28‏/12‏/2020

إميلي برونتي ومرتفعات ويذرنغ

 

إميلي برونتي ومرتفعات ويذرنغ

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.........


    وُلِدت الأديبة الإنجليزية إميلي برونتي ( 1818 _ 1848 ) في مدينة ثورنتورن ، في مقاطعة يوركشاير من أبوين فقيرين .

     تشتهر برونتي بروايتها الوحيدة " مرتفعات ويذرنغ " ، التي تُعتبر من كلاسيكيات الأدب الإنجليزي . إميلي هي الأخت الثانية في الأخوات برونتي ، حيث إنها أصغر من شارلوت ، وأكبر مِن آن . وقد نشرت إميلي أعمالها تحت الاسم الذكوري المستعار ( إيلي بيل ) .

     تبقى إميلي برونتي شخصيةً غامضة ، وتحديًّا لِكُتَّاب السيرة ، لأن المعلومات عنها ضئيلة ومتفرقة ، نظرًا لطبيعتها الانفرادية وكَوْنها منعزلة نوعا ما . كما لا يبدو أنها من النوع الذي لديه أصدقاء خارج العائلة . وتبقى أختها شارلوت المصدر الرئيسي للحصول على معلومات عنها .

     وعلى الرغم مِن أنها شقيقتها الكبرى ، إلا أنها قرَّرت الكتابة علنًا عنها بعد وقت قصير من وفاتها ، وهذا يعني أنها ليست شاهدًا مُحَاِيدًا .

     في عام 1850 ، كتبت شارلوت : (( كان تصرُّف أُختي طبيعيًّا . الظروف هي التي عزَّزت ميولها إلى العزلة ، لكنها كانت تذهب إلى الكنيسة أحيانًا ، وأحيانًا تمشي على التلال، ونادرًا ما عبرت عتبة المنزل.وعلى الرغم مِن أنها كانت تحمل الخير للآخرين، إلا أنها لَم تكن تختلط معهم)).

     كانت إميلي تبلغ مِن العُمر ثلاث سنوات ، عندما وافى الأجل والدتها المريضة . بينما أُرْسِلَت الأخوات الأكبر سِنًّا ماريا وإليزابيث وشارلوت إلى مدرسة للبنات ، حيث عَانَيْنَ من سوء معاملة وجوع وحرمان ، ظهر ذلك جليًّا في رواية شارلوت " جين إير " .

     التحقت إميلي بالمدرسة بعد فترة قصيرة من ذلك . وبعد أن اجتاج مرض تيفوس المدرسة، أُصِيبت الأختان ماريا وإليزابيث بالمرض ذاته ، حيث أُرْسِلتا إلى البيت ، وتَبَيَّنَ فِعلاً أنهما مُصابتان

بمرض السُّل . ونتيجة لذلك أُبْعِدَت إميلي عن المدرسة خوفًا من انتشار وتفشِّي العدوى .

     تُوُفِّيَت إليزابيث بعد فترة قصيرة مِن وفاة اختها الكبرى شارلوت . وبقيت إميلي وثلاثة من أخواتها في المنزل ، حيث تَلَقَّيْنَ التعليم على يد عَمَّتهنَّ . في أوقات الفراغ ، كانت الأخوات يستمتعنَ بخلق الروايات، واستيحائها مِن عالَم الدُّمى والألعاب التي كُنَّ يَلعبنَ بها ، والتي ظهرت في القصص التي كَتَبْنَها فِيما بعد ، ضِمن السياق السردي والفكري والاجتماعي .

     نُشِرَت رواية " مرتفعات ويذرنغ " لأول مرة ، عام 1847 ، في مجلدين . واعْتُبِرَت فيما بعد من روائع الأدب الإنجليزي الكلاسيكي . ورغم أن الرواية  تلقَّت آراء مختلفة عند صدورها ، إلا أنها غالبًا ما كانت تُدان لوصفها حالة الشغف والحب اللاأخلاقي والانتقام من الحبيب .

     وفي عام 1850 ، نشرت أختها شارلوت الرواية كاملةً ، وباعتبارها مِن مؤلفات إميلي برونتي. والمفارَقة الغريبة في الأمر أن إميلي اختارت أن يموت أبطال الرواية بسبب مرض السُّل ، ونفْس المرض كان سبب موت جميع أفراد أسرة إميلي برونتي ، وهو الذي قضى عليهم .

     تُوُفِّيَت إميلي بإصابتها بمرض السُّل كباقي أفراد العائلة . ويُرجِّح البعض أن مصدر المرض هو الظروف الصحية السيئة في المنزل ، وكذلك مياه الاستخدام المنْزلي الملوَّثة التي تصبُّ فيها المياه القادمة من الفناء الخلفي لمقبرة الكنيسة .

     لقد مرضتْ إميلي في أثناء مراسم دفن أخيها في سبتمبر 1848 ، حيث أخذت صحتها بالتدهور شيئًا فشيئًا، كما رَفضتْ أخذَ العقاقير والوصفات الطبية قائلة" إنها لاتريد سموم الطبيب"، حتى وافاها الأجل المحتوم في التاسع عشر من سبتمبر 1848 ، في الساعة الثانية بعد الظهر . ودُفِنت في كنيسة القديس رئيس الملائكة ميخائيل، حيث يرقد جُثمانها هناك في مدينة هاورث في الغرب من مقاطعة يوركشاير .