02‏/02‏/2022

هيلاري بوتنام والفعلانية المحدثة

 

هيلاري بوتنام والفِعلانية المُحدَثة

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

...................

     وُلد الفيلسوف وعالِم الرياضيات الأمريكي هيلاري بوتنام ( 1926 _ 2016 ) بمدينة شيكاغو في ولاية إلينوي .

     كان أبوه صحفيًّا ومترجمًا في ديلي ووركر، وهي نشرة خاصة بالحزب الشيوعي بالولايات المتحدة الأمريكية . وبفعل الانتماء الشيوعي لأبيه، وكَوْن أُمه يهودية ، فقد تلقى بوتنام الشاب تربية عَلْمانية .

     عاشت أسرته بفرنسا إلى حدود عام 1934الذي عادت فيه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، واستقرت في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا،حيث درس بوتنام بجامعتها الرياضيات والفلسفة، إلى أن حصل على الإجازة ، فصار عضوًا في جمعية الرياضيات والفلسفة التي هي أقدم الجمعيات الأدبية الأمريكية .

     تابع دراساته الفلسفية بجامعة هارفارد ، ثم بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، حيث حصل على شهادة الدكتوراة عام 1951 برسالته عن " دَلالة مفهوم الاحتمال في التطبيق على المتواليات المتناهية " . وكان هانز رايشنباخ ، الذي أشرف على رسالته للدكتوراة، ورودولف كارناب أهم أساتذة بوتنام، وهُما من أبرز مُمثِّلي الوضعانية المنطقية .

     درَّس بوتنام في نورت وسترن مدة قصيرة ، ثم انتقل ليُدرِّس الرياضيات في جامعة برنستون    ( 1953 _ 1961 )، ثم فلسفة العلوم بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا(1961_1965)، فالمنطق الرياضي والفلسفة بجامعة هارفارد إلى حين تقاعده عام 2000.

     يُعَدُّ بوتنام أحد الفلاسفة الممثِّلين للفِعلانية المحدَثة.وتتناول أعماله الفلسفية عدة مجالات تشمل فلسفة العلوم، والمنطق، والرياضيات ، وفلسفة الذهن ، وفلسفة اللغة ، وفلسفة المعرفة، وفلسفة الأخلاق والسياسة .

     يُعرَف بوتنام بأنه قدَّم _ في فلسفة الذهن _ دليلاً قويًّا ضد دعوى المماثَلة بين الحالات الذهنية والحالات الدماغية ، وهو دليل قائم على قابلية التحقق المتعدد لخصائص ما هو ذهني . كما يُعرَف بدفاعه عن الوظيفية التي تُعَدُّ إحدى أهم النظريات عن مشكلة البدن والذهن .

     وفي فلسفة اللغة،طوَّر بوتنام النظرية السببية للإحالة،وعرض مُقاربة متميزة عن الدلالة، تُسمَّى الخارجيانية الدلالية ، وهي قائمة على إحدى أشهر التجارب الفكرية تُسمَّى "الأرض التوأم".

     ويُعرَف بوتنام، في فلسفة العلوم،بأنه عَرَضَ بالخصوص التجربة الفكرية المسمَّاة"أدمغة في برميل " ، والمُوجَّهة للرد على الشَّكانية المعرفية .

     وأمَّا على مستوى الميتافيزيقا ، فقد دافع في البداية عمَّا يُعرَف بموقف الواقعية الميتافيزيقية، وهو الموقف الذي صار فيما بعد أحد أشد نُقَّاده، حيث أصبح يتبنى موقفًا آخر سمَّاه الواقعية الداخلية . ثم تخلى عنه وصار يُدافع عن الواقعية الفِعلانية ( أو العادية ، أو الساذجة ) المأخوذة من الواقعية المباشرة لوليام جيمس ، ومِن الكتابات المتأخرة لفيتغنشتاين .

     ويقوم هذا الموقف على أن الميتافيزيقا يجب أن تُدرَس بنفس الكيفية التي نُمارَس بها تجربة العالَم ، وذلك بنبذ فكرة التمثيل الذهني ، والمعطيات الحِسِّية وكل الوسائط الأخرى بين الذهن والعالَم .

     يُعتبَر بوتنام أحد أبرز الفلاسفة في الفلسفة الغربية المعاصرة،منذ الستينيات من القرن العشرين ، وعُرِف بتعاطي الصرامة النقدية، حتى بالنسبة لمواقفه الفكرية ، حيث لَم يتردد في مراجعة كثير من أفكاره .

     من أبرز أعماله : فلسفة المنطق ( 1971 ) . الذهن ، اللغة والواقع ( 1975). الدلالة والعلوم الأخلاقية ( 1978 ) . وجوه الواقعية الكثيرة( 1987) . التمثيل والواقع ( 1988) .