24‏/02‏/2022

يوسف برودسكي ومعارضة الاستبداد

 

يوسف برودسكي ومعارضة الاستبداد

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     وُلِدَ الشاعر الروسي يُوسُف برودسكي(1940_ 1996) في لينينغراد ، وتُوُفِّيَ في نيويورك. حصل على جائزة نوبل للآداب (1987)، وبذلك يكون واحدًا مِن أصغر الكُتَّاب الذين فازوا بهذه الجائزة . وتَمَّ تعيينه مَلِك شُعراء الولايات المتحدة عام 1991.

     وُلِدَ بُرودسكي في عائلة يهودية في لينينغراد. كان أبوه ألكسندر برودسكي مُصَوِّرًا صحفيًّا حربيًّا ، وقد تَسَرَّح من الجيش في عام 1950 . كانت أُمَّه ( ماريا ) تعمل مُحاسِبة .

     عانى برودسكي خلال طفولته من الحرب وحصار لينينغراد ، والفقر في الفترة بعد الحرب ، ولَم يكن يلتقي أباه إلا نادرًا .

     في عام 1942 انتقل هو وأُمُّه من لينينغراد ، ثُمَّ عادا إليها بعد فك الحصار في عام 1944. ترك برودسكي المدرسة دون أن يتم الصف الثامن ، وتَقَدَّم للمسابقة إلى معهد الملاحة ، لكنه لَم يُقْبَل فيه ، فبدأ التَّدَرُّب للعمل على فارزة في أحد مصانع لينينغراد ، وذلك نظرًا للمشاكل التي واجهته في المدرسة ، ولرغبته في دعم أسرته مالِيًّا .

     خلال الفترة القادمة عمل في عِدَّة مهن ، منها ناظر منارة ، ومُشَرِّحًا في مشرحة . ومُنذ 1957 في بعثات جيولوجية في البحر الأبيض وشرق سيبيريا . وخلال هذه الفترة كان يقرأ قراءة عشوائية وبكثرة، بالدرجة الأولى الأدب الشِّعري والفلسفي والديني،ويحاول تعلُّم اللغتين الإنجليزية والبولونية .

     بَدأت مُلاحقاته في عام 1963، فاسْتُدْعِيَ للتحقيق أكثر مِن مَرَّة ، ووُضع في مصحة عقلية مرتين. وفي عام 1964، تَمَّ اعتقالُه لأول مرة ، وحُكم عليه بالسجن والنفي مع الأشغال الشَّاقة، بتهمة التَّطفل بِحُجَّة أنه لا يَعمل، والإساءة إلى الشِّعر الروسي ، لأن ما يَكتبه مُجرَّد " خُرافات ".

     وحُكم عليه بأقصى عقوبة، وهي العمل في منطقة نائية مُدَّة خمس سنوات ، فَنُفِيَ إلى محافظة أرخانغيلسك. وقد ذَكر برودسكي لاحقًا في إحدى مُقابلاته الصحفية أنَّ تلك الفترة كانت أجمل فترات حياته ، وخلالها كان يدرس الشعر الإنجليزي .

     لكنَّ كُتَّابًا وشُعراء وفَنَّانين وغَيرهم ، رَفعوا احتجاجًا إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وإلى اتِّحاد الكُتَّاب السوفييت ، مِن أجل إطلاق سَراحه ، وهكذا أُطْلِقَ سَراحه بعد ثمانية عشر شهرًا مِن الأشغال الشاقة .

     هُرِّبَت بعض قصائده إلى خارج روسيا، وتُرجمت ونُشرت في أوروبا ، مِمَّا صَعَّدَ مِن مُحاصَرة السُّلطات له ، حيث مُنع مِن النشر في الصحافة السوفييتية نهائِيًّا . لكنَّ قصائده جُمعت في أوروبا وأمريكا ، فَصَدرت له في عام 1965 لأول مَرَّة مجموعة " قصائد " ، ثُمَّ " محطة في الصحراء ".

     في عام 1972، تَمَّ اعتقالُه مَرَّة أُخرى ، وأُجْبِرَ على الرَّحيل من روسيا ، فاختار الرحيل إلى أمريكا ، حيث تُوُفِّيَ فيها في عام 1996. وهناك أصدر مجموعاته الشِّعرية ومُذكراته ومسرحيته الوحيدة ( المرمر ) .

     إنَّ الاضطهاد لَم يَطَلْهُ وَحْدَه فَحَسْب، وإنما امتدَّ لوالديه، إذ مَنعتهما السُّلطات السوفييتية من زيارة ابنهما خارج البلاد حتى وفاتهما دون رُؤيته ، ورؤية ذلك اليوم الذي وقف فيه ابنهما أمام أدباء العالَم مُتَوِّجًا مسيرته الشِّعرية العالمية بِتَسَلُّم جائزة نوبل للآداب في عام 1987.

     خَصَّ برودسكي مسقط رأسه ( لينينغراد ) بالكثير من قصائده . وقد بدأ كتابة الشِّعر وهو في السادسة عشرة مِن عُمره ، حيث كشف مُنذ قصائده الأولى عن مهارة فنية ، وأصالة فريدة ، ونبرة خاصة ، رَكَّزت عليه انتباه مُحِبِّي الشِّعر ، والسُّلطات أيضًا .

     وَلَم يكد يبلغ العشرين مِن عُمره حتى كان معروفًا باعتباره أهم شاعر مُعارِض وغَير رسمي ، بل أصبحت كُل قصيدة يكتبها حَدَثًا أدبِيًّا يَهُزُّ أروقةَ الجامعات وأروقةَ المخابرات أيضًا ، إذ يَتناقلها الناس خُفية بعد أن يستنسخوها بأيديهم .

     مِن أبرز مجموعاته الشِّعرية : قصائد ( 1972) . جُزء مِن الكلام ( 1977) . حَوْل الحزن ( 1995).