23‏/08‏/2019

البرتقال في مواسم الأحكام العرفية / قصيدة

البرتقال في مواسم الأحكام العرفية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     عِنْدَمَا تَوَقَّفَ قَلْبُ الشَّجَرَةِ عَنِ النَّبْضِ / تَكَاثَرَتْ رَاياتُ القَبائلِ/ تَعِبَتْ شَرَايِينِي مِنَ الرَّكْضِ فِي مَدَارَاتِ الْكَسْتَنَاءِ / لأَنَّ أَرِسْطُو يَعْمَلُ سَائِقَ تَاكسِي بَعْدَ انْتِهَاءِ دَرْسِ الْفَلْسَفَةِ / هَذِهِ الْبُحَيْرَةُ مُدِيرَةُ أَعْمَالِي / وَفِي حُفَرِ الظِّلالِ تَرْتَعِشُ الطَّبَاشِيرُ الْخَاصَّةُ بِالْبِطْرِيقِ / الْوُجُوهُ الْمُصَادَرَةُ / وَهَذَا الْحُزْنُ الْمَجَّانِيُّ سَيُكَلِّفُنِي عِظَامَ البُرتقالِ / نَسْلُ الْحَجَرِ صَهِيلٌ / وَسُعَالُ قِطَّةٍ مُسِنَّةٍ فِي بَيْتِ الأَشْبَاحِ / أَنَا الْمَنْفَى الَّذِي يُفَتِّشُ عَنْ دَمِهِ دَاخِلَ خَوْخَةِ الْقِتَالِ / أنا الْحُلْمُ المقتولُ في الحياةِ / العَائشُ في الْهَيْكَلِ العَظْمِيِّ للقَصيدةِ / 
     يَا أَرْمَلَتِي !/ أَنَا آسِفٌ لأَنَّ البُروقَ أَهْدَتْ إِلَيْكِ جُثَّتِي فِي لَيْلَةِ الدُّخْلَةِ / سَوَاحِلُ الْوَمْضَةِ تَنْهَشُ فَرَاغَ جُرُوحِي عِنْدَ سُطُوعِي / يَكْتُبُنِي التُّرَابُ شَاطِئَاً لِزَوْرَقٍ يُتْقِنُ قِرَاءَةَ مَعْرَكَةِ ظِلالِي / هِيَ لُغَتِي تَشْفِيرٌ لأَجْنِحَةِ الْعَاصِفَةِ السِّرِّيةِ / أَنهارٌ مِنَ اللازَوَرْدِ تَنْبُتُ فِي بَنْكِرْياسي / لَكِنَّهَا تَصُبُّ فِي مِشْطِ الرِّياح / جِرْذَانٌ تَتَزَوَّجُ الصَّدَى فِي مَعِدَةِ الصَّحْرَاءِ / وَمْضَةٌ وِدْيَانُ الْحُلْمِ الْقَسْرِيِّ / مَحْكُومَةٌ بِالْمَجْدِ أَشْلاؤُنَا الْمُتَرَسِّبَةُ فِي عَضَلَةِ الصَّاعِقَةِ / تَتَكَاثَرُ النِّسَاءُ الْعَارِيَاتُ عَلَى سَوَاحِلِ سَرَطَانِ الْجِلْدِ كَالأَوْحَالِ الْمُسْتَوْرَدَةِ / مَلَلُ الحطَبِ قَبْلَ انْتِحَارِهِ / وَبَعْدَ مُضَاجَعَةِ عَشِيقَتِهِِ / وَجُلُودُ الثعالبِ
تَقْفِزُ عَلَى سُطُوحِ وَهْمِ الْيَاسَمِينَةِ / فِي خَلِيجِ الدَّمْعِ غَطَسَتْ خَنَاجِرُ الْمَوْقَدَةِ / لَكِنَّ أشلائي تُقَاتِلُ كَمِلْحِ الدُّموعِ / والأراملُ يَضْحَكْنَ كالرِّمالِ الْمُتَحَرِّكَةِ / حقَّاً / إِنَّ الْمُذيعةَ الْمُثَقَّفَةَ هِيَ الَّتِي تَكْشِفُ ثَدْيَيْهَا أَمَامَ الْجُمْهُورِ الْمُثَقَّفِ /
     يَا مَنْ خَلَقْتَ الْمَوْتَ وَلا تَمُوتُ / أَنَا سَجَّادَةُ الصَّلاةِ الرَّاكِعَةُ فِي بَيْتِكَ / وَعَبْدُكَ الْمُلَطَّخُ بالْمَحَاكِمِ الْعَسْكَرِيَّةِ / وَكَوْكَبَةُ مَوْتَى مُهَاجِرِينَ إِلَى الأَبَدِيَّةِ / يَا مَنْ تَعْرِفُ مِيعَادَ مَوْتِي / أَنَا دَرَجَاتُ الْمِنْبَرِ تَحْتَ أَقْدَامِ النَّبِيِّ / يَا مَنْ تُطْعِمُ وَلا تُطْعَمُ / أَنَا الْمَجَاعَاتُ الْكَوْكَبِيَّةُ فِي صَحَارِي الْيَاقُوتِ الأَسْوَدِ/ يَا مَنْ تُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ / أَنَا الصَّخْرَةُ الْمَنْفِيَّةُ الَّتِي ذَوَّبَهَا الْحَنِينُ إلى الأشياءِ الغَامِضةِ / يَا إِلَهَ الْعَرْشِ/ أَنَا الْمُطَارَدُ فِي شِتَاءَاتٍ تَخْرُجُ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ/ حَرِّرْنِي مِنْ سِجْنِ عِظَامِي الْبَالِيَةِ / أَنَا سِجْنِي / وَلا عَرْشَ لِي سِوَى دُمُوعِي عَلَى بَابِكَ / أَشْلائِي مَنْثُورَةٌ دُرُوعَاً  لِلأَنبِيَاءِ فِي أَرْضِكَ / أَنَا مَلِكُ الْحُطامِ / وَأَنتَ مَلِكُ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ / اللاشَيْءُ هُوَ أَنَا /
     يَوْمِيَّاتُ أُسُودٍ تَسْبَحُ فِي الشَّفَقِ اللوْزِيِّ / أَركضُ فِي سُعالي / مِثْلَمَا تَركضُ أسنانُ الرِّيحِ عَلَى وَرَقَةِ طَلاقِ الْبِئْرِ / وَسَجَاجِيدُ الأسمنتِ تُنَقِّي خُيُوطَ جَوْرَبِي مِنْ أَدْغَالِ الْيُورَانيُوم / أَسْلاكٌ شَائِكَةٌ لِمَقْبَرَةِ العِشْقِ / لَكِنَّ الْكِلابَ الْمُرَقَّطَةَ تَقْفِزُ / وَلا تُمَيِّزُ بَيْنَ لَوْنِ جَوَارِبِ النَّهْرِ وَأَشْكَالِ الْوَحْلِ / سَأَهْدِمُ ظِلِّي حَجَرَاً حَجَرَاً / وَأَبْنِي شَهيقي وَرْدَةً وَرْدَةً / فِي مَلْعَبٍ يَتَّسِعُ لِكُرَيَاتِ دَمِي الْخَضْرَاءِ /
     لا تَرْفَعِ الرَّايَةَ الْبَيْضَاءَ كَأَثْدَاءِ الْمُطْرِبَاتِ / حَتَّى لَوْ صَارَ نَعْشُكَ رَايَةً سَوْدَاءَ / لا تَسْتَسْلِمْ كَالظِّلالِ الْجَائِعَةِ/ حَتَّى لَوْ هَرْوَلَ على لَوْحاتِ المتاحِفِ رَأْسُكَ الْمُلْتَصِقُ بِفَحْمِ الْمَنَاجِمِ/ أَنَا الْيَاسَمِينَةُ الْمُتَفَجِّرَةُ دَائِمَةُ التَّشَظِّي / وَأَمْلاحُ دَمْعِي أَحْزِمَةٌ نَاسِفَةٌ/ مَوْتي صَرْخَةُ النُّسورِ / تَحْمِلُ أَلْغَامَ الْمَطَرِ / الَّتِي تُعِدُّهَا أُمِّي مَعَ الزَّيْتِ وَالزَّعْتَرِ / والْجَوْعَى يُذَوِّبونَ الأوسمةَ العَسْكريةَ في كُوبِ الشَّاي /  
     فِي عُيُونِ الشَّوْكِ حَمَامَةٌ مَخْنوقةٌ/ والوِدْيانُ تَقودُ قَطِيعَ أَحْجَارِ الشِّطْرَنجِ إِلَى نِهَايَاتِ الصَّدَى / يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ الصَّاعِدَاتِ إِلَى أَجْفَانِ الْحَشَرَاتِ / كَأَنَّ مِكْيَاجَ الأَقْنِعَةِ سَلَطَةُ فَوَاكِهَ يُعِدُّهَا الْوَهْمُ الصَّخْرِيُّ / يَهُوذَا هُوَ الْمَصْلُوبُ الْخَائِنُ الدَّمَارُ الأُفُقِيُّ / وَطَيْفُهُ أَشْكَالُ مُبِيدَاتٍ حَشَرِيَّةٍ تُشْبِهُ ثِيَابَكُنَّ / وَسُيُوفِي تَتَّخِذُهَا الظِّلالُ الْعَرْجَاءُ عُكَّازَةً بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمَعْرَكَةِ / امْتَصَّتْ غَابَاتُ دَمْعِي حُبَّ الأَغْيَارِ مِن قَلْبِي / وَأَبْقَتْ حُبَّكَ يَا سَيِّدِي/ يَا مَنْ لا تَحُلُّ فِي الأَشْيَاءِ/ إِنَّ نَزِيفِي يَحُلُّ فِي مَرَايَا الأَشْيَاءِ/ يَا إِلَهِيَ الْبَصِيرَ / إِنَّنِي المِرْآةُ العَمْياءُ إِذَا لَمْ تَسْكُبْ فِي قَلْبِي نُورَكَ / يُقَاتِلُونَنِي بِسُعَالِ زَوْجَاتِهِمُ الْخَائِنَاتِ / وَأُقَاتِلُهُمْ بِابْتِسَامَاتِ الأَنْبِيَاءِ الْمُخْلِصِينَ / بَرْقُوقٌ جِلْدُ الرِّيَاحِ الْخَشِنُ / سَيَشْرَحُ شَاطِئُ القَراصنةِ أَحْكَامَ الْحَيْضِ لِلسَّمَكَاتِ الْخَجُولاتِ / أنا رَسُولُ الْبَحْرِ إِلَى الرِّمَالِ الْمُتَحَرِّكَةِ/ تَرْكُضُ التِّلالُ فِي نُعَاسِ الْحِجَارَةِ الطَّازَجَةِ / وَالرَّعْدُ لَم يَحْفَظْ جَدْوَلَ الضَّرْبِ لِيَعْرِفَ أرقامَ الزَّنازين /
     وَحْدَكَ أَيُّهَا الْعَارِي في بَراري الكُوليرا / امْتِدَادُ فَصِيلَةِ دَمِكَ فِي جَسَدِ سِنْدِيَانَةٍ/ تَشِيخُ زَفِيرَاً لِلنَّشِيدِ الْمُحَاصَرِ / وَحْدَكَ أَيُّهَا الْعَارِي مِنَ الأَوْسِمَةِ وَالْحَطَبِ / فِي أَكْوَاخِ الْعُشَّاقِ الْخَائِنِينَ / وَحْدَكَ أَيُّهَا الْعَارِي مِنْ رَسَائِلِ الأَمِيرَاتِ الْعَابِثَاتِ بِأَطْيَافِ الْبَحَّارَةِ الَّذِينَ لم يَعُودوا / سَلامٌ لِلطَّالِعِينَ مِنْ خُدُودِي / يَحْمِلُونَ جُثَّةَ قَصِيدَةِ الْحُزْنِ عَلَى نَقَّالَةٍ / سَلامٌ لأَصْدِقَائِي الَّذِينَ لَمْ تُعْجِبْهُمْ مَنْشُورَاتُ أَظَافِرِي / فَانْقَلَبُوا عَلَيَّ وَاغْتَالُونِي / سَلامٌ للآبارِ الصَّاعِدَةِ مِنْ مَسَامَاتِ جِلْدِي عُزْلَةً لأَغْنَامِ الْمَنَافِي / سَلامٌ لِحَرْبِي الْمُقَدَّسَةِ مَعَ ظِلالِ الْغُزَاةِ فِي مِكْيَاجِ شُرْفَتِي / خَطِيبَتِي الرِّيَاحُ / وَذُكُورَتِي نَهْرٌ يُغَيِّرُ مَجْرَاهُ حَسَبَ بُوصَلَةِ الْبَارُودِ/ ويُفَجِّرُ مَصَبَّهُ فِي انْتِظَارِ الْمَرَافِئِ الْمُسَافِرَةِ / والمراعي الموحِشَةُ تَرْحَلُ إِلَى قَمِيصِي الأُرْجُوَانِيِّ .