28‏/08‏/2019

فراشات في عيون ثائر يحب موت الظلال / قصيدة

فراشات في عيون ثائر يحب موت الظلال / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.............

     وَحِيدٌ أَنَا فِي مَحْبَرَةِ الصَّلِيلِ / لأَنَّ جَارِي عَامِلُ نَظَافَةٍ عَلَى كَوْكَبِ الزُّهْرَةِ / يَا أَمْوَاتَ الْمَطَرِ الْجَالِسِينَ عَلَى سُطُورِ دَفْتَرِ الْكِيميَاءِ / لِتِلْمِيذَةٍ تَدْخُلُ فِي الشَّفَقِ وَلا تَخْرُجُ / إِذَا مَرَرْتِ أَمَامَ قَبْرِ الْحُوتِ الأَزْرَقِ/ فَاتْرُكِي سَيْفَكِ/ وَنَامِي فِي قَلْبِي لِكَيْ أُقَاتِلَ / حِينَ أُحِبُّكِ أَشْعُرُ أَنَّنِي فِي الأَنْدَلُسِ / أَشْرَبُ عَصِيرَ التُّوتِ مَعَ صَقْرِ قُرَيْشٍ / أَنتِ التُّرَابُ فِي جَسَدِي الْمَنْذُورِ لِلْبَنَادِقِ الآلِيَّةِ / لَمْ يُشَارِك الْجِيرَانُ فِي جِنَازَةِ الرِّيحِ / لأَنَّهُمْ مَشْغُولُونَ بِلَعِبِ الْغُولفِ / ذِئَابٌ نُحَاسِيَّةٌ تَتَصَارَعُ عَلَى كُرْسِي الْبَابَوِيَّةِ /
     يَا أَيُّهَا النَّسْرُ الْمَغْمُوسُ فِي عَصِيرِ الْبَارُودِ / سَتُقَاتِلُ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / وَالأَرْضُ تُذَوِّبُ جُمْجُمَتَهَا فِي كُوبِ نِسْكَافِيه / انْقِلابٌ عَسْكَرِيٌّ تَقُودُهُ الْعَوَانِسُ / وَدُسْتُورُ أَشْجَارِ الْبِكْتِيريَا يَكْتُبُهُ دَلَعُ الْبَنَاتِ / إِنَّهَا النَّارُ الْخَضْرَاءُ / نَسْرٌ عَجُوزٌ يَصْطَادُ أَطْيَافَهُ الشَّابَّةَ / وَبَنَاتُ الرِّيحِ تَرَكْنَ جُثَّتِي فِي الشَّارِعِ / وَذَهَبْنَ يَقْرَأْنَ عَنْ تَفَاصِيلِ لَيْلَةِ الدُّخْلَةِ /
     بَغْدَادُ شَقِيقَةُ الشَّمْسِ/ سَأَحْضُنُكِ أَمَامَ أَرْمَلَتِي/ أَيَّتُهَا الزَّهْرَةُ الطَّالِعَةُ مِنْ عِظَامِ الرَّعْدِ الْحَمْرَاءِ / كُونِي دَمِي لأَتَنَفَّسَ أَلْوَاحَ صَدْرِ الرِّيحِ / وَأَنْتِ ذَاكِرَةُ اسْمِي يَوْمَ أَنْسَى اسْمِي / أَمَامَ جَدَائِلِ ظِلِّكِ الصَّاعِدِ / أَتَذْكُرِينَ سَاعَةَ الْتِقَاءِ وَجْهَيْنَا / عَلَى وَجْهِ نَهْرٍ يَحْفِرُكِ فِيَّ قِنْدِيلاً لِلْعِشْقِ / يَا عَاصِمَةَ دِمَاءِ الْفَرَاشَاتِ الطَّالِعَةِ مِنْ غُبَارِ الْمَعَارِكِ / بَغْدَادُ وَشْمُ جَسَدِ الرِّيحِ قُرْبَ نَارِ الْقَصِيدَةِ / أَنْتِ مَعْشُوقَتِي الَّتِي لا تَخُونُنِي / حِينَ أَغِيبُ فِي أَسْمَاءِ الْعُشْبِ الْبَنَفْسَجِيَّةِ /
     فِي أَضْلاعِ الْقَمَرِ / شَمْسٌ تُقَاتِلُ الصَّدَى / عِنْدَ مَدْخَلِ بَيْتِ الْعَزَاءِ / يَا خُيُولاً تَرْكُضُ فِي أَجْفَانِهَا / أَيْنَ عَرَبَةُ الْكُحْلِ الَّتِي يَغْفُو فِيهَا الْمَحْكُومُ بِالإِعْدَامِ ؟/ بَيْنَ مِشْنَقَتِي وَمِقْصَلَتِي فَاصِلٌ مِنَ الأَغَانِي الْوَطَنِيَّةِ / صَلَّيْتُ الجِنَازَةَ عَلَى نَفْسِي وَالنَّاسِ / وَأَشْجَارُ الدَّمْعِ تُصَلِّي عَلَيَّ / فِي مَوَاسِمِ تَغيِيرِ الْجَلادِينَ / فَلْتَصْعَد السُّيُوفُ إِلَى أَجْفَانِ نَجْمَةٍ / تَنْحِتُ سَفَرَهَا عَلَى فُوَّهَةِ مُسَدَّسِي / يَا نَارَاً تَسِيرُ فِي شَوَارِعِ الْكُولِيرَا كَالأُسُودِ الْمُخَدَّرَةِ/ كَحَافِلاتِ النَّقْلِ الْعُمُومِيِّ/ كَالانْقِلابَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ / كَالأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ لِلْبَنَاتِ الْمُغْتَصَبَاتِ / كَصَالَةِ الرَّقْصِ الْمُخَصَّصَةِ لِلأَمِيرَاتِ / كَالْعَارِ الأُفُقِيِّ / كَأَثْدَاءِ الْبَقَرَاتِ الَّتِي تُغَنِّي عَلَى شَاشَاتِ الْوِيسكِي /
     شُطْآنُ السُّلِّ عَلَى نَوَافِذِ الْكَاتِدْرَائِيَّةِ / فَلا تُصَدِّقِ الْكُولِيرَا الَّتِي تَتَسَاقَطُ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ الْعُشْبِ / قُلْتُ لِلرِّيحِ تَعَالَيْ يَا أُخْتِي / لِنَبْكِيَ عَلَى بُكَائِنَا الطِّينِيِّ / مَطَرٌ يَنْهَمِرُ مِنْ أَحْدَاقِ الْغَضَبِ / وَيَحْرِقُ كُتُبَ الإِبَادَةِ الْمُقَدَّسَةَ/ يَا أَيُّهَا الْعَالَمُ الْعَنْكَبُوتِيُّ الْمُخَصَّصُ للطُّغَاةِ / وَتُجَّارِ الرَّقِيقِ الأَبْيَضِ/ وَتُجَّارِ الْمُخَدِّرَاتِ / وَالزَّانِيَاتِ في عَوَاصِمِ الإِبَادَةِ / اللوَاتِي يُتَاجِرْنَ بِفُرُوجِهِنَّ الْجَرْبَاءِ / وَحَلَمَاتِهِنَّ الْمُسْتَهْلَكَةِ كَقَوانينِ الطوارِئِ / كَأَحْذِيَةِ رِجَالِ الأَعْمَالِ الرَّاكِضِينَ / عَلَى مُحِيطِ دَائِرَةِ الْخَرِيفِ/ وَيُقَاتِلُ الْفُقَرَاءُ فِي الْمَعْرَكَةِ / لِيَظَلَّ الأَغْنِيَاءُ فِي الْمَسَابِحِ الْمُخْتَلَطَةِ/ هَكَذَا تَنَامُ الدَّيْنَاصُورَاتُ فِي أَزْرَارِ قَمِيصِي الْقَدِيمِ / لأَنَّ الْعُشَّاقَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الدَّجَاجَ فِي الْمَطْعَمِ الْمَهْدُومِ / لا يَشْعُرُونَ بِأَلَمِهِ سَاعَةَ الذَّبْحِ / كَأَنَّنِي مِرْآةُ جَارِنَا الْمَشْلُولِ فِي الْمَسَاءِ السَّحِيقِ / وغِزْلانُ الْيَاقُوتِ تَسْتَلْقِي فِي خُيُوطِ حِجَابِكِ /
     ارْحَمْنَا يَا مَلِكَ الْمُلُوكِ/ نَحْنُ الْعَبِيدَ الْحُفَاةَ الَّذِينَ تَنْقُرُ جُثَثَهُمُ الدُّيُوكُ/ أَنْجَبَتْنِي غَابَاتُ الرَّعْدِ/ فَتَزَوَّجْتُ كُلَّ الْخَنَاجِرِ / إِنَّهَا دُمُوعِي الرَّاقِصَةُ الْوَحِيدَةُ فِي عُرْسِ الأَنْهَارِ/ لَمْ أَبِعْ ذِكْرَيَاتِ جَارَتِي / لأَشْتَرِيَ عِطْرَاً فَرَنْسِيَّاً  لِلظَّرِبان / إِذَا اتَّحَدَتْ بَرَاوِيزُ عَائِلَتِي عَلَى أَسْوَارِ الْمَجْزَرَةِ/ اشْتَعَلَتْ فِي الْكَوَاكِبِ خِيَامُنَا الْعَذْرَاءُ/ وَامْتَصَّ حَصَى الْمُخَيَّمِ خَلْخَالُ رَاقِصَةٍ / تَحْفِرُ بَلاطَ الْبَحْرِ بِعَيْنَيْهَا /
     اعْتَنِي بِصِحَّتِكِ يَا سَيِّدَةَ الْمَنَافِي/ لِتَرْقُصِي بِرَشَاقَةٍ فِي حَفْلِ تَأْبِينِي / لَنْ يَجِدَنِي الْغُرَبَاءُ / لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ نَفْسِي / وَعِشْتُ فِي جَسَدِ الرِّيحِ / مُحَاصَرَاً بِالآلِهَةِ القَرابين / الأَثْدَاءُ الْجَرْبَاءُ لِمُذِيعَاتِ مَزَارِعِ الرَّقِيقِ الأَبْيَضِ / وَالأَرْصِدَةُ السِّرِّيةُ لأَصْحَابِ مَطَابِعِ صُكُوكِ الْغُفْرَانِ / وَطُفُولَةُ مَحَاكِمِ التَّفْتِيشِ / وَشَرَائِعُ التَّطْهِيرِ الْعِرْقِيِّ الْمُقَدَّسَةُ /
     قُرْبَ صَفِيحِ جَوْرَبِي رَئِيسُ جُمْهُورِيَّةٍ / يَعْمَلُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الدَّوَامِ الرَّسْمِيِّ لِصَّ آثَارٍ / وَمَاسِحَ أَحْذِيَةِ الْهِسْتِيريَا / لِيُنْفِقَ عَلَى جَيْشِهِ الْمَهْزُومِ/ وَطُفُولَةُ أَشْجَارِي مِرْآةُ الشَّرْكَسِيَّةِ فِي الزُّقَاقِ / الَّذِي أُعْدِمْتُ فِيهِ / وَلا تَزَالُ تَبْكِي عَلَيَّ /
     أَرْجُوكِ يَا صَاحِبَةَ الْعَبَاءَةِ السَّوْدَاءِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ / أَنْ تَتَوَقَّفِي عَنْ غَسْلِ الرِّيَاحِ بِدُمُوعِكِ / خُضْتُ مِلْيُونَ مَعْرَكَةٍ / وَبَقِيتُ حَيَّاً / لَكِنَّ لَمَعَانَ عُيُونِكِ قَتَلَنِي / بَيْنَنَا كُلُّ الْحَوَاجِزِ الأَمْنِيَّةِ / وَنِقَاطُ التَّفْتِيشِ / وَالْكِلابُ الْبُولِيسِيَّةُ / حَتَّى حُبِّي الأَبَدِيُّ أَسْقَطُوهُ / كَمَا أَسْقَطُوا جِنْسِيَّةَ النَّوْرَسِ / عَلِّمِينِي الانْقِلابَاتِ الْعَسْكَرِيَّةَ / لأَخْلَعَ حُبَّكِ مِنْ نُخَاعِ عَظْمِي / لَيْتَنِي كُنْتُ ضَبَابَاً أَحْمَرَ عَلَى نَافِذَةِ غُرْفَتِكِ / لَنْ أَخُونَ ذِكْرَاكِ / حَتَّى لَوْ رَاوَدَتْنِي امْرَأَةُ الْعَزِيزِ عَنْ نَفْسِي /
     صَوْتُ الرَّصاصِ في ليالي الخريفِ / وصَوْتُ أبي في مَمَرَّاتِ مَحَاكِمِ التَّفتيشِ / ودِمَائي تتساقطُ في عُلَبِ السَّرْدينِ الفارغةِ/ والرِّيحُ تَسْكُبُ الأمطارَ القُرْمُزِيَّةَ في الفَراغِ العاطفيِّ / والأيتامُ يَحْمِلُونَ جُثَثَ آبائِهِم في الحقائبِ المدرسيةِ / ويَرْكُضُونَ إلى مَوْتِ الوَطَنِ في الأغاني الوَطنيةِ .