21‏/02‏/2025

بندقية قديمة بين التفاح والرصاص

 

بندقية قديمة بين التفاح والرصاص

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

  وَطَنٌ للسَّرابِ الحامِضِ / مَاتَ / ادْفِنُوهُ في رُموشِ الأراملِ الصَّبايا / وَاخْرُجُوا أيُّها المَوْتَى مِن قَمِيصي / سَأَدْفِنُ جُثمانَ أبي في أزرارِ قَمِيصي / لَمْ أَبِعْ قَميصَ عُثمانَ في السُّوقِ السَّوداءِ / لَكِنَّ حُزْنَ الأمواجِ يَرْفَعُ عَلى أكفاني الرَّايةَ البَيْضَاءَ/ لَيْتَني حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ البَدَوِيَّاتِ والشَّرْكَسِيَّاتِ /

     القَطِيعُ سَائِرٌ إلى حَافَةِ الجَبَلِ بَعْدَ أن قَتَلَ الرَّاعي/ نُمَارِسُ رِياضةَ المَشْيِ في الجِنازاتِ/والحُزْنُ هُوَ طَرِيقُ قُلوبِنا في أدغالِ الشَّمْعِ / شَظَايَا جُمْجُمتي في صُحون المطبخِ / وَدَمِي سَائِلُ الجَلْيِ المُسْتَوْرَدُ / وَأُمِّي مَاتتْ / لَكِنِّي أسْمَعُ صَدى خُطُوَاتِهَا عَلى بَلاطِ المطبخِ /

     أُنَقِّبُ في قَلْبي عَن أنقاضِ قَلْبي تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ الحديدِيَّةِ / رُبَّما ضَحِكَتْ امرأةٌ لِحَبيبِها / كَي تَدُسَّ لَهُ السُّمَّ في الذِّكرياتِ/ رُبَّما ضَحِكَ رَجُلٌ لِحَبِيبَتِهِ / كَي يُخَبِّئَ أكفانَها في رَغْوَةِ القَهْوَةِ /

     التُّفاحُ البَاكِي هُدْنةٌ بَيْنَ مُلوكِ الطوائفِ وَشُيُوخِ القَبائلِ / أنا الخَيَّاطُ العَاطِلُ عَن العَمَلِ / أَخِيطُ الأعلامَ المُنَكَّسَةَ وَدُسْتُورَ الدَّولةِ البُوليسيةِ وأكفانَ الحَمَامِ الزَّاجِلِ / لَكِنَّ الرَّسائلَ لَمْ تَصِلْ / أنا الرَّسُولُ المقتولُ بَيْنَ الجَرَادِ وأشِعَّةِ القَمَرِ/ والعاصفةُ تَنْشُرُ الرَّسائلَ عَلى سُورِ المقبرةِ / كَمَا تَنْشُرُ بَناتُ آوَى أحلامَ الطُّفولةِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / أرْفَعُ مَعْنَوِيَّاتِ الحَطَبِ قَبْلَ أن تَزْرَعَهُ الزَّوْبَعةُ في مَوْقَدَةِ الخريفِ / وَأُدَافِعُ عَن شَرَفِ الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ في دِمَاءِ البَحْرِ الجامدةِ /

     سَتَمُوتُ أيُّها الغريبُ بِلا سَريرٍ في مُسْتَشْفى / قَمِيصُ النَّوْمِ لأرْمَلَتِكَ سَيَظَلُّ في الخِزَانةِ / سَوْفَ تَرْتَدِيهِ لِزَوْجِها الثاني / لا مَطَرٌ على أغصانِ قَلْبي / ولا حُلْمٌ عَلى بَوَّابةِ المقبرةِ الذهبيةِ /

     كُن أجملَ الغَرْقَى في دَمْعِ الغاباتِ أوْ نزيفِ الذاكرةِ/ ما فائدةُ طَوْقِ النَّجاةِ إذا كانَ البَحْرُ تاريخًا للجُثَثِ ؟ / ما فائدةُ هَديرِ الأمواجِ القِرْمِزِيَّةِ إذا مَاتَ البَحْرُ ؟ /

     أمعاءُ النِّساءِ المُغْتَصَبَاتِ في حَاوِياتِ القُمامةِ / وأنا السَّاحِرُ المسحورُ / الكاسِرُ المكسورُ / السِّحْرُ الخَفِيُّ للأحزانِ في عُيونِ النِّساءِ / ذَهَبَت العَرائسُ إلى الاحتضارِ الوَهَّاجِ / رُمِيَتْ أغشيةُ البَكارةِ في حُفَرِ المَجَاري / والعاصفةُ تَرَكَتْ قُمصانَ النَّوْمِ عَلى حِبَالِ الغسيلِ / والمَدَافِعُ قَصَفَتْ حِبَالَ الغسيلِ / ذَهَبَت الرَّاهباتُ إلى الانتحارِ القِرْمِزِيِّ / وتَرَكْنَ حُبُوبَ مَنْعِ الحَمْلِ في غُرفةِ الاعترافِ / كانت مُضَادَّاتُ الاكتئابِ عَلى مَقاعدِ الكَنيسةِ / والثلجُ الأزرقُ على مِدْخَنةِ الدَّيْرِ /

     الفَراشاتُ تُحْرِقُني بالذِّكرياتِ كَي أُضِيءَ مَملكةَ الغِيابِ والمساءَ البَعيدَ/ الذي ذَهَبَ وَلَن يَعُود/ فيا صَفيرَ القِطاراتِ الغامضَ / أنا ابْنُكَ المقتولُ بَيْنَ فِضَّةِ الذِّكرياتِ وذَهَبِ المشانقِ .