05‏/08‏/2019

نقابة قطاع الطرق / قصيدة

نِقابة قُطاع الطُّرق / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.............

     أُعْطِي لِجُثَّتِي الْخَضْرَاءِ الْمُزْهِرَةِ وَرْدَةَ النُّسُورِ / مَحْبَرَةُ الْمَسَاءِ الأَشْقَرِ تَزُفُّنِي إِلَى أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ الْقَتِيلَةِ / وَرْدَتَانِ فِي الْقَلْبِ جُرْحَانِ فِي مَزْهَرِيَّةٍ وَاحِدَةٍ / أَتَلَفَّظُ بِحُرُوفِ الْغَارِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ الدَّمَوِي / يَا أَمْسَنَا الَّذِي سَيَأْتِي/ كُنْ قَرِيبَاً مِنِّي سَاعَةَ احْتِضَارِ الْبَجَعِ / الْخَوْفُ بِرْوَازُ شَعْبِي عَلَى الْحِيطَانِ الْمُفَتَّتَةِ / نَعُودُ إِلَى مَوْتِ الشَّواطِئِ الْعَارِيَةِ إِلا مِنْ رَغْبَةِ الْحَيَاةِ / مُدِّي إِلَيَّ حَبْلَ مِشْنَقَتِي / كَيْ أَتَزَلَّجَ عَلَيْهِ وُصُولاً إِلَى بَلْدَتِي الْمَسْرُوقَةِ / تَتَكَسَّرُ سُيُوفُ الْكُمَّثْرَى فِي سُرَّتِي / وَالْبَجَعُ يُنَظِّفُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ مِنَ الأَلْغَامِ الأَرْضِيَّةِ / يا بِلادِي القَتيلةَ / إِنَّكِ الْعُشْبَةُ الْبِكْرُ فِي جُرْحي رَايةً لِلنَّوَارِسِ الْمُهَاجِرَةِ / كُلُّ مَا فِيَّ يُنَادِي كُلَّ مَا فِيَّ / سَأُعِيدُ الْبَوْحَ الْمُتَشَظِّي إِلَى الْيَانسُونِ الْبَارِدِ / لَمْ يَحْضُرْ ضُيُوفُ الْحُلْمِ إِلَى كُوخِ الْحَمَامَةِ / لَمْ يَدْخُلِ الليْلُ بَيْتَنَا الْجَبَلِيَّ / مُنْذُ احْتِضَارَاتِ النَّهْرِ الْيَوْمِيَّةِ / أَتَسَلَّقُ مَاعِزَ الرَّصَاصِ / أُنَادِي عَلَيْكَ يَا وَطَنِي / الَّذِي يَأْتِي مِنْ فُوَّهَةِ الإِجَاصِ/ أُنَادِي عَلَى الْفُقْمَةِ الَّتِي مَاتَتْ وَالرَّصَاصَةُ فِي جَيْبِهَا / أَتَقَلَّدُ وِسَامَ الْعُشْبِ الأَبْيَضِ / كَمْ مَرَّةً ذُبِحْتُ عَلَى الرَّصِيفِ أَمَامَ الْعُشَّاقِ الْخَارِجِينَ مِنْ صَالَةِ السِّينَمَا ؟!/ مُسَدَّسٌ خَشَبِيٌّ كَانَ يُدَافِعُ عَنْ أَسْمَائِنَا النَّاهِضَةِ / مِثْلَ غَزالٍ يَفُورُ دَمُهُ فِي الشَّفَقِ الطَّازَجِ /
     يَا إِلَهِي / نَقِّنِي مِنْ دَمِي الْمُلَوَّثِ / لأَحْلَى وَرْدَةٍ فِي الْمَقْبَرَةِ يُغَنِّي الْيَمَامُ / لَمْ يَنْتَظِرْنِي الشِّتَاءُ / حَتَّى أُعِدَّ مَرْثِيَّةً لِجَارَتِنَا الأَسِيرَةِ فِي مُعْتَقَلاتِ الْبَحْرِ / لِوَرْدَةٍ قَيَّدَهَا الشَّكُّ بِرِمَالِ الأَنْهَارِ وَسَلاسِلِ الْجُرْحِ سَأُغَنِّي/ فَهَلْ سَيَمْنَعُنِي اسْمُ الْغَيْمَةِ مِنَ الْبُكَاءِ عَلَى رِئَةِ الزُّمُرُّدِ ؟ / خُذِينِي عَاصِفَةً تَدُلُّ الطُّيُورَ الْمُبْحِرَةَ فِي شَرَايِينِي عَلَى عُنْوَانِ مَجْزَرَتِي/ مَا أَسْرَعَ الدَّمَ الْمُتَدَفِّقَ فِي غَيْمَاتِ الذِّكْرَى ! / انْثُرِي ضَوْءَاً لِلْبُنْدُقِيَّةِ عَلَى الْعَجِينِ / وَالضَّوْءِ الْمَعْجُونِ بِالأَشْلاءِ / نَزْفِي الْعَرِيسُ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ الْمُخْبِرُونَ فُرْصَةً لِلْفَرَحِ / وَدَاعَاً أَيَّتُهَا الْحَشَائِشُ الذَّبِيحَةُ فِي مَوْسِمِ تَزَاوُجِ الرَّوَابِي / أَتَذَكَّرُ مَلامِحَ الْجَبَلِ الْمُنْتَقِلِ مِنْ قَلْبٍ إِلَى آخَرَ / أَتَذَكَّرُ أَعْشَاشَ الْغَسَقِ فِي وِدْيَانِ الْبَنْكِرْيَاسِ الْمُمَدَّدَةِ / عَلَى حَوَافِّ الْمِغْسَلَةِ فِي دَارِنَا الْمُحَطَّمَةِ / جَرَّاءَ قَصْفِ السُّنُونُو بِالْكِلابِ الْمَسْعُورَةِ / جَارَتُنَا الْمُتَحَرِّكَةُ عَلَى كُرْسِيِّهَا الْمُتَحَرِّكِ / أَيْنَ وُجُوهُكُنَّ يَا بَنَاتِ الْعُشْبَةِ الْمُرْتَجِفَةِ ؟ /
     إِلَى شَمَالِ الرَّغْبَةِ / مَضَتْ قَوَافِلُ الأَفْخَاذِ الْمُقَطَّعَةِ / إِلَى جَنُوبِ الرَّغْبَةِ / مَضَى تَصَدُّعُ سُنْبُلَةِ الأَحْلامِ / وَالنَّهْرُ مَا زَالَ يَبْحَثُ عَنْ أَبِيهِ بَيْنَ الضَّحَايَا / يَتَذَكَّرُ الليْلَكُ أَقْوَاسَ النَّصْرِ عَلَى بَوَّابَاتِ دَمْعِي / لأَنَّ الْوَشَقَ يَدْفِنُ الْبَرْقُوقَ فِي قَاعِ الْمُحِيطِ / فَامْشِ أَيُّهَا الْغَيْمُ إِلَى أَغْصَانِي قُرْبَ زَوَايَا الْمُعْتَقَلِ / النِّصْفُ الأَعْلَى مِنْ جَسَدِ البِئْرِ/ عَلَى كَتِفِي يَنَامُ الْبُرْتُقَالُ / وَرِئَتِي تُبَاعُ خَلْفَ زُجَاجِ الْمَحَالِّ التِّجَارِيَّةِ / أُفَكِّكُ تَعَالِيمَ التُّفَّاحِ إِلَى أَبْجَدِيَّاتٍ ثَائِرَةٍ / الأَسْلاكُ الْمُكَهْرَبَةُ أَوْبِئَةُ حِيطَانِ الْعَفَنِ / تَرْكُضُ نَبَاتَاتُ الزِّينَةِ إِلَى سِحْنَةِ الْقَمَرِ / أَيُّهَا الْقَلْبُ الَّذِي يَصِيرُ شَعْبَاً مِنَ الْكَلِمَاتِ وَالأَضْرِحَةِ وَالذِّكْرَيَاتِ/ لَوِّحْ لِلْمُسَافِرِينَ بِِمِينَاءِ الْعِشْقِ/ أَتَدَاخَلُ مَعَ مِيَاهِ الأُكْسُجِينِ مُسَافِرَاً مَنْفِيَّاً / حَامِلاً جُمْجُمَتِي الأَنِيقَةَ فِي حَقِيبَتِي غَيْرِ الأَنِيقَةِ / أَمْهِلِينِي يَا أَحْصِنَةَ الْمَغَارَةِ حَتَّى أُجَهِّزَ وَصِيَّتِي / مَنَادِيلُ الْبُحَيْرَاتِ في مَزْهريَّاتِ الثَّوْرَةِ / أَنْقِذْنِي مِنْ شِكْلِ بُنْدُقِيَّتِي / وَأَكْوَامِ الْبُنْدُقِ فِي حَارَاتِ الارْتِعَاشِ/ كُنْ مَعِي يَوْمَ يَتْرُكُنِي وَجْهِي وَيَرْحَلُ مِنْ بَسَاتِينِ الْخَوْفِ / مَرَّتْ فِي جَسَدِي بَرَامِيلُ الذِّكرياتِ / فَصَارَتْ أناشيدي اسْمَاً خَفِيَّاً لِلْبَحْرِ / ولَسْتُ الْبَحْرَ / وَلا أَنْسَخُهُ عَلَى مُحَيَّايَ / حَضَرْتُ أَعْرَاسَ الْبَطِّ / تَزَوَّجَ الأسْفَلْتُ فَرَحَ صَيَّادِ السَّمَكِ / أُغَنِّي فِي غُرْفَةِ التَّحْقِيقِ وَحِيدَاً / خَالِيَاً إِلا مِنْ نُمُورِ الرَّفْضِ / سَيَغُوصُ مَا بَقِيَ مِنِّي فِي أَشْرِعَتِي / هَلْ تَفْهَمِينَ كَلامَ الْبَرْقِ عِنْدَمَا تَحْفِرُ الأَبْجَدِيَّةُ أَجْنِحَتَهَا عَلَى مِعْصَمِي ؟ / لا الْمَسَافَةُ ابْنَتِي / وَلا الرَّصِيفُ عَائِلَةُ البُرتقالِ الْمَنْفِيِّ / وَلَمْ يَكَدِ الْغُرُوبُ يَفْتَحُ بَابَ نَزِيفِي / حَتَّى انْهَمَرَتْ عَلَيَّ قَوَارِبُ الْغَضَبِ / اغْضَبْ أَيُّهَا الْكُرْسِيُّ الْكَهْرَبَائِيُّ / أَلْوَاحُ الزِّنْكِ / قِرْمِيدُ الْمَلاجِئِ / نَهْرُ الْغَثَيَانِ / دَمعاتُ النِّفْطِ /
     قَمِيصُ النَّوْمِ على حَبْلِ الغسيلِ / وجُثةُ المرأةِ على سَطْحِ البَيْتِ المهجورِ / كُلَّمَا أَرَدْتُ لَمْلَمَةَ أَشْلاءِ النَّوْرَسِ نَظَرْتُ فِي الْمِرْآةِ / عُرْسُ الْغَرِيبِ / أَسْمَاءُ الْمَطْلُوبِينَ أَحْيَاءً أَوْ أَمْوَاتَاً / صَيَّادُو الْمُكَافَآتِ / بَلاطُ الْمَخْفَرِ / يَتَكَاثَرُ الْبُولِيسُ السِّيَاسِيُّ فِي سَراديبِ صَدْرِي / سَيَكُونُ لِقاءُ الإِوَزِّ العَاشِقِ في شمَالِ الجثثِ المتعفِّنةِ / يا غاباتِ الحِبْرِ / أَرْجُوكِ / امْشِي فِي جِنَازَتِي / لِتَتَزَوَّجَ الْفَرَاشَاتُ فِي أَدْغَالِ قَلَمِ الرَّصَاصِ / نَحْنُ الْعَابِرِينَ إِلَى خُيُوطِ الْفَجْرِ الأُولَى / وَاقِفُونَ تَحْتَ رَذَاذِ الصَّنَوْبَرِ / لَمْ أُمَيِّزْ بَيْنَ طَعْمِ الْمَطَرِ وَلَوْنِ ثَوْبِ أُمِّي / إِنَّ الْجُرْحَ غَابَاتٌ مِنَ الْقَصْدِيرِ الْعَنِيفِ / فَلْتَسْمَعْنِي سَكَاكِينُ تَتَكَسَّرُ عَلَى مِدْخَنَةِ حُلْمِ الْبَلُّوطِ الْعَجُوزِ / هَذَا الْخَنْجَرُ يَاسَمِينَةٌ أَضَاعَتْ بِطَاقَتَهَا الشَّخْصِيَّةَ فِي تَابُوتِ الأُغْنِيَةِ / وَزُرْقَةُ الدَّمْعَةِ مُصَابَةٌ بِدُوَارِ الْبَحْرِ / مَا زَالَ الْبِطْرِيقُ يَعُدُّ جُرُوحِي وَيُخْطِئُ / أَعْشَابِي قَمِيصُ الْحِصَارِ / والزَّوْجاتُ الخائناتُ يَدْرُسْنَ كُتُبَ فَنِّ الطَّبْخِ / وَمَسَائِي آخِرُ أَيَّامِ الْمَشْنُوقِينَ / عَمَّا قَلِيلٍ سَنَفْتَرِقُ تَرْنِيمَةً لِلشَّجَرِ الْمَيِّتِ فِي كُلِّ الْفُصُولِ / سَيَتَذَكَّرُنَا إِسْطَبْلُ الْغُصُونِ الْمُثْقَلَةِ بِرُؤُوسِ الْقَتْلَى / وَسَنَعُودُ يَا وَطَنِي كَمَا بَدَأْنا / وَرْدَتَيْنِ عَلَى السِّكينِ وَعُرُوشِ اللصُوصِ .