06‏/09‏/2019

من أوراق شاب مات رميًا بالعشق / قصيدة

من أوراق شاب مات رميًا بالعشق / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     حَوَّلْتُ صَدَمَاتِي الْعَاطِفِيَّةَ إِلَى كِفَاحٍ مُسَلَّحٍ / وَانقِلابَاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ / لَكِنَّ الْقَرَاصِنَةَ يَتَزَلَّجُونَ / عَلَى عَرَقِ رَاقِصَاتِ الفلامنغو / إِنَّ الْمِشْنَقَةَ وَالْمِقْصَلَةَ تَتَقَاتَلانِ عَلَى الزَّوَاجِ مِنِّي / هَكَذَا يَنْكَسِرُ حُلْمُ الأَعْشَابِ / فِي الرِّيحِ الشَّمَالِيَّةِ / فَلْيَكُنْ عَشَاؤُكَ الأَخِيرُ / اسْمَاً غَامِضَاً لِوُضُوحِ الأَشْجَارِ / فِي مَوْسِمِ وِلادَةِ النَّارِ الْبَرْمَائِيَّةِ /
     يَصِيرُ جَسَدِي شَمْعةَ الرُّومَانسِيَّةِ فِي الْمَحَاكِمِ الْعَسْكَرِيَّةِ / زَيِّنوا جُثَثَ الْفَتَيَاتِ الْمُغْتَصَبَاتِ بِالأَوْسِمَةِ العَسْكريةِ / وَاتْرُكُوا لأَعْمِدَةِ الْكَهْرَبَاءِ فِي ظَلامِ الشَّوَارِعِ النَّظَّارَاتِ الطِّبِّيةَ لِلرَّاهِبَاتِ / إِذَا اخْتَزَلْتُ حَيَاتِي فِي أَجْسَادِ الأميراتِ / فَمَنْ سَيُدَافِعُ عَنِ الطِّفْلاتِ اللوَاتِي يَبِعْنَ الْعِلْكَةَ / عَلَى إِشَارَاتِ الْمُرُورِ ؟ /
     لَسْتُ رَاعِي كَنِيسَةٍ / لِتَعْتَرِفَ أَمَامِي حَامِلاتُ الأُوسكَارِ / وَأُعَمِّدَ الأَطْفَالَ بِمَاءِ الاكْتِئَابِ / لا تَتَمَسَّحُوا بِي لِتَحْصُلُوا عَلَى الْبَرَكَةِ / إِنَّ ثِيَابِي طِينُ الشَّوَارِعِ / فِي شِتاءِ طُرُقَاتِ الإِبَادَةِ الْجَمَاعِيَّةِ / لا تَنْتَظِرُوا قُدُومَ دُمُوعِي / فِي عَرَبَاتِ الْقِطَارَاتِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ / لأَنَّ جُثْمَانِي صَارَ مَقَرَّاً لأَنْدِيَةِ سَيِّدَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْمُخْمَلِيِّ / فَلا تُضَيِّعِي وَقْتَ صَنَوْبَرِ جُفُونِكِ / فِي انْتِظَارِ الْعَرِيسِ الشَّهِيدِ /
     أُقَاتِلُ فِي الشَّوَارِعِ الْبَارِدَةِ / وَحِيدَاً جَائِعَاً حَافِيَاً / لِيَظَلَّ الْعُشَّاقُ يَتَبَادَلُونَ النَّظَرَاتِ / فِي عَشَاءٍ عَلَى ضَوْءِ الشُّمُوعِ / لَوْ تَعْلَمِينَ كَمْ أَبْكِي عَلَيْكِ / فِي لَيَالِي السُّعَالِ الطَّازَجِ / لَقَضَيْتِ عُمْرَكِ كُلَّهُ فِي الْبَحْثِ عَنْ ضَرِيحِي / فِي غَابَاتِ الْكَلامِ / وَبَحَثْتُ عَنْكِ / فَلَمْ أَجِدْ أَمَامِي غَيْرَ أَحْزَانِي /
     اقْتُلْ قَاتِلَكَ/ تَجِدْ أَصَابِعَكَ حَوْلَ أَكْوَاخِ دُمُوعِ الْفَرَحِ/ كَامْرَأَةٍ احْتَفَظَتْ بِجُثَّةِ زَوْجِهَا الْبَحَّارِ / فِي شُمُوعِ الأَعَاصِيرِ / أُرِيدُ مِشْنَقَةً بِطَعْمِ الشُّوكُولاتَةِ / لأَتَذَكَّرَ حَلِيبَ بَقَرَتِنَا الْمُجَرَّدَةِ / مِنْ جِنْسِيَّةِ الْعُشْبِ / في مَزْرَعةِ الرِّماحِ والصَّهيلِ / أَتَجَوَّلُ فِي شَرَايِينِي / وَأَتَنَزَّهُ فِي دِمَاءِ الأَرْضِ / حُزْنٌ مُخْتَبِئٌ فِي تُفَّاحَةِ السُّيوفِ الْعَمْيَاءِ / وَحُفَرُ الْمَجَارِي تَنَامُ فِي بِطِّيخَةٍ مُتَعَفِّنَةٍ / هَلْ رَأَيْتَ تَابُوتَ نَعَامَةٍ عَجُوزٍ فِي قَلْبِ حَبَّةِ عَدَسٍ ؟ / اقْسِمْ بُرْتُقَالَةً بِخَنْجَرِ الرَّعْدِ / تَنْهَمِرْ دِمَاءُ الْفَرَاشَاتِ / فَابْحَثْ عَنْ قَاتِلِكَ / فِي عُلْبَةِ السَّرْدِينِ الْفَارِغَةِ / ذَلِكَ البَحرُ المخلوعُ يَسْكُنُ في القُصورِ الرَّمْليةِ / وَتَسْكُبُ الصَّبايا دُمُوعَهُنَّ في حُفَرِ المجاري / 
     فِي عُيُونِ الْغُرُوبِ/ امرأةٌ تَغَارُ مِنْ شَاهِدِ قَبْرِي/ لأَنَّ الرِّيَاحَ تَنْسِجُ أَكْفَانَ النَّهْرِ/ وَالْمَوْتَى يُحَدِّقُونَ فِي الْمَوْتَى / كَانَ فِرَاشُ الموْتِ مُمَدَّداً تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / وَالسَّنابلُ تَنْحني عَلى تَابوتِ الغَيْمِ / كُن هَادِئَ الأعصابِ / عِندما تُصْبِحُ عَسْكَرةُ الغَيْمِ نَشيداً وَطَنِيَّاً للأمواتِ / وَتَتزيَّنُ الفَتَياتُ الْمُغْتَصَبَاتُ بِالأوسمةِ العَسْكريةِ/ كَأنَّني أُلاحِقُ طَيْفاً غَامِضاً لامرأةٍ مُنطفئةٍ/ تَنتشرُ فِينا ظِلالُ الموتى / وَنَركضُ إلى غَاباتِ الاحتضارِ الْمُضِيءِ حُفَاةً / الْحُزْنُ أَبُونا الذي لَن يَتخلى عَنَّا / وَالرِّياحُ أمُّنا التي رَمَتْنا في أزقةِ الجِرْذان / الليلُ مَفْتوحٌ للجَرادِ الذي يَأكلُ لَحْمَنا المطبوخَ / والأشجارُ تُطْلِقُ النَّارَ على البُحَيْراتِ / أَرْجُوكَ أيُّها الزَّبدُ / خَزِّنْ في أكياسِ الطحينِ عَرَقَ الشُّموسِ الصَّاعدةِ مِن احْتِضاري/ صَارَ الْحُزْنُ في حَضَاراتِ الإِبادةِ هُوَ الْمَعْبَدَ والقُرْبانَ / سَلاماً أيتها المجروحةُ في أدغالِ الزُّمردِ / تَرْتدينَ نَظَّاراتٍ سَوْدَاءَ لِئلا تَرى السَّنابلُ انكسارَ عَيْنَيْكِ / مُدُنُ السُّلِّ مُحَاصَرةٌ بِكَاميراتِ الْمُرَاقَبَةِ / وَأنا المحاصَرُ بالذِّكرياتِ الجارحةِ كَالعُقْبان / تَرْكُضُ أعمدةُ الكَهْرباءِ عَلى الأسْفَلْتِ / وَنَحْنُ نَركضُ إلى المقبرةِ في لَيْلةٍ خَرِيفيةٍ / تَحْتَ قَمَرِ الأزماتِ العَاطفيةِ / وَالنُّسورُ العَمْياءُ تَبْسُطُ أجْنِحَتَهَا / عَلى جَثَامِينِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ/ أَبْحَثُ عَن قَاتِلي بَيْنَ مُعَادَلاتِ الرِّياضياتِ / وَالنَّوارسُ تَموتُ في حَقيبتي المدرسيةِ / وَالحضَارةُ تتلاشى بَيْنَ الرَّصاصِ الْحَيِّ وَأقلامِ الرَّصاصِ /اكتئابُ الزَّوْجاتِ الخائناتِ في لَيالي الشِّتاءِ السَّحيقةِ / أركضُ إلى رَصيف المِيناءِ كَي أُوَدِّعَ قَاتِلي / أنا الضَّحيةُ وَالرَّايةُ المكسورةُ / مَحْكومٌ بالانتظارِ الأبَدِيِّ / انتظرتُ القَرَاصنةَ / لَكِنَّهم لَم يَأْتوا / جَاءَ الإِعْصارُ / وَلَم يَجِئ البَحْرُ /
     حِينَ يَرمي الضَّبابُ حَواجبي في السِّجْنِ الانفراديِّ / أَشعرُ بأصابعِ أُمِّي على نعشِ أبي / ذُبابُ المجزرةِ/ وتابوتُ النخيلِ/ ولاعباتُ الغولفِ / والبُرتقالُ يَبيعُ قِطَعَ الصَّابونِ لِمُجْرمي الحربِ / بَعْدَ انتهاءِ التطهيرِ العِرْقِيِّ/ اترُكْني أيها البَرقُ طِفلاً/ يَبيعُ البُوظةَ للنَّاجِينَ مِن المذبحةِ / وَيُمازِحُ الخفافيشَ في دُروبِ الزَّهايمر /
     سَيِّدي مَلَكَ الموتِ / أنتَ وَحْدَكَ مَن يَدْخُلُ عليَّ بِلا استئذان / أيتها السِّنديانةُ التي تَحْرِمُ جَبيني مِن الميراثِ/ حَرِّريني مِن حُبِّكِ/ لأتحرَّرَ مِن استبدادِ رُموشي / كأنني مُرْشِدٌ سِياحِيٌّ في أسواقِ النِّخاسةِ / سُعالُ أبي عَلى البَراويزِ الخائفةِ يَكسرُ المزهرياتِ / لكني أُلاحِقُ خُطواتِ أبي على ثِيابِ الشَّجرِ وسُفوحِ الرِّعشةِ / والنُّعوشُ تَسْبحُ في رَغْوةِ القَهوةِ / أَعْرِفُكَ يا لَمَعانَ الفَحْمِ على أكفانِ عُمَّالِ المناجمِ / أخافُ مِن أحلامي / وأحلامي تخافُ مِنِّي .