
     أطنانُ المِكياجِ على وُجوهِ المذيعاتِ الْمُقْرِفاتِ / يَختارُهُنَّ النَّخاسُ حَسَبَ حَجْمِ أثدائهِنَّ ومَواعيدِ الدَّوْرةِ الشَّهريةِ / تَعادَلَ دَمُ الحيْضِ معَ دَمِ المِكياجِ / في المباراةِ التي خَسِرَتْها الجواري أمامَ القَراصنةِ / سَاعةُ الحائطِ على ألواحِ المذْبَحِ هِيَ سُوقِ النِّخاسةِ / أيتها الإِمَاءُ المحنَّطاتُ في السائلِ المنَوِيِّ / ارْقُصْنَ أمامَ الخليفةِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ / كَي تَنتشرَ الجماجمُ في مُستودعاتِ الميناءِ / مَن أنا لأَصْبُغَ المتوسِّطَ بِلَوْنِ دِمائي البنفسجيةِ ؟ / سَتَعيشُ هذه القَتيلةُ في ذِكْرياتِ العُشَّاقِ العَاطِلِينَ عَن العَمَلِ / أنا انقلابٌ عَسكريٌّ / دَمي يَنقلبُ على قَلبي / وقلبي يَنقلبُ على رِئتي / ورِئتي تَنقلبُ مَعِدَتي / رَضِعْتُ معَ حليبِ النَّيازكِ أعوادَ المشانقِ والمجازرَ والاغتيالاتِ والانقلاباتِ وَمَحاكمَ التفتيشِ وصُكوكَ الغُفرانِ / أنا عُنْصْرُ الهيدروجين/ أعيشُ وَحيدةً / وأموتُ وَحيدةً / أُمراءُ الحربِ/ وديمقراطيةُ القَراصنةِ / وجُغرافيا الكَبْتِ الجِنْسِيِّ / وَحْدَها حِيطانُ الدَّيْرِ تَفهمُ بُكاءَ الرِّياحِ / افْهَمْني يا حَطَبَ المِدْخنةِ/ كَما تَفهمُ سَيَّاراتُ نَقْلِ الموتى أشكالَ التَّوابيتِ/ مُهَاجِرَةٌ أنا إلى المرايا المشروخةِ/ والبُروقُ تَكسرُ المزهرياتِ الأثريةَ / والأعاصيرُ تَخْلَعُ أيقوناتِ الكاتدرائيةِ / ولا أَمْلِكُ غَيْرَ الوَهْمِ الجارحِ / الذي سَأُصْلَبُ عَلَيْهِ في نهاياتِ الخريفِ / أتقاسَمُ الْجُرْحَ معَ حَطَبِ الذكرياتِ القاتلةِ / وَسَرطانُ الثَّدْيِ التهمَ الصَّليبَ عَلى صَدْري المهجورِ /
     إذا اتَّصلتْ بِي أنَّا كارنينا بالهاتفِ / فأخبروها أنني أُشَرَّحُ على خَشَبةِ المذْبَحِ وبَلاطِ المعْبدِ / كأنني أسرقُ الضوءَ مِن شَمْسٍ تَكْرَهُني / لأنَّ حَنجرتي جُحْرٌ للفِئران / وعُيوني خَفافيشُ / يا قَلبيَ المنفيَّ في الأضدادِ / أنا وأنتَ عِشْنا كَجِرذانِ المرفأ المهجورِ / لكننا لَم نَجِدْ رَصيفاً نستريحُ عَلَيْهِ / أو صَوْمعةً ننامُ فِيها / أو أثاثاً يَحتضنُ جُثثَ الغرباءِ /
     مُدُنٌ للنِّسيانِ / وَمَناديلُ الوَداعِ صَارَتْ أكفاناً لِطُيورِ البَحْرِ / نَسِيَت النِّساءُ الجِمَاعَ في شِتاءِ الطاعون / اغْتَصَبَني دَمُ الباركِنسون / زَارَتْني مَراعي السُّلِّ / عَانَقَتْني تَجاعيدُ النَّيازكِ / دَخلتُ في شَيْخوخةِ الحطَبِ / وانتحرتُ / وما زِلْتُ أعيشُ / عُمري قَلْعةُ الاحتضارِ وأرشيفُ الانتحاراتِ / أيَّامي عِطْرٌ مَغشوشٌ / أنا حَشَرَةٌ / لكنَّ ذِكْرياتي مُبيداتٌ حَشَريةٌ / أنا شَبَحُ الأُنوثةِ في مُستودعاتِ الميناءِ / والمطرُ الحِمْضِيُّ هُوَ ما تبقَّى مِن وَجْهي المشروخِ /
     حياتي هَنْدسةٌ مِعْماريةٌ للانتحاراتِ / وخُدودي هِيَ أبراجُ المراقَبَةِ في مُعسكراتِ الاعتقالِ / لَم يَعْرِفْ حُزني أقواسَ النَّصْرِ / ولم تَلْمِسْ أظافري أكاليلَ الغارِ / أنا العارُ / أنا الموؤدةُ خَارِجَ ذِكرياتِ شَريفاتِ قُرَيْشٍ / فازرعيني خَوْخاً للاكتئابِ أيتها الغريبةُ/ التي تَرْمي الدَّلْوَ الفارغَ في قلبي الفارغِ / يا كُلَّ البغايا الراجعاتِ مِن اصطيادِ الزَّبائنِ / احْرُثْنَ وَجْهَ النهرِ بارتعاشةِ الجِنْسِ / الذي يَتحجَّرُ في أجسادِكُنَّ الملوَّثةِ بالزَّرنيخِ / تَحْفِرُ السُّيولُ في جَدائلي صَوْتَ الرصاصِ / وحَبْلُ مِشْنقتي بِطَعْمِ الشُّوكولاتةِ / والعناكبُ تأكلُ لحمي الطازَجَ / عَرْشي ضائعٌ / والملوكُ أبناءُ السَّبايا / والزوابعُ تَزرعُ إشاراتِ المرورِ في خُدودي / وَدَمي الأحمرُ هُوَ اللونُ الأخضرُ في إشارةِ المرورِ / لكني لا أَمُرُّ في سَراديبِ جبيني/ بِلادي رَاقصةٌ مُبتدئةٌ ضَاعَتْ في كَواليسِ المسْرَحِ / والراهباتُ يَمْشينَ في جِنازةِ البيانو / سيُصبحُ خَشَبُ البيانو نَعْشاً للأمطارِ / فاسْمَعْ تَغريداتِ الموتِ في مَمالكِ الجثامين / أَحملُ الرَّقْمَ القِياسِيَّ في الصَّدماتِ العاطفيةِ / والسِّنجابُ اليَتيمُ هُوَ الْمُتَحَدِّثُ الرَّسْمِيُّ بِاسْمِ القُنفذِ المصلوبِ/ وجسدي خَازِنُ بَيْتِ الأحزانِ/ أنا المقتولةُ في قِرْميدِ الأكواخِ الرِّيفيةِ/ مُخَدَّرٌ لحمي كأنني مَنقوعةٌ في كُلِّ تَواريخِ الأفيون / فَاقْتُلْني يا ضَوْءَ المطرِ كَي أتحرَّرَ / مُهاجِرةٌ أنا إلى صَوْتي المذبوحِ /
     البَعُوضُ / والمجازرُ / والحطامُ الكلاسيكيُّ / وَسُورُ المقبرةِ الزُّجاجيةِ / حُقولٌ مِن اليورانيومِ الْمُخَصَّبِ بَيْنَ لِساني ولُعابي / جَارتي تَعْزِفُ على البيانو في ليالي الشتاءِ الحزينةِ / وَتَخونُ زَوْجَها معَ أحَدِ تلاميذِها/ ولاعبةُ القِمارِ لَيْسَ لَدَيْها وَقْتٌ للطبخِ / كلُّ عُضْوٍ في جَسَدِ الشاطئِ المسْبِيِّ هُوَ اسْمي / وَيَنمو في شَرايينِ الضَّبابِ دَمٌ غَريبٌ / عَزيزتي رِمالَ البَحْرِ / أنتِ الحاكِمةُ العَسكريةُ على قلبي الذي تقاسَمَهُ الغرباءُ / الذين أَحْبَبْتُهم ورَحَلوا / هِيَ خُدودي المطفأةُ مَنَاجِمُ فَحْمٍ / لكنَّ العُمَّالَ ذَابوا في الإضراباتِ / وسَقَطَ سَقْفُ المعْبَدِ على جَدائلِ الراهباتِ / فَاقْطَعْني أيها الكَرْبونُ وَرْدَتَيْنِ / كما يَقطعُ الماسُ أثداءَ الأميراتِ في صالةِ الرَّقْصِ / صَدْري مَزارعُ الزَّرْنيخِ / وَعَرَقي مَسْمومٌ / وضَجَري مَسمومٌ / أنا السُّمُّ المترسِّبُ في عُروقِ الرِّياحِ / وما زِلْتُ أركضُ في أدغالِ النحيبِ / أَكذبُ على قلبي وأقولُ إِني أَكرهُكَ / الدَّهشةُ مُرْضِعتي التي تَكْرَهُني / والحطَبُ سائقُ سَيَّارتي المعطَّلةِ / إِنَّ دَوْلةَ الجنونِ مَاتتْ / وَلَم تَعُدْ سِوى مَزرعةِ حَشيشٍ للقُرْصانِ / سَتَخُونُكَ أظافرُكَ في معركةِ العِشْقِ / فاخْلَعْها كَي تُحَرِّرَ ذِكرياتي مِن الأَسْرِ / أكتبُ فَلسفةَ اللحمِ المحترِقِ لأنسَى الصَّدماتِ العاطفيةَ / أنا أرملةُ النهرِ الافتراضيةُ / لأنَّ محاكمَ التفتيشِ سَوْفَ تُعذِّبُني حتى الموْتِ / فَابْكِ عَليَّ يا رَمْلَ البَحْرِ حتى الموْتِ /
     لَيْلةُ إِعدامي مَوْلدي / وأنا التي وَلَدْتُ خَشَبَ الغاباتِ المحترِقَ / ودُفِنْتُ لَيلاً لئلا يَنْبُشَ قَبْري كَهنةُ الأسمنتِ / سَيْفُ الأدغالِ المسمومُ يَخترقُ أحشائي / يا كُلَّ النوارسِ المنفيَّةِ في أقاصي سُعالي/ ارحمي أُنوثتي الْمُفَخَّخةَ مِثْلَ بَراميلِ النِّفْطِ في مُستودعاتِ الموانئِ المنسيَّةِ / سَأَنتحرُ في أَوْجِ شَبابي لأظلَّ أنيقةً إلى الأبَدِ / يا حفَّاري قُبوري / اتركوا الويسكي / وركِّزوا في الشَّمْبانيا / اترُكوا الماريجوانا / ورَكِّزوا في الأفيون / يا حُزْنِيَ البلاستيكيَّ / لم أسْتَفِدْ مِن قِصَصِ الغرامِ غَيْرَ الرَّبْوِ / اصْلُبْني على جسدي عَاريةً مِن أَكوامِ الشُّطآنِ / وسَجِّل القضيةَ ضِدَّ مَجهولٍ / قد انتهت اللعبةُ / وأنقاضي هِيَ جَوازُ سَفَري / أرعَى الضفادعَ في مُستنقعاتِ المنفَى / الذي يَشْنُقُني لأنني أُنثى / أنا حارسةُ ذِكرياتِ اللصوصِ المحترمين / مَشْنوقةٌ أنا مَرَّتَيْن / مَرَّةً عِندما أحببتُكَ / وَمَرَّةً حِينما افْتَرَقْنا / قَرِفْتُ مِن قِصَصِ الْحُبِّ / كَما قَرِفَتْ هِنْدُ بِنْتُ النُّعمانِ مِن الْحَجَّاجِ /

     النِّساءُ الدُّمى / وَالرِّجالُ المرتزِقةُ / والدُّوَلُ مَسْرَحٌ للعرائسِ / أنا عَروسٌ بِدُونِ لَيْلةِ الدُّخلةِ / لا بابا الفاتيكانِ أبي / ولا الأمُّ تيريزا أُمِّي / سأبحثُ عَن حُبٍّ جديدٍ أو مجزرةٍ جديدةٍ / لا فَرْقَ بَيْنَ الأضدادِ إذا كانَ رأسُكَ مِقْصلةً مُسْتَوْرَدَةً / جَسَدُ العاصفةِ يَستحوذُ على ثَلْجٍ ساخنٍ / يَختزلُ الكُحْلَ في بُؤرةِ الجِنْسِ / كأنَّ امتزاجَ الويسكي بالنبيذِ دُستورٌ للبَعوضِ / يَا مَن تَسْجُنُونَ المطرَ  وَتَمْنَحُونَ اللصوصَ الأوسمةَ / كلُّ قَواربِ العُشَّاقِ تتكسَّرُ على صَخْرتي / لكني أضعتُ صَخْرتي في زَحْمةِ الفَراغِ وَجَدْوى العَدَمِ / ناقلاتُ النِّفْطِ تَصطدمُ بِوُشاحي / أنا خُرافةٌ / لكني لَسْتُ خُرافةَ الهولوكوست / وَحيدةٌ أنا كالقُشَعريرةِ / وَالقُشَعريرةُ وَحيدةٌ مِثْلي / أتزلَّجُ على صَقيعِ المنافي / وأبناءُ الإِمَاءِ يَحْرُسُونَ الوَحْدةَ الوَطنيةَ .