16‏/07‏/2021

ستيفان زفايغ والعناق الأخير

 

ستيفان زفايغ والعناق الأخير

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

..................


     وُلِد الأديب النمساوي ستيفان زفايغ ( 1881 _ 1942 ) في فيينا ( عاصمة الإمبراطورية النمساوية المجرية ) لعائلة يهودية غنية معروفة بصناعة الغزل والنسيج. وماتَ مُنتحرًا في بتروبوليس في البرازيل .

     درسَ الفلسفة في جامعة فيينا ، وفي عام 1904 حصل على درجة الدكتوراة . ولَم يكن للدين دور مركزي في تعليمه . وقد وصف نفسه بأنه كان " يهوديًّا بالصُّدفة " . ومع هذا ، لَم يتخلَّ عن دينه اليهودي ، وكتب مِرارًا وتَكْرارًا عن مواضيع ذات طابع يهودي . وكانت له علاقة صداقة قوية مع هرتزل ( مؤسس الصهيونية ) .

     في ذِروة مسيرته الأدبية ( 1920_ 1930) ، كان يُعتبَر مِن أبرز كُتَّاب أوروبا ، وواحدًا مِن أكثر الكُتَّاب شعبية في العالَم . وعُرِف بمقاومة النازية ، والوقوف ضِدها .

     وقد اشْتُهِر بدراساته العميقة التي تتناول حياة المشاهير من الأدباء أمثال : تولستوي ، ودوستويفسكي ، وبَلزاك ، ورومان رولان ، فيتناول الشخصية بحيادية ، ويكشف حقيقتها كما هي دون رُتوش . وفي الوقت نفْسه يُميط اللثام عن حقائق مجهولة أو معروفة على نطاق ضَيِّق ، في حياة هؤلاء المشاهير الذين ذاع صيتهم .

     كتبَ زفايغ العديد من المسرحيات والروايات والمقالات . وصدر له عمله الذي تناول فيه سيرته الذاتية " عالَم الأمس " بعد انتحاره.

     حصل على الجنسية البريطانية بعد تَوَلِّي النازيين للسُّلطة في ألمانيا . وعاشَ مُتنقلاً في أمريكا الجنوبية مُنذ عام 1940 .

     قرَّر زفايغ التخلص من الحياة ، وهو يشهد انهيار السِّلم العالمي، وويلات الحرب العالمية الثانية، فشعر بخيبة شديدة ، وتوترت أعصابه المرهَفة ، فأقدمَ على فِعلته دون وَجَل ، ولَم ينسَ أن يشكر حكومة البرازيل حيث انتحر ، على حُسن الضيافة والرعاية ، عِلْمًا أن الراحل كان قد حصل على الجنسية البريطانية قبل انتحاره بمدة وجيزة .

     في يوم 21 فبراير عام 1942 ، جلسَ في بيته الفخم ، يُودِّع معارفه بريديًّا ، ويشرح لهم أسباب انتحاره، وكتب يَوْمذاك 192 رسالة وداع بما في ذلك رسالة إلى زوجته الأولى ، وبعد ذلك دخل زفايغ وزوجته الثانية إلى غرفة النوم ، وابتلعا في لحظة واحدة العشرات من الأقراص المنوِّمة ، وتعانقا بحنان وطال العِناق . وفي اليوم التالي اقتحم خدم المنزل غرفة النوم ، لتأخرهما بالاستيقاظ المعتاد ، ليجدوا الأديب وزوجته قد فارقا الحياة في عناق أبدي ، ودون إثارة ضجة ، ولَم ينسَ الأديب أن يُعطيَ كلبه المدلَّل جُرعة كبيرة من المنوِّمات،فنام بدوره أمام باب غرفة النوم.

     وهذا النوع من الانتحار يُسمَّى " الانتحار الثنائي " ، وهو الرغبة في الموت مع شخص آخر ، تربطه به عواطف ساخنة ووشائج متينة . وقد كان زفايغ مُتَسَرِّعًا في اتخاذه لقرار إنهاء حياته ، نتيجة حساسيته المفرطة وسلبيته ، ولو انتظر عِدَّة سنوات ، لشهد بنفسه عودة السِّلم العالمي ، واندحار النازية والفاشية مَعًا .

     وقد تحوَّلَ منزله في البرازيل في وقت لاحق ، إلى مركز ثقافي ، ويُعرَف الآن باسمه .

     مِن أبرز أعماله: ليلة رائعة ( 1922 ) . رسالة من امرأة مجهولة ( 1922 ). سقوط القلب ( 1927 ) . أربع وعشرون ساعة في حياة امرأة ( 1927 ) . الشمعدان المدفون ( 1936) .