01‏/09‏/2019

جنازتي خالتي أم مروان / قصيدة

جنازة خالتي أم مروان / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     امْتَصَّ طُيُورِي قَلْبُ الْمَسَاءِ/ يَا قَنَادِيلَ الشَّارِعِ الْخَلْفِيِّ / تَنْشُرِينَ الْغَسِيلَ عَلَى حَبْلِ مِشْنَقَتِي / فِي مُنْتَصَفِ الليْلِ / وَتَقْطِفِينَ دَمِي عَنْ شَجَرَةِ الْغَضَبِ / وَالرِّيَاحُ تَقْرَأُ وَجْهَ النَّارِ / نِيَابَةً عَنِ الْمُذَنَّبَاتِ الْمُمَلَّحَةِ بِعَرَقِ الشُّهَدَاءِ/ جَمَاجِمُ الْبَشَرِ أَحْجَارُ شِطْرَنجَ عَلَى طَاوِلَةِ الصَّلِيلِ / لَوْ كَانَتْ زَوْجَتِي الْمَوْجَةَ / لاخْتَبَأْتُ فِي قَفَصِهَا الصَّدْرِيِّ / وَكَسَرْتُ الْمِفْتَاحَ بِأَجْسَادِ الْوَرْدِ / مِثْلَمَا تَخْتَبِئُ الْبُوسنِيَّاتُ فِي قَصَائِدِي هَرَبَاً مِنَ الْمَجَازِرِ الْمُعْتَادَةِ / لَوْ كَانَتْ زَائِرَةُ قَبْرِي شَرْكَسِيَّةً / لَرَكَضَت الأَشْجَارُ وَرَاءَ ثَوْبِهَا / تَتَكَاثَرُ قُطْعَانُ السَّيَّارَاتِ فِي شَوَارِعِ حُلْمِي كَأَعْوَادِ الْمَشَانِقِ / كَيْفَ أَنْسَى يَا خَالَتِي طَعَامَ الْغَدَاءِ/ فِي بَيْتِكِ الْهَادِئِ قُرْبَ الطُّوفَانِ ؟ / الْيَانسُونُ الَّذِي يَسْكُبُهُ الشَّفَقُ فِي سُعَالِي / آلِهَةٌ مِنْ تَمْرٍ / فَلْتَأْكُلْهَا نَارُ لُغَتِي / سَأصْعَدُ إِلَى أَبْجَدِيَّةِ الرِّيَاحِ / نَقِيَّاً تَحْتَ شَمْسِ اللهِ / أَنَا خَلِيفَةُ اللهِ فِي الأَرْضِ /
     يَا اكْتِئَابَ الأَزِقَّةِ السَّحِيقَةِ وَالْمَصَابِيحِ الْمُتَوَحِّشَةِ / أَلَمْ تَشْبَعْ مِنْ قَلْبِ أَنْظِمَةِ الْحُكْمِ فِي أَدْغَالِ رِئَةِ الْحَمَامَةِ ؟ / جَمَلٌ يَدْخُلُ فِي أَمْعَاءِ الشِّتَاءِ / فَتَنْهَمِرُ مِن جُفُونِي الْخَنَاجِرُ/ لَنْ تَجِدَنِي عِنْدَ أَرَاجِيحِ الشَّفَقِ / لأَنِّي رَحَلْتُ إِلَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ/ أَنَا السَّجَّادَةُ الَّتِي تُصَلِّي عَلَيْهَا الْغَابَاتُ وَالشُّطْآنُ /
     خائفٌ أنا مِن المساءِ/ فغطِّيني يا أُمي بِدِماءِ أبي وَدُموعِهِ / ماتَ أبي قَبْلَ أن أقولَ لَهُ إِنني أُحِبُّكَ / ماتَ الغرباءُ / ولم يَعْرِفُوا خارطةَ العِشْقِ في مُدُنِ التطهيرِ العِرْقِيِّ / ذهبَ الذينَ كُنَّا نضحكُ مَعَهُم / وجاءتْ مواعيدُ البُكاءِ / فلا تَبْنِ في عِظامي مَتحفاً للسَّبايا / أنتَ أرشيفُ الجثثِ المحنَّطةِ / 
     عُرُوقِي تَتَشَمَّسُ فِي أَطْيَافِ الثَّلْجِ الْوَرْدِيِّ / مَخْنُوقٌ أَنَا / لأَنَّ حِيطَانَ سِجْنِي تُدَخِّنُ السِّيجَارَ / جُمْجُمَتِي عُكَّازَةُ الْعَاصِفَةِ / وَالشَّاطِئُ يَتَوَكَّأُ عَلَى جَسَدِي النَّحِيلِ/ عَلَى أَجْنِحَةِ الرَّعْدِ قَيْلُولَةُ الشَّجَرِ / وَلِلتُّوتِ الْبَرِّيِّ نِسْيَانُ الْحِجَارَةِ / مَا أَجْمَلَ أَنْ تَكُونَ أَمِيرَاتُ أُورُوبَّا جَارِيَاتٍ فِي بَيْتِي / وَعَلَى الضِّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْهَدِيلِ كَلْبُ صَيْدٍ أَحْوَلُ/ يُقِيمُ فِي حِذَائِي الْمَهْجُورِ دَوْلةً بُولِيسِيَّةً/ لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ لِيَرْفَعَنِي اللهُ إِلَيْهِ/ وَلَمْ أَعْمَلْ مَاسِحَ أَحْذِيَةِ أَسْمَاكِ الْقِرْشِ / فِي قَاعِ الْمُحِيطِ / السَّلامُ عَلَيْكِ يَا خَالَتِي السَّرِيعَةَ كَدُمُوعِ الْغَيْمِ / السَّلامُ عَلَيْكِ يَا خَالَتِي الْبَطِيئَةَ كَأُرْجُوحَةِ الْغُرُوبِ .