29‏/01‏/2013

يوميات العازف المذبوح ( قصيدة )

يوميات العازف المذبوح ( قصيدة )

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .


     العازِفُ المصلوبُ على الكَمَان ، والرُّموشُ المفخَّخةُ ، والشمسُ الخضراءُ ، والصبايا الجالساتُ أمامَ ضَريحِ البيانو الباكياتُ على الأندلس . والنِّسوةُ صاحباتُ الوجوهِ الإسمنتية. مُوتوا يا إخوتي لكي أَخْتبِرَ مَوْهبتي في قصائد الرِّثاء. مُوتوا لأَعرفَ قوانينَ البورصةِ في المتاجرة بدمائكم .
     اكْتَشَفْنا الوطنَ في الزَّنازين ، واكْتَشَفَنا الوطنُ على حِبال المشانق . تأكلُ الضفادعُ لحمَ القصائد . وبناتُ حارتنا تَركنَ قلبي لبناتِ آوى . خُذوا الجماجمَ على الرُّفوف تِذْكاراً للحُبِّ والحروبِ . وبعد مَوْتِ عائلتي سأعيشُ على مقاعد حديقة الحيوانات .
     الليلُ المشلولُ جالسٌ على الكرسيِّ المتحرك أمامَ الموقدة المطفأة . وُلدتُ وفي فمي مِلْعَقةٌ من أحزانٍ . وحديقةُ الملاريا تَرمي الجماجمَ في صناديق الاقتراع . واللازوردُ اكتشفَ بَيْنَ الدموعِ مُسْتَقْبَلَه السياسيَّ . طَبْعاً ، كُلُّنا عُشَّاقٌ وبلادُنا ضائعةٌ .
     تَفَضَّلْ أيها السرابُ . ادْخُلْ إلى ضريح الكَهْرمانِ احْرِق الأخضرَ واليابسَ . لا تنتظر الإماءَ المحنَّطاتِ خَلْفَ النظاراتِ السَّوْداء . أُخَبِّئُ بَراميلَ البارود في الفراغ العاطفيِّ . وفي بَيْتي تنتظرني الفراشاتُ الكِلْسيةُ وتَعْرِفني الصَّراصيرُ الشمعيةُ . رِمالُ البحرِ تواسيني والبِحَارُ تنامُ في سريري لكنِّي أَشْعرُ بالوَحدة .
     حدائقُ الجنون تختبئُ في أوردتي الضَّوْئيةِ . صَدِّقْني أيها البيانو المكسورُ ، سأعيشُ مُرَاهَقَتِي المتأخرةَ في مقبرة قديمة بلا سُورٍ. نُضَيِّعُ وَقْتَنا في مُعْسَكْراتِ الاعتقال ونقضي وقتَ الفراغ في ممارسة الفراغ . أنا السفينةُ التي تَخْبطُ في جبل الجليد. أحبُّ الفراشاتِ لكنها لن تنقذني من الغرق،ولن تَسمع أُمِّي صراخي حينما تستقرُّ أشلائي في قاع الصهيل.
     يا نهراً خَرَجَ ولم يَعُدْ . إن أعمدةَ الكهرباء تساعدني في تأريخ الحب الضائع . أخافُ من حِيطان بَيْتي أخافُ العَوْدةَ إلى حِضْنِ أُمِّي . لا أبناءَ لي يَحْملون اسمي . وَحْدَها الشوارعُ التي أُقتَل فيها سَتَحْمِلُ اسْمِي .
     يا رَضيعاً يجرُّ تابوتَ أُمِّهِ في دُروبِ الجليد . أكتبُ أحلامي بقلم الرصاص على الرصاص . أنا الرملُ الواقفُ في طابور الانقراض . أنتظرُ دَوْري لأستلمَ حِصَّتي من هزيمة التلال في حروب الظلال . ورائحةُ فَمِ الإسفلتِ تَجْرحني .
     أيها النسرُ الأعورُ في أعالي البكاء ، دُلَّني على جثتي كي تُنَظِّفَ الغِربانُ الأزقةَ من بقايا لحمي . لا مكانٌ لبلادي على الخارطة ولا قبرٌ للسُّنونو على البُوصلة . نحنُ أرقامٌ لا يَعترف بنا جَدْولُ الضَّرْب . فيا قاتلي ، انظرْ عَبْرَ النافذةِ إلى الجثثِ المجهولة الهوية .
     أيها القتلى في الشوارع المصلوبون في البراويز الصِّدئة . سيأتي الجرادُ لتحرير مدينة الأشباح . أَسرقُ النرجسَ مِن زَمَنِ الكَهْرمان . فإذا ذَبَحني الضبابُ الأخضرُ سَتَجدني أُمِّي في البراويز زَعْتراً وأمطاراً . نَزرعُ البطاطا في الزَّنازين لكي نُؤْنِسَ وَحْشةَ الدُّودِ الخارجِ من أوردتنا .
 https://www.facebook.com/abuawwad1982