19‏/10‏/2021

كارلو جولدوني والملهاة الإيطالية الحديثة

 

كارلو جولدوني والملهاة الإيطالية الحديثة

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     وُلد الكاتب المسرحي الإيطالي كارلو جولدوني ( 1707 _ 1793 ) في مدينة البندقية ، وتُوُفِّيَ في باريس . يُعتبَر مُؤسِّس الملهاة الإيطالية الحديثة ، ومِن آباء الكوميديا الحديثة . ويضعه نُقَّاد اليوم بين نخبة كُتَّاب المسرح الأوروبي .

     كان والده طبيبًا. تلقى جولدوني تعليمه الابتدائي في المدرسة اليسوعية في بيروجا ، وتابعه في المدرسة الدومينيكانية الوعظية في ريميني . وبسبب جفاف أجوائها هرب منها جولدوني مع فرقة مسرحية جوَّالة ، فنقله والده إلى بافيا ، حيث درس الحقوق مدة ثلاث سنوات في جامعتها ، وطُرِد بسبب كتابته مسرحية هزلية تَعَرَّضَ فيها لنساء عائلات معروفة في المدينة .

     تابع دراسة الحقوق في جامعة مدينة مودينا ، وحصل على الدكتوراة عام 1731 من جامعة بادوفا ، وبدأ العمل عام 1732 في قصر العدالة في مسقط رأسه، لكنه هرب من الدائنين ومن زواج غير مرغوب فيه ، وَفَرَّ مُعْدَمًا إلى ميلانو، حيث عمل وصيفًا لسفير جمهورية فينيسيا، ثم أمين سِرِّه في كريما ، حيث أقاما نتيجة العمليات العسكرية الفرنسية ضد النمسا . وحينما اختلفا في الرأي غادر جولدوني إلى فيرونا ، ليلتقيَ بفرقة سان صموئيل المسرحية الفينيسية ، التي أرجعته معها إلى موطنه ليتعاقد مع صاحبها غريماني على أن يصير مؤلف الفرقة .

     وفي عام 1734 ، عرضت الفرقة مأساته التاريخية " بِليساريو " التي حقق بها الخطوة الأولى على طريق حُلمه في إصلاح المسرح، إذ تخلى في نصِّه هذا عن عناصر الأقنعة والموسيقى والأغاني، معتمدًا على عوالم الشخصيات الداخلية وقوة حواراتها . وعندما لاقى العرض نجاحًا مُدَوِّيًا تشجَّعَ جولدوني على المضي قدمًا في مشروعه .

     خلال الفترة ( 1741 _ 1743 ) شغل جولدوني منصب قنصل جمهورية جنوا في فينيسيا من دون أن يتخلى عن علاقته بالمسرح والكتابة له ، ولا سِيَّما في جِنس الملهاة ، مُحاولاً ابتكار البديل الأدبي المقنع والناجح لعروض الملهاة المرتَجَلة التي تسرَّب الجمود إلى مفاصلها فأنهكها، ولا سِيَّما أنها كانت تستند دائمًا إلى سيناريو " حكاية " وليس إلى نص أدبي .

     كتب عام 1743 " المرأة اللطيفة " ، و" خادم سَيِّدَيْن " ( 1746 ) ، و " الأرملة الماكرة" ( 1748 )، و " الفتاة الشريفة " ( 1749 ) ، و" الزوجة الصالحة " ( 1749 )، و"أسرة جامع الأنتيكات " ( 1750 ) .

     عمل جولدوني خلال الفترة ( 1745 _ 1748 ) محاميًا في بيزا ، هربًا من دائني أخيه الأصغر ، ثم عاد إلى فينيسيا ، وبقي فيها حتى عام 1762 .

     ظهر الجزء الأول من نصوصه الكوميدية عام 1748 ، فشكَّل محطة جديدة على طريق العودة إلى النص المسرحي المدوَّن ، عوضًا عن السيناريو الموجَز المعتَمَد في العروض المرتَجَلة .

     أدَّت غزارة الإنتاج في الموسم الواحد إلى ضَعْف مستوى مسرحياته الفني والأدبي، ولَم يستطع جولدوني متابعة برنامجه الإصلاحي إلا في قِلَّة من نصوصه ، إذ صار يستلهم موضوعات تاريخية أجنبية ليبتكر بحرفيته العالية نصوصًا تجمع بين التراجيديا والكوميديا ، وتُلبِّي تطلعات الجمهور وأصحاب المسرح .

     تُعتبَر " صخب في كيوتجا"(1761) إحدى أهم مسرحيات جولدوني الدرامية الكوميدية، لِمَا فيها من حذق وطرافة وإنسانية في رسم الشخصيات وعلاقاتها على الصعيد النفسي والاجتماعي والاقتصادي ، فصارت من أفضل المسرحيات العالمية التي تُقدَّم في مواسم المسرح العالمية .

     في عام 1787 ، نُشِرت مذكراته الكاملة بالفرنسية، ثم صدرت أعماله الكاملة بالإيطالية في أربعة وأربعين جزءًا ( 1788 _ 1795 ) .

     حاول جولدوني أن يُعيد النظام إلى المسرح الإيطالي ، إذ وجد أحوال المسرح تُعرقِل كل تطور منشود . أمَّا أعمال جولدوني فهي العديد من المسرحيات التي تتخذ فن الكوميديا إطارًا لها، وسعى من خلالها إلى إلغاء الأقنعة ، ومهاجمة كل الرذائل التي يعاني منها المجتمع .