22‏/08‏/2019

نار أبدية لضياع سدوم وعمورة / قصيدة

نار أبدية لضياع سَدُوم وعَمُورة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     كَلْبُ الإِمْبراطُورَةِ مُصَابٌ بِالاكْتِئَابِ / فَلْيَمُت الشَّعْبُ/ لِيَشْعُرَ الْكَلْبُ بِجَدْوَى الْحَيَاةِ / وَحْشَةَ رَاهِبَةٍ مُبْتَدِئَةٍ فِي حُفْرَةِ الْكَهَنُوتِ كَانَتْ عَوَاصِمُ الرِّعْشَةِ / تَتَذَوَّقُ جُثَّتِي حُفَرُ الْمَجَارِي / أَنَا الرَّصَاصَةُ الْمُنْطَلِقَةُ مِنْ خَدِّ الْقَمَرِ / وَجَدْتُ حَدَائِقَ رَغْبَتِي عَلَى أَرَاجِيحِ الْقِتَالِ / فَلَبَسْتُ سَيْفِي / وَلَمْ أَفْتَرِسْ تِلْميذاتِ الصَّدى / لأَنَّ سَجَّادَ الْمَسْجِدِ يُغَطِّي جُدْرَانَ أَوْرِدَتِي / الْمُقَاوِمَةِ لِدِمَاءِ لُورداتِ الْحَرْبِ /
     يُحَوِّلُونَ الزِّنْزَانَةَ إِلَى بُورصَةٍ لِبَيْعِ النِّسَاءِ / الْمَعْبَدُ الذَّابِحُ دَاخِلَ أَمْعَاءِ الْمَطَرِ الْحِمْضِيِّ / وَالنَّخَّاسُ يُمْسِكُ بِشَعْرِ فَتَاةٍ شَقْرَاءَ تُسْتَعْمَلُ كَمِرْآةِ سَيَّارَةٍ / وَيَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْفَتَاةَ مِنْ سُلالَةِ قَيَاصِرَةَ قَادُوا حَمَلاتِ الإِبَادَةِ / هِيَ الْمُخَابَرَاتُ الأَجْنَبِيَّةُ تَسْعَى لإِسْقَاطِ نِظَامٍ إفْرِيقِيٍّ رَافِضٍ لأَوَامِرِهَا / وَإِغْرَاقِ الْبِلادِ بالأَسْلِحَةِ الدِّيمقرَاطِيَّةِ /
     سَلامِي لِلطَّالِعِينَ مِنْ سُلالاتِ الشَّفَقِ / النَّازِلِينَ إِلَى قَصَائِدِ الْمَرْعَى / أُفَلْسِفُ أحلامَ الشَّجَرِ / لأضَعَ حُزْني فِي أَقْصَى مَدَاهُ/ حُدُودُ الليْلَكِ شِرَاعِي الْوَحِيدُ / وَالْجُيُوشُ تَحْرُسُ بَابَ أُذُنِي الْيُمْنَى / لِلصَّاعِدِينَ مِنْ خِيَانَةِ يَهُوذَا دُودٌ يَنْخُرُ نِيرَانَ الظِّلِّ الزُّجَاجِيِّ / وَلِي فَضَائِي أَعْلَى مِنَ انْتِصَارِ حُلْمِي عَلَى حُلْمِي / فِي أَرْضِ الطُّوفَانِ / لَهَبِي أَجْمَلُ فُتُوحَاتِي فِي مُدُنِ صَفَّارَاتِ الإِنْذَارِ / خَرَجْنَا مِنَ الْمَجْزَرَةِ إِلَى الْمَحْكَمَةِ الْمُتَجَمِّدَةِ شَمَالَ ذِكْرَيَاتِ الأَرَامِلِ / لِنَشْكُوَ الْجَلادَ إِلَى الْجَلادِ /
     فِي دَمِنَا تَتَنَاسَلُ أَشْعَارُ المجرَّاتِ/ وفي رُموشِنا ثُلُوجٌ دُبْلُومَاسِيَّةٌ/ تاريخُ اليَمامِ حَطَبٌ في الموقَدَةِ / والغِرْبانُ تَصْعَدُ مِنْ قُمْصَانِ النَّوْمِ الشَّفَّافَةِ / لإِنَاثِ الضَّفَادِعِ الْمُتَحَضِّرَاتِ / مَمْلَكَةُ الأَرَقِ الأَغْبَرِ لَهَا وَجْهٌ / لا يُشْبِهُ زُجَاجَ المدافِنِ / سَأَفْرِضُ عَلَى أَعْشَابِ الْجَسَدِ شُرُوطَ الصَّهِيلِ / جَوَارِحِي أَعْشَاشُ الطُّيُورِ الْجَارِحَةِ / وَعُيُونُ الْمُلُوكِ الْمَخْلُوعِينَ لَهَا رَائِحَةُ الْقَشِّ الأَخْضَرِ / لَحْمِي ضَوْءُ البَراويزِ في المساءِ القاتِلِ/ وخَدُّ الصَّحْراءِ قَاطِعُ طَريقٍ / والشَّظايا هَدايا بَيْنَ العُشَّاقِ في عِيدِ الطحالبِ / أُطْلِقُ عَلَى الرَّصَاصَةِ قَلْبِي / كَيْ نُولَدَ مَعَاً مِنْ مَوْتِ أَقْمَارِ الطِّينِ / أُوَزِّعُ كَبِدِي فِي ضَحِكَاتِ الزَّعْتَرِ / وتَنطفِئُ ضِحْكتي إلى الأبَدِ /
     إِذَا افْتَخَرَت الْكِلابُ الْبُولِيسِيَّةُ بِلَعِبِ الْقِمَارِ فِي لاس فِيجَاس / سَأَفْتَخِرُ بِصَلاةِ الْفَجْرِ فِي شَمَالِ قَوْسِ قُزَحَ / وَإِذَا افْتَخَرَ مُمَثِّلُو هُوليُودَ بِحَجْمِ أَثْدَاءِ عَشِيقَاتِهِمْ / سَأَفْتَخِرُ بِحَجْمِ مِشْنَقَتِي / الَّتِي تُغَنِّي فِي حَفْلِ زِفَافِي / وَتُتَرْجِمُ رِعشةَ البُروقِ إلى غاباتٍ / وَإِذَا افْتَخَرَ اللصُوصُ بِتَشْكِيلِ حُكُومَةِ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / سَأَفْتَخِرُ بِتَشْكِيلِ نَزِيفِي لِمَجْلِسِ قِيَادَةِ ثَوْرَةِ الْيَمَامِ / وَإِذَا افْتَخَرَ الشَّاطئُ بِسَرِقَةِ قَصائدي / سَأَفْتَخِرُ بِسَرِقَةِ النَّهْرِ مِنْ جَدَّتِهِ / وَإِذَا افْتَخَرَ شُعَرَاءُ الْحَدَاثَةِ بِعُقْدةِ الخواجَة / سَأَفْتَخِرُ بِحَدَاثَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ / وَإِذَا افْتَخَرَت العَجُوزُ الشَّمْطاءُ بالكَعْبِ العالي/ سَأَفْتَخِرُ بأحزانِ العُشْبِ العَاليةِ / وَإِذَا افْتَخَرَت الْمُرَاهِقَاتُ بِمَلابِسِهِنَّ الْقَصِيرَةِ / سَأَفْتَخِرُ بِمَلابِسِ الشَّمْسِ الطَّوِيلَةِ / وَإِذَا افْتَخَرَتْ حُكُومَةُ الرَّمَدِ بِالْوَزِيرَاتِ الْعَارِيَاتِ / سَأَفْتَخِرُ بِأَعَاصِيرِ الْقُلُوبِ الْعَارِيَةِ /
     أَزْمِنَةُ الْوَرْدِ الْمُتَمَرِّدِ فِي خَلايَا أَبَدِيَّتِي / كُلَّمَا نَظَرْتُ فِي الْمِرْآةِ رَأَيْتُ أُمِّي / تَغْرِسُ فِي شَظايا المجدِ بُرتقالَ الألَمِ / وَكِلابُ الْحِرَاسَةِ تَتَشَمَّسُ على قُماشِ الدُّمى / في مَسْرَحِ العَرائِسِ/ والرِّمالُ تُعطي شَرَفَ القَبيلةِ إِجَازَةً مَفْتُوحَةً/ والملوكُ يُضَاجِعُونَ عَشيقاتِهم السَّاخناتِ على الرُّخامِ البَاردِ/ ضَاعَ الوَطَنُ/ لَكِنَّنا نُرَدِّدُ الأغاني الوَطنيةَ/ وَنَصْعَدُ كَالفِئْرانِ مِن الدِّماءِ الفُسْفوريةِ / نَنْظُرُ في المرايا / وَلا نَرى وُجُوهَنا /
     في حِصَّةِ الرِّياضياتِ/ نَحْسِبُ أبعادَ شَواهِدِ القُبور/ يَرسمُ الشَّفقُ مَوْتَ الفَتياتِ على السَّبورةِ/ فَلا تَحْزَنْ أيُّها الحزنُ / إِنَّ شَمْسَ الخريفِ تُحِبُّكَ / لكنَّ الشُّموعَ تَبكي في الليالي البَاردةِ / يَسيلُ الجليدُ على خُدود النِّساءِ / فَلا تَكْسِرْ كُحْلَ الصَّبايا الوَاقفاتِ في الجِنازةِ العَسْكريةِ / ولا تَجْرَحْ أحاسيسَ البَلوطِ في المدافنِ / وَكُنْ عَاطفياً كالصَّنوبرِ الذي يُظَلِّلُ شَواهِدَ القُبورِ / ذَلِكَ الْمَنْفِيُّ هُوَ أنا / أمشي بَيْنَ التَّوابيتِ حَافياً / لكنَّ دَمي مُنْقَسِمٌ بَيْنَ رُخامِ المشانقِ وَسِيراميكِ المقاصِلِ/ وَقَلْبي مُوَزَّعٌ بَيْنَ بُرتقالِ المجازِرِ وتفاحِ المذابحِ/ يَشْرَبُ العاشِقُونَ في المقبرةِ عَصِيرَ الليمونِ/ كَي تَرْتَاحَ أعصابُ الشَّجرِ / وَيَصْعَدُ الذُّبابُ إلى ظِلالِ الموتى / غُربةُ العَصافيرِ في جَسدي / وَجَسدي هُوَ السِّجْنُ الأُرْجُوَانِيُّ / لَحْمي خَارطةٌ لِلقَتْلى / وَأنا دَليلٌ سِياحِيٌّ لِلْحَشَراتِ الْمُحَنَّطةِ في الذِّكرياتِ/ وَالْحَمَامُ الزَّاجلُ يَجُرُّ جُثثَ الجنودِ / وَالصَّيْفُ يَمْشي إلى شِتاءِ المدافِنِ حَافِياً / أَكَلَ البَقُّ بَراويزَ الذِّكرى / وَمَاتت الذِّكرياتُ / جُثماني زَهْرةُ الفَجْرِ / فَاحْصُدْ أيُّها الحاصِدُ الأعمى / وَاصْعَدْ أيُّها النَّهْرُ المشلولُ إِلى حُلْمي / لَيْتَ الأشجارَ تَفْهَمُ لُغةَ الرَّعْدِ / السَّجِينُ وَالسَّجانُ سَجِينان / وَعِظامُ الأطفالِ سِجْنُ اليَمامِ/ والمطرُ يَحْرِقُ جُثمانَ البُحيرةِ العَمْياءِ/ سَيِّدَنَا مَلَكَ الْمَوْتِ/ نَحْنُ الْمَوْتَى قَبْلَ لِقَائِكَ وَبَعْدَهُ/ فَدَعْكَ مِنْ مَشَاعِرِنَا / وَنَفِّذْ مَشِيئَةَ اللهِ .