09‏/09‏/2019

يوميات زوجة ضابط المخابرات / قصيدة

يوميات زوجة ضابط المخابرات / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     خَارِجَ السِّجْنِ هُناكَ سِجْنٌ / خَارِجَ المقبرةِ هُناكَ مَقبرةٌ / سَيَزُورُ القمرُ قبرَ الشمسِ / أُعيدُ هَندسةَ الحزنِ/ لأرى أعضائي خَارِجَ سِفْرِ الرُّؤيا/ خُدودي ضَريحُ الحريمِ / وَدَمْعي أُسطولُ الإِمَاءِ / والبَشَرُ الذينَ لا يَعْرِفُونَ إِلا مُمارسةَ الجِنْسِ / يَتَكَدَّسُونَ عَلى سَطْحِ كُوخي المحروقِ / أنا قَبْرٌ سائرٌ بِسُرعةِ الضَّوْءِ نحوَ انطفاءِ الضَّوْءِ /
     أُنصِّبُ جُمْجمتي مَلِكةً على أجنحةِ الذباب / أنتخبُ انتحاري / وَيَنتخبني الصَّدى / ما فائدةُ أن تتعطرَ القتيلةُ أمامَ سَماسرةِ صُكوكِ الغُفران ؟ / رِجالٌ كالفِئرانِ الخشَبيةِ / لا يَحْلُمُونَ إلا بأغشيةِ البَكارةِ / أنطفِئُ كما تَنطفِئُ المجرَّاتِ / وضجيجُ نَبَضاتِ قَلبي يُزْعِجُني ويُؤرِّقُني /
     مِنَ الماريجوانا حتى الإجهاضِ مُروراً بالشَّمْبانيا/ هَذا هُوَ تاريخُ القَتيلاتِ الجالساتِ في مساماتِ جِلْدي الملوَّثِ بأثاثِ الخريفِ / عِظامي مُدْمِنةٌ عَلى الانقلاباتِ / حَزينةٌ أنا حَتى الاندماجِ معَ المطرِ/ خَجُولةٌ أنا حتى الامتزاجِ بالزوابعِ / صَدِّقِيني يا شُرُفاتِ الرَّعْدِ / لم ألعبْ بِعَواطفِ الدِّيدانِ / حَوَاسِّي هاجَرَتْ باتِّجاهِ عَيْنَيْكَ/وكُلما أحببتُكَ تَعاطَيْتُ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ/كُلما تَذَكَّرْتُ وَجْهَكَ/ تذكرتُ مَوْعدي عِندَ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / يُحَوِّلُني الزِّئبقُ إلى وَهْمٍ خَشَبِيٍّ / سَجَائري مُبْتَلَّةٌ بِدُموعي/ والأمهاتُ يَشْرَحْنَ لِبَناتِهِنَّ اللواتي تَمَّ بَيْعُهُنَّ تفاصيلَ لَيْلةِ الدُّخلة / صارت المرأةُ حِذاءً لِزَوْجِها السِّمْسارِ الذي اشتراها بالتقسيطِ الْمُمِلِّ / صارت الأُنوثةُ نَعْلاً للنَّخاسِ / لحفَّارِ القُبورِ / للمُقَامِرِ المهووسِ / لِرَجُلِ المافيا الأنيقِ / لِمَن يَدْفَعُ أكثرَ /
     هَل تستطيعُ الرَّاقصةُ نِسيانَ أُسْلُوبِها في الرَّقْصِ؟/ هَل تستطيعُ الوردةُ نِسيانَ وَجْهِ مُغْتَصِبِها ؟ / هَل يستطيعُ السجينُ نِسيانَ وَجْهِ السَّجان ؟ / هَل يستطيعُ حفَّارُ القبورِ نِسيانَ وَجْهِ القتيلِ ؟ / هل تستطيعُ حُكومةُ الزَّهايمرِ نِسيانَ وُجوهِ الشَّحاذين ؟ / هل تستطيعُ الذبابةُ نِسيانَ وَجْهِ زَوْجِها الذي تَخُونُهُ في عِيدِ الْحُبِّ ؟ / هَل تستطيعُ الخادمةُ نِسيانَ وَجْهِ سَيِّدِها الذي لَعِبَ بِعَواطفها / ثُمَّ تزوَّجَ ابنةَ عَمِّهِ المليونيرة ؟ / هل يَستطيعُ كلينتونُ نِسيانَ وَجْهِ مُونيكا ؟ / هل يستطيعُ الصليبُ نِسيانَ وُجوهِ الراهباتِ المعلَّقاتِ عَلَيْهِ ؟/ هَل تستطيعُ الموؤدةُ نِسيانَ وَجْهِ أبيها الذي دَفَنَها ؟/ هل يستطيعُ بَلاطُ صَالةِ الرَّقْصِ نِسيانَ أقدامِ ماري أنطوانيت ؟ / مَا الفَرْقُ بَيْنَ بَناتِ الإِمبراطورِ وَعَاملاتِ النظافة في أزقةِ الملاريا ؟ / يَا صَاحبةَ الأحاسيسِ غَيْرِ الشَّفافةِ / لِماذا تَنشُرِينَ الغسيلَ بِقَميصِ النَّوْمِ الشَّفافِ ؟ /
     الملِكَةُ تَرْفَعُ تنورتها كقوانينِ الطوارئ / ولم يُفَرِّق السُّلُّ بَيْنَ لحومِ السَّبايا وقُماشِ الأعلامِ المنكَّسةِ / والإعصارُ لم يُفَرِّقْ بَيْنَ قُبورِ الملوكِ وقُبورِ العبيدِ / تكتشفُ الملاريا الكَبْتَ الجِنْسِيَّ في أجسادِ الفتياتِ / والنهرُ يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يُضاجِعُها / كَي يتحققَ العَدْلُ على خَشَبَةِ المذبَحِ / ارتفعت التماثيلُ على أصابعِ الأطفالِ / في دَوْلةِ القانونِ والمؤسساتِ / والموجُ يَحْفَظُ المادةَ الأُولى في دُستورِ اللصوصِ /
     يا سَيِّدنا المسيح / هَل قُلْتَ لِلْكَرادلةِ أن يَتحرَّشوا جِنْسياً بالرَّاهباتِ في الأديرةِ المتوحِّشةِ ؟ / أيتها السَّيدةُ العذراءُ / هل قُلْتِ للاعبةِ التِّنسِ أن ترتديَ تنورةً فَوْقَ الرُّكبةِ / وتضعَ الصَّليبَ بَيْنَ ثَدْيَيْها المكشوفَيْن ؟ / الشُّطآنُ تركضُ في سَراديبِ الهلَعِ كأظافرِ بَناتِ أُورُشَليم / وَهُنَّ يَنتظِرْنَ آباءَهُنَّ العائِدينَ مِن قَتْلِ الأنبياء /
     لا اسْمِي ظِلالُ البَنفسجِ / ولا رِئتي مَزرعةُ خَشخاش للجنود المصابين بالاكتئاب / أنتِ مَوْتي/ لأنَّ جُثمانَ هذا المدى مُضَرَّجٌ بالأوسمةِ العسكريةِ/ والأُنثى هِيَ دَمَويةُ زُجاجاتِ العِطْرِ/ دَمُ الوِلادةِ/ وَدَمُ الحيضِ / وَدَمُ الدُّموعِ / وَدَمُ الدِّماءِ / وَدَمُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / والرِّياحُ تسألُ الأضرحةَ البازِلتيةَ / هل سَتَمشي راقصاتُ التَّانغو على خُطى غيفارا ؟ /
     لَو أني ألعبُ القِمارَ معَ الأميراتِ / لَصِرْتُ سَيِّدةَ المجتمعِ الْمُخْمَلِيِّ / لَو أني أُسافرُ مِن فِرَاشِ الموْتِ إلى فِرَاشِ الزَّوْجيةِ / لَصِرْتُ جَديرةً بِشُموعِ عِيدِ مِيلادي / لَو أني أبيعُ لحمي على شاشةِ التِّلفازِ / لَصِرْتُ وَرْدةً في حديقةِ التطهيرِ العِرْقِيِّ / لَو أني بِعْتُ فِلسطينَ لأشتريَ فساتينَ السَّهْرةِ / لَصِرْتُ فَيْلسوفةً في جامعةِ أُكسفورد / لَو أني أشْتُمُ الإِسْلامَ / لَصِرْتُ جَديرةً بِجَائزةِ نوبل / لَو أني أتجسَّسُ على شَعْبِ التَّسولِ / لَصِرْتُ مُستحقةً للأوسمةِ الملكيةِ / لَو أني خُنتُ بِئْرَ قَرْيتي / لَصِرْتُ حاملةً للجَوازِ الدُّبلوماسِيِّ / لَو أني سَرَقْتُ الذبابةَ المشلولةَ / لَصِرْتُ فَراشةً في حَفْلِ الأوسكارِ /    لَو أني بِعْتُ أحزانَ الراهباتِ لأشتريَ خاتَمَ ألماس / لَصِرْتُ فَارسةً في صَالاتِ الرَّقْصِ /
     بَيْنَ أصابعي تَرقصُ إسطبلاتُ الإقطاعيين / ولُعابي صَارَ مَملكةً للطحالبِ / كَم مَرَّةً ينبغي أن أموتَ لأشعرَ أنني على قَيْدِ الحياةِ ؟/ البُحيرةُ تُفكِّرُ في خِيانةِ زَوْجِها/ ثَعلبٌ ودُودةُ قَز / لا يَجْمَعُهُما سِوى الفِرَاشِ / والرُّومانسيةُ أن تَجْلِسَ معَ قاتِلَتِكَ في لَيْلةٍ شَاتيةٍ أمامَ مَوْقدةِ الاحتضارِ / وتُخطِّطا لِقَلْبِ نِظامِ الْحُكْمِ في قَلْبِ القِطةِ المقتولةِ على الأريكةِ / لا تَقْلَقْ يا قاتلي / إِذا ضَلَلْتَ طَريقَكَ سَوْفَ تَجِدُني .