18‏/05‏/2021

جون غلزورثي وقيود المجتمع

 

جون غلزورثي وقيود المجتمع

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

..............

     وُلد الأديب البريطاني جون غلزورثي ( 1867_ 1933) في عائلة ثرية ، ودرس القانون في جامعة أكسفورد . وبعد تخرجه في عام 1890، رفض العمل في مهنة المحاماة أو سِلْك القضاء ، وأدار ظَهْرَه لشهادته الجامعية .

     بدأ غلزورثي حياته الجديدة بعيدًا عن تخصصه الجامعي ، وقرَّر أن يُصبِح رَجُلَ أعمالٍ ، فسافرَ إلى الخارج من أجل عقد الصفقات التجارية، وتوسيع الأنشطة المالية لعائلته الأرستقراطية . وخلال هذه الرحلات التقى بالكاتب جوزيف كونراد ، وكان هذا اللقاء المصيري نقطة التَّحول الحاسمة في حياة غلزورثي . لقد صارا رفيقين في السَّفَر ، جَمعهما حُبُّ الرحلات البحرية ، وعشق الأدب . وفي الواقع ، إنَّ الصداقة بينه وبين كونراد هي التي قادته إلى عالَم الكتابة .

     في عام 1895، بدأ علاقة غرامية سِرِّية مع زوجة ابنة عَمِّه ، وكانت هذه العلاقة سببًا أساسيًّا في طلاقها من زوجها . وقد تزوَّجها غلزورثي في عام 1905، وبقيا معًا حتى وفاته .

     نشر عددًا قليلاً من القصص القصيرة تحت اسم مستعار ، ثم تحوَّل إلى الكتابة المسرحية . وكانت مسرحيته " صندوق الفضة " ( 1906 ) أول مسرحية ناجحة له . لمع اسمُه بين أوساط القُرَّاء ، وصارَ النُّقاد يُتابعونه باهتمام شديد . ثُمَّ تَحَوَّل إلى كتابة الروايات . وقد لَقِيَت كتاباته حفاوةً بالغة ، وصارَ موضع تقدير ، وتَمَّ تكريسه كاتبًا موهوبًا جنبًا إلى جنب مع أبرز الكُتَّاب في تلك الفترة مِثْل جورج برنارد شو .

     إن المبادئ الأساسية في كتابات غلزورثي المسرحية والروائية تَتَمَحْوَر حول الأسرة ومشكلاتها الروحية وأزماتها الاجتماعية في المجتمع المادي القاسي ، وكيفية التعامل مع الطبقة المتوسطة على وجه الخصوص . وفي كتاباته يُظْهِر تعاطفًا واضحًا معَ شخصياته ، ويُسلِّط الضَّوءَ على مواقفهم الانعزالية ، ويكشف حالاتِ الغرور الإنساني ، ويُوضِّح القواعدَ الأخلاقية التي تحيط بالإنسان والمجتمع . كما أنه نشر في كتاباته المبادئَ السياسية والاجتماعية مِثْل : إصلاح السُّجون ، وحقوق المرأة ، ومعارضة الرقابة ، والرفق بالحيوان . وانتقد قسوةَ النظام الطبقي الإقطاعي في إنجلترا .

     وقد تحدَّى غلزورثي الْمُثُل العُليا للمجتمع، وقام بتصوير المشكلات الأُسرية في أعماله الأدبية. فقد صَوَّرَ المرأةَ في الزواج غير السعيد ، وبيَّن مشاعرها مع زوجٍ تَكرهه . وهذا الأمر كان من المحظورات الاجتماعية في العصر الفكتوري ( نِسبة إلى الملكة فكتوريا ) . إذ إن المجتمع في ذلك العصر كان مَحكومًا بقوانين اجتماعية صارمة ، ولَم يكن أحد يَجرؤ على كسر العادات والتقاليد.وقد أرادَ الكاتب تَسليطَ الضوء على وضع المرأة في المجتمع ، وبيان حقوقها المسلوبة، وأحلامها الضائعة ، وخضوعها لِسُلطة الأمر الواقع .

     انْتُخِبَ كأوَّل رئيس لنادي القلم الدولي في عام 1921، وحصل على وسام الاستحقاق في عام 1929بعد أن رفض لقب فارس ، وحصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1932 . وكان مريضًا جدًّا، فلم يتمكن من حضور حفل تسليم الجائزة. وتُوُفِّيَ بعد ستة أسابيع بالسكتة الدماغية. وقد أُحرقت جُثته وَفْقَ وصيته، وأقامت الحكومة البريطانية نُصْبًا تذكريًّا له .

     مِن أبرز أعماله الأدبية :الإخوة( 1909). ثوب المهرِّج ( 1910). زهرة الظلام( 1913). شجرة التفاح ( 1916) . الهروب ( 1926) .