25‏/09‏/2019

المطر البنفسجي في ذاكرة الغيم / قصيدة

المطر البنفسجي في ذاكرة الغيم / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     أعْرِفُ الْمُدُنَ التي مَاتَ فِيها وَجْهي / أعْرِفُ النِّساءَ اللواتي سَيَمْشِينَ في جِنازتي / تاريخُ الأمواجِ رَمَى أظافري في حُفرةِ المجاري / أرْكُضُ إلى شِتاءِ الأراملِ سَيفاً مَكسوراً / الرَّعْدُ في أعالي الجِبَالِ/ وغاباتي مَنثورةٌ في الْهَياكلِ العَظمِيَّةِ/ الثلجُ الأزرقُ يَقْطَعُ ضَفائرَ اليتيماتِ بِسَكاكينِ المطبخِ/ وأنا اليَتيمُ في الحضاراتِ الموؤدةِ /
     جُفوني قَصيدةُ الْهَلْوَسَةِ / وَدِماغي مَملكةُ السَّبايا / أنتِ سَبِيَّةٌ في شَواهِدِ القُبورِ الْمُزَخْرَفَةِ / تُكْتَبُ خِياناتُ أهْلِ الكُوفةِ بالخطِّ الكُوفِيِّ / والدِّماءُ الكُحْلِيَّةُ هِيَ تاريخُنا الجديدُ / وَثِيَابُ الحِدَادِ هِيَ قُمصانُ النَّوْمِ للعَرائسِ / أنا النَّشيدُ المكسورُ في شَاطئِ الرُّعودِ / والبُحَيرةُ لَيْسَت امرأةً دَلُّوعةً / إِنَّها الملِكةُ المخلوعة / أصْعَدُ إلى رُومانسِيَّةِ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ /
     تَاريخي يَشْنُقُ تَاريخي/ فَصِرْتُ تَاريخاً للرَّمْلِ المشنوقِ في أجفانِ البُحَيراتِ / لَم أجِدْ لَيْلاً يَتكدَّسُ على هاويةِ الْحُلْمِ / فَخُذْ بِيَدِي أيُّها البَرْقُ نَحْوَ عُكَّازةِ أبي المقتولِ / سأتذكَّرُ الأمطارَ الصَّفراءَ في صَحراءِ اللازَوَرْدِ/ اكتشفَ الأغرابُ في الصُّلبانِ بِئْرَ نِفْطٍ / واكتشفَ الصَّقيعُ في رِئةِ اللبُؤةِ مِصْفاةَ نِفْطٍ / الليلُ يُخَبِّئُ في صَدْري رِمَالَ البَحْرِ / وأسرارُ الدَّمِ تَصْعَدُ مِن يَاسَمِينِ الْمُدُنِ المهجورةِ /
     في مَناديلِ الوَدَاعِ/ لا فَرْقَ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي وَكُرَاتِ التِّنسِ / خُدودي نَشيدُ السُّفُنِ الْمُحَطَّمَةِ/ أُهَيِّئُ لِجُلُودِ الأمطارِ تَابوتَ الفَراشةِ / فيا كُلَّ الخِيَامِ الْمُتطايِرَةِ في الرِّيحِ / دَمْعي لاجِئٌ بِلا وَطَنٍ ولا مَنْفَى / وَالوَطَنُ تُفاحةُ الموْتِ / ارْتَمَتْ أحزانُ التِّلالِ على صَدْرِ الغروبِ / وماتت التِّلالُ في عُروقي / سَيُضِيءُ الْحُزْنُ في أغمادِ السُّيوفِ / فَكُنْ نَصْلاً لِمِقْصَلةِ الأُنوثةِ / وامْضِ إلى أُغنياتِ الخريفِ النِّهائِيِّ / أنا أُغْنِيَةُ مَن صُلِبُوا عَلى الصَّليبِ وكَسَرُوا الصَّليبَ / حِصَاني دَخَلَ في الشَّفَقِ / والصِّربِيَّاتُ يَلْعَبْنَ التِّنسَ في حِصَارِ سَراييفو /
     أدْخُلُ في مَعْنَى السَّرابِ زَهْرَةً بَلاستيكِيَّةً للأضرحةِ النُّحاسِيَّةِ / الشِّتاءُ يَتشمَّسُ بَيْنَ قُضبانِ قَفَصي الصَّدْرِيِّ / فَهَلْ أستأذِنُ البَحْرَ قَبْلَ أن أنتحرَ غَرَقَاً ؟ / هَل آخُذُ إِذْناً مِن أنهارِ الحطَبِ لأَزُورَ جُثمانَ السُّنونو في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ ؟ / تأكلُ السَّناجبُ خارطةَ أعصابي / فَلِمَاذا يَأْخُذُ الموْجُ عِظامي سِكَّةَ حَديدٍ ؟ / تَسيرُ أشجارُ الموتى الرَّمادِيَّةُ على خُطَى بَناتِ آوَى / وَشَرايينُ الفُقراءِ مَنثورةٌ للقِطَطِ الشَّريدةِ/ سَتَغْرَقُ القواربُ في دَمْعِ العُيونِ/أنتِ البَدَوِيَّةُ المصلوبةُ على طُبولِ الحرْبِ/ مَلابِسُكِ الدَّاخِلِيَّةُ صَارَتْ أعْلاماً للقَبائلِ / دَمْعي الزَّارِعُ / والرِّيحُ تَحْصُدُ رُموشَ الغَسَقِ /
     أيَّتُها الفأرةُ الزُّجاجِيَّةُ / سَوْفَ تُزَوِّجُكِ القَبيلةُ للصَّدى / كَي تُحافِظَ على الوَحْدةِ الوَطنيةِ وشَرَفِ العائلةِ / لَكِنَّ الوَطَنَ ماتَ / نَحْنُ فِئرانُ التَّجارُبِ في الْمُدُنِ الْمُعَقَّمَةِ بالجثامينِ الطازَجةِ / تَلْمَعُ البَنادقُ الآلِيَّةُ كَمِلْحِ الدُّموعِ البَنفسجِيَّةِ / فَرَضَت الذاكرةُ عَلَيَّ الإقامةَ الجبرِيَّةَ / أُمِّي أُمِّيةٌ لَكِنَّها تَقرأُ اسْمي على شَواهِدِ القُبورِ/ وأنا المصلوبُ على أعمدةِ الكَهْرباءِ / لكنَّ الكَهْرباءَ مَقطوعةٌ في مَدينةِ أحزانِ الأراملِ / وأنا المنبوذُ / أُقَبِّلُ يَدَ الطوفانِ / كَي يَسْمَحَ لِي أن أنتشِلَ جُثةَ أُمِّي في شِتاءِ المذابحِ /
     كَالفَجْرِ في أوَّلِ يَوْمٍ للانقلابِ العَسكريِّ / كانَ وَجْهي الذابلُ / الرَّمْلُ فَضَّ بَكارةَ البُحَيرةِ / وجَرائِمُ الشَّرَفِ في وَطَنٍ بِلا شَرَفٍ/ ذَهَبَت النِّساءُ إلى الموْتِ / والطحالبُ تَعيشُ في قُمصانِ النَّوْمِ/
تَعَوَّدْتُ عَلى العَيْشِ في المقبرةِ التي يُسَمِّيها الوَهْمُ وطناً / مَزَّقَ المطَرُ جَوَازَ سَفَرِهِ / وَطَيْفُ قَاتِلَتي يُلاحِقُني في مَنْفَى الظِّلالِ / أُوَزِّعُ وَقْتي بَيْنَ المشانقِ والمقاصلِ لأكْسِرَ الرُّوتينَ / وأنا المهاجرُ في دِمائي اللزِجَةِ/ أقْضِي وَقْتَ فَراغي في دَفْنِ الأمواتِ الذينَ لَم يَجِدُوا مَن يَدْفِنُهُم / سَيَزُورُ الشَّفَقُ احتضارَ الأنهارِ/ فلا تُشْفِقْ عَلَيَّ/ ولا تَحْزَنْ على أشلائي في ضَوْءِ القَمَرِ / هَل أنتِ بُرتقالةُ الموتى ؟/ قَهْوَةُ المنفَى تَستأجرُ دُموعي في مَأْتَمِ السُّنونو/ لَم أكترِثْ بِعُزلةِ البَحْرِ خَارِجَ نُفوذِ الأظافر المتجمِّدةِ في ثَلاجةِ الموتى/ وَجِلْدي يَتناولُ البُوظةَ معَ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ/اللواتي رَجَعْنَ مِن مَناديلِ الكَستناءِ/
     إِنَّ الأرضَ التي فَتَحَهَا الصَّحابةُ / صَارَ يَحْكُمُها رُعيانُ الغَنَمِ / وَنَحْنُ قَطيعُ الغَنَمِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاعي/ لَسْتُ أنا يُوشَعَ لِيُوقِفَ اللهُ الشَّمْسَ مِن أجْلي/ الجماجِمُ شِتاءُ العُشَّاقِ العاطلينَ عَنِ العَمَلِ/ والكُوخُ الرِّيفيُّ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي يَستعِدُّ لاستقبالِ اللاجئين / فَاحْتَرِقْ بالصَّدى تَكْتَشِفْ صَوْتَ الضَّحايا خَارِجَ مُذَكَّراتِ الضَّحِيَّةِ / كُن أنتَ الحاجزَ العسكريَّ بَيْنَ وَصِيَّةِ القاتلِ وطَيْفِ المقتولِ / أنا ضَحِيَّةُ أشجارِ المقابرِ / لكنَّ اللوْزَ يَنْبُتُ في أوْردتي البلاستيكِيَّةِ / يُرْسِلُ رَمْلُ البَحْرِ وَرَقَةَ طَلاقِ البُحَيرةِ بالبَريدِ الإلكترونِيِّ / وشَاهِدُ قَبري يَشْهَدُ على غُربةِ طُيورِ البَحْرِ/ التي لَن تَعُودَ إلى البَحْرِ /
     الغُرباءُ عَلى مَائدةِ المذْبَحةِ / لَم يَسْتَمِعُوا إلى دَقَّاتِ قَلْبِ العَاصفةِ / سَيَنمو القَمْحُ في الرِّئتينِ / لكنَّ السَّنابلَ مَكسورةٌ / أكفاني مُسْتَوْرَدَةٌ / فافْتَخِري بِي يا أُمِّي / جُثَثُ البَحَّارةِ على أرصفةِ الموانئِ أثناءَ عُطْلَةِ عُمَّالِ النَّظافةِ/ والنَّوارسُ تَخُونُ البَحْرَ وتأكلُ جُثمانَهُ/ فادْخُلْ في دِماءِ الرَّصيفِ/ واخْرُجْ مِن رَصيفِ الدِّماءِ / أبْني جُثمانَ البُحَيرةِ بَيْنَ وَرْدَتَيْنِ / تَزَوَّجَ الحطَبُ بَناتِ آوَى / وبَناتُ أفكاري عَوانسُ/ يَتساقطُ الجليدُ مِن ذُكورةِ التَّابوتِ وأُنوثةِ المِشنقةِ / قَميصُ نَوْمٍ أحمرُ فَارِغٌ لِفَراشةٍ دَمَوِيَّةٍ انتحَرَتْ / فَيَا غُرفةَ النَّوْمِ / إِنَّ الأرَقَ تاريخُ الْحُلْمِ / وَالعَرُوسُ ماتتْ /
     أيُّها المنبوذُ بَيْنَ الْحُبِّ الأوَّلِ والرَّصاصةِ الأُولَى / كَم مَرَّةً مِتَّ في الْمُدُنِ الخائنةِ ؟ / أيُّها الجنديُّ المهزومُ / يا زَميلي في زِنزانةِ الحضارةِ / كَيْفَ تُفَرِّقُ بَيْنَ كَعْبِ البُندقيةِ والكَعْبِ العالي للسَّجَّانةِ ؟ / كُرَياتُ دَمي حَديقةُ طُيورٍ / والحيواناتُ الْمَنَوِيَّةُ مَحبوسةٌ في حَديقةِ الحيواناتِ /
     الغَيْمُ البَنفسجِيُّ يُرْسِلُ لِي حُكْمَ إعدامي بالحمَامِ الزَّاجِلِ / وَسَكاكينُ المطَرِ تَنامُ في سَريري / فَكَيْفَ أتزوَّجُ صَوْتاً أعْدَمَ صَدى شَراييني ؟ / بُحَيراتٌ تَفْتَحُ أوْرِدةَ الشَّفقِ للأعاصيرِ / أسماكُ الدَّمِ تَقْفِزُ في حُفَرِ المجاري / ودَمِي الْمُعَلَّبُ في جُمجمةِ الحطَبِ / أنتِ الوردةُ الصِّناعيةُ في ثلاجةِ الموتى / وَمِكياجُ المرأةِ الغريبةِ يَسيلُ على نَصْلِ مِقْصلتي / أحزاني تَكْسِرُ عَقارِبَ سَاعةِ الحائطِ / فأُعَلِّقُ أشلائي على حَائطِ زِنزانتي كالبَراويزِ الخشَبِيَّةِ / التي سَيَأكُلُها البَقُّ في ليالي الشِّتاءِ الحزينةِ / والرِّيحُ تَتقدَّمُ جِنازةً لِوَقْتِ السَّنابلِ/ أظافرُ القَمْحِ تِلالٌ جَديدةٌ لِقَلبي المكسورِ / وأنا الْمَطْرُودُ مِن جُثتي / أُغَنِّي للمَشنوقينَ الذينَ يَجْلِسُونَ على أزرارِ قَميصي /
     أخَذَتْ حَفَّارةُ القُبورِ إجازةَ أُمومةٍ / أزرعُ رَاياتِ القَبائلِ في أجسادِ الحِيتانِ الزَّرقاءِ / ودَمْعي أزرقُ / ودَمي لَيْسَ أزرقَ / ثَلْجُ الشَّمالِ رَمْلُ الجنوبِ حُزْنُ الشَّرْقِ جُثةُ الغَرْبِ / وأنتَ البُوصلةُ المكسورةُ/ غَنَّيْتُ في لَيْلِ المجازرِ / كَي أكْسِرَ عُزلةَ أشلائي في خَاتَمِ العُرْسِ / أُزَوِّجُ ذِكرياتِ الجيْشِ المكسورِ للمَوْجِ المهاجِرِ / وسَجَّاني يُزَوِّجُ مَساميرَ نَعْشي لِتَوْقِيتِ النَّهْرِ / 
     رُومانسِيَّةُ الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / فُحولةُ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ / نُعومةُ وَجْهِ المطَرِ / خِيانةُ قَارورةِ العِطْرِ/ نَحْنُ الأغرابُ في منافي الحِبْرِ/ طُحالي وَرْدةٌ مَسحوقةٌ تَحْتَ بَساطيرِ الجنودِ/ قُضبانُ السُّجونِ مَدهونةٌ بِدَمِ الحيْضِ / والحشَراتُ تَستحِمُّ بالسَّائلِ الْمَنَوِيِّ /
     دَمي شِيفرةُ الشُّطآنِ الباكيةِ / ونَحْنُ نَركضُ إلى ألغازِ المِقصلةِ في ليالي الخوْفِ حُفاةً / والمجازرُ تَمشي على سُطوحِ جُلودِنا / والنُّعوشُ على سُطوحِ القِطاراتِ مَصفوفةٌ ومُرَقَّمَةٌ / الزَّنازينُ مُرَقَّمةٌ / والرَّاقصاتُ مُرَقَّمَاتٌ / وَطَنٌ مَنذورٌ للأرقامِ / بِلادٌ للغُرباءِ الذين تَلتصِقُ دُموعُهُم على زُجاجِ القِطاراتِ / التي تَذهبُ إلى قَلْبِ الخريفِ ولا تَعُودُ / تَبني العناكبُ بُيُوتَها بَيْنَ أثداءِ النِّساءِ / فيا أيُّها النَّخَّاسُ الذي لا يُفَرِّقُ بَيْنَ أثداءِ النِّساءِ وأثداءِ الأبقارِ / حَبْلُ الغسيلِ مِن جَدائلِ البَناتِ / وطَائراتُ الغُزاةِ تَقْصِفُ قُمصانَ النَّوْمِ الْمُعَلَّقةَ على حَبْلِ الغسيلِ / وَرَّثَني الغُبارُ البُرتقالِيُّ جِيناتِ اللجُوءِ السِّياسِيِّ فَأَضَعْتُ خَيْمتي/ كَيْفَ يَزُورُني الليلُ وَقَد التهمَ كُوخي الطوفانُ ؟ / لَم يَبْقَ في شَراييني النُّحاسِيَّةِ سِوى أُنوثةِ الغاباتِ المهجورةِ / لَم يَبْقَ في أطرافِ البَحْرِ الصِّناعيةِ سِوى السَّجَّادِ الأحمرِ للمُلوكِ المخلوعين / لماذا فازَ الجنونُ بِضَفائرِ الأرصفةِ ؟ / يا سَجَّاني الشَّقيق / إِنْ لَم تُصَدِّقْ أشلائي في صُحونِ المطبخِ / فَصَدِّق التفاحَ البازِلْتِيَّ على أغصانِ دَمْعي / صَدِّقْ جُثماني على رُموشِ النَّيازكِ/ بِلادي سُنبلةٌ مَحروقةٌ تَفْتَحُ فَخْذَيْهَا للغُزاةِ/ وأنا البائعُ المتجوِّلُ في قَفَصي الصَّدريِّ / أبيعُ أحزانَ الشَّوارعِ على إشاراتِ المرورِ ولا أَمُرُّ/ الإشارةُ دائماً حَمراءُ/ لَكِنِّي أَمُرُّ بَيْنَ مَذْبَحَتَيْنِ قِطَّاً أجربَ / وأتبخترُ في الزَّمهريرِ/ ذَهَبَ الرِّجالُ معَ زَوْجاتِهِم إلى المطاعمِ / وَبَقِيتُ في شَوارعِ الصَّقيعِ وَحيداً / كانَ الدُّودُ يَأكلُ لَحْمي ويُؤْنِسُ وَحْشتي / فُروجُ النِّساءِ مُغْلَقَةٌ بالشَّمْعِ الأحمرِ / وذِكرياتُ الرِّجالِ مُغْلَقَةٌ بالأقفالِ الصَّدئةِ / يَتساقطُ الضَّحايا مِثْلَ مَلاقطِ الحواجِبِ للعَوَانِسِ / والقِطاراتُ تَنْقُلُ الْجُثَثَ عَبْرَ صَحاري الكَهْرمانِ /
     الأرملةُ تَبكي في ضَوْءِ المنارةِ / على رَصيفِ المِيناءِ المتروكِ للبَعُوضِ وقَصْفِ الطائراتِ / مَناديلُ الوَدَاعِ حَوْلَ رِقَابِ الشَّركسِيَّاتِ / اللواتي يَمْشِينَ تَحْتَ قَمَرِ القُوقازِ بَاكياتٍ / يَا أُمِّي / كَيْفَ كَانَ إحساسُكِ حِينَ وَأَدَني أبي؟/ مَا جِنسِيَّةُ الرَّمْلِ الذي مَرَّ عَلى أجسادِ العَبيدِ تَحْتَ شُموسِ الإعدامِ ؟/ كُلُّ حُفرةٍ عُلْبَةُ مِكياج / دَخَلَتْ ذُبابةُ المشانقِ في عُنوسةِ الأدغالِ تاريخاً يَشْطُبُ تاريخي / وَجْهَاً يَخْلَعُ وَجْهي / أعضائي هُدنةُ الرِّمالِ في الحربِ الأهلِيَّةِ بَيْنَ شَراييني / وصَفيرُ القِطاراتِ يَجْرَحُ ذِكرياتِ الأيتامِ / والليلُ الجارحُ يَدْخُلُ في تَعاليمِ العَوانسِ / كُلُّ عُضْوٍ في جِسْمي ذَهَبَ في طَريقٍ / فَاسْأَلْ رُكامَ بَيْتِنا الذي يَتطايرُ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / لماذا جُثةُ المطرِ مَصلوبةٌ على الحِيطانِ ؟ /
     لا حِبْرُ المجرَّاتِ يَسْقُطُ عَلى لَيْمُونةِ الأسرى / وَلا وَرْدَةُ الأضرحةِ تَتزوَّجُ أظافرَ الموْجِ/ اكْتَشَفْنا مِقْصَلةً بِطَعْمِ النَّعناعِ / لَمَحْنا مَجزرةً بِطَعْمِ المانجا / أحْضِرُوا دُستورَ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / كَي تَتَوَحَّدَ فِئرانُ التَّجارُبِ عَلى جَثامينِ الفُقراءِ/ دَمِي مُلَوَّثٌ بِثَلاجاتِ الموتى/ ودَمْعي يَغْسِلُ شَوارِعَ النِّفاياتِ/ هَذِهِ الأزِقَّةُ العَمياءُ تَصْرُخُ في عُروقي / وتُنادي على الجليدِ / لا حَياةَ لأعمدةِ الكَهْرباءِ بِلا حُفَرِ المجاري / فَكُنْ يا حُزْني مَلِكَاً عَلى طُحالِ البُحَيرةِ/ النَّهْرُ عَاجِزٌ جِنسِيَّاً / والجنودُ عادوا مِنَ القِتالِ لِغَسْلِ صُحونِ المطبخِ / العارُ هُوَ مَلِكُ الرِّمالِ / والبَقُّ وَلِيُّ العَهْدِ في الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ / امرأةٌ تَغْرَقُ في دَمِ الحيْضِ / وتَسْتَحِمُّ بالسَّائلِ الْمَنَوِيِّ لِعُشْبِ المقابرِ / كُلُّ القَتلى يَغارُونَ مِنِّي / لأنَّ المِقْصلةَ اتَّخَذَتْنِي عَشيقاً لها / والملوكُ العَاطِلُونَ عَنِ العَمَلِ / يَتَزَوَّجُونَ احتضارَ الجواري حَسَبَ قَانونِ الطوارئِ / السَّاعةُ مُعَلَّقةٌ عَلى حَائِطِ سِجْني عِندَ البَحْرِ / وَلا زَمَانٌ لأشلائي / وَلا مَكَانٌ لأجفاني /
     دَهَنْتُ مِشْنقتي بِعَصيرِ التُّفاحِ وَلَحَسْتُهَا / فَصَارَتْ طُرُقاتُ جِنازتي مُؤتَمَرَاً للعُشَّاقِ الخوَنَةِ / دَخَلْنا في رُومانسِيَّةِ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ / خُدودُنا مِنَ الأسمنتِ الْمُسَلَّحِ / خُيُولُنا مِن خَشَبٍ / وبَنادِقُنا مِن الكَرَزِ / خَبَّأْنا مَلابِسَنا العَسكريةَ في قُمصانِ النَّوْمِ لِزَوْجاتِنا / وبِلادي امرأةٌ مُغْتَصَبَةٌ /
     أجفاني تَتَكَسَّرُ كاللوْزِ / ورُموشي تَنقَلِبُ على رُموشي / وأعْرِفُ أنَّ البَحْرَ يُخَبِّئُ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في غِمْدِ سَيْفِهِ / الذِّكرياتُ فَراشةٌ أضَاعَتْ غِشاءَ بَكارَتِهَا / قَلِيلٌ مِنَ الرُّومانسِيَّةِ الخام / كَثِيرٌ مِنَ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ / وَالبَغايا في المعابدِ / ضَوْءُ القَمَرِ يَنْبُشُ قَبري لِيَسْرِقَ أكفاني / والحروبُ الأهْلِيَّةُ تَسيلُ في طُرُقاتِ أوْردتي كاليانسون / لا أهْلٌ لَنا يَبْكُونَ عَلَيْنا / ولا ضَوْءٌ في آخِرِ شَراييني/ يَعْبُرُ الغُرباءُ في ضَوْءِ الشَّظايا وضَجيجِ الأنقاضِ / عِظامي مَملكةُ الوَسْواسِ القَهْرِيِّ / وأحزانُ الزَّبدِ تَتَبَخْتَرُ في مَجزرتي / والحطَبُ يُكَوِّنُ حُكومةَ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ مِنَ الْمُشَعْوِذِين / 
     أخْدَعُ نَفْسي / والبَحْرُ سَيَجِدُ البُحَيرةَ في مَملكةِ العُشَّاقِ سَبِيَّةً / الحضارةُ في مُدُنِ الاغتصابِ هِيَ دُميةٌ في مَسْرَحِ العَرائسِ الْمُحْتَرِقِ / أنتِ مَلِكةُ الوَهْمِ في مَدينةِ السَّرابِ / وَرَاهبةُ الغُبارِ الْمُبْتَلِّ بالدَّمْعِ البُرتقالِيِّ / يُبَلِّلُ الْحُزْنُ عُصفورَ المستحيلِ / فَيَنْتَفِضُ دُستوراً لِمَملكةِ السَّبايا /
     هُوَ وَطَني مَاتَ/ وَمَاتَ حُبِّي الأوَّلُ / فَاتْرُكْ قَبْري الأوَّلَ يَسْبُحُ في أجفانِ الغَيْمِ / الرِّيحُ تَسْكُبُ دُموعَ البَناتِ في الشَّايِ الأخضرِ / فاشْكُر البَدْوَ الرُّحَّلَ الذينَ حَرَّرُوا الأندلسَ / أمواجُ الدَّمْعِ تَجْلِسُ على صَخرةِ الشِّتاءِ / فاسْمَحْ لِي يا شَاطئَ الذِّكرياتِ أن أمشيَ في جِنازَتِكَ / الصَّقيعُ يَغْتَصِبُ أزِقَّةَ المطرِ الْمُوحِشِ/ وأنا الخوْفُ القُرمزِيُّ / أختارُ أسماءَ الضُّيوفِ في حَفْلِ تَأبيني / وأُنَسِّقُ الأزهارَ الصِّناعِيَّةَ في الاحتفالِ الوَطَنِيِّ بِمُنَاسَبَةِ جِنازتي / أختارُ نَوْعَ الشُّوكولاتةِ كَمَا يَختارُ المشنوقُونَ حَبْلَ المِشنقةِ وَنَوْعَ الذِّكرياتِ/سَتَقُولُ الغريبةُ للصَّدى الأُرجوانِيِّ/ خُذْ قَفَصي الصَّدرِيَّ/ واتْرُكْ لِي سَرَطَانَ الثَّدْيِ / كَي أُرْضِعَ سِنديانةَ الألَمِ في أعيادِ المستحيلِ /  
     أظَلُّ أدُورُ في شَوارعِ القُمامةِ / أكتبُ النَّشيدَ الوَطَنِيَّ لِجُمهوريةِ العَوانسِ / البُحَيرةُ هِيَ إمبراطورةُ السَّبايا المشرَّدةُ / والنَّهرُ المشلولُ يَجْلِسُ على مَكتبي / الحواجزُ العسكريةُ في الطريقِ / فَكَيْفَ نَصِلُ يَا أُمِّي إلى البَحْرِ ؟ / خَسِرْتُ البُطولةَ / ولَم أَفُزْ بالمباراةِ النِّهائيةِ / وكانت لَيْلةُ الدُّخلةِ هِيَ المباراةَ النِّهائيةَ / والتاريخُ لاعبٌ مُبتدِئٌ / وَجُثماني لاعبٌ مُحترِفٌ / والْحَكَمُ أضاعَ صَفَّارَتَهُ / الأعلامُ السَّوداءُ تُرَفْرِفُ عَلى سُطوحِ خُدودي / وعُشْبُ الصَّدى يَنمو في ثِيابِ الحِدَادِ / وعَرَبَاتُ القِطارِ تَزَوَّجَتْ جَسَدي النُّحاسِيَّ الذي لا يَرِنُّ / كأنَّني أتصدَّقُ على الملوكِ المخلوعين / والملِكاتُ الفاشلاتُ في الجِمَاعِ يَفْتَتِحْنَ مَتْحَفَ الضَّحايا / أنتِ وماما الفاتيكان / دَخَلْتُما في أرشيفِ العُنوسةِ والفَشَلِ العاطفيِّ / والملوكُ يَتناوَلُونَ طَعَامَ الغَداءِ مَعَ الغُزاةِ / لا تُخَيِّرْني بَيْنَ ذِكرياتِ الشَّحَّاذِينَ على الأرصفةِ وَبَيْنَ أحلامِ العَوانسِ / اخْتَرْتُ الإِعدامَ بِالكُرْسِيِّ الكَهربائِيِّ كَسْراً للرُّوتين / والحضارةُ أُمٌّ بَاعَت ابْنَها الأوَّلَ لِتُطْعِمَ ابْنَها الثاني /
     قَفَزْتُ في رُومانسِيَّةِ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ تُفاحةً عَمياءَ / أُرَتِّبُ أثاثَ عُزلةِ الفَراشاتِ / والذبابُ يَسْتَلِمُ سُلطاتِهِ الدُّستوريةَ / وسَجَّاني يُغَيِّرُ الصُّوَرَ التِّذكارِيَّةَ على حِيطانِ الزِّنزانةِ / الذُّعْرُ في عُيونِ الأيتامِ / في الْمُدُنِ المنذورةِ لِصَفَّاراتِ الإنذارِ وصَفيرِ القِطاراتِ / التي تَدْخُلُ في الشَّفقِ ولا تَخْرُجُ/ الحواجزُ العَسكريةُ على سُطوحِ القِطَاراتِ / وأرشيفُ الموؤدةِ هُوَ البُنيةُ التَّحْتِيَّةُ لِعُنُوسةِ البُحَيرةِ / والبُنْيَةُ الفَوْقِيَّةُ للمَلَلِ الجِنسِيِّ / تُباعُ السَّبايا لأُمَراءِ الحرْبِ / كَي يُؤسِّسَ الزَّبدُ البُنيةَ القَوْقِيَّةَ للصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ / وَلْيَكُن المطَرُ طَرِيقاً للحُلْمِ / مَاذَا خَسِرْنا يا أبي في مَوْسِمِ هِجرةِ الجرادِ إلى جَدائلِ النِّساءِ الْمَرْمِيَّةِ في حَاويةِ القُمامةِ ؟ / كَيْفَ أجِدُ اسْمَاً للوَرْدِ لا يَعْرِفُهُ جَلادي ؟ /
     خُذوا بَقايا أشلائي في أدغالِ المطَرِ / ولا تَتَذَكَّروا مَرَافِئَ النَّحيبِ التي رَسَمَهَا دَمْعي على أوراقِ سُعالي / هَذا الكابوسُ بُرتقالةُ المذْبُوحِين / فَاذْبَحْنِي تَحْتَ ظِلالِ الوَرْدِ / الذي يَصيرُ بُسطاراً للجُنديِّ الرَّاكضِ / بَيْنَ لَيْلةِ الدُّخلةِ ودُستورِ أُمراءِ الحرْبِ /
     أكَلْتُ العارَ/ شَرِبْتُ أنخابَ الهزيمةِ/ قِلاعي المهجورةُ مَقْهَى الفِئرانِ الطريدةِ/ فَيَا أيُّها الْمُخْبِرُونَ الجالسونَ عَلى أثاثِ المنافي / أنا الملِكُ المخلوعُ / فَخُذْ عَرْشاً يَصيرُ نَعْشاً للوَرْدِ المسجونِ في نشيدِ الموتى / الذينَ يَقِفُونَ في الطابُورِ الخامسِ أو طَابُورِ الْخُبْزِ / اذْكُرْ وُجوهَ اليَتيماتِ في سَراديبِ البُوليسِ السِّياسِيِّ / إِنَّ عَرْشي هُوَ نَعْشي/ زَوَّجْتُ صَليباً لِمِقْصَلَةٍ لِتَحْسينِ النَّسْلِ/ وُلِدَ حَبْلُ المِشنقةِ مَشْلُولاً / والنَّهْرُ قَتَلَ البَحْرَ لِيَجْلِسَ عَلى عَرْشِهِ / فَعِشْ في ضَوْءِ قَلبي المفتوحِ لأنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / أنا وَضَابِطُ الْمُخَابَراتِ وبابا الفاتيكانِ لَم نَتَزَوَّجْ / لأنَّنا نُريدُ التَّفَرُّغَ لِحِوارِ الحضاراتِ في مَحاكمِ التَّفتيشِ /
     الملِكاتُ العَوانسُ / والذِّكرياتُ العَوانسُ / والحضاراتُ العَوانسُ / دِمَاءُ الشُّعوبِ فياغرا / لأنَّ خَفْرَ السَّواحلِ عَاجِزُونَ جِنسِيَّاً/ مَاتَ البَحْرُ/ ولا مَعْنَى للبُكاءِ عَلَيْهِ/ اللازَوَرْدُ زِيرُ نِساءٍ مُتَقَاعِدٌ في وَطَنٍ مُتَقَاعِدٍ/ الحاكمُ والمحكومُ مُتَقَاعِدَانِ/ الحاكمُ مَحكومٌ بالإعدامِ/ والمحكومُ حَاكمٌ على الصَّدى /
     يَسيلُ عَرَقُ الزَّيتونِ بَيْنَ الموتى والموتى / والقَتلى يَمْشُونَ بَيْنَ خِيَامِ الغَجَرِ الرَّاحِلينَ / هَذِهِ أمطارٌ لغابةِ الأحزانِ / فَكُنْ مُتفائلاً كالرَّصاصِ المطاطيِّ / خُذ اكتئابي هَدِيَّةً في أعيادِ الحطَبِ / أشربُ لَوْنَ الرِّيحِ / وأُزَيِّنُ أشلائي بالتُّفاحِ الْمُسْتَوْرَدِ / خَبَزْتُ ذَاكرتي المفتوحةَ لِشَظايا الحِبْرِ / هَذِهِ أسناني حَقْلٌ للرَّصاصِ الحيِّ/ وأنا الميْتُ/ حَبْلُ مِشْنقتي قَلَمُ رَصاصٍ / أمشي إلى ذَاكرتي كالسِّنجابِ التَّائهِ في غابةِ الزُّمُرُّدِ / أزُورُ اليَتامى في مَساءِ الْهَلَعِ مَطَرَاً / وأظافري مُلْقاةٌ في الرِّيفِ الدَّمَوِيِّ / خُذوا أكواخَ الصَّفيحِ طَوابِعَ بَريدٍ تِذْكارِيَّةً / ولا تَتَذَكَّرُوني /
     أشلاؤُنا طَابَعُ بَريدٍ على رَسائلِ الْحُبِّ الضَّائعِ / يا جَسَدي المنثورَ في خِيَامِ الموْجِ / خُدودُنا حِبْرٌ لِصَفحةِ الوَفَيَاتِ / وَسَاعي البَريدِ مَصْلُوبٌ على طُفولةِ الكَرَزِ / بَيْنَنَا انقلابٌ عَسكريٌّ / خَطَّطَ لَهُ الأطفالُ على الأراجيحِ في حَديقةِ الجثامين/فَعِشْ قُرْبَ جُثَثِ عَائِلتي تاريخاً للأحجارِ غَيْرِ الكَريمةِ/
     هَذِهِ الأرضُ المحروقةُ تَسْتَحِمُّ في ثَلاجةِ الموتى / دَمْعي حَبْلُ غَسيلٍ أمامَ طَابُورِ الزَّوجاتِ الخائناتِ في عَوَاصِمِ الاغتصابِ / فَلا تَنتظِرْ مايكل أنجلو لِيَزْرَعَ كَاتِدْرَائِيَّةَ الاكتئابِ في مَناديلِ الوَدَاعِ / لَيْسَ في دَمي مَوانِئُ لاستقبالِ الملوكِ المخلوعينَ / والملِكاتِ الغارقاتِ في دَمِ الحيْضِ /
     وَطَنٌ للمَوْتَى مَاتَ/وأظافرُ البَناتِ المذْبُوحاتِ تَتكسَّرُ/ كأحزانِ الماعِزِ الجبليِّ في تِلالِ الطاعون/ أضاعَ الليلُ بُوصلةَ الأُسَرِ الحاكمةِ عَلى انتحارِ البُحَيرةِ / التي سَيَّجَها الإعصارُ بِخَاتَمِ الْخُطُوبةِ / أضاعَ رَمْلُ البَحْرِ فَساتِينَ الملِكاتِ / التي يَسْتَأْجِرُها الصَّدى القُرْمُزِيُّ في عِيدِ الاغتيالاتِ / 
     كُلَّ لَيْلَةٍ / أرى طَيْفَ قَاتِلي على زُجاجِ النَّافذةِ / وَطَيْفُ أُمِّي يَزُورُني في الْمَنَامِ / حَلُمْتُ أنِّي أموتُ مَسْمُوماً / أحلامي حَبَّاتُ كَرَزٍ مَنثورةٌ في الرِّمالِ كَبَيْضِ السَّلاحفِ / وَعِظَامي طَاوِلَةُ مُفَاوَضَاتٍ بَيْنَ الأُمَوِيِّينَ والعَبَّاسِيِّينَ / سَيَمشي الجنودُ على الْجُسُورِ / فما الفائدةُ إذا كانت الجسورُ مِن عِظامِ الأيتامِ أو مِن نُحاسِ النَّيازكِ ؟ /
     أنا الذبيحةُ والمذْبَحُ / آبارُ النِّفطِ هِيَ أغشيةُ البَكارةِ للسَّبايا / زَواجُ العناصرِ هُوَ مَقبرةُ الرِّياحِ/ ضَاعَت الحضاراتُ في كَواليسِ المسْرَحِ / وانتهت المسرحيةُ / ضَاعَت الرَّاهباتُ في سَراديبِ الدَّيْرِ الْمُتَوَحِّشِ / وانتهت الرُّومانسيةُ / عُدْتُ إلى مُسْتَوْدَعاتِ المِيناءِ الباردةِ بِلا صَيْدٍ ولا مِصْيَدة / أجُرُّ تَوابيتَ القِطَطِ الضَّالَّةِ / لَيْسَ في عُروقي دِماءٌ مَلَكِيَّةٌ / كَرِهْنا الفِئرانَ / وَكُلُّنا فِئرانُ تَجارُب / احْتَقَرْنا السَّبايا / وَكُلُّنا سَبَايا / الأُسَرُ الحاكمةُ المقدَّسةُ تَتَشَمَّسُ في شَوارعِ النِّفاياتِ / جُلودُ العَبيدِ شُموعٌ لِجِنازةِ الأمطارِ / والكُلورُ في مَسَابِحِ التَّحَرُّشِ الجِنسِيِّ يَحْرِقُ مِكياجَ الرِّيحِ / أنا صَانعُ مَجْدِ الغُبارِ / فِقراتُ ظَهْري عُلَبُ سَرْدينٍ فَارغةٌ / والمِقصلةُ أوَّلُ أُنثى سَتَزُورُ قَبري عِندَ الغروبِ /
     كَنيسةُ الْحُزْنِ جَيْشُ السَّبايا / بُكائي مَملكةُ الوَهْمِ / ولا أرى في عَرَقي سِوى طُفولةِ النَّهْرِ وأرشيفِ القَرابين / لَم أجِد الملوكَ الْمُرْتَزِقَةَ كَي يُدَافِعُوا عَن المِلْحِ في دُموعِ اليَتامى / لَم يَأْتِ أحَدٌ لِيَحْرُسَ المِلْحَ في خُبزي / رُومانسِيَّةُ تَزويرِ الانتخاباتِ هِيَ نَشيدٌ لِشَوارعِ السُّلِّ /
     أتَيْتَ أيُّها الفَجْرُ الكَاذبُ / فلا تَقْتُلْني بِحِبْرِ الذِّكرياتِ السِّرِّيِّ / سَقَطَتْ رُموشُ الفَتَياتِ في قَارورةِ الحِبْرِ / والسَّلاحِفُ تَتزاوجُ في جُفوني / الليلُ تُفاحةُ الملوكِ العاجزينَ جِنسِيَّاً / الواقفينَ في طَابُورِ الإعدامِ / لا وَطَنٌ مَرَّ في مَقابرِ الملوكِ المهجورةِ / ولا خَوْخٌ عَاشَ في فَلسفةِ دُموعي /
     أشلاءُ الأيتامِ تَصيرُ نَشيداً وَطَنِيَّاً للمَرْفَأ الوَحيدِ / فَاخْلَعْ مَساميرَ نَعْشي / واكْتُبْ وَصايا الإعصارِ عَلى حُطامِ السُّفنِ / احتضارُ الصَّيَّادِينَ / وَمَرَاكِبُ الصَّيْدِ ذَهَبَتْ إلى تَوَهُّجِ الشَّفقِ ولَن تَعُودَ / فاصْعَدْ أيُّها الموْجُ إلى ما تَسَاقَطَ مِن أُنوثةِ المِقصلةِ وَذُكورةِ حَبْلِ المِشنقةِ /
     أُنوثةُ السَّنابلِ / قَوانينُ الطوارئِ / حُكومةُ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ لا تَتَوَحَّدُ إِلا عَلى لَحْمي المنثورِ لِبَناتِ آوَى/ الخريفُ وأُمِّي يَحْفَظَانِ جَدْوَلَ الضَّرْبِ لِيَعْرِفَا رَقْمَ قَبري / الأشجارُ في طُرقاتِ بِلادي صَارَتْ شَواهِدَ قُبورٍ للنَّوارسِ / الرِّيحُ تَبني بُرْجَ الحمَامِ مِن أجفانِ الفُقراءِ / وكُرَياتُ دَمي مُحَاصَرَةٌ بأبراجِ الْمُعْتَقَلاتِ/وَكُحْلُ الرَّاهباتِ مُحَاصَرٌ بأبراجِ الكنائسِ/أحزاني في صَدْري هِيَ أعوادُ مَشانق/ وَطِلاءُ الأظافرِ حَارِقٌ / فَاحْرِقْ جَدائلَ البُحَيرةِ بالْحُبِّ / بِلادي عَمياءُ لا تُفَرِّقُ بَيْنَ حَبْلِ الغسيلِ وَحَبْلِ المِشنقةِ / والأميراتُ في شُرُفاتِ الخريفِ / يَنْتَظِرْنَ عَوْدَةَ الجيْشِ المهزومِ / السَّبايا حافياتٌ على سُطوحِ القِطاراتِ/ صَدِّق انكسارَ الجنديِّ الهاربِ مِنَ المعركةِ/ وَلاءُ الجنديِّ للرَّاتبِ الشَّهريِّ/ وحَفَّارُ القُبورِ يَنتظرُ الرَّاتبَ التَّقاعُدِيَّ/ فلا تَنْسَ مَوْقِعَ قَبري على الإنترنت / رَاياتُ القَبائلِ مَنقوعةٌ في بَراميلِ النِّفطِ / والإماءُ يَغْتَسِلْنَ بَعْدَ الجِمَاعِ بالْمُبيداتِ الحشَرِيَّةِ / أحزاني أضاعَتْ غِشاءَ بَكَارَتِها في سَراديبِ الغَيْمِ / واحتضارُ التفاحُ يَغتصِبُ حُقولَ الرَّصاصِ / وأنا الدَّولةُ المنهارةُ في السِّلْكِ الدُّبلوماسِيِّ / أو الأسلاكِ الشَّائكةِ على أسوارِ رِئتي المفتوحةِ للمَنْفِيِّينَ والبَعُوضِ /
     الأثداءُ النُّحاسِيَّةُ لِبَغايا مَدينتي الحزينةِ/ أنا ضَوْءٌ في زَنازينِ الطفولةِ/ وأنا في ضَوْءِ الزَّنازينِ نَهْرٌ/ أركضُ إلى التُّوتِ البَرِّيِّ في الطفولةِ الضَّائعةِ / شُطآنٌ جائعةٌ تَحْتَ رُموشي / وأجراسُ الكنائسِ تَنْزِفُ نَمْلاً على أظافرِ قُضاةِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / سَيَأكلُ الجرادُ صُكوكَ الغُفرانِ / وهذا قَلْبُ المساءِ سِكَّةُ حَديدٍ مَهجورةٌ / يَنامُ عَلَيْها الجنودُ الذينَ هَرَبُوا مِنَ المعاركِ / 
     أُحِبُّ كَي أنسَى الْحُبَّ / ضِفْدَعةٌ أُصِيبَتْ في لَيْلةِ الدُّخلةِ بالْمَغْصِ / يَا مِن بِعْتُم ذِكرياتِ النُّسورِ لِتَشْتَرُوا حُبُوبَ الفياغرا / بِعْتُم دُموعَ الفَراشاتِ لِتَشْتَرُوا مُضَادَّاتِ الاكتئابِ للجُنودِ المهزومين / طُرقاتُ الصَّقيعِ بَاعَتْ رُموشي / كَي تشتري حُبُوبَ مَنْعِ الحمْلِ للقِطَطِ المشرَّدةِ / جُمجمتي قَلعةُ اللصوصِ / والأميراتُ سَبَايا في قَفَصي الصَّدريِّ / وَجُثمانُ النَّسْرِ هُوَ سَريرُ لَيْلةِ الدُّخلةِ / فيا كُلَّ الرَّاهباتِ الْمُغْتَصَبَاتِ في سَراديبِ الأدْيِرةِ / عَرَبَاتُ نَقْلِ الجنودِ تَغتصِبُ أشجارَ المدافنِ / الحضارةُ هِيَ الدَّمارُ الملوَّنُ كالطباشيرِ في مَدرسةٍ فارغةٍ / ماتَ الأطفالُ بالقَصْفِ الْجَوِّيِّ / وبَقِيَتْ أظافِرُهُم تَلْمَعُ كأجنحةِ العصافيرِ / فاكْتُبْ على السَّبورةِ وَصِيَّةَ أنهارِ الدَّمِ / وَكُن شَمْعَةَ الشِّتاءِ في الذِّكرياتِ الدَّمَوِيَّةِ / نَحْنُ القَتلى وأصدقاءُ القَتلى في أرشيفِ النَّعناعِ المشنوقِ .