25‏/08‏/2019

ثلاثة وجوه للعملة العشبية / قصيدة

ثلاثة وجوه للعملة العشبية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     أَخَذْتِ أَصَابِعِي وَقُلْتِ لِي : اكْتُبْ وَصِيَّتَكَ ! / كَيْفَ تَبْكِي الشُّرُفَاتُ عَلَى فِرَاقِكِ / وَتَوَارِيخُ مِيلادِ بُحَيْرَاتِي مَزْرُوعَةٌ فِي سُقُوفِ غُرَفِ الْفَنَادِقِ ؟ / مُهَشَّمٌ وَجْهُ دَيَانَا كَسَيَّارَةِ الْمَرْسِيدِسِ الَّتِي قُتِلَتْ فِيهَا / إِنَّهَا سَاعَةُ النَّحْسِ / الَّتِي افْتَرَسَ فِيهَا الْحَيَوَانُ الْمَنَوِيُّ بُوَيْضَةَ الزَّرْنِيخِ / أَفْعَى تَنَامُ بَيْنَ أَسْنَانِ قَصِيدَةِ الاكْتِئَابِ / لَكِنَّ فَأْرَاً مَشْلُولاً سَقَطَ فِي رِئَةِ الْجُرْحِ الْبُرُونزِيِّ / رَاهِبةٌ عَمْياءُ تَرْكضُ إِلى ستالينغراد تَحْتَ الضَّبابِ الأخضرِ / إِنَّ خَنْجَرَ العِشْقِ مِثْلُ أظافري / كِلاهما يَلْمَعَانِ تَحْتَ رَاياتِ القَبائلِ الْمُنَكَّسةِ / وَمَسَامَاتُ جِلْدي تُقاسُ بالانقلاباتِ العَسْكريةِ / نَسِيَت الزَّوابعُ المواعيدَ التي تَصطادُ المومساتُ فِيها الزَّبائنَ / وَلَمْ يَفْهَم الملوكُ مَشاعرَ البَدَوِيَّاتِ /
     عَجَنْتُ الْبَرَارِي بِدُمُوعِي الَّتِي تُقَاتِلُ/ وَهَبْتُ لِلزِّلْزَالِ حَنْجَرَتِي/ وَأَطْعَمْتُ طَيْفِي لِلصَّاعِقَةِ / إِنَّهَا الْقَادِمَةُ مِنْ بَرَارِي الدِّمَاغِ / وَيَظَلُّ الصَّهِيلُ يَنْحِتُ فِي عِظَامِي الْمَغْسُولَةِ بِالرَّعْدِ اسْمَ الإِلَهِ / وَفِي مَعِدَتِي ضِبَاعٌ تَعْقِدُ مُؤْتَمَرَاً صَحَفِيَّاً / كَأَنَّنِي الْمُغَنِّي الْوَحِيدُ فِي عُرْسِ الرِّياحِ / وَخُيُولُ السَّحَابَةِ تَتَذَوَّقُ اللازَوَرْدَ الْمَقْلِيَّ / ظِلالُ الْمِئْذَنَةِ عَلَى خَرِيرِ قَلْبِي / هَكَذَا تَسْتَخْرِجُ الشُّطْآنُ الْيَاقُوتَ الثَّائِرَ مِنْ شَوْقِ الأَنْبِيَاءِ لِسَيِّدِهِمْ / لَيْسَتْ عَصَافِيرِي أَنَّا كَارنِينَا / فَلا تَنْتَظِرُوا انْتِحَارَ الزَّنْجَبِيلِ عَلَى سِكَّةِ الْحَدِيدِ / لأَنَّ دُمُوعَ تَمَاسِيحِي الأَلِيفَةِ سِكَّةُ النُّحَاسِ / وَبَيْنَمَا كَانَ الْمُلُوكُ اللصُوصُ يَنْتَظِرُونَ عَلَى بَابِ كُوخِي/ كُنْتُ أَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ قِطَّتِي/ هَكَذَا يَخْتَبِئُ الْقَراصِنةُ فِي جَوَارِبِ نِسَائِهِمُ الْخَائِنَاتِ / مِثْلَمَا يُهَرْوِلُ بَابَا الْفَاتِيكَانِ إِلَى الاحْتِضَارِ / لِلْمَرْأَةِ الْمُتَوَحِّشَةِ مَنَافِي الرُّخَامِ / هِيَ لُغَةُ الْغُبَارِ وَرَمٌ سَرَطَانِيٌّ فِي عُيُونِ الضَّجَرِ / وَبَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ وَمِسْبَحَةِ أَبِي / يَبْنِي الطُّوفَانُ دَمِي أَكْوَاخَاً لِلْبَجَعِ الْمُطَارَدِ /
     يَا مَنْ تُطْعِمُ وَلا تُطْعَمُ / إِنَّنِي الْمَجَاعَاتُ الصَّحْرَاوِيَّةُ عَلَى كَتِفِ مَجَرَّةٍ غَامِضَةٍ / فَلا تَتْرُكْنِي جَائِعَاً كَحِصَانِي الْمَنْبُوذِ / إِنَّ بَلْدَةَ الْحُزْنِ الْقَدِيمِ بَائِعَةُ تَبْغٍ عَجُوزٌ / عَلَى ذِرَاعِهَا وَشْمُ الْقَصِيدَةِ / وَجُمْجُمَةُ الْعِنَبِ فِي بِطِّيخَةٍ عَرْجَاء / بَغْلَةٌ مَسْلُوخَةٌ عَلَى نَوَافِذِ النَّهْرِ/ بَيْنَ شَهِيقِي وَزَفِيرِي يَتَنَزَّهُ أَجْمَلُ الْمُلُوكِ الأَغْبِيَاءِ / تَنَفَّسْتُ كَوَاكِبَ اللهِيبِ أَسْمَاءَ النَّارِ / رُكْبَتِي وَسَلاسِلُ صَوْتِي وَغَضَارِيفُ سُعَالِي / كُلُّ أَشْيَاءِ الْحُلْمِ تُقَاتِلُ .