18‏/04‏/2021

جورج برنارد شو ومتاهة التناقضات

 

جورج برنارد شو ومتاهة التناقضات

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

........

     وُلد الكاتب المسرحي الأيرلندي جورج برنارد شو ( 1856 _ 1950) في دَبْلِن ، لعائلة بروتستانتية من الطبقة المتوسطة. وعندما بلغ الخامسة عشرة ، ترك المدرسة ليعمل موظفًا .

     كان نباتيًّا لا يأكل اللحم إطلاقًا ، كما أنه لَم يشرب الخمر في حياته، لأن والده كان سِكِّيرًا ، وهذا الأمر شكَّل صدمةً له .

     انتقل إلى لندن حين أصبح في العشرينيات ، وعاش في فقر مُدْقِع . لذلك صارت مكافحة الفقر قيمةً مركزية في كتاباته . كما أنه انخرط في العمل السياسي ، وانضم إلى الجمعية الفابِيَّة ( وهي جمعية تهدف إلى نشر المبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية ) .

     قام برنارد شو بتثقيف نفْسه بنفْسه ، فاستمر بالقراءة ، وأخذ يتردَّد على المتحف البريطاني ، وتَعَلَّمَ اللاتينية والفرنسية ، وقد اعتبرَ أن المدارس سجون ومُعتقَلات ، كما أنه كان مُعادِيًا لحقوق المرأة، ومُنادِيًا بالمساواة في الدَّخْل ، ومُتسامِحًا مع الأديان ، معَ أنه _ فكريًّا _ كان من اللادينيين. والمفارَقة العجيبة هي أن برنارد شو لاديني ، ومعَ هذا كان مَثَلُه الأعلى هو النبيَّ محمدًا صَلَّى الله عليه وسَلَّم ، فقد كان يرى أن حياة الجهاد التي عاشها النبيُّ هي الحياة المثالية التي أراد هو نفْسه أن يعيشها . وبلغ به الإعجاب أن حاولَ كتابة مسرحية " محمد " من أجل نشر تعاليمه الدينية ، والكفاح في سبيل حرية الرَّأي ، والخلاص من التعصب الأعمى واستبداد السُّلطة. وقد قامت الرقابة في البلاط الملكي برفض تمثيل النبيِّ محمد على خشبة المسرح، خَوْفًا من ردود الأفعال ، وحِرْصًا على رضا السفير التركي لدى بريطانيا في ذلك الوقت .

     ولَم يقف التناقض في حياة برنارد شو عند أفكاره الدينية ، بل شَمِلَ أيضًا أفكاره السياسية ، فقد تَحَدَّث في كثير من الأحيان بشكل إيجابي عن الدكتاتوريات من اليمين واليسار ، وأعربَ عن إعجابه بموسوليني وستالين على حَدٍّ سَواء ، رغم ما بينهما من عداوة وتناقض أيديولوجي صارخ .

     يُعتبَر برنارد شو أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالَم ، وهو الكاتب الوحيد في التاريخ الذي حازَ على جائزة نوبل للآداب ( 1925)، وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو ( عن سيناريو بِجماليون في عام 1938 ) .

     وقد فجَّر برنارد شو مفاجأة من العيار الثقيل، حين رفض جائزة نوبل حِينَ أُعلِن فَوزه به، ولكنه قَبِلَها بعد ضغوطات كثيرة ، وقال : (( إن وطني أيرلندا سيقبل هذه الجائزة بسرور, ولكنني لا أستطيع قَبول قيمتها المادية. إن هذا طَوق نجاة يُلقَى به إلى رَجل وصل فِعلاً إلى بَر الأمان , ولَم يَعُدْ عليه مِن خطر )) . وقد تبرَّع بقيمة الجائزة لإنشاء مؤسسة تُشَجِّع نشر أعمال كبار مؤلفي بلاد الشمال باللغة الانجليزية .

     ظل برنارد شو يكتب المسرحيات لمدة نصف قرن . ومنهجه في الكتابة المسرحية هو اعتماد الواقعية الجديدة في الدراما ، وذلك باستخدام الأفكار الأدبية لنشر المبادئ السياسية والاجتماعية والدينية . وتجاوز عدد مسرحياته الطويلة والمتوسطة 50 مسرحية ، وتم إخراج عدد كبير من هذه المسرحيات أثناء حياته في أهم العواصم العالمية. وقد تُرجمت أعماله الكاملة إلى اللغة العربية ، وصَدرت على شكل أجزاء ، كما صدرت كل مسرحية على حِدَة .

     مِن أشهر مسرحياته : المال ليس له رائحة ( 1892 ) . البطل والجندي ( 1894 ) . تلميذ الشيطان ( 1896 ) . رَجل وسوبرمان ( 1903 ) . بِجماليون ( 1912) . بيت القلوب المحطَّمة ( 1919) . سَلَّة التفاح ( 1929 ). الملياردير ( 1934 )