20‏/09‏/2019

النعوش والعروش والجيوش / قصيدة

النعوش والعروش والجيوش / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

     الْجُثَثُ الْمُضيئةُ في مَملكةِ الطاعونِ الأسْوَدِ / وَاحتضارُ السُّنونو يَتناثرُ في طَريقِ البَحْرِ / مَملكةُ الإِسْطَبْلاتِ / وَنَباتاتُ الزِّينةِ / والحضارةُ هُدنةٌ بَيْنَ القَبائلِ الْمُنقرِضةِ / والأمواتُ يَصْرُخُونَ في رِئتي / وَخَلاخيلُ السَّبايا تَرِنُّ في رَأسي / وَلَن يَتذكَّرَ أشلاءَنا سِوى الصَّابون / في مَراحيضِ الفَنادقِ الرَّخيصةِ /
     نَسِيَ الجنودُ خَريطةَ أغشيةِ البَكارةِ في طُبولِ الحرْبِ / وأنا حَاجِزٌ عَسْكَرِيٌّ في الطريقِ الصَّحراوِيِّ / الذي يَفْصِلُ بَيْنَ الأحصنةِ الخشَبِيَّةِ وأضرحةِ الأطفالِ / وَالشَّاحناتُ مُحَمَّلةٌ بالْجُثَثِ وَالْخُضَارِ / وَالسَّلاحِفُ تَضَعُ بُيُوضَها عَلى رَاياتِ القَبائلِ / أَمشي في دَمِي / وَأمشي إلى قَلبي / ولا أمشي في الطرقاتِ التي تَحْمِلُ ذِكْرَياتِ الْحُبِّ الأوَّلِ / أرْكُضُ في مَمَرَّاتِ بَيْتِنا الرَّمادِيَّةِ / أرَى طَيْفَ أُمِّي ولا أرَاها / وَالمرايا تَبتسِمُ في وَجْهي / وَتَخُونُ وَجْهي /
     سَمِّنوا بَناتِكُم قَبْلَ الذَّبْحِ / صُراخُ الموؤداتِ في آبَارِ النِّفْطِ / وَحَوافِرُ العَصَافِيرِ عَلى جِلْدي / والرِّمالُ الْمُتحرِّكةُ عَلى الكُرْسِيِّ الْمُتحرِّكِ / ذِكْرَيَاتُنا أرْشِيفُ السَّرَابِ / وَنَحْنُ الصَّحراء / فازْرَعْ شَجَرَةَ نَسَبِكَ في حَديقةِ القَتلى / سَتَعُودُ طُيورُ البَحْرِ إلى جُثتي الْمَنْسِيَّةِ تَحْتَ أمطارِ المساءِ / أوْرِدتي تَتوهَّجُ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / والسَّجينُ لا يَرى الشَّمْسَ ولا القَمَرَ /
     لا تَخُونِيني يا حَفَّارةَ قَبري حَفَّارةَ قَلْبي / سَتَنمو الجوَّافةُ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / وَطَنٌ يَدُسُّ السُّمَّ في طَعامِ الفلاسفةِ / ويَتخصَّصُ في عِلاجِ الرَّاقصاتِ / بَشَرٌ كالأحذيةِ يُبَدِّلُها الصَّدى حَسَبَ نُهُودِ الملِكاتِ / لَيْسَتْ بِلاداً / هَذهِ أضرحةُ شُعوبِ الأغنامِ / وَطَنٌ لِكُلِّ الْمُرْتَزِقَةِ / فَيَا شَعْباً يَتعاطَى الْمُخدِّراتِ السِّياسِيَّةَ/ مَنِ الْمَسْطُولُ ؟ / الحاكمُ أَم المحكومُ / عُرُوشُ الزَّبَدِ على أجنحةِ الحشَراتِ / وجَدائلُ البَناتِ مُبيداتٌ حَشَرِيَّةٌ/ فَيَا وَطَنَ اللصوصِ/ شُكْراً لأنَّكَ قَتَلْتَ أحلامي / فَخَدِّر الضَّفادِعَ بِدُسْتُورِ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / واشْكُر الأرستُقْرَاطِيَّاتِ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / خَفْرُ السَّواحِلِ بَاعُوا البَحْرَ / كَي يَشتروا مَلابِسَ دَاخِلِيَّةً للكِلابِ البُوليسِيَّةِ/ مَلِكٌ شَريفٌ خَسِرَ زَوْجَتَهُ في القِمَارِ / فَبَاعَ الوَطَنَ كَي يُعيدَها /
     الإسْطَبْلاتُ الملَكِيَّةُ / والأُسْطُولُ الملَكِيُّ / والذبابُ الملَكِيُّ / بِلادٌ للمُلوكِ المخلوعِينَ وذِكْرَياتِ العَاهراتِ الْخَجُولاتِ في المواعيدِ الأُولَى/ رَاقصةُ الباليه رَشيقةٌ كَقَانونِ الطوارئِ/ وَطُفولةُ السُّنونو مُحَاصَرَةٌ بِكِلابِ الحِرَاسةِ / وقُلوبُ العاشِقِينَ تَنكسِرُ كَقِطَعِ الشُّوكولاتةِ في أبراجِ الْمُرَاقَبَةِ /
     بَقِيَ قَميصُ النَّوْمِ في الخِزَانةِ / وَذَهَبَت العَرُوسُ إلى فِرَاشِ الموْتِ / والثلجُ يُعَلِّمُ الحشَراتِ حُبَّ الوَطَنِ / جُنوني وِسادتي / الزَّوْبَعةُ ومَامَا الفاتيكانِ تُعانِيَانِ مِنَ الفَراغِ العاطفيِّ / يَتيمٌ أنا في طُرُقاتِ الجرادِ / الرِّيحُ تَسْرِقُ قُلوبَ البَشَرِ / والقِطَطُ الضَّالةُ تَأكلُ أشلاءَ الجنودِ / ناجحٌ أنا في الفَشَلِ / فَاشِلٌ في الْحُبِّ / تَائِهٌ في سِياسَةِ قَطيعِ الأغنامِ / أنيقٌ على مِنَصَّةِ الإعدامِ / واثقٌ مِن حُطامِ الرُّوحِ / جاهلٌ أمامَ فَلسفةِ الزَّنازين / مُثَقَّفٌ أمامَ زَوْجةِ سَجَّاني / والسَّجينُ والعانِسُ يَنتظرانِ صَفيرَ القِطاراتِ التي لا تأتي / 
     سَلاماً أيَّتُها الصَّبايا اللواتي يَطْرُدْنَ الذبابَ عَن جُثتي / دَولةُ الْمُهَرِّجِينَ / وأنا الْمُهَرِّجُ أركضُ في المقابرِ الجماعِيَّةِ كالسَّنابلِ الحزينةِ / دَمي حَامضٌ كاليَانسونِ في خِيَامِ اللاجئين / وَبَناتُ الملوكِ لاعباتُ سِيرك / وعَامِلاتُ نَظافةٍ في مُعَسْكَرَاتِ الغُزاةِ / فَكُنْ تَاريخاً عابراً في زِنزانةِ الضَّحِيَّةِ في هذا الوَطَنِ الدُّمْيَةِ / وَكُنْ أُغْنِيَةً في وَطَنِ الإسْطَبْلاتِ التي تَدُوسُها النَّيازكُ / تُحَقِّقُ الرِّمالُ أحلامَها / وأنا أَقْتُلُ أحلامي / والدِّيدانُ تُهَرْوِلُ في قَلَقِ العَاهراتِ الْمُبتدِئاتِ / فيا أيُّها الوَطَنُ المحمولُ على ظُهورِ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ / أنا وأنتَ قَضَيْنا حَياتَنَا أمامَ الحواجِزِ العَسْكَرِيَّةِ نَنتظرُ الصَّدقاتِ /
     مَساءُ الخيرِ يَا سَجَّاني / كُلُّنا وَاثِقُونَ بِحُطَامِ السُّفُنِ / لَكِنَّ الشَّاطِئَ بَعيدٌ / وَالقُصُورُ الرَّمْلِيَّةُ تَتساقطُ كَجُثَثِ الأطفالِ في فُوَّهاتِ المدافعِ/ وَرَاياتُ القَبائلِ تُغَطِّي نُهُودَ النِّساءِ / ذَلِكَ الشَّفَقُ هُوَ حَياتي السِّريةُ / واللبُؤاتُ مَحبوسةٌ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / وَلَن يَنْبُتَ في جَواربِ الغُزاةِ غَيْرُ الملوكِ/
     كُونوا أجملَ الضَّائعينَ في وَطَنِ الشُّموسِ اليَتيمةِ / النَّهْرُ يَتحرَّشُ بالبُحَيرةِ في حَافلةِ القُلوبِ المكسورةِ / وشَواهِدُ القُبورِ بَيْنَ أعشابِ الزَّرنيخِ تَتحرَّشُ بِاليَمامِ / سَوْفَ يَتزوَّجُ الفَشَلُ العاطِفِيُّ الفَشَلَ السِّياسِيَّ / وتَجِدُ نِهاياتُ الخريفِ لَوْنَ الكَستناءِ الذبيحةِ / في رُموشِ عَرائسِ الكَنيسةِ الغريقةِ / حِبَالُ الغَسيلِ مِنْ جَدائلِ الرَّاهباتِ / وأبراجُ الكَنيسةِ مِنْ عِظامِ الأطفالِ / فاصْعَدي مِن أنقاضي / واغْرِسي سَيْفَكِ الْمُضِيءَ بَيْنَ شَهيقي وزَفيري / واذْكُري جِسْرَ التَّوابيتِ الذي مَشَيْنا عَلَيْهِ في خَريفِ الْهَلَعِ / قَلبي مُعَلَّقٌ على أطلالِ الهزيمةِ نَسْراً مَغْمُوساً في عَصيرِ البُرتقالِ / الذي نَسِيَهُ العُشَّاقُ عَلى أخشابِ النُّعوشِ وماتوا / نَركضُ في دِمَائِنا اللزِجَةِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تَلْهَثُ في شَوارعِ القُمامةِ / وَكَرادلةُ مَحاكِمِ التَّفتيشِ يَتَجَوَّلونَ كَالبَاعةِ الْمُتَجَوِّلِين / يَبِيعُونَ صُكوكَ الغُفرانِ في تَوابيتِ الضَّحايا / وَكَنائسُ الضَّجَرِ سِفْرُ رُؤيا الرَّاهباتِ العَمْياواتِ / والرِّيحُ الجائعةُ تَأكُلُ ثَدْيَيْها / والمطَرُ يَعيشُ في أجفاني/ ويَموتُ في ألواحِ صَدْري/ فَضِعْ في مِيناءِ شَراييني/ كَي نَلتقيَ في أرشيفِ قَوْسِ قُزَحَ / ونَبْنِيَ قَبْرَ الفَراشةِ بَيْنَ الرُّخامِ والسِّيراميك /
     أكفاني تَقْطَعُ الإِشَارةَ الحمراءَ / والحافلاتُ تَمُرُّ أمامَ جُثماني / والرُّكَّابُ يُلْقُونَ التَّحِيَّةَ عَلى فِئرانِ التَّجاربِ / الثلجُ يَسيرُ إلى تِلالِ الطاعون / فأعْطِني عُنوانَ حُفْرَةِ المجاري / التي سَيَرْمي فِيها المساءُ جُثَثَ الجنودِ / قِطَّةٌ عَرْجاءُ تَقْطَعُ الشَّارعَ تَحْتَ رَصَاصِ القَنَّاصةِ / أشلائي إشاراتُ مُرورٍ / تَمْنَعُ أسماكَ القِرْشِ مِن عُبورِ ذِكرياتي / وأنا الغريبُ أتَّحِدُ مَعَ ضَجَرِ البُحَيرةِ / وَحْدَها شُطآنُ الليلِ تَصيرُ أرشيفاً للاحتضارِ اللذيذِ / كأنَّ ضَابِطَ مُخابَراتٍ اكتشفَ أنَّ زَوْجَتَهُ تَخُونُهُ مَعَ شُرْطِيِّ سَيْرٍ / بَصَقَ على إشارةِ المرورِ / الأحزانُ كُرَةُ ثَلْجٍ تَتدحرجُ عَلى جِبَاهِ الموؤداتِ / وأنا قِناعُ الغروبِ / شَجرةٌ مَنْسِيَّةٌ على الأسْفَلْتِ في مَدينةٍ خَرْساء / زَوَّجَ الحطَبُ اليَمامةَ للزِّلزالِ / فَأَنْجَبَت الخديعةَ / وَهِيَ الصَّريعة / يُهَرْوِلُ ضَوْءُ القَمَرِ إِلى الْهُدْنَةِ بَيْنَ القَبائلِ / والرَّعْدُ يُلَمِّعُ مَساميرَ نَعْشي بِمِلْحِ دُموعي / ويَزرعُ نَوافذَ الشِّتاءِ في جُدْرانِ القُصورِ الرَّمْلِيَّةِ / فَلا تَتْرُكْني يَا جُنوني في المرفأ المهجورِ / النَّهْرُ الأعمى يَتَوَكَّأُ على عُكَّازةِ الرِّيحِ / فَكَيْفَ سَيَعُودُ الشَّاطئُ إلى زَوْجَتِهِ في نِهايةِ الأسبوعِ / وفي يَدِهِ بِطِّيخةُ الرَّحيلِ ؟ /
     أيَّتُها الحضارةُ الضَّائعةُ بَيْنَ بَابلو بِيكاسو وبَابلو إِسكوبار / إِنَّ النِّساءَ يَقْرَأْنَ نَظَرِيَّاتِ الكِفَاحِ الْمُسَلَّحِ في كُتبِ الطبخِ / وَالسَّرابُ يَشْعُرُ بِأُنوثةِ الصَّحراءِ / لَكِنِّي لا أَشْعُرُ بِأُنوثةِ المِقْصَلَةِ / فَخُذْ عِظامي سِكَّةَ حَديدٍ / لَكِنَّ قِطاري مُنْحَرِفٌ عَنِ السِّكةِ / الثلوجُ الزَّرقاءُ تَتراكمُ في جُمهورِيَّةِ العَوَانسِ / والبَحْرُ ضَاعَ في أجنحةِ النَّوارسِ / أنا الضَّياعُ الذي يُرْشِدُ الضَّياعَ إلى أرْمَلَتِهِ / عِشْتُ تَحْتَ الأرضِ كالفِئرانِ الكريستالِيَّةِ / وانتظرتُ البُحَيرةَ كَي تَطْمَئِنَّ على احتضاراتي /
     ذَهَبَت الكِلابُ البُوليسِيَّةُ / جَاءَت الحواجِزُ العَسكرِيَّةُ / فَقُلْ لِي يَا حَارِسَ حَديقةِ الحيواناتِ / لماذا تَختبِئُ الضِّباعُ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ ؟ / متى سَأصْحُو فأجِدُ بِلادي لا تَبكي ؟ / أنظرُ إلى مِرآتي فأرى زَائراتِ ضَريحي / أفْتَحُ خِزانةَ مَلابسي فَتَخْرُجُ الخفافيشُ كأشِعَّةِ القَمَرِ / عِظَامُ الأطفالِ مَنْسِيَّةٌ في صَحْنِ الْمُلُوخِيَّةِ / أفتحُ قَلبي فأرى الأرقَ يَنامُ على وِسادتي / لكنَّ دَمي على حِيطانِ غُرفتي لا يَنامُ / أفْتَحُ حُلْمي فأرى الطاعونَ يَتَحَرَّشُ جِنْسِيَّاً بأشجارِ المقابرِ /
     عَلَّمَني وَطَني أن أقْتُلَ أحلامي / أن أبْصُقَ دِمَاءَ الضَّحايا في حَنجرتي / أن أحْصُدَ الرُّومانسِيَّةَ في شَراييني بالمناجلِ / كأنني عَميلٌ مُزْدَوَجٌ / أَدُلُّ الأفاعي عَلى كُرَياتِ دَمِ الرِّيحِ / وأدُلُّ الوَحْلَ عَلى رُؤوسِ الأفاعي / فاصْعَدْ مِن أطيافِ القَتلى / لا مكانَ لَنا تَحْتَ شُموسِ الكُوليرا / وَلَم أرَ في دُستورِ الدُّوَيلاتِ اللقيطةِ سِوى سَرِقَةِ الأغنياءِ للفُقراءِ / وَلَم أرَ في النَّشيدِ الوَطَنِيِّ سِوى مَوْتِ الأغاني في أجفانِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ /
     غُموضُ اللذةِ القاتلةِ/ وُضوحُ الألَمِ الْمُسْتَوْرَدِ / والتَّركيبُ الكِيميائِيُّ لِحِبَالِ المشانقِ / يَنعكسُ ضَوْءُ القَمَرِ على نَصْلِ المِقْصلةِ / ويَتَوَهَّجُ الفَأسُ في يَدِ حَفَّارِ القُبورِ / أنا المهزومُ في ظِلالِ خَاتَمِ الرِّيحِ / الذي سَقَطَ في بِئرِ الذاكرةِ / فيا أيُّها الفاتحُ المنتصِرُ في غُرْفةِ النَّوْمِ أو مَطْعَمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / كَيْفَ يُمَيِّزُ المطَرُ بَيْنَ غُرفةِ الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ / وغُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهربائيِّ ؟ /
     تَعِبَت الأمواجُ مِنَ الرَّكْضِ وَراءَ الخيولِ / التي تَجُرُّ جَثامينَ الفَراشاتِ / فاشْكُري أباكِ أيَّتها اليَمامةُ/ لأنَّهُ وَأَدَكِ فَصِرْتِ طَبْلاً للقَبيلةِ/ أنا قَبيلةُ الأمطارِ الْمُنْقَرِضَةِ/ رِئَتي تَتساقطُ تُفاحةً تُفاحةً / وأشلائي بُرتقالةٌ تَتزوَّجُ السُّمَّ / وتَموتُ في الضَّبابِ اللازَوَرْدِيِّ /
     حُكومةٌ عَمْياءُ تَقُودُ شَعْباً أعمى/ والموْجُ يُجَهِّزُ أثاثَ الْحُفْرةِ التي سَيَسْقُطَانِ فِيها/ الثلجُ على الأسلاكِ الشَّائكةِ / وذِكرياتُ طُيورِ البَحْرِ في شَهيقي/ هِيَ أسوارُ الْمُعْتَقَلِ/ الذي يَبكي فِيهِ قَلبي / فَكُن الرَّقْمَ القاتلَ في حَجَرِ النَّرْدِ / أنتَ جِهَةُ اليَاقوتِ في مَرافئِ المجزرةِ / وإعداماتي دُستورٌ مُؤَقَّتٌ لِعَشيقاتِ الملوكِ / حَضَنْتُ قَلَقَ الحمَامِ الزَّاجِلِ/ والزَّوابعُ تَزَوَّجَت انكسارَ الزُّمُرُّدِ في كُحْلِ الإِمَاءِ /
     أحْمِلُ دُموعي عَلى ظَهْري/ وأبيعُ العِلْكَةَ للنَّوارسِ على شَاطئِ المساءِ/ جُثةُ أبي هِيَ حَقيبتي / والبَاعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ يَبيعونَ جَماجِمَ القَتلى على إشاراتِ المرورِ / يُسافِرُ الليلُ الحزينُ في طُفولةِ العَصافيرِ بِلا جَوازِ سَفَرٍ / أسقطَ الْمُسْتَنْقَعُ الجِنسِيَّةَ عَنِ الضَّفادعِ / وأنا الْحُزْنُ الوَهَّاجُ / أُضِيءُ للأمواتِ أشجارَ الصَّنوبرِ في المدافِنِ/ تَنكسرُ أجنحةُ الحمَامُ في أغشيةِ البَكارةِ/ والتَّنميةُ الوَطَنِيَّةُ في الملاهي الليلِيَّةِ / لَكِنَّ الرَّاقصاتِ يُقْتَلْنَ في النَّهارِ / والتَّعدديةُ السِّياسيةُ في السُّجونِ السِّياسِيَّةِ / والدِّيمقراطيةُ في المحاكمِ العسكريةِ / ضَيَّعَني قَوْسُ قُزَحَ طِفلاً / كَدُودةِ القَزِّ في مَملكةِ الطاعون / والذِّكرياتُ تُحَمِّلُني دَمَ الأمطارِ/ الثلوجُ على مِدْخَنةِ كُوخي الرِّيفِيِّ/ الذي يَمُوتُ فِيهِ النَّهْرُ وَحيداً/ والحشَراتُ في عُروقي تَكتبُ وَصايا الكَرَزِ / فيا أيُّها الوَطَنُ الضَّريحُ / متى نَستريحُ ؟ / الغَيْمُ يَزرعُ أشلاءَ الضَّحايا في بُلعومي / فَكَيْفَ أُقَبِّلُ جَبينَ أُمِّي وَهِيَ عَلى فِرَاشِ الموْتِ ؟ /
     يَا سَجَّاني العاطِفِيَّ / لا تَنْسَ أن تَدْفَعَ رَاتِبَ حَفَّارِ القُبورِ / كَي يَشتريَ مَلابِسَ العِيدِ لِبَنَاتِهِ / صَمْغُ الغاباتِ بَيْنَ فِقراتِ ظَهْري مِكياجٌ للأميراتِ العَوانِسِ / وَقَلبي كَنَوافذِ القُصورِ الرَّمليَّةِ / يَخْلَعُ الشِّتاءُ ألواحَ صَدْري كَقِطَعِ الشُّوكولاتة / والرَّاهبةُ العَمياءُ تُلقي أخشابَ التَّوابيتِ في مَوْقَدةِ الدَّيْرِ / في شِتَاءِ الصَّدماتِ العاطِفِيَّةِ / والصَّدى يُرَتِّبُ نُعوشَ الملِكَاتِ على حَجَرِ النَّرْدِ / كُنْتُ ظِلالَ العارِ عَارياً مِنْ عُرْيِ الخريفِ / أَعُدُّ أصابعَ بَناتِ آوَى / ولا أولادٌ لِي ولا بَناتٌ / يَدُقُّ الضَّجرُ رُموشَ اليَتيماتِ في جَسَدِ الرِّياحِ / وزِنزانتي الانفرادِيَّةُ مُسْتَوْدَعٌ لأجنحةِ الحمَامِ المنبوذِ /
     يَا رَاحِلينَ إلى الشَّفقِ/ أنا أمطارُ الذِّكرياتِ في سَراديبِ محاكمِ التَّفتيشِ / سَيَجُرُّ النَّملُ جِيفتي/ أيُّها الرَّصاصُ المطاطِيُّ / لا تَنْسَ تَعبئةَ قُلوبِ العاشِقينَ بالوقودِ الخالي مِنَ الرَّصاصِ / حُزْني قَلَمُ رَصاصٍ ضائعٌ بَيْنَ الرَّصاصِ الْحَيِّ والرَّصاصِ المطاطِيِّ / لكنَّ دُموعي مَوجودةٌ قَبْلَ اختراعِ أبجدِيَّةِ الدِّماءِ / صِرْتُ دُمْيَةً في يَدِ النِّسيان / البَحْرُ يَكتبُ وَصِيَّتَهُ / ويَفْرِضُ عليَّ وِصايَتَهُ / وَزُرقةُ الشُّطآنِ تَحْجُرُ عَلى النَّهْرِ / والفَيَضَانُ لا يَمْلِكُ في هذا الليلِ الخشِنِ إلا البُكاءَ / تَسْقُطُ أجسادُ النِّساءِ في المزهرِيَّاتِ / وأنا ضَجَرُ الصَّابونِ في السُّجون / أحْجُرُ على نفْسي / لأُريحَ رَمْلَ البَحْرِ مِن قَرَفي /
     كُنْ شَوْكَةً في حَلْقِ البُحَيرةِ / لَم تَخْتَر الصَّحراءُ هُوِيَّةَ السَّرابِ / ولَم يَخْتَر البَحْرُ رِمَالَهُ / ولَم يَخْتَر المشنوقُ حَبْلَ مِشْنَقَتِهِ / فَكُن دِيمقراطِيَّاً مِثْلَ بَاعةِ الْخُضارِ أمامَ المحاكمِ العَسكرِيَّةِ / يَحْصُدُ الخريفُ أغشيةَ البكارةِ / كَمَا يَجُزُّ الطوفانُ صُوفَ الذاكرةِ / وسُعالُ الزَّوابعِ نَائِمٌ على جُلودِ الأغنامِ / والرَّاعي يُزَوِّجُ بَناتِ أفكارِهِ لأولادِ الجِيران / كَي يُخَفِّفَ مَنْسُوبَ عُنوسةِ البُحَيراتِ في سُدودِ القُلوبِ /
     نَزْحَفُ في المجاعاتِ المعدنِيَّةِ / ونَأكلُ الذكرياتِ الْمُشَقَّقةَ / وتَأكلُ جَدائلَ الراهباتِ الْجُثَثُ الْمُتَجَمِّدةُ في كُحْلِ الصَّبايا / الواثقاتِ مِن وَأْدِهِنَّ / الصَّاعداتِ إلى نَزيفِهِنَّ لِكَسْرِ الصَّليبِ / والرَّمادُ يَفتحُ في دُموعِ الأراملِ مَصْنَعَاً لِتَكريرِ المِلْحِ / ورِعشةُ القَتلى تَستثمرُ أعوادَ المشانِقِ في أفخاذِ الملِكاتِ / ولَم أُنشِئْ في حَناجرِ الرَّاهباتِ مِصْفَاةَ نِفْطٍ / كانَ الموتُ تاريخاً للأمطارِ / وكانت الأمطارُ أرشيفاً للضَّحايا/ فَكُنْ صَخَبَ الشَّلالاتِ/ وَلَمِّعْ خَنْجَرَكَ بِمِلْحِ دُمُوعِكَ/ إِنَّ وَطَني كَقَلْبي/ كِلاهُما خَرَجَ وَلَم يَعُدْ/ وَجَدْنا الْجَنِينَ وقَتَلْنا الرَّحِمَ / يُرَوِّضُ هَلْوَسةَ اللبُؤاتِ الْحُبُوبُ الْمُنَوِّمَةُ/ وأنا الفَيلسوفُ العاطلُ عَنِ العَمَلِ / سَأجِدُ تَفسيراً فلسفياً لأحزاني الشَّمعيةِ / عِندما تَجِدُ رِمالُ البَحْرِ تَفسيراً لانتحارِ الأسماكِ في ثِيَابِ الحِدَادِ/ شَعْبٌ مُثَقَّفٌ يَرْمِي الجرائدَ في القُمامةِ/ بَعْدَ مُشَاهَدَةِ نُهُودِ الرَّاقصاتِ وفَساتينِ الملِكاتِ / فَادْعَمْ حُقوقَ المرأةِ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / سَيُطَلِّقُ الملِكُ الملِكَةَ / ويَتزوَّجُ الخادمةَ / والرِّيحُ أُنثى تَقتحمُ كُوخَ احتضارِها بِكَامِلِ عُنفوانِ الحطَبِ /
     يَا كَرَادِلَةَ الشَّوْكِ في أجراسِ أبراجِ الكنائسِ / وأسلاكِ أبراجِ الْمُعْتَقَلاتِ / يا رَاهباتِ الشَّوْقِ إلى لَمَعَانِ عُيونِ القِطَطِ الْمَيْتَةِ / إِنَّ الكَنيسةَ لَن تَفْتَحَ أبوابَها يَوْمَ الأحَدِ / لَكِنَّها سَتَفتحُ أبوابَ ذَاكرةِ الرِّمالِ في صَحراءِ النَّزيفِ / فَكُوني فَراشةً أيَّتُها الذِّئبةُ في تِلالِ قَلبي / يَلْمَعُ كُحْلُ الهِضَابِ كَعُيُونِ فَتاةٍ عَمياء / فَقُلْ لِي أيُّها الرَّعْدُ / ما اسْمُ الْحُزْنِ السَّاكِنِ في خُدودِ الصَّبايا السَّائراتِ في جِنازتي ؟ /
     كَيْفَ نمشي يا أُمِّي إلى جُثةِ أبي تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ ؟ / إِنَّ القَمَرَ ماتَ بِضَربةِ شَمْسٍ / حُزني في المساء لَدَغَتْهُ عَقاربُ الساعةِ / اكتشفتُ طُفولةَ البَحرِ في لَيْلِ الشُّطآنِ / وأبكي على طُفولتي كُلما هَجَمَ المساءُ على عِظامي/ لَن تَعْرِفي يا أُمِّي كَم أخافُ حِينَ يُحَاصِرُني المساءُ بالذِّكرياتِ / البُحَيرةُ العمياءُ على فِرَاشِ الموْتِ / والنهرُ يَكتبُ وَصِيَّتَها/ أطفالٌ يَعيشونَ تَحْتَ الأرضِ/ يَتَزَلَّجُونَ على دِمائهم في حُفَرِ المجاري / وَالأُمَّهاتُ تائهاتٌ في حَليبِ الْجُثثِ الشَّمسيةِ / طِفْلةٌ تَذوبُ في خُيوطِ أكفانِ أُمِّها / وَحَفَّارُ القُبورِ في إجازةِ شَهْرِ العَسلِ / هَل رَأيتَ السَّناجِبَ الْهَرِمَةَ تَجُرُّ عَربةَ اكتئابِ الخيولِ المشنوقةِ في سَقْفِ حَلْقي ؟ / سَأُطْلِقُ الرَّصاصَ عَلى قَلَمِ الرَّصاصِ / وَحِبْرُ الاحتضاراتِ يَحْبِسُني في أعشابِ الأضرحةِ الملَكِيَّةِ / فَمَا الفَرْقُ بَيْنَ أضرحةِ اللصوصِ وأضرحةِ الملوكِ ؟ /
     أنا ضَبابٌ خَفيفٌ عَلى نافذةِ الدِّماءِ / في شِتاءاتِ الإعدامِ / يا خُيُولاً تَرْمي فَضَلاتِها في أجفانِ العصافيرِ / الزَّوابعُ في قَلبي تَصنعُ مِن جِلْدي حَقَائِبَ لِعَشيقاتِ الملوكِ المخلوعين / وتَصنعُ مِن رُفاتي  مِكياجاً للمَلِكَاتِ الْمُسْتَحِمَّاتِ بالْمُبيداتِ الحشَرِيَّةِ / امرأةٌ تُحْتَضَرُ كَغابةٍ مِنَ الزِّنكِ / لا تاريخَ لأحزانِها سِوى الحيْضِ / وَقَوانينُ الطوارئِ كُحْلٌ للسَّائراتِ في انتحاراتِ البَحْرِ /
     أنا الفَراغُ الذي غَسَلُوهُ بِمَاءِ الأحزانِ / وَلَم أجِدْ في تَوابيتِ الرَّعْدِ أحَداً يُعَلِّمُني الضَّحِكَ / غُرَفُ البُيوتِ جَنائزُ / وحِبَالُ الغَسيلِ ذَاكرةٌ لِقُمصانِ النَّوْمِ وَثِيَابِ الحِدَادِ / والحِيطانُ تَركضُ وَرائي/إعلاناتُ اغتيالي مُعَلَّقةٌ على جُذوعِ النَّخلِ/والطوفانُ استأجرَ الطابقَ الثاني مِن قلبي المهجورِ/ وأنا أنامُ في شَارعِ الأمطارِ / تَحْتَ الأطيافِ الْمُنْبَعِثَةِ مِن دِمَاءِ أبي / التي تَفَرَّقَتْ بَيْنَ القَبائلِ /
     سَيَنمو الْخَوْخُ في شُقوقِ حِيطانِ الزِّنزانةِ / كَيْفَ أهْرُبُ مِنَ السِّجْنِ وَجَسدي هُوَ سِجني ؟ / تَلْمَعُ الرِّماحُ تَحْتَ شَمْسِ الشِّتاءِ / وأُمْنِيَتي أن أتحرَّرَ مِن طَيْفِ الشَّركسياتِ / قَبْلَ أن أتحرَّرَ مِنَ الموْتِ بالموْتِ / لَم يَعْتَرِف بِجَسَدي البحرُ / لأنَّ جَسَدي صَوْمَعةٌ رِيفِيَّةٌ لِفِئرانِ التَّجاربِ / جَسدُ البَحرِ أرشيفٌ لمحاكمِ التَّفتيشِ / وأجنحةُ الحشَراتِ مُسْتَوْدَعٌ لأسرارِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / أمشي تَحْتَ أقمارِ الإعدامِ مُزَيَّناً بالطَّعَناتِ / هَذهِ جُثتي / احْمِلْها أو لا تَحْمِلْها / إِنَّ السَّيْلَ سَيَحْمِلُها / ولَم أستفِدْ مِن دُستورِ أشلائي غَيْرَ رِثَاءِ الشُّموسِ المكسورةِ / وَلَوْ تَزَوَّجْتُ هَذَياني لافتخرَ بِي أرقُ الرِّمالِ / حَوَاسِّي أحجارُ شِطْرَنْجَ عَلى رُقْعةِ الضَّجَرِ يُحَرِّكُها الغُبارُ/ هُناكَ/ في سَراديبِ الدَّيْرِ الْمُتَوَحِّشِ تَصيرُ ضَفائرُ الرَّاهباتِ مِكْنَسَةً/ وإنجيلُ الرَّمادِ مَنْسِيٌّ في مَكتبةِ الدَّيْرِ / وأجراسُ الكَنائسِ هِيَ تُفَّاحاتُ العَفَنِ / على رُفوفِ الجماجمِ في مَحاكمِ التَّفتيشِ / وصُكوكُ الغُفرانِ مِثْلُ فَواتيرِ الكَهْرباءِ / ولا شَيْءَ يَسْكُنُ في أعصابي سِوى بُرتقالِ المجازرِ / والرَّمْلُ يَتحرَّشُ جِنسِيَّاً بالصَّحراءِ / 
     كُنْتُ سَأُصبحُ فَرَاشةً مُلَوَّنةً / لَوْ أنَّ جِيرانَ الأعاصيرِ لَم يَبيعوا بناتِهم لِمَن دَفَعَ أكثرَ / كُنْتُ سأصيرُ مُواطناً صالحاً / لَوْ أنَّ الكِلابَ البُوليسِيَّةَ لَم تَلْتَهِم الفياغرا / لِتَحْفَظَ كَرَامَتَهَا أمامَ القِطَطِ الشَّريدةِ / كُنْتُ سأُصبحُ مَطَراً أزرقَ / لَوْ أنَّ صَدَماتي العاطِفِيَّةَ أقلُّ خُشونةً مِن زِنزانتي / كُنْتُ سأصيرُ رَصاصةً مَطَّاطِيَّةً في جُثةٍ مَجهولةٍ / لَوْ أنَّ غاباتِ الْحُلْمِ لَم تُخَزِّنْ جَثامينَ العُشَّاقِ في عَصيرِ البُرتقالِ / كُنْتُ سأُصبحُ مُغَنِّياً جَوَّالاً في المذابحِ / لَوْ أنَّ ذاكرةَ الاحتضارِ لَم تَسْمَعْ غِناءَ البلابلِ على مِنَصَّةِ الإعدامِ / كُنْتُ سأصيرُ قَبراً مُزَيَّناً بالأوسمةِ العسكرِيَّةِ / لَوْ أنَّ أجنحةَ الحمَامِ أقلُّ جَمالاً مِن مُسَدَّسي / كُنْتُ سأُصبحُ سَاعي بَريدٍ في مُدُنِ الكُوليرا / لَوْ أنَّ اللبُؤاتِ أقلُّ حَمَاساً مِن سَيَّافِ الخليفةِ / كُنْتُ سأصيرُ نَشيدَ البَحْرِ تَحْتَ قَمَرِ الغُربةِ / لَوْ أنَّ مِكياجَ الملِكَةِ أقلُّ تَوَهُّجاً مِن سُعالِ الإِمَاءِ / كُنْتُ سأُصبحُ سُنبلةً في مَرفأ البُكاءِ / لَوْ أنَّ جُلودَ الفِئرانِ أقلُّ نُعومةً مِن حَقائبِ الأرستقراطِيَّاتِ / كُنْتُ سأصيرُ زَعْتراً في مَقبرةٍ قَديمةٍ / لَوْ أنَّ تِيجانَ الملوكِ أقلُّ ضَجيجاً مِن وَقْعِ أحذيةِ الجنودِ عَلى لَحْمِ النَّهْرِ/ كُنْتُ سأُصبحُ قِيثارةً على جَسَدِ النهرِ المشلولِ / لَوْ أنَّ تَنُّورةَ لاعبةِ التِّنسِ أَطْوَلُ مِن كَوابيسي / كُنْتُ سأصيرُ غَيمةً فَوْقَ طَائراتِ الغُزاةِ / لَوْ أنَّ بُكاءَ الزَّنابقِ أجْمَلُ مِن أعشابِ المقابرِ /
     لا تَخَفْ مِن مَرايا بَيْتِكَ المهجورِ / سَوْفَ تَعْرِفُ هُوِيَّةَ جُثتكَ المجهولةِ مَزهرياتُ الخريفِ / دَمْعي هُوَ الزَّيْتُ / ولَحْمي هُوَ الزَّعترُ / أنا وأنتَ يا وَطَني قُتِلْنا في عِيدِ مِيلادِ البُحَيرةِ / وفِئرانُ التَّجاربِ تَعْبُدُ لُصوصَ الوَحْدةِ الوَطنيةِ / الذينَ يُسَمِّيهم الزَّبَدُ قِدِّيسين /
     لَم تُصَدِّق الشُّطآنُ قِصَّةَ حُبِّنا في زَحمةِ المجازرِ / والرِّيحُ تَبْحَثُ عَن الاستقرارِ في رُفاتي / لكنَّ دِمائي مُستقرةٌ في شَوارعِ النِّفاياتِ / يا بِلاداً تَحْمِلُ الدُّكتوراةَ معَ مَرتبةِ الشَّرفِ في عِلاجِ الراقصاتِ ووَأْدِ الفلاسفةِ / حَبْلُ مِشنقتي هُوَ الشُّوكولاتةُ البَيضاءُ في السُّوقِ السَّوداءِ / فَقُولي لِي يا إشاراتِ المرورِ في طُرقاتِ الملاريا / لماذا أنا فَاشلٌ في الْحُبِّ ناجحٌ في تَلميعِ مَساميرِ النُّعوشِ ؟/
     كُلُّ طُرقاتِ قَلبي تُؤدِّي إلى طُفولةِ الشَّفقِ / أَُمَشِّطُ شُعَيْرَاتي الدَّمويةَ بالمِنْجَلِ / وأصعدُ مِن كَابوسي / يَصْرُخُ المطَرُ في شَهيقي / وغاباتُ المساءِ حَطَبٌ أخضرُ / ماتت الإيطالِيَّاتُ / وَبَقِيَتْ قُلوبُهُنَّ على شُطآنِ الإسكندرِيَّةِ / ولَن يَأتِيَ الإسكندرُ / سَيَمْشِي الدَّجاجُ في جِنازةِ الكِلابِ البُوليسيَّةِ / وحليبُ القَتيلاتِ يَتساقطُ في قَارورةِ الحِبْرِ / أمامَ مَوْقَدةِ الشِّتاءِ الحزينِ / فيا أيَّتها المرأةُ المنسِيَّةُ بَيْنَ قانونِ الطوارئِ وقَميصِ النَّوْمِ / سَيَنْفَصِلُ طِلاءُ الأظافرِ عَنِ الأظافرِ/ وَتَنفصلُ العَدَساتُ اللاصقةُ عَن العُيون / ويَنفصلُ كَلْبُ الحراسةِ عَن بُرْجِ الْمُرَاقَبَةِ / ويَنفصلُ الرَّأسُ عَن الجسَدِ /
     أبْحثُ عَن صُورة أُمِّي بَيْنَ النِّساءِ / وَصُورتي مُعلَّقةٌ على أشجارِ الصَّنوبرِ في المدافِنِ / فيا كُلَّ إشاراتِ المرورِ في أزِقَّةِ شَراييني / يا كُلَّ أعمدةِ الكَهْرباءِ بَيْنَ نُعوشِ الغُرباءِ / يا كُلَّ أعوادِ المشانقِ بَيْنَ أعوادِ الثِّقابِ / لَم تَتزوَّجْ أظافري ضَجَرَ الأنهارِ في البَياتِ الشَّتويِّ / وما لَحْمي سِوى عِلْكَةٍ بَيْنَ أسنانِ الرِّيحِ / سَيُهاجرُ رَمْلُ البَحْرِ مِن أجفانِ القَتلى إلى المواعيدِ الغَرامِيَّةِ / فَخُذْ مُسدَّسي الخشَبِيَّ تِذكاراً للحُبِّ الضَّائعِ / الذي يَحْكُمُهُ قُطَّاعُ الطُّرقِ / أطلقتُ الذِّكرياتِ على قِطَطِ الشَّوارعِ / والدُّميةُ تأخذُ إِجازةً مِن نِكاحِ الْمُتعةِ كَي تَتزوَّجَ خَشَبَ تابوتِها /
     لَسْتُ الْحُسَيْنَ / لكنَّ أهلَ الكُوفةِ خانوني / وخَيْمتي سَجَّادةٌ على سِكَّةِ الحديدِ / أشربُ نَوافذَ الْجُرْحِ / عَشَاءٌ بِلا شُموعٍ / وَداعٌ مِن حَريرِ الدُّموعِ / لكنَّ دُودةَ القَزِّ مَاتت في عُروقي / طَرَدَتْنا شَمسُ الشِّتاءِ مِنَ الأندلسِ / فَصِرْتُ هُدْنةً بَيْنَ البَدَوِيَّاتِ والغَجَرِيَّاتِ /
     أيُّها الْمَلَلُ الجِنْسِيُّ / فَتِّشْ في أُنوثةِ دِمَاءِ القَتيلاتِ عَن شَيءٍ غَيْرِ الجِنْسِ / تَذوبُ الدَّولةُ كَقِطْعَةِ الشُّوكولاتةِ تَحْتَ قَمرِ الخريفِ / وتَصيرُ رُموشُ الفَتياتِ ثَوْرَةَ اللصوصِ على اللصوصِ / ألواحُ صَدْري مَكاتبُ خَشَبِيَّةٌ للمُخْبِرِين/والجرادُ يَتناولُ دِمائي البَطيئةَ في مَطْعَمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ/ والجِرذانُ تُزَيِّنُ مِدْخنةَ كُوخي بالثلجِ الأزرقِ / فَهَل يَعْرِفُ النَّهْرُ أنَّ زَوْجَتَهُ تَخُونُهُ ؟ /
     في الأكياسِ البلاستيكِيَّةِ جُثَثُ نِساءٍ مَعدنِيَّةٌ / خَلْفَ الستائرِ المعدنيةِ / وحَواجبُ الجلادينَ تَصيرُ سِيَاطاً / والزَّوابعُ تَقرأُ مَوَادَّ الدُّستورِ عَلى العَدَمِ / فيا زَهْرَةَ الأضرحةِ / التي تَعْمَلُ بَعْدَ وَأْدِها ضَابِطَةِ مُخَابَراتٍ في دَولةِ جِرذانِ الخليفةِ / وَطَنٌ للأميراتِ العَوَانِسِ وَالْمُخْبِرِينَ العَاجِزِينَ جِنْسِيَّاً / النَّاجِحينَ في كِتابةِ رَسائلِ الغرامِ /
     للذِّئابِ جُمهورِيَّةُ الكَسْتناءِ في الشِّتاءِ الدَّمويِّ/ والرَّاعي يَقتلُ الأغنامَ/ ويَرتدي أقنعةَ الصُّوفِ/ كَالدِّماءِ اليَابِسَةِ عَلى بَلاطِ الزِّنزانةِ أو صَالةِ الرَّقْصِ / أُسْرَةٌ حَاكِمةٌ عَلى جَماجمِ اليتامى / وَلَم يَعُدْ في شُطآنِ الغروبِ إِلا حِيطانُ السُّجونِ اللازَوَرْدِيَّةِ /
     يا حِصاني الخشَبِيَّ / الذي يُخَبِّئُ الدُّودَ في كُرياتِ دَمي المطاطِيَّةِ / وَطَني عُلْبةُ سَجَائِرَ في جَيْبِ القُرْصانِ العَاشقِ / وأوْرِدَتي عَرَقُ حَشَرَةٍ عَرْجاءَ / تَحُطُّ عَلى جَدائلِ امْرَأةٍ مُغْتَصَبَةٍ / ابتلعَ خُدودَها نَيْزَكٌ قَديمٌ/ يَا مَوْجاً يَنْحِتُ في عُكَّازةِ أبي أرشيفَ القَرابين/ ضَاعَ البَحْرُ في المنفَى / ضَاعَت الشُّطآنُ في الوَطَنِ / البُحَيرةُ مَلِكَةُ حُبِّي / وأنا مَلِكُ الأنقاضِ/ فَلْنَتَزَوَّجْ أيَّتُها الرِّمالُ / لِنَمْنَحَ هَذهِ الأرضَ الذابلةَ أطفالَ الْمَلَلِ الجِنْسِيِّ وانتحارِ الرُّومانسِيَّةِ / لَم أسْتَفِدْ مِن دَولةِ سَماسرةِ الوَحدةِ الوَطنيةِ غَيْرَ الذَّبحةِ الصَّدريةِ/ الجنونُ دَوْلتي/ والهلوسةُ حُكومتي / والاكتئابُ عَرْشي / وأنا الملِكُ المخلوعُ .