26‏/10‏/2021

كلود سيمون والرواية الجديدة

 

كلود سيمون والرواية الجديدة

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     وُلِدَ الأديب الفرنسي كلود سيمون ( 1913_ 2005) في أنتاناناريفو ( عاصمة مدغشقر ) لأب عسكري . وتُوُفِّيَ في باريس . كان يهتمُّ كذلك بالرسم والتصوير الفوتوغرافي . حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1985.

     يُعتبَر كلود سيمون من أبرز من أبرز كتاب الرواية الجديدة الفرنسية . تُوُفِّيَت والدته وهو في العاشرة مِنَ العُمر . وفي العام التالي فَقَدَ والدَه على جبهة القتال ، فَرَبَّته جَدَّته في منطقة بيربينيان جنوب فرنسا ، ويُعتبَر الى جانب كُتَّاب آخرين أمثال : ألان روب وناتالي ساروت ، مِن مُؤسِّسي جماعة أدبية عُرفت باسم الرواية الجديدة .

     في عام 1936، انضمَّ إلى الجمهوريين في إسبانيا . وانتسبَ إلى فِرقة الخيَّالة عام 1939 ، ووقع في الأسر خلال الحرب العالمية الثانية . وفي عام 1940تَمَكَّن مِن الفرار مِن مُعتقَل في ألمانيا، وعندما وصل إلى فرنسا الحرة تَحَوَّل إلى زراعة الكروم .

     صَدرت روايته الأولى " المخادع " بعد الحرب عام 1941 .تلتها ثلاث روايات أخرى قبل أن يُصبح معروفًا خارج فرنسا مَعَ " طريق الفلاندر "( 1960)، ويُصيب الشُّهرة مع رواية " تاريخ "   ( 1967) ، حيث يتداخل الواقع مَعَ الذاكرة والْحُلْم . وتُشكِّل الروايتان الأخيرتان مع رواية " القصر " الصادرة عام 1962 ، والتي تدور وقائعها على خلفية الحرب الأهلية الاسبانية ثلاثيةً بناها الكاتب على ذِكرياته .

     وفي عام 1985 ، مُنح كلود سيمون جائزة نوبل للآداب . يَعترف سيمون بأن كتاباته الأولى لَم تكن بالجودة المطلوبة . لكنَّ إحدى مخطوطاته وصلت أواسط الخمسينيات إلى ألان روب الذي كان قد نشر روايتين انقسم حولهما النقاد الفرنسيون . وكان ألان روب مُستشارًا أدبِيًّا لدى منشورات ( مينوي ) . وهكذا بَدأت أعمال كلود سيمون ترى النُّورَ ، لدى دار النشر هذه التي ظَلَّ وَفِيًّا لها طوال حياته .

     نالَ سيمون جائزة صحيفة " الإكسبرس " عام 1960 ، عن روايته " طريق الفلاندر " ، ثُمَّ جائزة مديتشي عام 1967 عن كتابه " حكاية " . ومع حُلول السبعينيات، لَم تَعُد جماعة الرواية الجديدة تستثير النُّقادَ بكتاباتها المثيرة المستفزة ، وتَفَرَّقَ شَمْلُها ، لكن كلود سيمون وألان روب وناتالي ساروت واصلوا نشر روايات خارجة عن المألوف .

     ورغم توقُّف الجماعة عمليًّا ، إلا أن العشرات من الدراسات جَرَت حولها ، والكثير مِن الأُطروحات الجامعية ، داخل فرنسا وخارجها. وكان سيمون في مركز تلك الدراسات.

     وفي عام 1985 بعد أن نشر كتابه " الجيورجيون "، حاز سيمون على جائزة نوبل للآداب عن مُجمَل أعماله. وقد أثار إعلان الجائزة استغراب طائفة واسعة من مواطنيه الذين لَم يكونوا قَد سَمعوا باسمه . بَل سَارَعَ صحفيون فرنسيون إلى طلب معلومات عنه مِن زملاء لهم في الولايات المتحدة ، كَي يكتبوا عن الروائي الفرنسي الذي نال هذه الجائزة المرموقة .

     يُعتبَر سيمون أحد كبار كُتَّاب الذاكرة ، حيث اعتمدت أعمالُه الروائية على المزج بين ما هو سردي وما هو تاريخي ، ونجدها تجمع بين العذوبة والفوضى ورَونق ذكريات الماضي .

     حِينَ سُئل سيمون عن مصطلح ( الرواية الجديدة ) والذي حسبه النقاد عليه ، لَم يكن مُتَحَمِّسًا لِتَبَنِّي هذا المصطلح ، وقال إِنَّ ما أنجزه مِن إبداع روائي ، إنما كان ترجمةً حرفية لرؤية مُغايِرة للواقع ، ولتداعيات الحدث اليومي . ولَم يكن مُهْتَمًّا بنمط مُعيَّن للكتابة الروائية ، بَل هو التطلع لإنتاج نص فيه مِن ثراء الخصوصية الفنية ، ما ينتمي إليه دُون سِواه .

     والمُتمعِّن في كتابات سيمون الروائية ، يجد أن الحدث يَتَّسع ، ويتشابك ضِمن وَحدة درامية متكاملة .

     والجديرُ بالذِّكر أن سيمون كانَ مِن الْمُغرَمين جِدًّا بالرسم ، بَل إِن هَواه الأول في الفن كان مُتَّجِهًا إلى الرسم ، وظلَّ يُمارس طوال حياته هواية التصوير الفوتوغرافي وفن الكولاج ، ولا تخلو نصوص رواياته من كلام على رُسومات كبار الرَّسامين .

     مِن أبرز رواياته : الغش ( 1946) . طقوس الربيع ( 1954) . القصر ( 1962) . درس الأشياء ( 1975) . الدعوة ( 1987) . حديقة النباتات ( 1997) .