17‏/12‏/2021

ميخائيل ليرمنتوف " وبطل زماننا "

 

ميخائيل ليرمنتوف " وبطل زماننا

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.................

     وُلد الشاعر الروسي ميخائيل ليرمنتوف ( 1814 _ 1841 ) في موسكو لعائلة من طبقة النبلاء. تُوُفِّيَت والدته في عام 1817، فاحتضنته جدته في ضَيعة تارخاني في مقاطعة بينزا .

     حصل ليرمنتوف على تعليم رائع ، حيث سافر إلى موسكو في عام 1827، ليلتحق بمدرسة داخلية للنبلاء تابعة لجامعة موسكو. وفي تلك الفترة بالذات بدأ ليرمنتوف بكتابة الأشعار، وباشر بكتابة قصيدة " الشيطان " في عام 1829 . وفي عام 1831 ، تُوُفِّيَ والده عن 44 عامًا فقط .

     درس ليرمنتوف في جامعة موسكو خلال الفترة ( 1830 _ 1832 )، ولكنه ارتحل إلى بطرسبورغ بعد أن فشل في العثور على ما يُلبِّي به متطلباته. أمَّا في بطرسبورغ فقد التحق بالمدرسة العسكرية ليتخرج منها في عام 1834 ، وينتسب إلى صفوف الحرس الإمبراطوري . وفي الوقت الذي خدم فيه ليرمنتوف ضابطًا في " القرية القيصرية " لَم ينقطع عن القراءة وكتابة القصائد .

     كتب ليرمنتوف وهو متأثر بمصرع شاعر روسيا الكبير بوشكين في مبارزة غامضة في عام 1837 قصيدة " موت شاعر " التي حفظها وردَّدها المعاصرون .

     أدى احتجاج ليرمنتوف على مقتل بوشكين في شهر فبراير 1837 ، إلى إثارة غضب السُّلطات التي قرَّرت اعتقاله ونَفْيه إلى منطقة القوقاز ، بعد إجراء تحقيق معه عقابًا على قصيدته التي تداولها الناس في جميع أنحاء روسيا .

     وفي منفاه البعيد مارس ليرمنتوف إلى جانب كتابة الأشعار الرسم بالألوان المائية والزيتية ، وأبدع الكثير من اللوحات الجميلة المعبِّرة .

     تمكَّنَ ليرمنتوف من العودة إلى مدينة بطرسبورغ بفضل مساعي جدته وشفاعة الشاعر فاسيلي جوكوفسكي. وفي بطرسبورغ انضمَّ ليرمنتوف إلى حلقة أرستقراطية من الشباب العسكريين ، وتقرَّبَ من أعضاء هيئة تحرير مجلة " المذكرات الوطنية " .

     وفي عام 1840 ، استطاع مناهضو ليرمنتوف أن يدفعوه إلى المشاركة في مبارزة مع ابن السفير الفرنسي من تدبيرهم ، فقرَّرت السُّلطات نفيه مرة أخرى إلى القوقاز . ورفض القيصر نيقولاي الأول تكريم ليرمنتوف على الرغم من الشجاعة الفائقة التي أبداها في ساحة القتال . وبعد عودته من الإجازة توقف ليرمنتوف في بياتيغورسك للعلاج. وفي هذه المنطقة تشاجر الشاعر مع زميله في الدراسة مارتينوف ، وقتل في مُبارزة معه في أواخر يوليو 1841 .

     ورغم الفترة القصيرة التي قضاها ليرمنتوف في عمله الأدبي والتي لَم تتجاوز 13 سنة ، والحياة الصاخبة التي عاشها في منطقة القوقاز ، إلا أنه تمكن من كتابة الكثير من القصائد الجميلة، ومنها "أسير القوقاز"، و"الشركسي"، و"الخريف"، و"الشراع"، و" القُرصان"،و"النخلات الثلاث"،و"الخنجر"،و"الشاعر"، و"الشَّيطان". كما كتب ليرمنتوف مسرحيتَي "حفلة تنكرية"،و"الشقيقان".وأبدع ليرمنتوف رواية " بطل زماننا " التي اشْتُهِر بها في جميع أنحاء العالَم ، وأثبت من خلالها بأنه دخل تاريخ الأدب الروسي والعالمي ، ليس كشاعر عملاق فقط، بل وكناثر لامع ومؤلف مسرحي بارز .

     وعندما ظهرت رواية " بطل زماننا " في مكتبات مدينة بطرسبورغ، حظيت برواج سريع لأن المعاصرين كانوا راغبين في معرفة الشخص الذي وصفه ليرمنتوف بأنه بطل هذا الزمان . ومنذ أن رأت الروايةُ النورَ أُعيد طبعها مرات لا تُحصَى باللغة الروسية ، ولغات شعوب الاتحاد السوفييتي السابق ، وتُرجِمت إلى جميع لغات العالَم تقريبًا .

     حاولَ ليرمنتوف الذي لَم يتجاوز عندما كتب هذه الرواية الخامسة والعشرين من عُمره ، أن يرسم صورة واقعية لأبناء جيله ، فتركت روايته أثرًا عميقًا في حياة الكثير من الأجيال التالية .

     وقال ليرمنتوف في مقدمة روايته  : (( إن " بطل زماننا " ليست صورة لرَجل واحد، بل صورة تضم رذائل جيلنا كُله . وإذا قال أحد إن الأخلاق لن تجنيَ من ذلك خيرًا، فلا تتعجَّلوا، فطالما غُذِّيَ الناس بالحلوى حتى فسدت مَعِدهم . ويجب عليهم الآن أن يتناولوا العقاقير الْمُرَّة ، وأن يتقبلوا الحقائق اللاذعة . لقد أردتُ على سبيل التَّفَكُّه أن أرسم صورة لإنسان هذا العصر كما فهمته، وكما رأيته في أغلب الأحيان )) .

     يُصنَّف ليرمنتوف كشاعر رومانتيكي، ويُدعَى أحيانًا " شاعر القوقاز ". وهو أحد أهم الشعراء الروس بعد وفاة بوشكين .