28‏/01‏/2013

تحول القصيدة إلى سلوك اجتماعي

تحول القصيدة إلى سلوك اجتماعي

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

جريدة العرب اللندنية 28/1/2013


     لا يمكن الحصول على الطاقة الشعرية إلا عن طريق التنقيب في اللغة الرمزية الموازِية للمشروع الثقافي الجمعي، والوصول إلى أقاصي اللغة من أجل اكتشاف العوالم الكامنة وراء اللفظ والمعنى . وهذه العملية الاكتشافية توفر الأساس الفلسفي لحياة القصيدة وتحولاتها، والديمومةِ الحيوية للثقافة. مما يؤدي إلى وضع الرموز الشعرية في سياق الوضوح الاجتماعي فتحدث الإسقاطاتُ على الواقع، ويمتزج الواقع بالخيال ، وهذا يدفع باتجاه تغيير الواقع إلى الأفضل ، وتحويل الخيال إلى منظومة إبداعية قابلة للتطبيق تحل مشكلات المجتمع ، وترسم السياسات الناجعة على كافة الأصعدة .
     ولا يكفي أن تقوم القصيدةُ بترجمة المعاني الاجتماعية إلى صور فنية ، والغوص في أعماق اللغة الشاعرية ، والتنقيب في أبجديات الفكر الثقافي ، والقيام بحفريات في جسد الرموز الإنسانية ، بل عليها أيضاً _ أي القصيدة _ أن تتواصل مع الواقع وتعجنه بالأفكار الواعية ، ولا تقيم قطيعةً مع العالَم المادي. وهكذا يتحول الفكر الشعري إلى مشروع جماعي تساهم الجماهير في كتابته ونشره، وجعله مشروعَ خلاصٍ عابراً للزمان والمكان . وهذا يمنح القصيدة شرعيةَ التجاوز ، والقدرة على صناعة التاريخ الإبداعي الخاص الذي يصب في تاريخ البشرية العام . وبالتالي تتجذر عملية صهر المراحل كنواة أساسية في الحياة الثقافية والاجتماعية ، فتولَد الحقيقة الشعرية التي تواصل النمو في مناخات المعرفة والتقدم .
     وهذا الحراك الإبداعي الدؤوب يؤدي إلى تدعيم المنظور الشعري ، وإحالة البعد العاطفي في القصيدة إلى تطبيقات اجتماعية ، فتصبح حركة الألفاظ والمعاني سلوكاً إنسانياً محسوساً ، ويتحول الرمز الشعري إلى كيانات بشرية . لذا فليس من الغريب اعتبار القصيدة كائناً حياً كامل الحياة انتزع حريته بنفسه فأصبح _ أيضاً _ كامل السيادة .
https://www.facebook.com/abuawwad1982