10‏/01‏/2022

هالدور لاكسنس ورفض الرهبنة

 

هالدور لاكسنس ورفض الرهبنة

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

....................


     وُلد الأديب الآيسلندي هالدور لاكسنِس ( 1902_ 1998) في العاصمة ريكيافيك . انتقلَ مع والديه إلى مزرعة في بلدة لاكسنِس القريبة ، ومنها أخذ كُنيته .

     تخرَّج في المدرسة اللاتينية الآيسلندية ، وبعدها زار أرجاء أوروبا لدراسة الديانة المسيحية واللغات الأجنبية . وفي النهاية ، رَفض دخول سِلْك الرَّهبنة .

     جالَ كثيرًا في أوروبا ، وأقام في الولايات المتحدة خلال الفترة ( 1927 _ 1929 ) ، وعايشَ أزمة الركود الاقتصادي ، وحاولَ أن يجد لنفْسه عملاً في هوليوود ككاتب سيناريو .

     حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1955 ، وأيضًا حصل على جائزة الاتحاد السوفييتي للسلام في الأعمال الأدبية عام 1953 . والجديرُ بالذِّكر أن جميع أعماله تتمحور حول بلده آيسلندا . نشر أول رواية له في سن السابعة عشرة من عُمره ، تناول فيها مرحلة طفولته ، وكانت بعنوان " طفل الطبيعة " . أمَّا الرواية التي جلبت لها الشهرة ، ولفتت الأنظار إِلَيه فكانت " النَّساج العظيم من كشمير " ( 1927) . وتُعتبَر أول رواية مهمة للكاتب ، وقد كتبها على شكل سيرة ذاتية مُبطَّنة حول نشأته وشبابه ، مُبتعدًا فيها عن الأسلوب السردي الآيسلندي التقليدي ، ومُعتمدًا أسلوبَه الخاص بمفارقاته الحادة . ثُمَّ كَتب رواية "سالكا فالكا" ( 1931 _ 1932) في جُزأين . ومحورها بنت الصياد الصبية سالكا فالكا ، وتدور أحداثها في مجتمع بدائي يعيش على الصيد ، ويرى التطور القادم مع الصيادين والعمال والتجار .

     وعَرَضَ في رواية " أناس أحرار " ( 1934_ 1935 ) في جُزأين كفاحَ فلاح في وجه الاستغلال من أجل حياة كريمة . أمَّا ثلاثية " نور العالَم " ( 1937_ 1940) ، فتحكي قصة شاعر يُحاول جاهدًا إثبات ذاته، والتمسك بحريته ضمن ظروف قاهرة . وتُعتبَر من أعمق المؤلفات التي تبحث في شروط الإبداع في الأدب الإسكندنافي ، وأكثرها أصالةً . وفي روايته " ناقوس آيسلندا " ( 1943_ 1946) ، يعتمد لاكسنِس على التراث المحلي الغني ، ويُقدِّم لوحةً فنية عن تقاليد آيسلندا ، ونفسية شعبها ، وكفاحه من أجل الاستقلال، الذي فَرَّطَ فيه سياسيو بلاده ، حين مَنحوا الولايات المتحدة حق إقامة قواعد عسكرية على أرض جزيرتهم ، وهو أمرٌ انتشر في كل أنحاء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.وكان هذا موضوع روايته " المحطة الذَّرية "             ( 1948).

     تقوم أفكار لاكسنِس على الاشتراكية والوَعْي القَومي ، بعد أن ابتعد عن الأفكار الدينية . وغالبًا ، ما تُوصف رواياته بأنها روايات اجتماعية ممزوجة بالأفكار الاشتراكية ، معَ تحليل عميق للنفس البشرية ، وحركة الشخصيات في إطار الواقع . ويُعتبَر تجديد فن السرد في آيسلندا من أهم إنجازاته الأدبية .

     كان لاكسنِس في رواياته يرسم المشهد بكل تفاصيله ، ويُصوِّر المشاعر الإنسانية في أقصى تجلياتها وتحوُّلاتها . كما سيطرت العاطفة الاجتماعية على تفاصيل كتاباته ، وعالجَ كثيرًا من القضايا الاجتماعية والسياسية المعاصرة ، وتعاطفَ مع الفقراء والمهمَّشين والمظلومين في المجتمع ، الذين هُم ضحايا النظام الطبقي الجائر . وشدَّد على ضرورة التعامل معهم باحترام وتقدير .

     عانى في نهاية حياته ، حيث أُصيب بمرض الزهايمر ، وانتقلَ في نهاية المطاف إلى دار لرعاية المسنِّين ، حيث تُوُفِّيَ عن عُمر يُناهز السادسة والتسعين .