14‏/05‏/2016

القصيدة من ثورة اللغة إلى لغة الثورة

القصيدة من ثورة اللغة إلى لغة الثورة

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

facebook.com/abuawwad1982

twitter.com/abuawwad1982

...................

   إن لغويات الحلم المتأصل في الجسد القصائدي تُمثِّل معنىً جديداً لتكريس الذات كانعكاسٍ للصور المجتمعية وانقلابٍ عليها في آنٍ معاً. والإنسان ابن بيئته ، والقصيدة ابنة بيئتها . وكما أن النص الشعري نابع من الإطار الاجتماعي ، فهو أيضاً _ أي النص _ يصنع إطارَه الاجتماعي الخاص المتمرد على نفوذ اللامنطق وأبعادِ السُّلطة القمعية ، ويصنع كذلك منطقه الفلسفي الذاتي تماماً كما يحفر النهرُ مجراه الخاص المتفرد .
     وهذه الخصوصية الثورية _ لفظاً ومعنى _ تقودنا إلى وضع سياسة جديدة للمنظور الفلسفي للأدب غير الخاضع لأبجديات السُّلطة السياسية . لذلك فإن القصيدة تبتكر أدباً متفرداً ضد الأدب المدجَّن . وكلما اكتشفنا ثوريةَ العناصر الاجتماعية الواعية في النص الشعري ، اكتشفنا حتميةَ الإنتاجيات اللغوية القائمة بالأساس على مواجهة سُلطة الموروث السلبي ، الذي تم تأطيره كَمُسلَّمات بفِعل التبني الاجتماعي له ، وليس بفِعل مصداقيته وقوة منطقه .
     وهذا الصِّدامُ المصيري بين أبعاد المنظومات السُّلطوية نابع من طبيعة طبقات النَّص الشِّعري ، فهذه الطبقات هي أشكال للرموز المعرفية على الصعيدَيْن الاجتماعي والسياسي . وقوةُ الرمز في القصيدة تتكرس كقوة رفض لهيمنة المعطيات السلبية الجاهزة ، وقوالبِ التنميط ، والتلميعِ اللغوي المنفصل عن الدلالة المعرفية الحقيقية .
     ومما لا شك فيه أن هذا الحراك الفكري في بنية الطبيعة اللغوية ، سيؤدي إلى التعامل مع اللغة الشعرية من منظور اجتماعي سياسي ، الأمر الذي يُعمِّق الروحَ السياسية داخل اقتصاديات القصيدة . وهكذا تتولد عوالم ومعالم إبداعية جديدة في قلب التحولات الجيوسياسية لاجتماعيات النظام الثوري في اللغة المتجددة .

     والقصيدةُ ليست نظاماً لغوياً صوتياً فَحَسْب ، بل هي نظام اجتماعي تثويري متكامل نتيجة حجم التفاعلات المعرفية الهادرة التي تَحدث في الإطار الشعري لبنية النص . والتفاعلُ المزروع في أقاصي اللغة الحية قادر على الولوج في تعابير المراحل الوجودية للإنسان كافةً ، والتعبيرِ عن كل المشاعر الجياشة داخل النَّفْس البشرية . وبالتالي فاللغة هي الثورة العظمى التي تقوم بثورتها دون انتظار قدوم الثائرين ، ودون أن تستأذن أحداً .