13‏/12‏/2017

الرعد يدفن جثماني في مكان سري / قصيدة

الرعد يدفن جثماني في مكان سري / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

................

هَل يَعْرِفُ الصَّيادُ ذِكْرَياتِ الفَريسةِ ؟ / هَل تَعْرِفُ الفَرِيسةُ أبناءَ الصَّيادِ الجائعين ؟ / البَحْرُ يُضَيِّعُ وَقْتَهُ في إِطلاقِ الرَّصاصِ عَلى جُثةِ النَّهْرِ / مَاتَ النَّهْرُ بِلا وَصِيَّةٍ ولا زَوْجَةٍ / والرِّيحُ وَصِيَّةُ الغريبِ / والزَّوبعةُ وِصَايَةُ الصَّيادِ عَلى الفَريسةِ /
مَاتت البُحَيرةُ رَمْيَاً بالرَّصاصِ / وَشَجَرُ المقابرِ يَسألُ ضَوْءَ القَمَرِ / عَن عَدَدِ الرَّصاصاتِ في جِسْمِها / سَتَظَلُّ الرَّصاصاتُ في الليلةِ البَاردةِ تِذْكاراً لأحزانِ الطفولةِ / النِّسْوَةُ في المقابرِ بِدُونِ نُونِ النِّسْوَةِ / وَدِمَائي أبجديةٌ جَديدةٌ تأتي مِنْ صَوْتِ المطرِ / رَاحِلٌ أنا في لَيْلِ الشِّتاءِ / بِلا ضَفائرِ أُمِّي ولا عُكَّازةِ أبي / يَدْخُلُ ضَوْءُ القَمَرِ في شَرَاييني/ وأركضُ إلى البَحْرِ/ وَتَظَلُّ جُثتي عَلى رَصيفِ المِيناءِ/صَوْتُ الرَّصاصِ يَكْسِرُ صَوْتَ البيانو في ليالي الخريفِ/وأكفانُ أبي تُغَطِّي أثاثَ بَيْتِنا القديمِ/ وأكفاني البَيضاءُ رَايةٌ بَيضاءُ في أحلامِ الطفولةِ / والأمطارُ هُدْنةٌ بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمي البَيْضَاءِ والحمراءِ/
أنا السَّرابُ / فأيْنَ الصَّحراءُ ؟ / أنا الْمَرْفَأُ / فأيْنَ البَحْرُ ؟ / زَرَعَ مَطَرُ الخريفِ السَّنابلَ في الصُّدورِ الْمُحْتَرِقَةِ بالْحُبِّ / لَكِنَّ سَرَطَانَ الثَّدْيِ هُوَ الحاصِدُ / سَتَمُوتِينَ وَحْدَكِ أيَّتُها الفَراشةُ / فِرَاشُ الْمَوْتِ ضَوْءٌ يُولَدُ مِن قَطَرَاتِ المطَرِ أوْ قَطَرَاتِ الحِبْرِ /
قَمِيصُ النَّوْمِ في خِزَانةِ المطبخِ / ورُؤوسُ النِّساءِ في صُحُونِ المطبخِ / أيْنَ العَشَاءُ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ يا بَنَاتِ آوَى ؟ / لا أَبْحَثُ عَن السَّجَّادِ الأحمرِ / لأنَّني أعيشُ تَحْتَ الأرضِ/ لا أَبْحَثُ عَن الْمُعْجَبَاتِ/ لأنَّ الْحُبَّ في قَلْبي مَات/ أَضَاعَت السَّبايا طِلاءَ الأظافِرِ بَيْنَ الذِّكرياتِ والْمُسَدَّسَاتِ / وَأَضَعْتُ قَارُورةَ الحِبْرِ بَيْنَ قَارُورةِ العِطْرِ وَقَارُورةِ السُّمِّ/ وَالسَّنابلُ تَنْمُو في ثُقوبِ جِلْدي كأخشابِ التَّوابيتِ / وأخشابُ السُّفُنِ الْمُحَطَّمَةِ تَصِيرُ نُعُوشَاً لِمَناديلِ الوَداعِ / التي نَسِيَتْهَا أراملُ البَحَّارةِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / وَسَوْفَ يُلْقِي البَحْرُ نَظْرَةَ الوَداعِ عَلى جَثَامِينِ البَحَّارةِ الغَرْقى /

امْشِ أيُّها النَّهْرُ الْمُحْتَرِقُ بالذِّكرياتِ في الجِنازةِ العَسكرِيَّةِ/ النَّعْشُ مَلْفُوفٌ بِوَرَقِ الشُّوكولاتةِ/ والنِّساءُ يَرْتَدِينَ قُمصانَ النَّوْمِ / وَيَمْشِينَ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / والأعلامُ مُنَكَّسَةٌ / وَالأغاني الوَطَنِيَّةُ سَقَطَتْ في عَصيرِ البُرتقالِ / سَقَطَت الرُّومانسِيَّةُ بَيْنَ جُثتي وَعِطْرِ الذبابةِ / سَقَطَ الكِفَاحُ الْمُسَلَّحُ بَيْنَ مِرْآةِ الأمطارِ والأسمنتِ الْمُسَلَّحِ / فَيَا أيُّها القَلْبُ العَاشِقُ المصلوبُ عَلى جَسَدِ الرَّجُلِ الآلِيِّ / سَتَنْقُلُ الشُّطآنُ جُثمانَ البَحْرِ بَحْرَاً / وَيُدْفَنُ في مَسْقَطِ رَأْسِهِ كالنَّسْرِ المشلولِ .