11‏/08‏/2019

إعدام فقيه سُني في طهران / قصيدة

إعدام فقيه سُني في طهران / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     يَا قَاتِلِي / لا تَحْمِلْ دَمِي عَلَى ظَهْرِكَ تَذكَارَاً لِلأَعْشَابِ الْمَنْفِيَّةِ / سَيَمْشِي الْمَرْمَرُ عَلَى بَلاطِ الدَّمِ الْحَجَرِيِّ / وَالْغَسَقُ يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ كُتُبِهِ / اتْرُكْ لِي أَيُّهَا الْمَوْجُ فُرْصَةً لأُرَتِّبَ مَكْتَبَتِي الْمَنْزِلِيَّةَ / لا تَقْطِفْ لَحْمَ الأُسُودِ عَنْ أَغْصَانِ الْمَعْنَى / وَفِي جِلْدِي الثَّانِي تَمُرُّ كُلَّ لَيْلَةٍ أَسْوَارُ الْمَدْفَنِ / حَيْثُ تَرَكَت اللبُؤَاتُ الشَّرِيدَةُ وُجُوهَهَا / وَنَامَ الطِّينُ الْمَعْجُونُ بِالْبَارُودِ النَّقِيِّ / وَيَغْفُو الْقَصْدِيرُ عَلَى أَعْمِدَةِ الثَّلْجِ الْبَنَفْسَجِيِّ/ سَأَتْلُو مَقُولاتِ الشَّمْسِ عَنْ قِصَّةِ تَشَرُّدِنَا فِي الليْلَكِ الْهَرِمِ/
     وَأَتَيْنَا نَجُرُّ أَرْصِفَةَ الْحُزْنِ / حَامِلِينَ مَا تَبَقَّى مِنْ عَرَقِ التِّينِ / مَنْزِلُنَا فِي غَرْنَاطَةَ صَارَ مَسْرَحَاً لِلْعُرَاةِ / وَوَكْرَاً لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ / يَا قَصْرَ الْحَمْرَاءِ / اتَّصِلْ بِي هَاتِفِيَّاً قَبْلَ أَنْ تَهْوِيَ الْمِقْصَلَةُ عَلَى رَأْسِ أَبِي / نَرِثُ زَيْتُونَ الشَّفَقِ / وَنُسَجِّلُ أَسْمَاءَنَا عَلَى خُدُودِ الْمُتَوَسِّطِ / دَعُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ ضَوْءِ وُجُوهِ الأَنْبِيَاءِ / لِيَ الْمَشَانِقُ خَالِيَةً مِنْ أَعْوَادِ الثِّقَابِ / لِيَ المقاصِلُ خَاليةً مِنَ الكُولسترولِ / وَسَيَّافُ الْخَلِيفَةِ يُدَخِّنُ الرِّمَالَ وَيَنْفُثُهَا سُيُوفَاً / أَتَوْا كَالصُّبَّارِ الذَّهَبِيِّ فِي أَمْوَاجِ الذَّاكِرَةِ / يَا حَادِي الْفَرَاشَاتِ / تَفَرَّسْ فِي لُحُومِ الْبُرْتُقَالِ / لا مِقْصَلَةُ جَدِّي ابْتِسَامَةُ الشَّفَقِ / وَلا مِدْخَنَةُ كُوخِي نَوْرَسٌ أَطْرَشُ / غَامِضَةً كَانَتْ ضِحْكَةُ الْخَرِيفِ فِي مَزَارِعِ وَأْدِ الْبَنَاتِ / فَاحْفِرْ فِي أَصْفَادِ النَّهْرِ مُسَدَّسَاً / تَسْتَعْمِلُهُ الأَدْغَالُ لِحِمَايَةِ أَعْوَادِ مَشَانِقِنَا / كُلُّ طَلْقَةٍ فِي أُذُنِ الْبُحَيْرَةِ حُلْمٌ لِلْقَادِمِينَ مِنْ وَهَجِ أَشْلاءِ التُّفَّاحَاتِ / وَفِي خُطَى الْغَرِيبِ يُولَدُ أسْفَلْتٌ ثَائِرٌ / كَيْفَ قُتِلَتِ الإِوَزَّةُ فِي مُؤَلَّفَاتِ النَّهْرِ ؟ / يُشَجِّعُ السُّلُّ غَابَاتِ سَمَرْقَنْدَ عَلَى التَّفتيشِ في أَشْكَالِ مَجْزَرَتِي / وَتَوَهُّجَاتِ قَطِيعِ السُّيُوفِ الَّذِي يَنْهَشُنِي / فَاعْبُرْ ظِلَّكَ الْخَشَبِيَّ فِي مَسَاءَاتِ الزَّيْتُونِ / وَتَذَكَّر اسْمَ مَنْ خَلَعَ عُيُونَ أَصْفَهَان / انْطَفَأَتْ لُحُومُ الشُّمُوعِ / لَمَعَتْ عَقَارِبُ السَّاعَةِ فَوْقَ أَضْرِحَةِ السُّنْبُلَةِ / عُودُوا إِلَى خَنْجَرِ الْبَحْرِ الْمُحَنَّطِ فِي جُلُودِ الْعَبِيدِ /
     إِنْ تَفْتَحْ رِئَتِي / تَجِدْ أَكْوَاخَاً يَسْتَحِمُّ فِيهَا الْبَارُودُ / الدُّرُوبُ الْبَنَفْسَجِيَّةُ تَقُودُ إِلَى الدُّرُوبِ الذَّبِيحَةِ / وَزَوْجَةُ النَّهْرِ حَامِلٌ / أَسْقَطَهَا غُصْنُ الْمَوْجِ فِي الإِجْهَاضِ الْقَسْرِيِّ / تَوَهَّجَتْ غَابَةٌ / حَمَلَ الْعُشْبُ حَقِيبَتَهُ الْمَدْرَسِيَّةَ / نَهَارِي أَفَاقَ عَلَى هَزِيمِ كُرَيَاتِ دَمِي / احْمِلُوا جُثَّتِي إِلَى جُثَّتِي / اتْرُك الْمَرَاثِي تَرْثِ الْمَرَاثِي / وَلْنَمْشِ إِلَى بَرِيقِ قُضْبَانِ أَقْفَاصِنَا الصَّدْرِيَّةِ / كَانَ الْوَرْدُ الْحَبِيسُ يَرْفَعُ مُجْبَرَاً أَوْحَالَ ذَاكِرَةِ الْخَشَبِ عَنِ التِّيجَانِ الْمُبَعْثَرَةِ / بَعْثَرَ النُّحَاسُ ظِلَّهُ / كُنْ أَكْثَرَ لَمَعَانَاً مِنْ حَبْلِ كِتَّانٍ يَشْنُقُ مِشْنَقَتِي / لَكِنَّ الزُّهُورَ طَرِيقٌ / دَمِي قِطَعُ سُكَّرٍ / ذَوَّبَهَا الْبَرْقُ فِي كُؤُوسِ الْمَجْزَرَةِ / هِيَ رِئَتِي الثَّوْرَةُ اللازَوَرْدِيَّةُ / أَرَى مَوْتَ الْبَنَفْسَجِ فِي أَجْفَانِي يَرَانِي / وَالْقَمْحُ يَرِثُ حَنْجَرَةَ الشَّمْسِ / يا أَخِي الْمَوْت / سَأَكُونُ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ يَوْمَ تُذْبَحُ / تَذْهَبُ أَكْيَاسُ الدَّقِيقِ إِلَى عُنْفِ أَلْوَانِ طَاوُوسِ الْقَشِّ / لِجَبِينِ الشَّعِيرِ حُمْرَةُ الْغُرُوبِ / عِنْدَ شُرُوقِ النَّعْنَاعِ عَلَى سَوْطِ الْعَصْفِ / رَكَضَت الشَّوَارِعُ إِلَى غُرْفَةِ نَوْمِهَا فِيَّ / يَحْتَلُّ وَرْدَاتِ صَلْبِي سُعَالُ الشَّفَقِ / ظَلَّ الْمَسَاءُ يَحْفِرُ أَغَانِيهِ فِي إِعْدَامَاتِ الرَّاعِي / والأغنامُ تَسْبَحُ فِي لُؤْلُؤِ الأَنِينِ / أَيْنَ خَبَّأَ الْمَوْزُ أَعْوَادَ الْمَشَانِقِ وَقُمْصَانَ الْفَحِيحِ ؟ /
     لَسْتُ لِلسِّيرَامِيكِ صَوْتَاً / صَوْتِي يَنْقَلِبُ عَلَى صَوْتِي / والمقابرُ الكريستاليةُ تنامُ في حُلْقومي / لَكُمْ مَسَاءَاتُ الذُّرَةِ خَالِيَةً مِنَ الصُّرَاخِ لَحْظَةَ وِلادَةِ الْبُحَيْرَاتِ / إِنَّهَا أَنَاشِيدُ الصَّعْقِ الْكَهْرَبَائِيِّ / لَكِنَّ الْمُنْشِدَ لَمْ يَأْتِ / وَجْهُ الضَّبَابِ مِنَ الأسمنتِ الْمُسَلَّحِ / أُعْطِي وَجْهِي لِلْفَجْرِ الْقَادِمِ مِنْ شَرَايِينِي / وَأَنْتَظِرُ حَبْلَ غَسِيلٍ يَلُفُّهُ الْغَسَقُ حَوْلَ رَقَبَةِ الطُّوفَانِ / قُتِلْتُ فِي ظُرُوفٍ غَامِضَةٍ / وَأَغْلَقَت الرُّعُودُ مِلَفَّ الْقَضِيَّةِ /
     أَرْمَلَةُ الْخَشَبِ تَزَوَّجَت الرَّمَادَ / يُحْتَضَرُ زَوْجُ الْمِدْخَنَةِ/ قُمْ أَيُّهَا الرَّمْلُ التُّفَّاحِيُّ مِنْ شَظَايَانَا / لِلْمَرَايَا نَحِيبُ مَا انْكَمَشَ مِنْ ذِكْرَيَاتِ الْبَرْقِ / عُدْنَا إِلَى أَسْمَاءِ النَّهْرِ السِّرِّيةِ / رَحِيلُنَا يَتَوَهَّجُ كُلَّمَا عَانَقَ الْوَادِي قِرْمِيدَ أَحْزَانِنَا / أَتَوْا مِنْ حَيْثُ يُعانِقُ الارْتِعَاشُ أَقْنِعَةَ السُّيُولِ / إِنْ تَجْمَعْ أَجْزَاءَ ظِلِّي فِي كِيسٍ وَرَقِيٍّ / يَنْفَجِرْ ضَحِكُ السُّنُونُو بَيْنَ أَنْيَابِ الْقَشِّ / لا فَرَاشَاتِي بَرَامِيلُ نِفْطٍ / وَلا أَنَاشِيدُ دَمْعَتِي فَرْوُ ثَعْلَبٍ / أَنَا الشَّاطِئُ الْبَعِيدُ / النَّزْفُ النِّهَائِيُّ / كَلِمَةُ الشَّجَرِ فِي حَفْلَةِ تَنْصِيبِي مَنْبُوذَاً /
     لَيْتَ ظِلالَ الْغَيْمِ النَّائِمَةَ عَلَى صَخْرَةِ الرِّعشَةِ تَفِيقُ أَفَقْتُ/ قَالَ التُّرَابُ الْبَاكِي : ((وَدَاعَاً يَا مُومِسَاتِ بِلادِي / مِتُّ وَمَا زَالَتْ أَجْسَادُكُنَّ تَبْحَثُ عَنْ خَنَاجِرِ الرَّمَادِ )) / تَعَلَّمَ الْفِرِنْجَةُ قَتْلَ الْحُبِّ/ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مُضَاجَعَةَ نِسَائِهِمْ/ قَدْ يَعْمَلُ الْفَيَضَانُ مُرْشِدَاً اجْتِمَاعِيَّاً لِلزَّوْجَاتِ الْخَائِنَاتِ / أُرْشِدُ أَمِيرَاتِ مُونَاكُو إِلَى ارْتِدَاءِ الْحِجَابِ /
     التِّينُ يَخْلَعُ أَسْنَانَ الْغَيْمَةِ / يُفَكِّرُ الْحَائِطُ فِي مَصِيرِ الْكَسْتَنَاءِ / كَانَتْ خُيُولُ الرِّعْشَةِ أَصْغَرَ مِنْ مَلاقِطِ الْغَسِيلِ عَلَى سُطُوحِ النِّسيان / وَالْمَغِيبُ يَدْفِنُ عُشَّاقَهُ فِي أَجْفَانِ الرَّصَاصَةِ / وَيُتَوِّجُ الشَّرَرَ النَّاتِجَ مِنْ تَصَادُمِ عِظَامِي إِمْبرَاطُورَاً عَلَى مَمَالِكِ الصَّدَى / مَا زَالَ الْوَحْلُ يُصْلِحُ نَعْلَهُ في الزِّنزانةِ الانفراديةِ / طَرِيقِي نَحْوَ خَوْخَةٍ لامِعَةٍ فِي ظُلُمَاتِ النَّزِيفِ / فَلا تُصَدِّقْ نَبَأَ انْتِحَارِ النَّهْرِ فِي أُمْسِيَاتِ الرَّجْفَةِ / هِيَ الْقَذِيفَةُ فِي عُيُونِ السَّرْوَةِ / عَيْنَا قِطٍّ أَجْرَبَ يَغْزُو خَيَالَ الشَّاطِئِ فِي عَرَبَاتِ الْقِطَارِ / الَّذِي يُوصِلُ الْجُثَثَ إِلَى مَقْبَرَتِنَا الْجَمَاعِيَّةِ .