14‏/07‏/2019

الحب في غرفة العناية المركزة / قصيدة

الحب في غرفة العناية المركزة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..................

     تجتمعُ في زِنزانةِ الخوْخِ نِسْوةٌ / يَسْتَخْرِجْنَ القَهوةَ مِن الإسفنجِ / ويَتحدَّثْنَ عن قُماشِ أكفاني / يا صُورةَ أبي عَلى خَناجرِ القَبيلةِ / إِنَّ الأمطارَ تُجَهِّزُ نَعْشي / أوْردتي قناديلُ مَنثورةٌ في الغيومِ / وجُدرانُ غُرفتي تُحلِّلُ قَصائدي / أُعْدِمُ أطفالُ البحرِ بِدَمٍ باردٍ / وَبَقِيتُ في الضَّبابِ القُرْمزيِّ أَشربُ الشَّاي السَّاخِنَ/ سَيَفْتحون في جِلْدي طُرقاتٍ لِلْمَوَاكِبِ الملَكيةِ/ الشَّوارعُ مُعبَّدةٌ بأحلامي / وحَبْلُ مِشْنقتي سيظلُّ الشاهِدَ الوَحيدَ عَلى مَوتِ السَّنابلِ / والفُقراءُ يَتجمَّعونَ حَوْلَ البُرتقالِ كالإِبادةِ الجماعيةِ للأمواجِ / اللعبةُ انتهتْ / وكلُّ شَيْءٍ وَهْمٌ / والزَّنابقُ تَرى في عُيونِ الرَّاهباتِ مَجْزرةً للسِّنديان / والذِّكرياتُ تُطْلِقُ الرَّصَاصَ الْحَيَّ على قَلبي الْمَيِّتِ /
     يَا مَذبحةَ البَطاطا المقْليةِ في مَطاعِمِ العُشَّاقِ / لم يَعُدْ في الأعيادِ أعيادٌ / فتمهَّلْ أيها الجنونُ/ هَذه سِحْنتي إِشارةُ مُرورٍ حَمْراءُ / وشُرْطِيُّ المرورِ يُراقِبُ أمعاءَ القمرِ / حُبُّنا طاهرٌ كالبنادقِ الآليةِ / وَمَشاعرُ الطغاةِ أعضاءٌ ميكانيكيةٌ للرِّجالِ الآليين / وأنا البِئْرُ المختبئةُ بَين نباتاتِ القُبورِ / تَشُمُّ الأشجارُ أيتامَها / وتَموتُ مَعَهم في أحضاني / نَزيفٌ بَاعَهُ أبناؤه فَبَاعَهم/ النَّوارسُ قَتَلت زُرْقةَ الأمواجِ/ وغَرِقَتْ في الدِّماءِ الزرقاءِ/ والماعزُ حَارسٌ شخصيٌّ للمَوْجِ / المستقبلُ السياسيُّ للمُقامِرِ / وأُنوثةُ المومِساتِ / تُصدِّرُ الحكومةُ حَليبهنَّ إِلى الخارجِ / والضفادعُ تُهرِّبُ الآثارَ إِلى مَتاحفِ السَّيافين / يُعاني البحرُ مِن ضَرْبةِ شَمْسٍ / والسُّفنُ تنامُ على فِرَاشِ الموتِ / 
     شَعْبٌ يُباعُ / وَطَنٌ يُباع / يَجُرُّ النَّمْلُ نَعْشَكَ في قَريتكَ المنبوذةِ / البَحرُ مُديرُ أعمالي/ لكني عاطلٌ عَن العَمَلِ/ يَركضُ الضَّوْءُ المهجورُ إِلى وَليمةِ الدُّخان / وَحَديقةُ البكاءِ مُصابةٌ بالصُّداعِ / سَتَنمو الدُّموعُ في تُرابِ الغرباءِ / كُنتُ الطريقَ حِينَ اختفتْ مَلامحي في أصابعِ الطوفان / النُّبلاءُ يَلْعبون التِّنسَ في ثلاجةِ الموتى / وجِلْدي إِسطبلٌ لِخُيولِ الوَهْمِ/ يتوكَّأُ البَحَّارُ المنبوذُ على مِرْساةِ الحمَّى/ وَأَقرأُ وَصايا السُّنونو أمامَ ضَريحي /    
     أيها الرَّملُ المثقَّفُ / يَا مَن تَدُلُّ المخبِرِين عليَّ وتَبكي عليَّ / سأَتركُ حُجرةَ الأمطارِ / فَعِشْ فِيها ذُكورةَ وَطْواطٍ وأُنوثةَ بِئْرٍ / تَنقشُ الرَّاهبةُ دُموعَها على حَافَّةِ الصَّليبِ / وَسَأكتبُ اسْمِي على الرَّصاصةِ الأخيرةِ / ثَدْي الرِّياحِ الفُولاذِيُّ / أَشْنُقُ أحزاني في الظلامِ / كَي أُقَلِّلَ فَاتورةَ الكَهرباءِ / أَكتبُ وَصِيَّتي قَبْلَ اغتيالي / كَلامُ النارِ شاطِئٌ للأغرابِ/ ولا وَقْتَ لَدَيَّ كَي أَزُورَ قَلْبي / غَريبٌ أنا في أجفانِ المرافئِ / سَجِينٌ أنا في المرايا /
     الطريقُ إِلى قَلبي تُضيئه العَناكبُ / والقبورُ الكريستاليةُ تُقاتِلُ البَحْرَ بِمُسدَّسِ مَاءٍ / مَطَرٌ في وَقْتِ الحصَادِ / عُرْسٌ في مَوْعدِ الجِنازةِ/ بُكاءٌ في أيام الضَّحِكِ/ وَسُعالي يستمرُّ في القُرى المحاصَرَةِ / هل سَأموتُ مِن الجوعِ أَم مِن التُّخمةِ ؟ / أُصيبت البُحيرةُ بِسَرطانِ الثَّدْي / نَقَلْتُها عَلى ظَهْري إِلى المستشفى / وَكَانَ السَّوْطُ يُؤجِّرُ جُثتي للطوفان / يا شَرْكسيةً تُقاتِلُ مَعَ غَيْماتِ القُوقازِ / أَعطي ضَريحي رِئةً بَين أشجارِ الدَّمْعِ / أَنتِ وسُنبلةُ الحزنِ تَعْرفان خَارطةَ مَقبرتي / وَجْهُكِ نخلةٌ تتسلَّقها فَراشاتٌ تَعيشُ رَقْصتها الأخيرةَ / والحطبُ يَحتسي نَبيذاً مَخلوطاً بِحَليبِ أُمِّه / والبُكاءُ يَحتكرُ تِجارةَ التَّبْغِ في خُوذته النُّحاسيةِ/ وَيُسمِّي أفخاذَ عشيقاته دِيمقراطيةً/
     يا رَصيفَ المِيناءِ / حَاوِلْ أن تَفهمَ مَشاعِرَ زَوْجاتِ البَحَّارةِ / كُلما عَرفتُ مَوعدَ دَفْني / هَرَبَت الأحصنةُ مِن عُرُوقي/ أُحارِبُ جِلْدي لأَجمعَ شَظايا رُوحي / إِنَّ دِيدانَ القُبورِ مِثْلُ سَرَطانِ الثَّدْي / أُكِلَتْ صُدورُ النِّساءِ فَوْقَ الأرضِ وتَحتَ الأرضِ / والقَراصنةُ يَدْرُسون التَّركيبَ الكيميائيَّ لِلعَرَقِ في ثِيَابِ زَوْجاتهم / الحضارةُ تُفاحةٌ مَقتولةٌ بَين حِصارِ بَيْروت وحِصارِ ستالينغراد / فَسَامِحيني يا شَمْسَ الأندلس /
     ارحميني يا سَنابلَ الأرقِ/ لم أَنَمْ مُنذُ طُوفانِ نُوح / وأنا الغَريقُ في عَرَقي أو أرَقي/ فَسَاعِدْ الغَريقَ أيها الغَريقُ / وأنا المحاصَرُ بالذِّكرياتِ / سَيَكْسِرُ الموْتُ الحِصَارَ / وَيُنهي عُزلةَ اليَاقوت / يَفتخرُ بِيَ البَعوضُ في طَريقِ قُرْطبة / وَتَمْشي الملكاتُ السَّبايا إلى قَرْيتي التي هَجَرَها المطرُ /
     الفَراشاتُ تَمسحُ حِذاءَ النَّهرِ / أموتُ في مَساءاتِ اللوْزِ / وأُعيدُ اكتشافَ حَياتي في أضواءِ السَّياراتِ / بُحَيراتٌ تَجِفُّ في شَمالِ أوْردتي / وَأَتتْ أُمسياتُ الخريفِ مِن نَوْباتِ اكتئابي / كَي تَقولَ المشانقُ البلوريةُ أسرارَها للضَّوْءِ البَعيدِ / والقلوبُ تَغرقُ بَينَ الشِّعابِ المرجانيةِ / حُكومةُ البَاركِنسون / فَلتمتْ أولاً ثُمَّ اعترضْ عَلى تَفاصيلِ الجِنازةِ / إِبهامي احتضاراتُ الفَراشةِ في صُورةِ الهيدروجين / هُوَ الرَّصاصُ الذي ضَمَّنا / مَقَاصِلُ مِن اليَاسمين المقْطوفِ مُبكِّراً / بَشَرٌ يَخطبون المرافئَ في الطرقاتِ العامَّةِ / والمرتزِقةُ يَكْتُبون قَصائدَ المديحِ لِقُصورِ الرِّمالِ / سأمنحُ الفَجرَ الكاذبَ فُرصةً لِتحليلِ شَخْصيتي / أشلائي قُطْنٌ مَبْلولٌ في جَرَّةِ مَاءٍ عَلى كَتِفِ فَلاحةٍ / وَغَيماتُ الدَّمِ في صَيْفِ المشرَّدين / تَغارُ عَلَيَّ الأشجارُ / ورائحةُ العَرَقِ في ثِيابِ أبي تَدُلُّني عَلى حَبلِ مِشْنقته / وأُمراءُ الحروبِ يَتَكَاثرون كَقَطيعِ الاكتئابِ في الشِّتاءِ السَّحيقِ / تُشارِكني البَراكينُ في كِتابةِ وَصِيَّتي / والجريدةُ تَزرعُ صَفحةَ الوَفَيَاتِ في الملحَقِ الرِّياضيِّ / تُغمِضُ فأسي عَيْنَيْها لِكَيْلا تَرى اغتيالي / والضَّفادعُ تُنقِّبُ في جِلْدي عن آبارِ النِّفطِ / كأنَّ رُموشي مِصْفاةُ نِفطٍ مَهجورةٌ / وَخُدودي أزِقَّةٌ قَديمةٌ في غَرْناطة / والصَّراصيرُ المضيئةُ تَنْبُشُ عُرُوقي / لأنَّ اسْمي مُعَمَّمٌ عَلى الحدودِ بَيْنَ النخيلِ والبُكاءِ /
     سَأصيرُ عَاطفياً عِندما تنامُ الطحالبُ في عُلَبِ المِكياج/ يَشعرُ المتزوِّجون بالهدوءِ في لَيلةِ الدُّخلةِ/ وأَشعرُ بالهدوءِ في غُرفةِ الإِعدامِ / أخافُ مِن لَيالي الصَّيفِ الشَّاهِدةِ على ذَبحي / رَأسي مَحْمولةٌ عَلى رِمَاحِ الأُمويين / يَحْملُ النهرُ بِطِّيخةً في يَدِه / وأَحْملُ جُمجمتي في يَدِي / يُقبِّلُ الرِّجالُ زَوْجاتهم في حُقولِ الضَّوْءِ / وأُقبِّلُ أشجارَ مَجزرتي في المغاراتِ البَعيدةِ / يَسْتَحِمُّ الزَّوْجان مَعَاً / وأستحمُّ مَعَ ضَجيجِ مَحْرقتي / يَتغزَّلُ الأُسُودُ باللبؤاتِ / وأتغزَّلُ بِقُضْبانِ السُّجون/ يَنتظرُ المتزوِّجون الجددُ المولودَ الأولَ / وأنتظرُ مِقْصلتي الثانيةَ / يُسَمِّي الرِّجالُ أبناءَهم / وأُسَمِّي الأسماكَ السَّابحةَ في دُموعي / يُورِّثُ الملوكُ أبناءَهم تاريخَ الحضارةِ / وَأُورِّثُ قِطَطَ الشَّوارعِ ضَوْءَ مِشْنقتي / وصدأَ أجفاني الحديديةِ / تَقضي الصَّبايا العُطْلةَ الصَّيفيةَ في المغامَراتِ العاطفيةِ / وأَقضي مُغامراتي في مِلَفَّاتِ البُوليسِ السِّياسيِّ / تَقضي الصَّحاري إِجازتها في نهاياتِ أوْردتي / تحتفلُ الرَّاقصةُ بِعِيدِ مِيلادها في الملهى الليليِّ / وأحتفلُ بِحُكْمِ إِعدامي في الملهى النَّهاريِّ /
     هَرَبَت الأميراتُ مِن جِلْدِ النَّهارِ / وَبَقِيَت القُبَّعاتُ في قُصورِ الرِّمالِ / هَرَبَ الجنودُ مِن أهدابِ الموجِ / وَبَقِيَت الْخُوَذُ في الجِنازاتِ العَسْكريةِ / النَّحْلُ يُتاجرُ بالأوسمةِ المسْتَعْمَلَةِ / والنخلاتُ تَغطسُ في شُرفاتِ الرَّعدِ / الذاكرةُ عَجوزٌ شَمْطاءُ / والدَّوْلةُ كُوبُ عَصيرٍ أو سَلَطةُ فَوَاكِه / دُموعُ الشمسِ تُراثُ الغِزْلان / ويُمارِسُ الشَّعبُ الضَّائعُ الحبَّ الضَّائعَ في الوَطَنِ الضَّائعِ في الوَقْتِ الضَّائعِ / أتلقى بَرقياتِ التَّهنئةِ بِمُناسبةِ اغتيالي / والدُّودُ في شَراييني يُنادي عَلَيَّ / البَرقُ أبي / والنَّخْلةُ أُمِّي / لكني يَتيمٌ في بَراري السُّعالِ / المساءُ يُبدِّلُ جِلْدَه / عِظَامي تَحرسُ عِظَامي / والسَّناجبُ مُختبئةٌ في قَفَصِي الصَّدْرِيِّ / سَيَبْحَثُ المخْبِرُون عَن عَمُودي الفِقرِيِّ في مُسْتَوْدَعاتِ المِيناءِ / وَسَوْفَ أَكونُ رُومانسياً عِندما تُصبحُ لَيْلةُ الدُّخلةِ سِفْرَ الخروجِ مِن الحضارة /
     كَانتْ ظِلالي خَناجِرَ/ وأخشابُ نَعْشي تَنمو بَيْنَ أزهارِ الرُّعْبِ / المراكِبُ تَحْملُ المهاجرين غَيْرَ الشَّرْعيين إلى الغروبِ البَعيدِ/ والموْتُ هُوَ الشُّروقُ القَادِمُ مِن ضِحْكةِ الضَّبابِ / الحقائبُ الجِلْديةُ أضرحةٌ / سَأَكونُ مُعطَّراً بالقُبورِ عِندَ سُقوطِ طائرتي / فَلا تُخبِري أُمي/ شَبَحُ دَوْلةٍ يُصادِقُ أشباحَ دَمْعي/ وُلِدْنا في عَالَمِ الأشْباهِ والأشباحِ/ ولم يَعترف الفَجرُ بِوُجوهِ الضُّيوفِ / وَكُلُّنا ضُيُوفٌ عَلى سَمَكةِ القِرْشِ / انفصامٌ في شَخصيةِ الشَّاطئِ/ والبَحرُ حَزينٌ / لأنَّ الحمَامةَ تَبني عُشَّها على شَكْلِ جِنازةٍ مَهيبةٍ / أَرحلُ مِن نَزيفي / أَزرعُ هَلْوستي في حُقول الرَّصاصِ / مَاتَ جَدِّي وَهُوَ يَغرِسُ الضَّحِكاتِ في جُذورِ الزَّيتون / وَقِطَّتي العَمياءُ تَسمَّمتْ / صُودِرَتْ كِتاباتي / والأناناسُ لم يُفرِّقْ بَينَ غُرفةِ الإعدامِ بالغازِ والغازِ المسيلِ للدُّموع /
     كُلُّ قِصَصِ الحبِّ سَتَموتُ مَعَ الموتى / أُهاجِرُ مِن جُرْحي المزدَحِمِ بالعُقبان / أُقبِّلُ حُزني لِئلا يَظُنَّ أني حَزينٌ / وأطيافُ الرَّمْلِ تَشنقُ صَحراءَ القُلوبِ / فاجْمعي أجزاءَ بُكائي هذا الغروب/ صُداعي شَامةٌ في وَجْهِ البُركان / وسُعالي شَاطئٌ للذئابِ العاجزةِ جِنسياً / والشَّوارعُ تَقْلي البَطاطا في دَمْعي الساخنِ / والأراملُ يُصَلِّينَ عَلَيَّ صَلاةَ الجِنازةِ/ وُجوههنَّ بَيْضاءُ/ وأكفاني بَيْضاءُ/ البُندقيةُ شَمْعتي في أزقةِ الحشراتِ / فَكَيْفَ سأتزوجُ الغاباتِ والحرَّاسُ يَنامون في خُدودي ؟! / أَزُورُ قَبري في مَوْسِمِ الحصادِ / المناجِلُ أحزانُ النِّساءِ / والسُّيوفُ مُغمَدةٌ في تفاحِ الطرقاتِ / تَذوبُ أشعةُ الشَّمسِ في قُضبان السِّجْنِ مِثْلَ الشُّوكولاتةِ أو قِلاعِ القُرونِ الوُسْطى /
     في مَمَالِكِ الوَخْزِ / تُصبحُ مَذْبحتي مَاركةً مُسجَّلةً / وتلتصقُ جِنازتي على ألعابِ الأطفالِ / وتَصيرُ انتحاراتي سِيناريو لِفِيلمٍ عَاطفيٍّ / أيها الزَّيتونُ الباكي / سَتَصْعَدُ مِن بَراميلِ المرفأ / الذاكرةُ نَعْشٌ مِن نُحاسٍ / مِقْصلتي مَخْطوطةٌ يُحقِّقها الغبارُ الفِضيُّ / وَجْهي الامتدادُ الجغرافِيُّ لموْتي/ الشُّطآنُ تُلقي عُلَبَ البِيرةِ في رِئةِ البَحر / مَاتَ العُشَّاقُ / وَجَدْنا الْحُبَّ وَأَضَعْنا القلبَ/ وَجَدْنا جُثَّتي/ ولكنْ أيْنَ أنا ؟/ عَثَرْنا على الذِّكريات/ وَأَضَعْنا الذاكرةَ / قَمَعْنا الأحلامَ / وَأَطْلَقْنا سَرَاحَ الْخَيَالِ / وَجَدْنا الخطوةَ / وَضَيَّعْنا الطريقَ /  
     أَبي / كُنتَ تُريدني أَن أُنجبَ أطفالاً أَعتني بِهِم / مَا زِلْتُ أتحسَّسُ سُورَ مَنْزِلنا عِندَ أصواتِ الرَّصاصِ / تتكاثرُ المذابحُ في الخوْخِ الأسيرِ / دَمْعاتي أكياسٌ يُخَزِّنُ فِيها البَرْقُ الجماجمَ المجهولةَ / وَدَاعاً أيتها الكاميراتُ/ التي صَوَّرَتْني عَلَى خَشَبةِ الإِعدام /
     وَرَمٌ غَيْرُ خَبيثٍ في ثَدْيِ الشَّمعة/ والوَطْواطُ لا يُفرِّقُ بَين المرأةِ العاريةِ والحائطِ/ آخِرُ أيامِ الفَراشةِ / وَشَهواتُ المطرِ المكْبوتةُ / سَأَعْثُرُ على دِمائي في شَقائقِ النُّعمان / حِيطانُ زِنزانتي تَرْسُمُ خَرائطَ أجفاني / تَعْرِفُني الحِيطانُ والطحالبُ / وَلا يَعْرِفُني سَجَّاني / تُشْبِهُ دُمُوعي البَطاطا المقْلِيَّةَ / وَضَريحي طَاولةٌ يَتيمةٌ في مَطْعَمٍ لِلوَجَباتِ السَّريعةِ / أَخافُ أن أنامَ / كُلما نِمْتُ رَأيْتُكِ مَصْلوبةً عَلى الضَّبابِ البَنَفْسَجِيِّ / تَزوجتُ ضَوْءاً مَاحِياً / وانْبَعَثْتُ مِن مُعْجَمِ الزَّبدِ / عُرُوقي خَنادقُ أَشْوِي فِيها بِداياتِ الصَّدى / وَرُبَّما يُصْبِحُ انتحاري فَارِسَ أحلامِ سَمَكَةٍ لَقيطةٍ .