30‏/08‏/2019

تلك الدمية في السوبر ماركت / قصيدة

تلك الدمية في السوبر ماركت / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     أَنتِ احْتِضَارُ خَشَبِ الْحَانَاتِ / وَخُدُودُكِ قِنَاعٌ عُشْبِيٌّ لِرَاهِبَةٍ / تَشْتَهِي الرِّجَالَ وَتَخْجَلُ مِنَ الاعْتِرَافِ / زُجَاجَاتُ الْخَمْرِ فِي الْخِزَانَةِ الْبَعِيدَةِ / قُرْبَ قَمِيصِ النَّوْمِ الشَّفَّافِ / إِلَى دَرَجِ الْمَذْبَحِ تَرْكُضُ رُمُوشُكِ الْحَجَرِيَّةُ/ فَاكْسِرِي حُزْنَكِ الْمَصْلُوبَ عَلَى دِيدَانِ صَدْرِكِ الْمُلَوَّثِ بِالسِّيَانِيدِ / وَانْظُرِي إِلَى الْمِرْآةِ / لِتُشَاهِدِي أَرَامِلَ الضَّجَرِ التُّرَابِيِّ /
     جِرْذَانٌ مَشْلُولَةٌ تَدْخُلُ فِي أُذُنَيْكِ / وَتَقْضِمُ خَلايَا الذَّبْحَةِ الصَّدْرِيَّةِ / أَنتِ شَاهِدُ قَبْرٍ سَمِينٌ يَحْلِبُهُ الْغُبَارُ السَّكْرَانُ / ابْتَعِدِي عَنِّي لأَنِّي ذَاهِبٌ لِمُلاقَاةِ مَلَكِ الْمَوْتِ / هَكَذَا يَقِيسُ الْغُرَابُ الدُّبْلُومَاسِيُّ مَنْسُوبَ النِّفْطِ فِي قَلْبِكِ الصَّحْرَاوِيِّ / كَأَنَّ عُشْبَةَ الْخِيَانَةِ رَائِحَةُ جَوَارِبِ الْكَهْرَبَاءِ فِي مَنَامِ السَّوْسَنِ / فِي كُتُبِ الْبَارُودِ مَلِكٌ مُهَرِّجٌ / يَقُومُ مُدِيرُ أَعْمَالِهِ بِإِبْعَادِ الصَّحَفِيِّين /
     يَا مَنْ تَمْلِكِينَ تَنَانِيرَ قَصِيرَةً وَكِلابَ حِرَاسَةٍ/ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِيَّاتِ التَّجْمِيلِ لِعَشِيقَةِ الْخَلِيفَةِ / لَسْتِ الْمَطَرَ الشَّفَقَ اللوْزَ / لَكِنَّ عَارِضَاتِ الأَزْيَاءِ عِنَبٌ مَسْمُومٌ فِي أَجْفَانِ رِجَالِ الْمَافيَا/ ولا أَحَدَ يَهْتَمُّ بِمِرْآتِي سِوى ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ / تَنَفَّسْتُ ظِلالَ النَّوَارِسِ أُسْطُوَانَةً لِمُوسِيقَارٍ مَجْهُولٍ انتحرَ وَلَم يَنتحِرْ / لِي حَبْلُ مِشْنَقَةٍ عَلَى سَطْحِ الْقَمَرِ / وَجِلْدٌ لَمْ تَزُرْهُ شَهْقَةُ الْمَطَرِ / شَعْبٌ مُثَقَّفٌ يَنْتَخِبُ الْمَرْأَةَ صَاحِبَةَ أَضْخَمِ ثَدْيَيْن / شَعْبٌ يَتَسَوَّلُ / وِزَارَةُ الأَخْلاقِ مُنْهَمِكَةٌ فِي تَرْخِيصِ بُيُوتِ الدَّعَارَةِ/
     بَعْدَ أَنْ تَخُونُونِي / اذْهَبُوا وَضَاجِعُوا نِسَاءَكُمْ لِكَيْ تَنْسُونِي / غَامِضَةٌ جُفُونُكِ كَمَوْعِدِ لِقَاءِ عِمَادٍ مَعَ دَيَانَا / فَرَحِي بِالْبُنْدُقِيَّةِ الْجَدِيدَةِ/ لَيْسَ كَفَرَحِ الْمُومِسِ عِنْدَمَا تَقْبِضُ أُجْرَتَهَا / الضَّفَادِعُ الْمَقْلِيَّةُ/ وَالْقُنْفُذُ الَّذِي يَعْمَلُ فِي إِذَاعَةِ الْغَابَةِ مُحَلِّلاً سِيَاسِيَّاً / وَدُمُوعُ الْعَوَانِسِ الْمَكْبُوتَاتِ جِنْسِيَّاً / تَسِيلُ عَلَى الصُّلْبَانِ الْبِلاستِيكِيَّةِ / شُكْرَاً لِرَاقِصَاتِ الْبَالِيه السَّمِينَاتِ / اللوَاتِي لا يُمَيِّزْنَ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُلُوكِ اللصُوصِ وَمَقَابِرِ اللصُوصِ الْمُلُوكِ /
     مِن خَيْمَةِ اللاجِئِ حَتَّى سُورِ الْمَقْبَرَةِ / تَسِيرُ تِلْمِيذَاتٌ / وَيَسْقُطْنَ فِي دَفْتَرِ الرِّيَاضِيَّاتِ الْقَدِيمِ / وَحَقِيبَةِ الليْلِ الْمَدْرَسِيَّةِ / كَيْ يَنْتَزِعْنَ الْحَيَاةَ مِنْ نُخَاعِ الرَّصَاصَةِ / لَمْ أَبْعَثْ لِمَارِي أَنطوَانِيتَ رِسَالَةً غَرَامِيَّةً بِالْبَرِيدِ الإِلكتُرُونِيِّ / وَلَمْ أَتَزَوَّجِ الصَّدَى عَلَى صَفِيحِ الْفِرَاقِ / هُوَ الْمَسَاءُ عُمرِي الَّذِي ابْتَدَأَ / عِنْدَمَا تَزَوَّجْتُ مِقْصَلَةَ النَّدَى / وَرَائِحَةُ الْبَصَلِ فِي فَمِ الْغَيْمَةِ الْكُحْلِيَّةِ / فِي كُلِّ دَمِ الْبَجَعِ مُحَاوَلَةٌ لاغْتِيَالِ ذَاكِرَةِ إِسْطَبْلاتِ الْقَيْصَرِ/ وشَرِكَاتُ التَّبْغِ ضِفْدَعٌ مَخْنُوقٌ يَبُولُ عَلَى تِمْثَالِ الْحُرِّيةِ الأَمَةِ/ وَالْفِطْرُ السَّامُّ يَغْتَسِلُ بِذِكْرَيَاتِ الْكَاثُولِيكِيَّاتِ الْمُغْتَصَبَاتِ فِي رَوَاندَا/ الصَّابُونُ الْمَسْمُومُ / وَالشَّامبُو الْمُلَوَّثُ بِجُنُونِ الأَسْلاكِ الشَّائِكَةِ / هُمَا أُذُنَانِ فِي رَأْسِ النَّارِ / وَالْمَلابِسُ الدَّاخِلِيَّةُ لِلْبَغَايَا الْمُثَقَّفَاتِ مُتَوَافِقَةٌ مَعَ الدُّسْتُورِ /
     يَا مَنْ تَغْسِلِينَ سَيَّارَتَكِ الْمَرْسِيدسَ بِدَمِ الْحَيْضِ / قِطَّتِي مُتَّهَمَةٌ بِمُحَاوَلَةِ قَلْبِ نِظَامِ الْحُكْمِ / لَكِنَّ الْكِلابَ تَعْرِفُ لَوْنَ عُيُونِهَا / لَيْتَ نَعْشَ الفُقراءِ نَظَرِيَّةُ الْفَلافِلِ فِي عُلْبَةِ السَّرْدِينِ / وَعَلَى سُطُوحِ رُفَاتِي نَمْلَتَانِ تُمَارِسَانِ الْمُلاكَمَةَ /
     أُمِّي / يَا وَجْهَاً يُسَافِرُ خَلْفَ زُجَاجِ الْقِطَارَاتِ الْحَزِينِ / أَنَا الْمُؤَذِّنُ الرَّائِي فِي أَعَالِي الشَّوْقِ / جَيْشٌ يَحْتَسِي الْقَهْوَةَ فِي مَسَامِيرِ نَعْشِي / وَيَصْنَعُ الْيَمَامُ مِن لُعَابِي تَابُوتَاً لِذِكْرَيَاتِ الْمَطَرِ / وَدَاعَاً يَا أَشْيَاءَ تُهَاجِرُ فِي زَوَارِقِ الشَّفَقِ / حُكُومَةُ شَرْعِيَّةِ الْوَهْمِ / وَأَجْسَادُ الشَّحَّاذِينَ عَلَى الأَرْصِفَةِ / وَالْوَزِيرَاتُ الْعَارِيَاتُ / وَالضَّرَائِبُ الْمُتَكَاثِرَةُ كَجَوَارِبِ الإِمبرَاطُورِ /
     يَا حُزْنَ الْوَادِي وَزِنْزَانَةَ الْعُشْبِ / أَنْتُمَا زَمِيلانِ فِي الاكْتِئَابِ / لَمْ أُضَيِّعْ وَقْتِي تَحْتَ شُرْفَةِ ابْنَةِ الْجِيرَانِ / أَنَا زَهْرَةُ الانْقِلابَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ / أنا آخِرُ دُمُوعِ الشَّرْكَسِيَّةِ / لَسْتُ حَارِسَاً شَخْصِيَّاً لِمِكْيَاجِ الْمَلِكَةِ كَاترِينَ / وَلا أَنْتَمِي إِلَى أُسْرَةٍ حَاكِمَةٍ مُتَسَوِّلَةٍ / أَنَا حَارِسُ ظِلالِ الْبَجَعِ / تُرَاوِدُنِي الأَحْزَانُ عَنْ نَفْسِي/ أَنَا مَنْ أَهْدَرَ دَمَ الْحُزْنِ وَعَرَقَ الرِّمَالِ / وَيَغْفُو الْوَرْدُ فِي صَوْتِ نِعَالِ الأَنبِيَاءِ /
     يَا كُلَّ الأَجْسَادِ الْمُهَاجِرَةِ فِي الْبَرَاوِيزِ الضَّيِّقَةِ / خَزَّنْتُ جُمْجُمَتِي فِي قَزَحِيَّةِ الصَّاعِقَةِ / وَابْتَعَدْتُ عَنْ أَنَاشِيدِ الْبَغَايَا الْمُعَلَّقَاتِ / كَالإِعْلانَاتِ فِي أَزِقَّةِ مُوسكُو / وَهُنَّ يَخْتَرِعْنَ لَوْنَ خِيَامِ الْمَنْفِيِّينَ فِي سَيْبِيريَا / كُلُّ الصَّحَارِي فِي أُذُنِي لَيْسَتْ لِي / وَكُلُّ الْوِدْيَانِ فِي رُكْبَتِي لَيْسَتْ لِي /
     نِسْبَةُ الْيُورَانيُومِ فِي بَوْلِ الشَّجَرِ عَالِيَةٌ كَأَبْرَاجِ الاكْتِئَابِ / مِثْلَمَا تَرْحَلُ الإِمبرَاطُورَةُ إِلَى الْمِرْحَاضِ / يَا قَمْحَ النَّيَازِكِ / صَلِّ عَلَيَّ صَلاةَ الجِنَازَةِ / وَارْكُضْ إِلَى أدغالِ أَنَاشِيدِي / يَا شَعِيرَ الْمَعْنَى / أَرْشِد الْمُخْبِرِينَ إِلَى كَهْفِي / وَهَاجِرْ بِاتِّجَاهِ النَّوْمِ مَعَ زَوْجَتِكَ / مَائِدَتِي مِنْ عِظَامِ عَائِلَتِي الْمَنْفِيَّةِ / وَصُحُونِي خَالِيَةٌ إِلا مِنْ جَمَاجِمِ آبَائِي الْمَشْنُوقِين / أَنَا الصَّحَارِي الَّتِي لا تَشْرَبُ دَمَ أَجْدَادِهَا /
     يَا أَيُّهَا الْحُزْنُ الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي جُمْجُمَتِي / تَنَاثَرْ فِي مُحَرِّكِ سَيَّارَتِهَا الْمَرْسِيدِسِ / بِلادَ الْمُرْتَزِقَةِ وَالانْتِخَابَاتِ الْمُزَوَّرَةِ وَالنِّسَاءِ الْعَارِيَاتِ / كَمْ صَنَمَاً يَسْتَلْقِي تَحْتَ ظِلِّهِ الْمُتَسَوِّلُونَ فِي الْمَيَادِينِ الْعَامَّةِ ؟ / زَوْجَتِي الْمِقْصَلَةُ / وَأَحْفَادِي السَّنَابِلُ / عَشِيقَ انْتِفَاضَةِ أَمْعَائِي / أَنَا الْفَارِسُ الَّذِي تَنْبُتُ فِي أَنْفِهِ غَابَاتُ الأَمَازُونِ .