06‏/08‏/2019

إنه يجمع الياقوت في الوطن الحجري / قصيدة

إنه يجمع الياقوت في الوطن الحجري / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     سَأَنْتَظِرُ أَنْ تَنْمُوَ أَسْوَارُ الْخَوْخِ / عَلَى فُوَّهَةِ مِدْفَعٍ مُلْقَى فِي غَابَةٍ / مِنْ فَوْضَى الْبِلَّوْرِ / إِبْرةُ الخِيَاطةِ سَقَطَتْ في نَعْشِ الأرملةِ/ والضَّبابُ القُرْمُزِيُّ يَخيطُ أكفاني بإِبْرةِ نَحْلةٍ / لِي عَاجُ الطُّوفَانِ / وَتَحْتَ أُذُنِي أَدْغَالُ حُرُوفِ الضَّوْءِ / مِثْلَمَا تَحْبَلُ نَخْلَةُ الذَّاكِرَةِ بِالدِّينَامِيتِ وَالْغِزْلانِ الْبَرِّيةِ / أَنْثُرُ سِحْنَتِي عَلَى صَنَوْبَرِ الْمَقَابِرِ / وَأُحَمِّلُ أَكْيَاسَ ذِكْرَيَاتِ الشَّمْسِ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ /

     قَالَتْ أُنْثَى الشَّلالِ : (( سَيَأْتِي الْحِصَارُ مِنْ هُنَاكَ )) / وَأَشَارَتْ إِلَى أَبْجَدِيَّةِ النُّحَاسِ الْخَام / ذَكِّرِينِي يَا مَدِينَةَ الْمَوْجِ بِأَلْقَابِ التِّلالِ فِي القَلْبِ المكْسُورِ/ نَافِذَتَانِ مُتَوَسِّطَتَا الْحَجْمِ فِي كَفِّ إِحْدَى الْيَتِيمَاتِ / حَيْثُ يَعِيشُ فَرْخُ السُّكُوتِ مَعَ رَائِحَةِ السِّيلِيكُونِ الْبَرِّيِّ / زِنْزَانَتِي الانْفِرَادِيَّةُ وَطَنٌ عَاصِمَتُهُ الْفَرَاشَةُ الصَّارِخَةُ/ وَمَمَالِكُ الشَّبَقِ تَغْزِلُهَا ابْتِسَامَةُ تَلَّةٍ/ عَلَى ظَهْرِ عَنْكَبُوتِ الْمَنَافِي / يَا صِيَاحَ الشَّعِيرِ فِي دَمِ زَهْرَةِ اللوتِسِ / ذَكِّرْنِي بِاسْمِي فَوْقَ مُنْحَدَرَاتِ الْبُكَاءِ / وَكُنْ وَجْهَاً خَامِسَاً لِلْعُشْبِ حِينَ يَزْأَرُ التُّوتُ / جِلْدي مَزْرُوعٌ بالحواجِزِ الأمنيةِ / وَنِقَاطُ التَّفْتيشِ أَكَلَتْ قَرْيتي /
     أَحْمِلُ جُثْمَانَ أَبِي فِي حَقِيبَةِ سَفَرِي / وَلَمْ تَأْخُذِ القُبُّرَاتُ أَكْفَانَ الْبُوسنِيَّاتِ تِذْكَارَاً / سَلامَاً أَيُّهَا الْبَرْقُ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ ظِلَّ السُّنُونُو / إِنَّ السَّفَرْجَلَ الصِّنَاعِيَّ عَلَى سَبُّورَةِ الْحِصَارِ / لَكِنَّ رِئَاتِ النَّخْلِ تَقَاسَمَتْهَا حِرَابُ الأُمَوِيِّينَ / كَفَنُ عُصْفُورَةٍ يَقُودُ دَرَّاجَةً طِينِيَّةً فِي أَرْيَافِ الرِّئَةِ الْجَنُوبِيَّةِ / نَوْمِي عُقَابٌ / وَقِلاعُ الكَرَزِ لم تُوَجِّهْ لِي دَعْوَةً لِحُضُورِ جِنَازَتِهَا غَيْرِ الرَّسْمِيَّةِ / وَالْغُرَبَاءُ يَحْتَفِلُونَ بِغُرْبَتِهِمْ /
     صَحْرَاءُ فِي مَسَاحَاتِ أَقْمَارِ الْجِرَاحِ / لِلضَّيَاعِ مَنَادِيلُ جَدَّةِ الْمَوْجِ / تفاحةٌ تَحْتَسِي ضَوْءَ الْمَشَانِقِ وَدَرَجَ النَّهْرِ / تَكَلَّمَتْ أَنْفَاقُ عُمرِي / هَذِهِ غَابَاتُ الصَّدَى/ وَالْوَرْدَةُ طَابُورٌ مِنْ حَمَامَاتِ التَّجْنِيدِ الإِجْبَارِيِّ / سَأَمْسَحُ اسْمَ الْقَمَرِ مِنْ هُوِيَّةِ الليْلَكِ/ عُودِي إِلَى كُهُوفِ الدَّمْعَةِ / لأَتَذَكَّرَ اسْمِي عِنْدَ نُمُوِّ الْغُرُوبِ عَلَى دَفَاتِرِ الرَّعْدِ / وَالْبَرْقُوقُ غَدُ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَاهِدُ قَبْرٍ فِي حَافِلاتِ النَّرْجِسِ / فَانْهَضْ شَجَرَاً خَالِيَاً مِنْ قِرْمِيدِ الشَّلالاتِ الدَّامِعَةِ/ وَكُنْ صَدِيقَ الْغَيْمِ يَوْمَ يَمُوتُ الْغَيْمُ الأَخْضَرُ فِي رَوَابِينَا الثَّائِرَةِ / وَيُسَجِّلُ سَقْفُ النَّزِيفِ أَبْنَاءَهُ فِي مَدْرَسَةِ الدِّينَامِيتِ / نَهَضْتَ فَلْتَبْكِ لأَنَّ حَنِينَ أَشْجَارِ الْمَلاحِمِ هَبَاءٌ / وَخَوْخَةٌ لِلطُّوفَانِ الْقَادِمِ / لَيْتَ الأَرْضَ تَسْتَلْقِي فِي كِرِيستَالِ الْحَرْفِ / وَسَجَاجِيدِ الصَّاعِقَةِ / الْمَسَامِيرُ تُثَبِّتُ آذَانَ الْعَاصِفَةِ عَلَى جِدَارِ آخِرِ أَيَّامِي/ وَلَمْ أَعُدْ غَيْرَ تَرْنِيمَةٍ عَابِرَةٍ / تُرَدِّدُهَا تِلْمِيذَاتِي فِي لَيْلَةِ عِيدٍ / يَنْتَظِرُهُ الْفُقَرَاءُ تَحْتَ أَعْمِدَةِ الضِّيَاءِ / وَالبَغَايَا يَتَبَوَّلْنَ عَلَى أَضْرِحَةِ الصَّنَوْبَرِ / شَعْبٌ مِنَ اللبُؤَاتِ الْمُحْتَضِرَةِ / مَتَى يُولَدُ مِنْ عُشْبِ الْمَرَاعِي؟/ بُحَيْرَاتٌ لا تَعْرِفُ إِلا الْجِنْسَ فَلْتَمُتْ/ لأَنَّ الْغَابَ نَوَافِذُ الْقَلْبِ الأَخِيرَةُ / لِلْحِصَارِ أَعْضَائِي وَمُشْمُشُ الْمِقْصَلَةِ /
     هَجَمَ عَلَيْنَا تُرَابُ الْغُرَبَاءِ / بَيْنَ اسْمِي وَالْكَسْتَنَاءِ عُودُ مِشْنَقَةٍ عَابِرَةٍ / فَاعْبُرْ شَجَرَكَ الْمَيِّتَ/ وَقَبِّلْ زَهْرَةَ الثَّلْجِ الْمُشْتَعِلِ زَعْتَرَاً وَلَيْلاً / أَيُّهَا الطِّفْلُ الْمَسْلُوخُ عَلَى رَبْطَةِ عُنُقِ الشَّلالِ / سَتَقْتَحِمُ ضَوْءَ الْغُبَارِ وَرْدَةُ الْقَتِيلَةِ / وَيُنِيرُ مَغَارَةَ الأَمْوَاجِ حَطَبُ الرِّعشَةِ/ اتْلُ وَصِيَّةَ الْبَيْلَسَانِ عَلَى مَسَامِعِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ / أَهَازِيجُ الرَّمْلِ ذُبَابَةُ جُرْحٍ/ يَا شَجَرَةَ الْمَوْتَى / اجْمَعِي ثِيَابَكِ وَارْحَلِي مِنْ نَشِيدِي/ تَحْمِلُ الأَمْطَارُ أَغَانِي الرُّعَاةِ إِلَى مُعَسْكَرَاتِ الرَّمَادِ الْمَخْمُورِ / عُدْ إِلَيْنَا يَا سَمَكَ الثَّوْرَةِ / نَحْنُ الْمُعَلَّقِينَ عَلَى الشَّفَقِ كِتَابَاً مَفْتُوحَاً لِلْبَعُوضِ السَّكْرَانِ / نُحَاسٌ يَتَقَمَّصُ حَشَائِشَ الْبُرُوقِ فِي أَمْعَاءِ الرِّمَالِ / حَدِيدٌ يَزُورُ غُرُوبَ الْبَحْرِ السَّاقِطِ فِي دَفَاتِرِ عَرَقِي / تُولِمُ الصَّاعِقَةُ للأسيراتِ / الْتَصَقَ الدَّمْعُ بِالْهَوَاءِ الْمَارِّ فِي زُجاجِ سَيَّارَةٍ يَرْكَبُهَا الْمَوْجُ/ وَالْمُحَارِبُ وَضَعَ رُمْحَ الذَّاكِرَةِ عَلَى طَاوِلَةٍ تَمْشِي فِي تَوْقِيتِ السُّيُوفِ / وَجَعُ الْمُذَنَّبِ رَأَى جُثَثَ الْمُلُوكِ عَلَى فُوَّهَاتِ الْبَارِ/ وَالْغَرِيبُ يَمْشِي عَلَى مَعِدَتِهِ الْمَنْثُورَةِ عَلَى الشَّاطِئِ الْوَحِيدِ/ عُشْبَةٌ نَسِيَهَا مُؤَرِّخُو الْجَلِيدِ/ أَنْيَابُ جِدَارٍ مِنَ الْبِلاتِينِ / تُهَاجِرُ الْحِيتَانُ مِنْ بَنْكِرْيَاسِي/ لِتُفَتِّشَ عَنْ حُبِّهَا الأَوَّلِ / وَالْغَيْمَةُ تَشْرَبُ قَهْوَتِي فِي حُصُونِ الليْلَكِ/ وَفِي زَحْمَةِ زِيجَاتِ الْمُتْعَةِ / لَمْ تَعُدِ الشِّيعِيَّةُ تَتَذَكَّرُ مَنْ مَزَّقَ غِشَاءَ بَكَارَتِهَا /
     نَمْلَةٌ تُسْحَقُ تَحْتَ أَنْيَابِ السَّوْسَنِ / مَنْ يَعْبَأُ بِهَا ؟ / وَأَتَتْ أَشْلاءُ النَّوْرَسِ مِنْ صَوَامِعِ الْحُبُوبِ/ لَكِنَّ الْجُنُودَ يَمْضُغُونَ عِلْكَةَ الْهَزِيمةِ / يَحْرُسُ أَرْزَةَ الْحِصَارِ عُرْسُ النَّهْرِ الْعَابِرِ / فِي مِنْجَلِ الرُّمُوشِ الْبِلاستِيكِيَّةِ / قَدْ يَنْسَانِي حِبْرُ الْخَرِيفِ عَلَى مِرْسَاةِ الشِّتَاءِ / وَالسِّيَاجُ الْجَسَدِيُّ يَتَّخِذُ عُمرِي سَبُّورَةً لِعَصَافِيرِ الْحِرْمَانِ / يَنْهَضُ الصَّفيحُ الملوَّنُ مِنْ نَوْمِ اللاجِئِينَ / فَلا تَتَذَكَّرُوا عُكَّازَتِي / الَّتِي يَتَّكِئُ عَلَيْهَا شَنْقُ الْحَجَرِ / انْتَهَتْ جِنَازَةُ الْحَمَامِ/ فَبَدَأَ السَّمَاسِرَةُ يُزَيِّنُونَ غَابَاتِ الْجُوعِ/ رُبَّمَا يَمُرُّ فِيهَا مَوَاكِبُ انْتِحَارِ النَّعَامَاتِ / مَقَاصِلُ تَقُودُ دَرَّاجَةً فِي الرِّيفِ الْمَحْذُوفِ مِنَ الْخَارِطَةِ / مَاذَا تَسْتَفِيدُ الطَّبَاشِيرُ مِنْ لَوْنِهَا / حِينَ تُرْمَى فِي سَلَّةِ مُهْمَلاتٍ / كَانَتْ صَالَةَ قِمَارٍ ؟ /
     يا امرأةً تُرَبِّي الطحالبَ بَيْنَ ثَدْيَيْها / جاءت الكوليرا / ولم تَجِئْ تَوابيتُ الجنودِ / لَيْسَ لِدَمْعي طُفولةٌ / لكني طُفولةُ المساءِ / تَنقرُ العصافيرُ حَلَماتِ السَّبايا المقتولاتِ / في الانقلاباتِ العَسكريةِ / فَزَيِّنْ ضَريحَكَ بِرَاياتِ القبائلِ في عِيدِ الغروبِ / إِنَّ الكِلابَ البُوليسيةَ تُحاصِرُ المقبرةَ .