25‏/07‏/2021

سنكلير لويس وإدمان الكحول

 

سنكلير لويس وإدمان الكحول

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

...................

     وُلد الروائي الأمريكي سنكلير لويس ( 1885_ 1951 ) في ولاية مينسوتا . وفي سِن الحادية والعشرين عاشَ فترةً قصيرةً في هيليكن هول ، وهو مركز مجموعة اشتراكية في ولاية نيوجيرسي . وفي عام 1908 تخرَّج من جامعة ييل ، ثُمَّ عمل صحفيًّا . وفي عام 1914 نشر أُولَى رواياته " صاحبنا السيد رن " ، والتي تُمثِّل سَردًا ساخرًا بشكل لطيف عن موظف من نيويورك يذهب في رحلة إلى أوروبا ، ويقوم بمغامرات رومانسية ساذجة .

     انتقلَ لويس إلى العاصمة واشنطن، وكرَّس نَفْسَه للكتابة. وقد كتب أربع روايات ، لكنَّه لَم يُحقِّق نجاحًا كبيرًا . وفي عام 1916 ، بدأ التَّحضير لروايته الجديدة " الشارع الرئيسي " التي تَتحدَّث عن الحياة الواقعية في بلدة صغيرة . وقد أكملها في منتصف عام 1920 ، ونشرها في نفس العام ، ولاقت نجاحًا كبيرًا ، وأثارت تعاطفًا هائلاً مَعَ أفكارها ، وحقَّقت له شُهرةً سريعة .

     أحدثت الروايةُ ضجةً هائلة في المجتمع الأمريكي، وكان صدورها حَدَثًا مثيرًا في التاريخ الثقافي الأمريكي. وكانت التوقعات الأكثر تفاؤلاً أن تَبيع الرواية 25 ألف نسخة في الأشهر الستة الأُولَى ، لكنها باعت 180 ألف نسخة . وفي غضون بِضْع سنوات ، قُدِّرت المبيعات بمليونَي نُسخة . وصار الكاتب من الأغنياء .

     وَجَّهت الروايةُ نقدًا قويًّا لبلادة الذهن ونقص الثقافة في بلدة أمريكية صغيرة ، كما أنَّها سَخِرَت من ضيق التفكير والرضا عن الذات لدى سُكَّانها . وقد كُتبت الرواية بعناية فائقة ، وتَعرَّضت لأدق التفاصيل ، وأظهرت معاناة بطلة الرواية وجهودها الضائعة من أجل تحسين مدينتها، وإيقاظها مِن سُباتها العميق . والكاتبُ يُركِّز على مبدأ غياب الأمل في التغيير ، واستحالة تحقيق نهضة أخلاقية في مجتمع مادي استهلاكي .

     واصلَ لويس سلسلة نجاحاته الأدبية ، فأصدرَ في عام 1925 رواية " أروسميث " ، التي تصف خيبة أمل طبيب شاب مثالي في صراعه مع الفساد والحسد وحب الذات والأذى . فازت الرواية بجائزة بوليتزر للعام 1926 . وقد رفضها لويس لاعتقاده أنه كان من الواجب أن يَحصل على الجائزة قبل ذلك .

     وفي روايته " إلمر جَنْتري " ( 1927) يسخر لويس من النفاق الديني والتزمت في بلاد الغرب الأوسط .

     وكانت روايته دورسورث ( 1929) آخر أعماله الجيدة على المستوى الفني . وهي تتحدث عن التناقضات بين الحياة الأمريكية والحياة الأوروبية، وتصف مصاعب زواج رَجل أعمال أمريكي مشهور خلال جولته الأوروبية .

     وفي عام 1928 تزوج لويس من دوروثي طومسون (1894 – 1961 ) وهي مراسلة أجنبية شهيرة ، وكاتبة عمود صحفي . وانتهى زواجهما بالطلاق عام 1942 .

     حقَّق لويس شُهرةً عالمية بسبب رواياته ، التي هاجم فيها أشكال الضعف في المجتمع الأمريكي، وكشف عوالم الرياء والنفاق . وهذا أهَّله للفوز بجائزة نوبل للآداب عام 1930 ، ليكون أول أمريكي يفوز بهذه الجائزة .

     وقد مُنحت له الجائزة لقدرته الفائقة على رسم الشخصيات، ووصف الأحداث بدقة وعُمق ، مع الطرافة والفُكاهة ، واستخدام أساليب لغوية جديدة . كما يمتاز الكاتب بنقده للرأسمالية الأمريكية المادية في الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين . وقد تَمَّ تكريمه بعد فوزه بالجائزة ، وذلك بوضع اسمه على طابع بريد تذكاري ضمن سلسلة الأمريكيين العظماء .

     والمضحك المبكي أنَّ الكاتب لَم يُعْثَرْ عَلَيه خلال مراسم جائزة نوبل، ليتسلَّم جائزته من يد ملك السويد، ووُجد نائمًا في دَورة المياه التابعة لدار ( الكونسرتو ) ، وهو في أسوأ حالات السُّكر ، وقد أُغلِق عَلَيه باب المرحاض ! .

     بعد فَوزه بجائزة نوبل . كتب لويس أكثر من عشر روايات ، لكنَّ مستواها الفني ضعيف . فهي روايات تُصوِّر الواقعَ بصورة ضحلة وساذجة.يعتبره النقادُ في وقتنا الحالي فنَّانًا دقيق الملاحظة، يمتاز بأسلوب وصفي بارع ، لكنَّه ليس مُبْدِعًا حقيقيًّا لافتقاره إلى الأسلوب الأدبي الرفيع .

     إنَّ المشكلة الرئيسية في حياة لويس هي إدمانه على الكحول . وقد نصحه الأطباء بالتوقف عن الشُّرب إذا كان يُريد أن يَعيش. لكنَّه لَم يتوقف. وتُوُفِّيَ في رُوما من إدمان الكحول في عام 1951 . وتَمَّ حرق جُثته ، ودُفن رُفاته في مسقط رأسه .

     مِن أبرز رواياته: صاحبنا السيد رن ( 1914 ) . الهواء مجاني ( 1919) . الشارع الرئيسي ( 1920) . بابيت ( 1922) . أروسميث ( 1925) . إلمر جَنْتري ( 1927) . دورسورث ( 1929) .