19‏/08‏/2021

غابرييل غارسيا ماركيز والواقعية السحرية

 

غابرييل غارسيا ماركيز والواقعية السحرية

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

...................

     وُلد الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز (1927_ 2014) في أراكاتاكا في كولومبيا. قضى معظم حياته في المكسيك وأوروبا . يُعتبَر من أشهر كُتَّاب الواقعية السِّحرية ، وتُعتبَر روايته  ( مئة عام من العُزلة ) العمل الأكثر تمثيلاً لهذا النوع الأدبي .

     حصل ماركيز على جائزة نوبل للآداب عام 1982تقديرًا للقصص القصيرة والروايات التي كتبها ، والتي تجمع بين الخيال والواقع في عالَم يَعكس حياة وصراعات قارة أمريكا اللاتينية .

     اجتازَ ماركيز المرحلة الأولى من الدراسة الثانوية في المدرسة اليسوعية سان خوسيه . ومُنذُ عام 1940، نشر قصائدَه الأُولى في المجلة المدرسية . وأكملَ دراسته في بوغاتا بفضل المنحة التي حصل عليها من الحكومة . واستقرَّ مِن جديد في المدرسة الثانوية في بلدية ثيباكيرا ، على بعد ساعة من العاصمة ، حيث اختتمَ دراسته الثانوية .

     بعد تخرجه عام 1947، انتقلَ إلى بوغاتا لدراسة القانون بجامعة كولومبيا الوطنية . قرأ رواية  ( المسخ ) لفرانز كافكا ، وألهمتهُ كثيرًا . وعلى الرغم من شغفه بالكتابة ، إلا أنه استمرَّ في دراسة القانون عام 1948 إرضاءً لوالده . وانتقلَ ماركيز إلى جامعة قرطاجنة ، وبدأ العمل كمراسل لصحيفة اليونيفرسال . وفي عام 1950، تركَ مجالَ المحاماة لِيَتفرَّغ للصحافة .

     بدأت شهرة ماركيز العالمية عند نشره لروايته ( مئة عام من العزلة ) في عام 1967. وفي أسبوع واحد، بِيعت ثمانية آلاف نسخة، وُصولاً إلى بيع نصف مليون نسخة خلال ثلاث سنوات. كما تَمَّت ترجمتها إلى أكثر من عشرين لغة ، وحازت أربع جوائز دولية . وإضافة إلى شُهرته الواسعة التي اكتسبها من مؤلفاته ، فإن وجهة نظره تجاه الإمبريالية الأمريكية أدَّت إلى اعتباره شخصًا مُخَرِّبًا . ولسنوات عِدَّة ، تَمَّ رفض إعطائه تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة مِن قِبَل سُلطات الهجرة . ولكن بعد انتخاب بيل كلينتون رئيسًا للولايات المتحدة، تَمَّ رفع الحظر المفروض عليه، وأكَّد كلينتون أن (مئة عام من العزلة ) هي روايته المفضَّلة.

     يُلاحَظ في أعمال ماركيز ولعه الشديد بعرض الهوية الثقافية الأمريكية اللاتينية ، وخصوصًا ملامح عالَم منطقة الكاريبي ، ومحاولته تفكيك القواعد الاجتماعية الراسخة في هذا الجزء من العالَم . وقد اهتمَّ أيضًا بالعُزلة والوَحدة والغموض المتعمَّد والمشاعر الإنسانية المتضارَبة ، وهذا يعود إلى التأثر الشديد بالروائي الأمريكي وليام فوكنر ، الذي اعتبره ماركيز أستاذًا له .

     ارتبطَ اسم ماركيز بالواقعية السِّحرية ، حيث يُعَدُّ الشخصية البارزة والمحورية لهذا النوع الأدبي ، الذي يقوم على وصف العناصر المليئة بالأحداث الفانتازية والأساطير، جَنبًا إلى جَنب مع الأنشطة اليومية والروتينية . ويَعتبر ماركيز أن الخيال ما هو إلا أداة لتوظيف الواقع ، وأن أيَّ عمل روائي ما هو إلا تمثيل مُشفَّر للواقع . نالت أعمالَه العديدُ من الدراسات النقدية، بعضها على نطاق واسع وذات مغزى ، حيث كان يتمُّ تناول الموضوع والمحتوى السياسي والتاريخي . وركَّزت بعض الدراسات الأخرى على المحتوى الأسطوري، وسمات الشخصيات، والبيئة الاجتماعية، والبُنية الأسطورية ، والإسقاطات الرمزية.أشادَ العديد من الباحثين بأسلوب ماركيز وإبداعه الخاص. وعلى سبيل المثال ، قام الشاعر التشيلي بابلو نيرودا الحائز على جائزة نوبل للآداب، بتناول عمله ( مئة عام من العُزلة )، واصفًا إيَّاه بأنه (( أعظم إنجاز في تاريخ اللغة الإسبانية مُنذ كتابة ثيربانتس لروايته " دُون كيشوت " في بدايات القرن السابع عشر )) .

     وفي نفس الوقت ، انتقدَ بعضُ النُّقاد ماركيز لافتقاره إلى الخبرة الكافية في الساحة الأدبية ، وأنه فقط يكتب عن تجاربه الشخصية والخيال . لذلكَ ، قرَّروا أن أعماله ليست لها قيمة .

     وعلى الرغم من هذا ، فلا يمكن لأيِّ شخص أن يُنكر الدَّور الذي لعبه ماركيز في تجديد وإعادة الصياغة والسياق ، في الأدب والنقد في كولومبيا بوجه خاص ، وفي القارة الأمريكية اللاتينية بوجه عام .

     وتلعب السياسة دورًا هامًّا في أعمال ماركيز ، حيث يستخدم العديد من النماذج المجتمعية ، ذات الطابع السياسي من مختلف الدول ، لإبراز وجهة نظره ومُعتقداته . كما ظهرت الدكتاتورية في بعض أعماله كنوع من تمثيل النظام السياسي .

     مِن أبرز أعماله الصحفية: نصوص ساحلية ( 1981) . من أوروبا وأمريكا ( 1983) . مَجَّانًا ( 1984). ملاحظات صحفية ( 1991) .

     سيناريوهات الأفلام السينمائية : الاختطاف ( 1982) . إيرينديرا البريئة ( 1983) .

     سِيرته الذاتية : عِشْتُ لأروي ( 2002) .

     مِن أبرز رواياته: ليس للكولونيل مَن يُكاتبه ( 1961) . في ساعة نحس ( 1962) . مئة عام من العُزلة   ( 1967) . خريف البَطْرِيَرْك ( 1975) . الحب في زمن الكوليرا ( 1985) .