18‏/09‏/2019

ذكريات عالمة فيزياء شابة / قصيدة

ذكريات عالمة فيزياء شابة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........

     أنا الآنِسَةُ غَيْرُ المنطقِيَّةِ / التي تَعيشُ في الأحزانِ المنطقِيَّةِ / وَحْدَها قِطَّةُ جَارَتِنا المشلولةِ مَن نَجَحَتْ في الْحُبِّ / في هذا الجنونِ الرُّومانسِيِّ الهذيانِ الملَكِيِّ / وَمَذْبَحتي هِيَ الْحُبُّ الأوَّلُ في حَياتي / يَوْمَ كَانَتْ لِي حَياةٌ / ثَائرةٌ أنا عَلى جُنُونِ الشَّوارعِ الْمَهْوُوسةِ / حَتَّى انفصالِ الرَّأسِ عَن الجسَدِ / يُنَقِّبُ الليلُ عَن نَزيفِ الكَستناءِ في رُفاتِ الأمواجِ / فَلا تُعْطِ قَاتِلَكَ عُنْوَانَكَ / إِنَّ قَاتِلَكَ يَعْرِفُ عُنْوَانَكَ / دِمَاءُ السُّنونو تُلَوِّثُ قُمصانَ النَّوْمِ / وَتَتَبَوَّلُ الملِكَاتُ في سَراوِيلِهِنَّ / وَيُفَكِّرْنَ في لَمَعَانِ بَلاطِ صَالةِ الرَّقْصِ / بِلادٌ مَاتَتْ / لَكِنَّها لَم تَجِدْ شَعْباً يَدْفِنُها / لأنَّ الشَّعْبَ ماتَ /
     سَامِحْني أيُّها السُّرابُ القُرْمُزِيُّ / لا أَقْدِرُ أن أُبَدِّلَ عُشَّاقي كالجواربِ الشِّتائيةِ / لأدْعَمَ الدِّيمقراطِيَّةَ في مَمالِكِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / سَامِحِيني أيَّتُها الدُّميةُ في مَسْرَحِ العَرَائِسِ / لا أستطيعُ أن أَظْهَرَ عَاريةً في سُوقِ النِّخاسةِ / لأدْعَمَ حُقوقَ المرأةِ / سَامِحْني أيُّها الإمبراطورُ الذي يَسْرِقُ الإمبراطورِيَّةَ/ لا أستطيعُ أن أصنعَ مِن تَوابيتِ فِئرانِ التَّجارُبِ كُحْلاً/ كَمَا تَفْعَلُ عَشيقَتُكَ الرَّقيقةُ/ سَامِحِيني أيَّتُها الأميرةُ الْمُطَلَّقةُ / لا أستطيعُ أن أثِقَ بِزَوْجِكِ / الذي امْتَصَّ رَحيقَكِ ثُمَّ بَصَقَكِ في مَرْفأ الرَّقيقِ الأبيضِ / لأنَّ أهْلَكِ بَاعُوكِ في السُّوقِ السَّوداءِ /
     يَنْفَصِلُ الرَّصاصُ عَن رُموشِ القَنَّاصِ / وَمُرَوِّضُ الأُسُودِ في السِّيركِ/ يَعْرِفُ أنَّ أَسَدَاً سَيَأكُلُهُ ذَاتَ مَساء / يُعِيدُ التَّاريخُ نَفْسَهُ عَلى خَشَبَةِ الْمَذْبَحِ / يُدَمِّرُونَ الأرضَ ويَكْتَشِفُونَ المرِّيخَ / يَزْرَعُونَ الشَّعيرَ في النَّيازكِ / ويَسْتَوْرِدُونَ القَمْحَ مِنَ الشَّيطان / اسْتَوْرِدُوا الْمِلْحَ مِن دُموعي / واتْرُكوا التَّطهيرَ العِرْقِيَّ لأجفانِ اليَتيماتِ / ذاكرةُ الحطَبِ حُبْلَى بالْمَلَلِ الجِنْسِيِّ / وقَوْسُ قُزَحَ يَغْرَقُ في البَحْرِ عَارياً مِن رَاياتِ القبائلِ / وبَيْعَةِ الخليفةِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ / يَذْهَبُ الرِّجالُ مَعَ نِسائِهِم إلى مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السريعةِ / ويَذْهَبُ النَّهْرُ مَعَ وَسْوَاسِهِ القَهْرِيِّ إلى مَتْحَفِ الإبادةِ /   
     بِئْرُ الكَهْرَمان / والقُرى الْمُحَاصَرَةُ بالكِلابِ البُوليسِيَّةِ / أسرارُ النِّساءِ مُحَاصَرَةٌ بأبراجِ الْمُراقَبَةِ وأبراجِ الكنيسةِ / وَرَقصةُ العَقْرَبِ بَيْنَ قَارورةِ السُّمِّ وَقَارورةِ الحِبْرِ / بَكَى الرَّاعي تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / وَالقَطيعُ يَسيرُ إلى حَافَّةِ الجبَلِ / وَالزَّوابعُ تُجَفِّفُ جُلُودَ العَبيدِ / وَالمطَرُ يُعَقِّمُ جُلُودَ الأغنامِ بِمِلْحِ الدُّموعِ / نَسِيَ الْمُهَرِّجُ كَيْفَ يُجَامِعُ زَوْجَتَهُ / وَمَاتَ في السِّيركِ وَحيداً / تتكاثرُ بَناتُ القَياصرةِ في أجنحةِ الحمَامِ الزَّاجلِ / ورَسائلُ العَاشِقينَ لَن تَصِلَ / فيا أيُّها الفَجْرُ الكاذبُ / كُلُّ الليالي تَمُرُّ دَمْعاً مِنَ القَصْديرِ إِلا نَعْشي / يَمُرُّ تُفَّاحاً للأراملِ وأرشيفاً لأُمَراءِ الحروبِ /
     أشجارُ حَديقتي طَابُورٌ خَامِسٌ / والمزهرِيَّاتُ بَيْنَ شَرايينِ الثلجِ تَخُونُ العُشَّاقَ / وهذه المرايا التي تُقَبِّلُني تَخُونُني / لَم يَعُدْ في مَرايا ضَريحي غَيْرُ بَساتينِ الخِيانةِ / جُثماني دَائرةُ الخديعةِ أمامَ المحاكمِ العَسكرِيَّةِ / وَحُكومةُ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ تَسْرِقُ دَجاجَ جَارَتِنا / والأيتامُ الذينَ يَبيعونَ العِلْكَةَ على إشاراتِ المرورِ / لَم يُفَرِّقوا بَيْنَ الفَراغِ السِّياسِيِّ والفَراغِ العَاطِفِيِّ /
     النَّشيدُ الوَطَنِيُّ للبَغايا / والعَبيدُ يُضاجِعُونَ الملِكاتِ عَلى قَشِّ الإسطبلاتِ / كَيْفَ نَعُودُ أيُّها البَحْرُ إلى مُدُنٍ تَقْتُلُ وَجْهَهَا ؟ / حُفْرتي العَميقةُ مَليئةٌ بأجنحةِ الفَراشاتِ المكسورةِ / حُفَرُ الدُّموعِ / وعَصافيرُ الوَدَاعِ/ الذِّكرياتُ المسروقةُ في وَطَني المسروقِ/ كُلَّما أَعْطَيْتُ للإِعْصارِ أشلائي / شَرِبَتْ مِقْصَلتي نَجْمَاتُ الْجُرْحِ / وبِئْرُ قَريتي أرشيفٌ للمُلوكِ الخوَنَةِ / الأراملُ تَنْثُرُ حِبَالَ الغسيلِ على سُطوحِ القِطاراتِ مِثْلَ شِبَاكِ الصَّيْدِ / قَالَتْ ذُبابةُ النَّزيفِ : لَم تَزُرْني يا أبي في حُفرتي حِينَ وَأَدْتَني / وَمِن كَثْرَةِ ما أحببتُ / وأحاطَني اكتئابُ الحقولِ بِالْحُبِّ / لَم أَعُدْ أشعرُ بِالْحُبِّ /
     النُّبلاءُ الْمُرَابُون / وَالآلِهَةُ العَابثةُ / وَقَبيلةُ الْجُرْحِ / وَانكسارُ أجنحةِ الحمَامِ / الماريجوانا في أغمادِ السُّيوفِ / وَنِسَاءُ القَبيلةِ لِلْبَيْعِ في اتِّفاقِيَّةِ الْهُدْنَةِ وأرشيفِ الْمُقَايَضَةِ / أثِقُ بِفِئرانِ الحقلِ / ولا أثِقُ بِفِئرانِ السَّفينةِ / أثِقُ بأحزاني كَمَا يَثِقُ رَئيسُ الدَّولةِ بِمُديرِ الْمُخابَراتِ / وَحْدَها قُضبانُ زِنزانتي تَلْمَعُ في أمجادِ الزَّبَدِ / ومِلْحُ دُموعي يَحْرِقُ جِلْدي الْمُشَقَّقَ / لأنِّي أُحِبُّ حَياتي أرْفُضُ حَيَاتي / تَوَغَّلْتُ في الرُّومانسِيَّةِ / فَقَرِفْتُ مِنَ الرُّومانسِيَّةِ / فَكَفَرْتُ بالرُّومانسِيَّةِ /
     أيُّها الملِكُ الذَّليلُ / وَقِّعْ عَلى وَثيقةِ الاستسلامِ / ولا تتذكَّرْ صُراخَ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ في القَواعدِ العَسْكَرِيَّةِ / تَدْخُلُ الشُّطآنُ إلى الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / كَما تَدْخُلُ الملِكَاتُ إلى صَالةِ الرَّقْصِ / وَيَنكسرُ الغروبُ على خُدودِ البَحْرِ / كَما تَنكسرُ مَشاعرُ الزَّوجاتِ الخائناتِ تَحْتَ أشجارِ المقابرِ/ وَحْدَكَ يَا تاريخَ الحطَبِ / مَن سَتَحْفِرُ في حَناجرِ الحمَامِ ألوانَ البُكاءِ / والحشَراتُ تَتساقطُ عَلى عُروشِ الملوكِ / والوَحْلُ يَتساقطُ مِن فَساتينِ الملِكاتِ / كُلُّ المحاكمِ في بِلادي مَحاكِمُ تَفتيش / كَيْفَ أعيش ؟ / دِمائي بِلا جِنسِيَّةٍ / وأجفاني بِلا هُوِيَّةٍ / لا وَطَنٌ ولا مُواطِنٌ / لَسْتُ مُتشائِماً / لكنَّ التَّفاؤلَ عِندي يَبدأُ مِن دَمي / الذي يَفُورُ في حُفَرِ المجاري /  
     الحياةُ في أشلاءِ الزَّوْبَعةِ مَوْتٌ / والْحُلْمُ في مَوْتي كَابوسٌ / أخافُ أن أستيقظَ مِنهُ / لِئَلا أدْخُلَ في كَابوسٍ جَديدٍ / كُلُّ الكَوابيسِ تَتشابَهُ في الدُّوَيلاتِ اللقيطةِ / طُبُولُ الْحَرْبِ مَثقوبةٌ كأغشيةِ البَكارةِ / وَدَمُ الحيضِ عَلى رَاياتِ القَبائلِ / سَأنتخِبُ الغَباءَ السِّياسِيَّ رَئيساً لِجُمهورِيَّةِ الفَوْضى / وَلا فَرْقَ بَيْنَ فَوْضَى وَفَوْضَى/ بَيْنَ سِجْنٍ وسِجْنٍ/ بَيْنَ دُستورٍ ودُستورٍ/ بَيْنَ مَلِكٍ لِصٍّ وَلِصٍّ مَلِكٍ .