06‏/12‏/2023

العريس المقتول في ليلة الدخلة

 

العريس المقتول في ليلة الدخلة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     سَقَطَ دَمُ العُشَّاقِ الأحمرُ في الشَّايِ الأخضرِ/ وَمَاتَ الصَّدى في صَوْتِ الرَّصاصِ/ وَبَقِيَت الرَّسائلُ الغرامِيَّةُ تَحْتَ أنقاضِ البُيُوتِ / لا تَاريخَ للجُثَثِ المجهولةِ سِوى بُكاءِ الأشجارِ في غَابَةِ الصَّهيلِ / جُغرافيا البُحَيْرَاتِ هِيَ سِفْرُ الخُرُوجِ مِن لَيْلَةِ الدُّخلةِ / لَكِنَّ المنبوذَ خَرَجَ وَلَمْ يَعُدْ /

     خَطَفَ الأطفالُ البُوظَةَ مِن الثلاجةِ في مَطْبَخِ البَيْتِ المهجورِ / والمَوْتُ خَطَفَ الأطفالَ مِن ثَلاجةِ المَوْتَى / أشْرَبُ الشَّايَ في شِتاءِ التَّوابيتِ الدافِئِ / وأرى شَظايا جُمْجُمَتي في قَعْرِ الكأسِ / كِبْرِيَاءُ امرأةٍ تَرى جُثَّتَهَا على الرَّصيفِ مَنْسِيَّةً/ وَأُنوثةُ السَّنابلِ ضَاعَتْ بَيْنَ أرقامِ جَدْوَلِ الضَّرْبِ / في دَفاترِ الرِّياضياتِ للأيتامِ والسَّبايا والمُلوكِ المَخْلُوعِين/ والإعصارُ زَرَعَ الحَاجِزَ العَسكرِيَّ بَيْنَ صَوْتِ النَّوْرَسِ وبُكاءِ البَحْرِ / وُلِدْنا في زَمَنِ الشَّكِّ/ وَلا يَقِينٌ سِوى الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / ولا أرشيفٌ للضَّحايا سِوى النُّعوشِ الغاطِسَةِ في بَراميلِ النِّفْطِ /

     أيُّها النَّسْرُ العَجُوزُ / خُذ المجدَ والرُّومانسيةَ فَوْقَ تِلالِ الدَّمْعِ/ واترُك الخِيَامَ للأراملِ الشَّابَّاتِ والرِّيحِ البَنفسجِيَّةِ / أيُّهَا المَوْجُ الكريستالِيُّ / ابْحَثْ عَن قَبْري تَحْتَ شَجَرَةِ التُّوتِ / وَكُنْ دَليلًا سِيَاحِيًّا في المَقَابِرِ الشَّمْعِيَّةِ / كَي تُرْشِدَ الدُّودَ إلى لَحْمِي / وَتَدُلَّ النَّوَارِسَ عَلى عِظَامِي /

     في بِلادِ الحُزْنِ والذِّئابِ العَاجِزَةِ جِنْسِيًّا / النِّسَاءُ مَصْلُوباتٌ عَلى أعمدةِ الكَهْرَباءِ / وَالسَّنابلُ تَبكي تَحْتَ أشجارِ البُرْتقالِ / لَكِنَّ الجماجمَ تَنْمُو عَلى الأغصانِ / وَصَوْتُ الرَّصاصِ يَصْقُلُ شَظايا جُمْجُمتي في عِيدِ الدُّموعِ/ وَقُمْصَانُ النَّوْمِ للأراملِ تَحْتَ بَساطيرِ الجُنودِ/ الذين عَادُوا مِنَ المعركةِ/ بِلا أقواسِ نَصْرٍ ولا أوسمةٍ عَسكرِيَّةٍ /

     تَتساقطُ أكفانُ العُشَّاقِ في الشَّايِ الأخضرِ في المطاعِمِ المهجورةِ / وَمَساميرُ النُّعوشِ الصَّدِئَةُ تَذُوبُ في عَصيرِ الليْمُونِ / كَي تَرتاحَ أعصابُ بَناتِ آوَى في مَملكةِ المَلاريا / وَتَنكسِرُ أجنحةُ الجَرَادِ عَلى أكفاني البَيضاءِ / كَما تَنكسِرُ أحلامُ الطُّفُولةِ في الفَجْرِ الكَاذِبِ /

     انتظرتُ أُمِّي كَي تَحتفِلَ بِزَواجي مِن أرصفةِ الموانِئِ / لَكِنَّ أُمِّي مَاتَتْ / انتظرتُ الشَّركسياتِ كَي يَأتينَ مِن أشِعَّةِ القَمَرِ / لَكِنَّ قَلْبي مَات / انتظرتُ أن تُزهِرَ جُثَثُ البُوسنِيَّاتِ تَحْتَ جُسورِ سَراييفو/ لَكِنَّ الأنهارَ مَشْلُولةٌ / إنَّ مَوْتِي مِثْلُ أعشابِ المقابرِ / كِلاهُمَا بِلا جِنْسِيَّةٍ / وَكُلَّمَا دَخَلْنا في حُزْنِ المساءِ / رَأيْنَا الأمواتَ عَلى زُجاجِ النَّوافِذِ / سَيَكُونُ الحُلْمُ رَائعًا بَعْدَ اغتيالِ الحَالِمِ / سَيَكُونُ المطرُ لامعًا بَعْدَ بُكاءِ النَّهْرِ / سَتَكُونُ الرُّومانسيةُ وَهْمًا بَعْدَ مَوْتِ قَلْبي .