15‏/07‏/2019

المومياوات أثناء الرقصة الأخيرة / قصيدة

المومياوات أثناء الرقصة الأخيرة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

  دَوْلةُ الجِراحِ تَوغَّلتْ في احتضارها / المساءُ وَجَعٌ لا تَحتمله الزَّنابقُ / وسَنابلُ الدُّخانِ هِيَ إِعلانُ وَفاةِ الدَّوْلةِ / جَهَّزْتُ لِدَوْلةِ الهوَسِ قَبْراً / وأَخذتُ إِجازةً مِن أخاديدِ دَمي وارتحلتُ / الملِكاتُ يَتَسَوَّلْنَ على إشاراتِ المرورِ / كَي يَحْصُلْنَ عَلى المصْروفِ اليَوميِّ / بَيْتي عَلى كَوْكبِ زُحَل / وأشلائي في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحي /
     شُهداءُ / لا تتَّصلوا بِي لأنَّ هَاتِفي مُرَاقَبٌ / تتجمَّعُ شَقائقُ النُّعمان في عُيونِ الرَّاقصاتِ لِتَكتبَ قَوانينَ الطوارئ / إِنها بِلادُ مَا وَراءَ الدُّموعِ البَنفسجيةِ/ هَل بِعْناها أَم باعتنا ؟! / تَوابيتُ المراهِقاتِ عَلى طَوَابعِ البَريدِ / مَشَانِقُ خَمْسُ نُجومٍ / مَحاكمُ عَسكريةٌ للفراشاتِ المولودةِ قَبْلَ الأوانِ / حُقولُ الضَّوءِ المخنوقِ / ولا أحدَ يُحاكِمُ الصَّدى الذي تآمَرَ على الصَّوْتِ /
     افْرَحْ أيها الضبابُ الأطرشُ/ لأنكَ مِتَّ قَبْلَ أن تَموتَ أحلامُكَ/ أيها الغريبُ / سَتُصبحُ الحشراتُ عَشيرتكَ الجديدةَ / تَحْمَرُّ خُدودُ الجاريةِ أمامَ سَيِّدها / وَيُولَدُ في أزهارِ الحِقْدِ النَّمْلُ المزَيَّنُ بالأوسمةِ / أَحْضَرَ النِّسيانُ للفَراشةِ السَّجينةِ  طَبيباً / فأَوْصَى بإِعدامها ثَلاثَ مَرَّاتٍ يَوْمياً / أَغلقتُ كَبِدي أمامَ السَّائحاتِ / وَاكْتَشَفْنا مَحَاكِمَ التَّفتيشِ في قِطَعِ الشُّوكولاتةِ / فَواتيرُ الدَّمِ في مَطاعِمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / والأرقُ الأزرقُ كَدِمَاءِ الأرستقراطياتِ / فَيَا ضَريحَ اللازَوَرْد / احْجُزْ نُسختكَ مِن صُكوكِ الغُفران ذَاتِ الحجمِ العائليِّ / أطفالُ الخِيَامِ يَقُودون تَمَرُّداً عَسْكرياً ضِدَّ الذِّكرياتِ / وَدِمائي تَمَّ تَوْقيتها في أمكنةٍ تَبتلعُ أزمنتي / والرَّعدُ يُفخِّخُ دُموعي في عِيدِ الجوعِ /
     عِندما زَرَعني البَرْقوقُ على خَشَبةِ الإعدامِ / عَرَفْتُ مَعنى الدِّيمقراطيةِ / وعِندما سَرَقوا ذَاكرةَ الرِّيحِ / عَرَفْتُ مَعنى الأُخوةِ البَشريةِ / وعِندما اكتشفَ الطوفانُ أنَّ خَطيبته مِن الاستخباراتِ العَسْكريةِ / عَرَفَ مَعنى الحبِّ الأوَّلِ /    
     السَّبايا العائداتُ مِن طُرْوادة / الذاهباتُ إلى الدِّيسكو / نَسِيتُ الرِّماحَ على فِراشِ الموْتِ / وأَقضي وَقْتَ فَراغي في تَرقيمِ الجثثِ المجهولةِ / وَحِسابِ أعدادِ الضَّحايا / المرايا المنقوعةُ في دَمِ القِطَطِ / والأشجارُ تَكتبُ القَصائدَ عَلى فُوَّهاتِ المدافِعِ / المطرُ يَقْتلعُ جِلْدَ التاريخِ / مَنثورةٌ سِحْنتي في لُعابِ البُرتقالِ / لَيْتَ ظِلَّ الغيماتِ يَتعرَّفُ على قَاتلي / زَوْجةُ القُبطان تُزيِّنُ هزائمَ البَحرِ الأخيرةَ / ضَحِكْنا / وكُنَّا للبُكاءِ فُوَّهةً / الدَّمْعاتُ الإلكترونيةُ / والليالي المرتَعِشةُ / عَشاءٌ على ضَوْءِ الشُّموعِ / لَكِنَّ الصُّحونَ فارغةٌ / وخُدودُ الصَّبايا مِن النُّحاسِ / وَلَدْتُ نَفْسي / وَقَتَلْتُ نَفْسي / وَبَكَيْتُ عَلى نَفْسي / لَكني لَم أَجِدْ نَفْسي / أُوَدِّعُ جِرْذانَ قَرْيتي / أُصِيبت البِئْرُ بالزَّهايمر / وَفَقَدَ الوَحْلُ ذَاكرته فَلَمْ يَعْرِفْني / أَركضُ في أزقةِ الضَّبابِ وَحيداً كَشَظايا المرْمَرِ التي تَشْتهيني / مَاتَت السَّنابلُ وفي عُيونها أضرحةٌ مَلَكيةٌ/ أُسْقِطَت الجِنسيةُ عَن الفَراشةِ/ لَيْسَ لها شَهادةُ مِيلادٍ/ والموْتُ مِيلادٌ / وَأنا الميْتُ الموْلودُ لا الموْلودُ الميْتُ / تاريخُ الإبادةِ الجماعيةِ يُلاحِقني مِن قَصيدةٍ إلى قَصيدةٍ / وَمَا وَجَدَ اللاجئون غَيْرَ صَناديقِ الاقتراعِ / لِكَي يَحْتموا فِيها مِن القَصْفِ الجويِّ / سَيُوَقِّعُ الشَّجرُ حُكْمَ إِعدامِكَ / وأنتَ في دَوْرةِ المِياه / وَحْدَهم المشْنوقون يَحْتَفلون بِذِكْرى مِيلادي / سَتُصبحُ أطلالُ قَرْيتي أعْوادَ مَشانِقَ أو أعوادَ كِبْريت / وَالقَبائلُ المتناحِرةُ اتَّفقتْ على اقْتسامِ جُثتي / وذلكَ الألَمُ لَهُ صَوْتُ الفَجرِ وصَدى التِّلالِ /
     أيتها الغريبةُ / تَرْقُصين في الملهى الليليِّ / والشُّعوبُ تَرْقُصُ في الملهى النَّهارِيِّ / جُلودُ الإِماءِ رَبْطةُ عُنُقٍ للنَّخاسِ / ورأسي المقْطوعُ مَانِعةُ صَوَاعِق / كُلما استمعَ المساءُ لأقوالِ الجليدِ / تكسَّرتْ تِيجانُ الزَّبدِ / سَأَرْثي نَفْسي لأُوَفِّرَ على الشُّعراءِ مَشَقَّةَ رِثائي / طَرَدني بَيْتي مِن قَلبي / والتاريخُ جَالسٌ على كُرسيٍّ مَنْسيٍّ / في قاعةِ الانتظارِ في المطارِ/ كُلُّنا مُسافِرُون/ كَوَّنْتُ أُسْرةً مِن قُضبانِ السِّجْنِ وَحِبالِ المشانقِ/ سَأَتركُ تِجارةَ العَلاقاتِ الزَّوْجيةِ لِبَناتِ الخليفةِ اللاشرعيِّ / اللواتي أَكْمَلْنَ الدِّراسةَ في أسنانِ تماسيحِ الأمازون / جُدرانُ الزِّنزانةِ تُمارِسُ الرِّيجيم / والبُحيرةُ تتناولُ حُبُوبَ مَنْعِ الحمْلِ / والسُّجونُ تتكاثرُ رُموشاً لِبَناتِ آوَى / وَفُقهاءُ البَلاطِ يُفْتُون بِجَوازِ تَحْديدِ النَّسْلِ / لا تَحْزَنْ أيها الأسْفلتُ لأنكَ عاجزٌ جِنسياً / كُلُّنا عَاجِزُون / أيتها السَّمكةُ العَمياءُ / احْفِري قَبْرَكِ تَحْتَ أشجارِ الكُوليرا/ لَن تَجِدي عِندَ مَوْتِكِ مَن يَحْفِرُ قَبْرَكِ/ بَيْنَ أصابعي تَبني النُّسورُ أعشاشَها / الصُّداعُ يَحْمِلُ جُثماني في الشَّوارعِ الخلفيةِ / وأعمدةُ الكَهرباءِ تَرْكضُ إِلى صُداعي / ولا تَشْعُرُ بالصُّداعِ / مَطَرٌ أمامَ عِيادةِ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / فَيَصِلُ النَّعناعُ مُبْتلاً / دَقَّاتُ قَلْبِ العاصفةِ غَيْرُ مُنْتَظَمَةٍ / وَمَوْتنا قادمٌ / غَسِّلوني بِدُموعِ السَّنابلِ في قَرْيتي المدْفونةِ / تَحتَ ضَفائرِ الفَقيراتِ / جُثماني عَالِقٌ عَلى الحدودِ / لَم تَقْبَلْ أيُّ دَوْلةٍ أَن أُدْفَنَ فِيها / قَبْري أُرجوحةٌ مَهْجورةٌ كَتاريخِ السَّناجبِ / وحَياتي مَسْرحيةٌ مِن فَصْلَيْن وَخَمْسِ جَمَاجِم / أَقْلي الباذنجانَ في دِماءِ الملوكِ قُرْبَ عُروشِ الحمَّى / ذَلِكَ المهَرِّجُ يُضْحِكُ الناسَ وَيَظَلُّ حَزيناً / تَطفو الجثثُ في كُوبِ البَابُونَجِ / وَنَرْمي خَشَبَ البيانو في الموْقَدةِ /
     صَوْتُكِ يَدُلُّني عَلى قَبركِ / الهديلُ أَكَلَ مِرْآتي / فَكَيْفَ سَيَعْرِفُني الدُّودُ ؟! / كَتبتُ تَاريخَ السُّنونو على غِمْدِ سَيْفي / والرَّصاصةُ التي أَطْلَقها عَلَيَّ البَحْرُ / أَغلى ثَمناً مِن ثِيابي/ سَيَظَلُّ الكَمَانُ وَحيداً / وكُلما زَرعتُ القَصائدَ في صَنَوْبَرِ الأضرحةِ / قَبَّلني الثلجُ الدَّامي/ لَيْتني أَجِدُ مَطَراً يَغْسِلُني مِن الاكتئابِ / كُلُّ حُزْنٍ حَفَّارُ وُجوهٍ / يُنَقِّبُ في رُفاتي عَن الكَافيار / وَالطائراتُ الوَرَقيةُ تُحَلِّقُ فِي شَراييني / لَم أُبَايِعْ / وَذَلِكَ بُكائي مَملكةُ الحشَراتِ/كَم نَخلةً صُلِبَتْ عَلى حَبْلِ الغَسيلِ لأنها لَمْ تُبايِعْ ؟/ لا أَمنحُ صَوْتي للصَّدى / وَلَنْ تَجِدَ في شَجَرةِ نَسَبي تَاجَاً / لا تُبايِعْ / لَسْتُ مُذيعةً تَفْتحُ ثَدْيَيْها لِلمُشاهِدين / لَسْتُ أنا / لَن أُبايِعَ / إِنْ أَرَدْتَ حُزناً وَجَدْتَني / وَإِنْ أَرَدْتَ طَبَّاخاً لِلْحَاكِمِ العَسْكريِّ وَجَدْتَني مَاحِياً / هَذا أنا/ لَم أُبايِعْ / بُوصَلةُ انتحارِ القُبْطان لَيْلةُ الزِّفافِ / وَحِيطانُ السِّجْنِ عُرْسٌ لِلبَعوضِ / لا تُبايِعْ / وَإِنْ مَضَغَ حَياتي شَريطٌ سِينمائيٌّ مَنقوعٌ في الدَّمِ / حَرِّرْني أيها الموْتُ أَجِد اسْمي / احْرُثْ جَسَدي أَنْثُرْ حَواجبي ألغاماً / صَوْتُ العَنكبوتِ يَرْسُمُ خَارطةَ سُعالي / لَن أُبَايِعَ /
     تُريدونني أَن أُغَنِّيَ في الحفلاتِ الرَّاقصةِ في القَصْرِ / أن أَتَبَرَّكَ بِفَضَلاتِ السُّلطانةِ / أن تَصيرَ رَقَبتي عَتَبةَ كُوخٍ شَتَويٍّ / تَقْضي فِيه عَائلةُ الجِنرالِ الإِجازاتِ / أن أُقَدِّمَ للأرستقراطياتِ أجفانَ الرِّيحِ في كُؤوس الخمْرِ / أن أَمُدَّ يَدِي مُسْتَجْدِياً قَيَاصرةَ الوَحْلِ /
     أَحصنةُ الضَّوْءِ الهاربةُ/ سَأُصْلَبُ عَلى أخشابِ السُّفُنِ الغارقةِ في مَساءٍ غَامِضٍ / لَم تَضَع النُّسورُ البَيْضَ احتجاجاً عَلى اغتيالي/ مُبِيداتٌ حَشَريةٌ بِرَائحةِ الليمونِ/ لا دَفْتري سِجْنُ البَاستيلِ / وَلا صَيْفي شِتاءٌ لِلْمُتَزَلِّجِين / وَحُكومةُ السَّناجِبِ فَتَحَتْ في قَبْري سَفَارةً لِحَفَّاري القُبورِ / غَرِّدي أيتها الأحجارُ غَيْرُ الكَريمةِ / اترُكي الرِّياحَ للرِّياحِ / كَتِفي شَاهِدُ قَبْرٍ لِليَمامِ / وابتسامتي مَرْفأٌ لأسماكِ القِرْشِ / ضَفادعُ المسْتَنْقعاتِ تُجَهِّزُ لِي جِنازةً مَهِيبةً / مَاتَ جَدِّي قَبْلَ أن نَشتريَ لَهُ وَاقِياً ضِدَّ الرَّصاصِ / والحضارةُ طِفْلةٌ وَاقفةٌ أمامَ جُثةِ أُمِّها / تَنتظرُ بَاصَ المدرسةِ /
     البَحرُ دَافئٌ لأنَّ دُمُوعي احتلَّت الماءَ / صُداعي جُثثٌ جَديدةٌ للنَّمْلِ / نَسِيتُ مَوْعِدَ إِعدامي / والبحرَ الذي خَانني / أُصَلِّي الفَجْرَ ثُمَّ أَسْبحُ في دِمائي الجارحةِ / رُبَّما أَسكنُ في نَشيدِ الضِّباعِ / أو أُدْفَنُ في قَاعِ شَهيقي / السَّمكاتُ تَمْشي في قَوْسِ قُزَحَ / والشِّتاءُ يَغْسِلُ ذاكرةَ الموْجِ بالدَّمعاتِ / يَنمو البَلوطُ في مَلابسي المهْجورةِ عَلى الشَّاطئِ الوَحيدِ / والأُمهاتُ يَنْتَظِرْنَ أبناءَهُنَّ الذينَ قَاتَلوا نِيابةً عَن السَّادةِ النائمين مَعَ الجواري / أَقراطُ الأراملِ نِقاطُ تَفْتيشٍ / والمشاعرُ الآليةُ تَخُونُ حَليبَ المقاصِلِ / يُعيدُ الضَّبابُ خِيامَنا لِلخَيَّاطِ العَجوزِ / وَتَرْحَلُ الذِّكرياتُ إِلى رَائحةِ القُماشِ في الأكفانِ القَديمةِ / وُلِدَ الشَّهيدُ لِكَي يَرْفُضَ القَياصرةَ / فَتاةٌ مَذْبوحةٌ تَنتظرُ فَارِساً مَذْبوحاً يَخْطُبُها / وأحكامُ شَنْقي خَيْمةٌ مَشْدودةٌ بأوتارِ الكَمَانِ / ويَلْتَفُّ حَبْلُ المِشنقةِ حَوْلَ عُنُقِ المساءِ /
     يا أحصنةَ الغَيمِ الأحمرِ / تِلْكَ الألغامُ عَالقةٌ في حَنجرتي / سَنَقْتلُ الفَراشةَ في الشِّتاءِ الدَّامِعِ / ونَشتري أَجملَ ثِيابِ الحِدَادِ / لا أُريدُ القَوْلَ إِنني أُحِبُّكِ / لِكَيْلا تَتعلَّقي بِمَيْتٍ / لكني أُحِبُّكِ / فِرَاشي بَاردٌ كأجنحةِ الذبابِ / وَخَاتَمُ الزَّواجِ باردٌ كالسَّراديبِ الخاليةِ مِن صُراخِ الأطفالِ/ الذين يَلْعَبُون فَوْقَ نُعُوشِ أُمَّهاتهم / أَسندتُ رأسي إلى عَلَمِ المنفَى وَمِتُّ / 
     لا تَخُنْ ظِلالَ الأناناسِ / تَعْشَقُكَ تُفاحةُ الحزنِ / لكنها أُجْبِرَتْ عَلى قَتْلِكَ / لا تَخُنْ ضِحْكةَ الخريفِ في مُدُنِ السُّلِّ / سَيَضَعُ القُرْصانُ الملابِسَ الدَّاخليةَ النِّسائيةَ رَايةً للسَّفينةِ الغارقةِ / لا تَخُنْ قَواربَ الاحتضارِ / سَتَمُوتُ رُمُوشُكَ / وتَنْبُتُ في مَكانِها الخناجرُ / لا تَخُنْ ثُقوبَ جِلْدِكَ / سَيُوَقِّعُ المطرُ عَلى مَرْسُومِ إِعدامِكَ / وَسَوْفَ يُدْفَنُ الْعِشْقُ الكَبيرُ في القبرِ الصَّغيرِ /
     الحضارةُ بَعوضةٌ تُسْحَقُ/ وأهدابي حَافلاتٌ لِنَقْلِ الجنودِ الخاسِرين في المعركةِ / المنتَصِرين في غُرَفِ النَّوْمِ / وَبُكاءُ اليَتامى أرشيفٌ لِجُباةِ الضَّرائبِ / سَتَذوبُ أشلاءُ فُرسانِ الإمبراطورةِ في عُلبةِ البِيرةِ / الخرابُ يُغَنِّي في المدينةِ المرْتَعِشَةِ / والإمبراطورةُ تُجَهِّزُ الظِّلالَ التي سَتَجْلِسُ على العَرْشِ / والشَّعبُ يُصَادِقُ سِلالَ القُمامةِ / مَقْبرةٌ مِن النُّحاسِ / وتاجٌ أخيرٌ عَلى العَرْشِ الفارِغِ / والإمبراطورُ جَالِسٌ في المِرْحاضِ / شُذوذٌ جِنْسِيٌّ في الأديرةِ / فَاتْرُك الموتى يَدْفنوا مَوْتاهم / سَيَكُونُ الرَّصاصُ المطاطيُّ تِذْكاراً لِلعُشَّاقِ وأشجارِ المقابِرِ / والمطرُ المضِيءُ يَمْشي عَلى أظافري السَّحيقةِ /
     رَمَيْنا جُثْمانَ الصَّحراءِ في النَّهْرِ / أَحِنُّ إلى امرأةٍ غَامِضةٍ تَزُورُ قَبْري في السَّحَرِ / ضَاعت الحضارةُ في رُتَبِ الجِنرالِ / تَزْحَفُ الليالي بَيْنَ عُكَّازاتِ الأسرى / وَالسَّنابلُ تُكرِّرُ دَمْعِيَ الخامَّ كَالنفطِ الخامِّ / يَا أيتامَ قَرْيتي / سَتأكلُ الطحالبُ الأوسمةَ العَسكريةَ / سَتَرْكُضُ الأشجارُ في الطُّرقاتِ / فَلا تَدْفِنوا الموتى في الحدائقِ / الجثثُ المضيئةُ في الشَّوارعِ المعْتِمَةِ / لُحُومُ بَشَرٍ مُكدَّسةٌ مُطَعَّمةٌ بَالصَّدفِ/ أَيُّ أرضٍ بَعْدَ صَدْرِ أُمِّكَ المحروقِ سَتَعْشَقُكَ ؟! / تُولَدُ المشانقُ في رِياحِ الغُروبِ / وَتَموتُ في نشيدي / أَيُّ ابتسامةٍ بَعْدَ مَقْتَلِ أبيكَ سَتَعْتَرِفُ بِكَ ؟! /
     خَجَلُ المومِسِ في اللقاءِ الأوَّلِ/ والطحالبُ البلوريَّةُ / وَطُفُولتي صَخْرَةُ الغروبِ / لا أَقْدِرُ على حَمْلِها / سَتَظَلُّ آثارُ الرَّصاصِ على المزهرياتِ / وَيَتجمَّعُ مِلْحُ الدُّموعِ على البَراويزِ / الحشَراتُ مُحَنَّطَةٌ في خُدودِ الفَتَياتِ / وَجَماجِمُ الراهباتِ تُزَيِّنُ أجراسَ الكنائسِ / نَزْرَعُ النِّفْطَ في فَسَاتينِ الجواري / فَتَنْبُتُ رَصاصةُ الرَّحْمةِ في الحضارةِ التي لا تَرْحَمُ / سَوْفَ نمشي إلى يَوْمِيَّاتِ الرَّعْدِ فَوْقَ التِّلالِ في خَريفِ الدِّماءِ / وأنا الغَريبُ في مَرايا عَرَقي / أَقْضي وَقْتَ فَرَاغي في تَلْميعِ شَاهِدِ قَبْري / سَامِحْني يا شَجَرَ البُحَيْراتِ / قَد ذَهَبْتَ إلى الموْتِ / قَبْلَ أن أَقُولَ لَكَ إِنني أُحِبُّكَ .