24‏/09‏/2019

اكتئاب المهرج / قصيدة

اكتئاب المهرج / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

................

     رُمِيَ قَميصُ النَّوْمِ في حَاوِيةِ القُمامةِ / وَدَمُ الحيْضِ في النِّفاياتِ / ماتت الرُّومانسِيَّةُ / فَعِشْ في جِنازتي طَيْراً يَحِنُّ إلى البَحْرِ / ولا يَعُودُ إِلَيْهِ / تَقْفِزُ أعوادُ المشانقِ عَلى رُموشي كالسَّمَكِ المذبوحِ / كالدَّيناصُوراتِ المجرَّدةِ مِن جِنسِيَّةِ الرِّيحِ/العَاريةِ مِن جَوَازِ السَّفَرِ/ أجفانُ الرَّاهباتِ مَنثورةٌ بَيْنَ أبراجِ الكَنائسِ وأبراجِ الْمُعْتَقَلاتِ / شَواهِدُ القُبورِ الوَحيدةُ تَحْتَ أشجارِ الصَّنوبرِ / والليلُ وَحشةُ المذبوحِينَ في زِنزانةِ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ / فَاصْطَدِمْ بِنَزيفي أيُّها الأرَقُ البَنفسجِيُّ /
     بُرتقالُ القلوبِ المكسورةِ / وتُفاحُ المجازرِ / والذِّكرياتُ مَلِكَةٌ مَخلوعةٌ / عَرْشُها هُوَ الأثاثُ الْمُسْتَعْمَلُ / وعَرْشُ البُحَيرةِ هُوَ الكُرسيُّ الكهربائيُّ / الإعدامُ دُستورُ عِظامي / فيا أخي السَّجَّان / وَفِّرْ لِي دَعْماً لُوجِسْتِيَّاً / لأَدْخُلَ غُرفةَ الإعدامِ واثقاً مِن نُعومةِ حَبْلِ المِشنقةِ / وَفِّرْ لِي غِطاءً دَوْلِيَّاً لأَدْخُلَ في هَلْوَسةِ مِقصلتي واثقاً مِن لَمَعَانِ النَّصْلِ / أرْضُنا طَاولةُ قِمارٍ / وكلُّ الأوراقِ عَلَيْها مَحروقةٌ / الزَّوبعةُ تاجٌ للبَدَوِيَّةِ الرَّاحلةِ في أمطارِ الفَجْرِ/ فَلْتَكُنْ غابةُ المقاصلِ امرأةً / أضَعُ على صَدْرِها رأسي وأبكي / حَتَّى تَخْرُجَ الأحزانُ مِن جِلْدِ الليلِ / تَاجرُ المخدِّراتِ تَزَوَّجَ ابْنةَ تاجرِ الأسلحةِ في عِيدِ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / رَاهبةٌ مُغْتَصَبَةٌ تَحْتَ أجراسِ الكَنائسِ / ودَمُ الحيْضِ يَسيلُ عَلى زُجاجِ الكاتِدرائِيَّاتِ / فَاصْنَعْ مِن جُلودِ الخيولِ المقتولةِ دُستوراً لإِسْطَبْلاتِ انتحارِ المعنَى /
     دَخَلْتُ في مَمالكِ الأرَقِ/ عَقارِبُ السَّاعةِ مَساميرُ في ألواحِ صَدري وأخشابِ نَعْشي / رُموشي زِنزانةٌ لِمُضَادَّاتِ الاكتئابِ / جَثامينُ الفُقراءِ مُلْتَصِقَةٌ عَلى زُجاجِ السَّياراتِ العَسكرِيَّةِ / وخُدودُ الأراملِ الضَّامرةُ مَرايا لأحزانِ الشِّتاءِ / ورَاياتُ القَبائلِ مَغروسةٌ في مَصَافي النِّفْطِ / وَالعَناكبُ تَنْسِجُ أغشيةَ البَكارةِ في فُروجِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ /
     حَلُمْتُ أنِّي سَأَمُوتُ مَسْمُوماً / لَم أعْرِفْ وُجوهَ النِّساءِ السَّائراتِ في جِنازتي / جُثةُ الكاهنةِ مَزهريةٌ تَحْتَ نوافذِ الكَنيسةِ/ والمِلْحُ في دَمْعي/ والمِلْحُ في خُبزي/ والمِلْحُ في بَحْري / وأنا العَطشان/ أنا الجائعُ / لكنَّ مِلْحَ خُبزي يَتَزَوَّجُ مِلْحَ دَمْعي / فَهَل سَأَمُوتُ غَريقاً في دِماءِ آبائي ؟ / يَستقرُّ مِلْحُ البَحْرِ في أجفانِ الشَّفقِ الكِلْسِيَّةِ / طَحالبُ على قَميصِ النَّوْمِ للسَّجَّانةِ / والكِلابُ البُوليسِيَّةُ أكَلَت الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ / والعَمودَ الفِقريَّ للأمطارِ / خِيانةُ الفَراشاتِ لها مَذاقُ الْحُزْنِ الْمُذَوَّبِ في عَصيرِ البُرتقالِ / الذي نَسِيَهُ العَاشِقونَ على طَاوِلةِ المطْعَمِ وماتوا / لَيْمُونُ المجازرِ لَهُ نَكهةُ دِمائي / فَكَيْفَ أُطالِبُ بِدَمِ أبي / ودَمُ أبي على سُطوحِ القِطاراتِ ؟ /
     عَلى جُثةِ رَاقِصةٍ عَمياءَ / ذُبابةٌ تَتزوَّجُ صَدى البَنادقِ وَتُطَلِّقُ اسْمَ المطَرِ / قَوْسُ قُزَحَ يُنَظِّفُ مُسَدَّسي بِرُفاتِ الرِّيحِ / فلا تَنْسَ أشِعَّةَ القَمَرِ حِينَ تَغْتَصِبُها دَبابيسُ الغروبِ / الحضارةُ ضِفْدعةٌ تَغْرَقُ في كُوبِ اليانسون / فَهَل رَأَيْتَ الكُرسيَّ الْمُتحرِّكَ للجُنديِّ المجهولِ ؟ / عِظامُ الأيتامِ البلاستيكِيَّةُ تَذُوبُ في أغاني المساءِ / والشُّموسُ تَتَكَسَّرُ كالشُّوكولاتةِ في مَساءِ الدَّمْعِ /  
     تَزَوَّجْتُ نَفْسي / وَقَضَيْنا شَهْرَ العَسَلِ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / عِشْنا في الأقفاصِ / وَمِتْنا في الأقفاصِ / كانَ الفِطْرُ السَّامُّ يَنْبُتُ في خُدودِنا / والأزهارُ الصِّناعِيَّةُ تُهاجرُ مِنَ الزَّنازينِ الانفرادِيَّةِ إلى الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائِيِّ / وَأنا زِنزانتي/ فَخُذْ عِظامي صَابُوناً لأطفالِ الشَّوارعِ في مَراحيضِ الفَنادقِ الرَّخيصةِ / واغْسِلْ أكفاني تَحْتَ أزهارِ المذابحِ/ لعلَّ الدُّودَ في وِشَاحِ الأرملةِ / يَتَزَوَّجُ جُثةَ البَحَّارِ الباردةَ /
     كُرَياتُ دَمي دُمَىً رَخيصةٌ في مَسْرَحٍ للعَرائسِ / والتاريخُ يَزرعُ الأعلامَ الْمُنَكَّسَةَ بَيْنَ الكنائسِ والعَوانسِ / أَخْرُجُ مِن رُفاتِ المساءِ حَافياً كالموْجِ / مَساميرُ التَّوابيتِ مَغروسةٌ في ألعابِ الأطفالِ / وَهَذِهِ لَيْلةُ الدُّخلةِ بُرتقالةٌ على الصَّليبِ / وَرُعيانُ الغَنَمِ يَتَحَوَّلُونَ إلى آلهةٍ /
     في لَوْنِ النَّيازكِ / طِفْلٌ يَحْمِلُ عَلى رُموشِهِ المعدنِيَّةِ جُثةَ أُمِّهِ الفُسفورِيَّةَ / كُنْ مُحَايِداً بَيْنَ سَكاكينِ المطْبَخِ / لأنَّ خَناجرَ الأعرابِ سَتَمُرُّ على لَحْمِكَ الرَّصاصيِّ / العَواصفُ تَمْتَصُّ كُحْلَ العُيونِ / وكُرَياتُ دَمي البَيضاءُ تُباعُ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / فارْمِ ذِكرياتِ البَحْرِ للنَّوارسِ / اغْرِسْ أوتادَ خَيْمَتِكَ في كُوبِ الشَّايِ / الذي يَشْرَبُهُ البَقُّ على أثاثِ المنافي / فَابْدَأْ بَدَأْتُ والليلُ بَوَّابةُ المقتولين /
     يَا أُمَّنا الأرض / ها أنتِ تَئِدِينَ بَناتِكِ / أنا الموؤدةُ على صَدْرِ أبي / المصلوبةُ على صَدْرِ أُمِّي / هَل أُزَوِّجُ شَجَرَ أدغالِ الدَّمْعِ لِفُراشةِ أسناني ؟ / سَتَخْتَلِطُ الرُّومانسيةُ والكِفاحُ المسلَّحُ والأسمنتُ المسلَّحُ في مُدُنِ الكُوليرا/ سَلامٌ للمَوْتَى يَرْمُونَ جَمَاجِمَهُم إِشاراتِ مُرورٍ لِمَوْكِبِ الأميراتِ السَّبايا/ لَم أفْرُشْ عِظامي شَعْراً مُستعاراً للذِّئبةِ / فلا تَرْضَعْ مِن ثَدْيِ الجثةِ / الرِّياحُ قَارورةُ حِبْرٍ للأشلاءِ / والأمواجُ تَحْمِلُ رَسائلَ الغَرْقى إلى أراملِ الغروبِ / فلا تَخْجَلْ مِن ضَفائرِ اليَتيماتِ الْمُلْقاةِ في طُرقاتِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / يَنْشُرُ الغُرباءُ الغسيلَ على أعصابي الْمُبْتَلَّةِ بِقَهْوةِ السَّجَّانين / فَانتظِرْ مَطَرَ الكلماتِ الحارقةِ عَلى جُلودِ الْمَنْفِيِّينَ في خِيَامِ الرِّيحِ / مَرَرْتُ في أشلائي كَي تَمُرَّ فِينا الذِّكرياتُ / فَلا تَتَذَكَّرْني / لِمَاذا تَتَذَكَّرُ وَجْهاً في الرَّعْدِ ؟ / تمشي الذِّكرياتُ إلى بُوصَلَةِ بَحَّارٍ ذَبيحٍ/ لَم يَبْقَ عَلى رُمُوشِهِ سِوى مِنديلِ أُمِّهِ /
     نَحْوَ بَرْقٍ يَمُرُّ في حِبْرِ القَصيدةِ / تَمشي عِظامُ الأمواتِ الْمُفتَّتةُ في الفَجْرِ الدَّامي / شَراييني حَلَبَةُ مُصارَعةٍ للثِّيرانِ / بَعْدَ مَوْتِ الثِّيرانِ وتقاعُدِ الْمُصَارِعِ / صَرَعْتُ نفْسي لأتزوَّجَ ظِلالي / ولَم أجِد الْمُخْبِرِينَ كَي يَرْقُصوا في مَأْتَمِ الشُّموسِ / ولَم أرَ طُرقاتِ السُّلِّ في فُستانِ العُرْسِ / أنا كَعْكةُ العارِ النِّهائِيَّةُ / تاريخي هُوَ البَجَعُ الرَّاقصُ حَوْلَ ضَريحي / شَفَافِيَّةُ ثِيَابِ رَاقِصَةِ البَاليه / حِينَ تَغيبُ شَفَافِيَّةُ الحكومةُ قُرْبَ انتحارِ الشُّعوبِ في الزَّنازينِ الانفرادِيَّةِ الإلكترونِيَّةِ / أنا الغريبُ / تَعْبُرُ مَرْكَبَاتُ الجنودِ على جَدائلِ الرِّياحِ / وَتُلْقَى مُخَلَّفاتُ الجيوشِ المهزومةِ في صَوامِعِ القَمْحِ /
     أرْجُوكَ يَا حُزني / لا تَحْزَنْ عَلَيَّ / يَخْبِطُ دَمُ الرَّاهباتِ في زُجاجِ نَاطِحَاتِ السَّحابِ / تَخْبِطُ الضَّفادعُ في مَنافي الدَّمْعِ / جَسَدي مَطْبَخٌ بَعْدَ انتهاءِ حَفلةِ الإعدامِ / ذُبابٌ مَزروعٌ تَحْتَ إِبْطِ الشَّمْسِ / فلا تَكُنْ أيُّها القَمْحُ ناقداً أدبِيَّاً في شَوارعِ النِّفاياتِ / لا تُدافِعْ عَن حُقوقِ المرأةِ في أُنوثةِ الكُوليرا / ذِكْرَياتُ الحشَراتِ نَشيدٌ وَطنيٌّ للدُّموعِ / والخيولُ تَموتُ في حَظيرةِ الأعاصيرِ / أنا الميْتُ الوَحيدُ الذي مَشَى في جِنازةِ البَحْرِ الميْتِ / وكانت أجفاني تَتكسَّرُ كَزُجاجِ بَيْتِنا المهجورِ /
     أنا الأرصفةُ الطازَجةُ / والْحُزْنُ المطبوخُ / والْمُدُنُ الكَئيبةُ / والسُّجونُ الحبيسةُ / فاتْرُكْ استراحةَ الْمُحارِبِ في لَحمي / لأنَّ الملِكاتِ السَّبايا يُحَارِبْنَ في سَريرِ الجِنسِ / فيا أيَّتُها الأميرةُ الْمُثَقَّفةُ في سُوقِ النِّخاسةِ/ إِنَّ أهْلَكِ بَاعُوكِ لِمَن دَفَعَ أكثرَ / وهُدوءُ الملوكِ بَعْدَ الجِمَاعِ لَن يَحْمِيَهُم مِنَ الانقلابِ العَسكريِّ / شَوارعُ الكَابوسِ فِطْرٌ سَامٌّ / وجِلْدي سَجَّاني / فَكَيْفَ أهْرُبُ مِنِّي ؟ /
     بَدْوٌ رُحَّلٌ يَبيعُونَ رِمَالَ الشَّفَقِ عَلى إشاراتِ المرورِ / والسَّائلُ الْمَنَوِيُّ عَلى فُرشاةِ أسنانِكِ / يَنهمرُ حَليبُ الرَّاهباتِ في حُفَرِ المجاري / بَعْدَ اغتصابِهِنَّ في سَراديبِ الدَّيْرِ / أكتافي إسطبلاتُ الخديعةِ / فلا تَخْدَعْني يا ضَوْءَ القَمَرِ / أرْشِدْني إلى أضرحةِ آبائي في خِيَامِ المجزرةِ / قَلبي مَزرعةُ خَشخاش / فَهَل أدْخُلُ في نشيدِ الاحتضارِ / أَم أكْسِرُ ظِلالي احتجاجاً عَلى انتحارِ رُموشي ؟ /
     لا أُريدُ رُموشي المكسورةَ تَحْتَ أقدامِ الجنودِ الخاسرينِ في الحرْبِ / الخاسرينَ في الْحُبِّ / الجيشُ المكسورُ عادَ مِن ألوانِ الأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ / أعصابي زُجاجةُ ويسكي في بَارِ الوَحْدةِ الوَطنِيَّةِ / فيا عِطْرَ المهرِّجِ/ مَتَى سَتُفْرِجُ عَن رُموشي في سُجُونِكَ الإلكترونيةِ ؟/ مَتَى سَتَبيعُ أشلائي في سُوقِ النِّخاسةِ سَبِيَّةً ؟ / بِعْتَ الوَطَنَ في السِّيركِ / وهَذِهِ مِشْنقتي أُستاذتي في الكِيمياءِ / وَغُرْفَةُ الإعدامِ بالغازِ تُعَلِّمُني جَدْوَلَ الضَّرْبِ / لَيْلَةُ الدُّخلةِ زِنزانتي الانفرادِيَّةُ / حَرْبٌ أهلِيَّةٌ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي / وشَواهِدُ القُبورِ شَاهِدَةٌ عَلى نُمُوِّ أشجارِ المقابرِ / مَوْكِبُ الملِكاتِ السَّبايا مَرَّ أمامَ أشلائي / أنتحِلُ شَخْصِيَّةَ النَّهْرِ / وَأَطْلُبُ الطلاقَ مِن دَمِ الرِّمالِ /
     تِلْكَ الرَّاقصةُ تَفتتحُ كَازِينو الوَحدةِ الوَطنيةِ / فَكُوني يا أعشابَ المدافنِ زَوجتي / لأشْنُقَ الْحُزْنَ في عَيْنَيْكِ / العَواصفُ تَكْسِرُ ألوانَ زُجاجِ الكنيسةِ / أحزاني تَصْعَدُ على جُثةِ الأمطارِ / والحضارةُ تَذُوبُ في سُعالِ الرِّيحِ / وخِيَامُ المذابحِ أكثرُ عَدَداً مِن جَواربِ العَوانسِ / وأُمَراءُ الحرْبِ أكثرُ عَدَداً مِن الكِلابِ البُوليسِيَّةِ / 
     يَا مُعَلَّقَةً عَلى الصليبِ / مَتَى تَكْسِرِينَ الصَّليبَ لِيَرتاحَ العَبيدُ في أُنوثةِ الرِّيحِ ؟ / هِجْرةُ الأنهارِ مِن خِياناتِ البَحْرِ إلى ضَوْءِ عُيونِ القتلى/ والأطفالُ يَدْفِنُونَ أُمَّهاتِهِم في العُطلةِ الصَّيفِيَّةِ / والعَرائسُ يَقْضِينَ شَهْرَ العَسَلِ في ثَلاجةِ الموتى / هذا تابوتُ البُحَيرةِ تَجُرُّهُ الكِلابُ البُوليسِيَّةُ / والملوكُ فِئرانُ الذِّكرياتِ / والشُّعوبُ فِئرانُ التَّجارُبِ /
     دَفَنْتُ آلهةَ الأعرابِ في صَحراءِ القَمَرِ / وارْتَدَيْتُ الزِّيَّ العَسكريَّ للجُيوشِ المهزومةِ / حِدَاداً على مَوْتِ النَّهْرِ / وَجَمَاجِمُ القَياصرةِ تَتَدَحْرَجُ عَلى رُقْعةِ الشِّطْرَنجِ / انتهتْ لُعبةُ الوَحدةِ الوَطَنِيَّةِ / وماتَ الوَطَنُ / تَرْقُصُ النَّوارِسُ عَلى جُثثِ الشُّهداءِ / نَحْنُ قَطيعُ السَّبايا / وَالرَّاعي مَصْلُوبٌ على أشِعَّةِ القَمَرِ / السَّائلُ الْمَنَوِيُّ هُوَ الحِبْرُ السِّرِّيُّ / فاكْتُبْ بِدَمِ النَّوارسِ دُستورَ الخِيانةِ الرُّومانسِيَّةِ / نَسِينا رِجَالَنا في المقابرِ الجماعِيَّةِ / وصارت النُّهودُ الملوَّثةُ باليُورانيومِ تاريخاً للعَجْزِ الجِنسيِّ / حُرِّيةُ المرأةِ تَقُودُ قَطيعَ الغَنَمِ إلى هَضَبَةِ الوَداعِ / فما رَقْمُ الْحُفْرَةِ التي دَفَنَ النَّخيلُ فِيها الرُّومانسِيَّةَ ؟ /
     واقفٌ أنا على رَصيفِ المِيناءِ / أنتظرُ القُرصانَ الذي سَيَقْتُلُني / والنَّخْلُ يَمشي إلى المِئذنةِ الوَحيدةِ في المدينةِ المهجورةِ / اكتشفتُ الجِيناتِ الوِرَاثِيَّةَ للعَوانسِ / لَمَحْتُ الحِمْضَ النَّوَوِيَّ للمشانقِ / لَمَسْتُ جِيناتِ المِقْصَلةِ / أنا اكتشافُ الموْتِ الأُرْجُوَانِيِّ تَحْتَ أشجارِ المذْبَحةِ / الزَّوابعُ مَشنوقةٌ في سَقْفِ حَلْقي / والمراعي تَتَّخِذُ مِن حَنجرتي إسْطَبْلاً لِخُيُولِ الخليفةِ /
     يَا وَطَنَاً يَسْكُبَ العَسَلَ عَلى لُحُومِ المشنوقين / اشْنُقْنِي / أنا ضَوْءُ الذِّكرياتِ النُّحَاسِيَّةِ المفروشُ على السَّجَّادِ الأحمرِ / وأظافري قَطيعُ السَّبايا للجَيْشِ المجهولِ / أصابعُ النِّساءِ الرَّقيقةُ هِيَ رَسائلُ السُّجناءِ في زَنازينِ البَحْرِ / والأرضُ المحروقةُ حِزْبٌ سِياسِيٌّ مِنَ الخيولِ الذبيحةِ / فَعِشْ يا طَيْفَ القَتلى في إسطبلاتِ الدَّمْعِ/ خُذْني إلى سُجونِ رِئتي/ لأعْرِفَ إخلاصَ السَّجَّانِ للرَّاتبِ الشَّهريِّ / وإخلاصَ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ لِفَتْرةِ الحيْضِ/ هَذِهِ رُموشي الدَّاميةُ / ورَأسي تُفاحةٌ أمامَ فُوَّهةِ البُكاءِ/
     عَلى جُثةِ أَوَّلِ رَاهِبَةٍ مُغْتَصَبَةٍ / يَضَعُ رَمْلُ البَحْرِ الْحَجَرَ الأوَّلَ في كَنيسةِ الاكتئابِ / عَلِقَ في حَلْقي نَوْرَسُ الذاكرةِ / بِرْمِيلُ النِّفْطِ هُوَ ذُكورةُ حَبْلِ المِشنقةِ / فَكُوني أُنوثةَ الصَّدى الْمُتَوَحِّشِ / لُحُومُ الأميراتِ مَفْرُوشةٌ على سِكَكِ الحديدِ / والقِطاراتُ تَعْبُرُ صَحاري الرُّوحِ /
     بَيْنَ حُزني الآلِيِّ وَذِكْرياتي الإلكترونِيَّةِ / أبْنِي خِيَامَ نَصْلِ مِقْصَلتي أعْلَى مِنَ الجريمةِ الْمُقَدَّسةِ / دَفَنْتُ رَاياتِ القَبائلِ في الشَّفقِ / الذي يَحْرُثُهُ مَطَرُ الخرابِ / اكتئابُ الضَّفادعِ تَزَوَّجَ حِيطانَ غُرفةِ التَّحقيقِ / ضَائِعٌ أنا في بِلادي الضَّائعةِ / وشَعْبُ الانطفاءِ صَنَمٌ يَعْبُدُ صَنَمَاً /
     تَتَبَوَّلُ النَّارُ عَلى النَّارِ / يا أحزانَ الشَّاطئِ البَعيدِ / عَلَّمَني الموْجُ اصطيادَ الأسماكِ بالمسدَّساتِ / والشُّموسُ تَصطادُ غِزلانَ الصَّدى في بَراري الملاريا / لا تَقْلَقْ يا سَجَّاني / إِنَّ الجيوشَ البَدَوِيَّةَ سَتُحَرِّرُ الأندلسَ / أبقارٌ تَرْعَى الغَنَمَ في بَرْلَمَانِ رُعيانِ الغَنَمِ / والشُّطآنُ تِلميذتي الفاشلةُ في العُلومِ السِّياسِيَّةِ / لَن أرَى وَجْهي في المِرآةِ / إِلا إِذا خَرَجَت النُّسورُ الرَّمادِيَّةُ مِن قَفَصي الصَّدريِّ / صَلَبْتُ الصَّليبَ على الصَّليبِ / فَلا دَاعِي يا أدغالَ المجزرةِ أن تَذْهَبي إلى عُرْسِ الدِّماءِ / سَوْفَ يَتَزَوَّجُ الصَّدى ماما الفاتيكان/ فَكَيْفَ يَثِقُ الأثاثُ الْمُسْتَعْمَلُ بِغُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائِيِّ ؟/
     سَكَبَ الطوفانُ قارورةَ الحِبْرِ على شَواهدِ القُبورِ / وَرَقُ الإنجيلِ يَحترقُ في مَوْقَدةِ الدَّيْرِ / والكاردينالُ البَنفسجيُّ يَقرأُ في ليالي الشِّتاءِ الأناجيلَ التي لا تَعترِفُ بِها الكَنيسةُ /
     قَبْلَ أن يَأتِيَ الغُزاةُ لِيَسْحَقُوا الشُّموسَ / صَلَّى ذَلِكَ الفَارسُ الأندلسيُّ العَصْرَ في الشَّفقِ / وَصُلِبَ مُتَوَضِّئاً أمامَ دُموعِ رَاهبةٍ تَنتحرُ / لَقَدْ تَجَسَّدَ في جُلودِنا زَنْجَبيلاً وعَوَاصِفَ / أُبَلِّطُ مُسْتَنْقَعَاتِ القَمَرِ بِعَرَقِ السَّكاكين / سَائِراً عَلى خُطى صُقورِ قُرَيْشٍ / القِتالُ حَتَّى انفصالِ الرَّأسِ عَن الجسدِ / حَقَّاً / لَقَدْ تَجَسَّدَ / يَتيمٌ أنا / لَكِنِّي ابْنُ الموْتِ / وحِينَ يَأتي المساءُ / تَتفجَّرُ الذِّكرياتُ في جِلْدي فأبكي وَحيداً / يُهاجِمُني طَيْفُ الشَّركسِيَّاتِ / أنا طِفْلُ الحضاراتِ الْمُنقَرِضَةِ / وَرِثْتُ عُكَّازةَ أبي بَعْدَ تَفَرُّقِ دَمِهِ بَيْنَ القَبائلِ / وأحْمِلُ جُثمانَ أُمِّي في حَقيبةِ المدرسةِ /
     أهْرُبُ إلى النَّوْمِ كَي أراكِ في مَنامي / لأنَّ جُنوني هُوَ سُجُوني / أُهَنِّئُ الموتى بِزَواجِ الزَّنابقِ مِن دَمِ البُحَيراتِ / دُمْيَةٌ مُحْتَرِقَةٌ في مَسْرَحِ العرائسِ الغارقاتِ في دَمِ الحيْضِ / ونَبَضاتُ قَلبي تَنتحرُ في سَنابلِ المجرَّاتِ / أُرَتِّبُ أشلائي على الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ كأحجارِ الشِّطْرَنجِ / وأكْسِرُ ألواحَ صَدْري لاستقبالِ الحشَراتِ / فَشُكْراً للبَاعةِ الْمُتَجَوِّلِينَ الذينَ يَبيعُونَ الجماجمَ أمامَ المحاكمِ العَسكرِيَّةِ /
     تَحْتَ إِبْطِ الرِّيحِ ذَاكرةُ القَتلى / فَاقْتُلْني بِذِكْرياتِ الطوفان / أسيرُ في دِمائي على غَيْرِ هُدى / والنَّعناعُ هُوِيَّةُ الْمَنْفِيِّينَ في شَرايينِ الأسمنتِ/ رَقَبَتي مُوَزَّعةٌ بَيْنَ مَقاصلِ الغَيْمِ/ فَكُنْ حَبَّةَ كَرَزٍ بَيْنَ أعوادِ المشانقِ/ كُوخُ العاشقينَ في غَابةِ الفِضَّةِ يَحترقُ / وَدِمَاءُ النَّوارسِ إشارةُ مُرورٍ في مُدُنِ الْهَلَعِ/ بِعْنا الوَطَنَ لِدَعْمِ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / بَصَقْنا على المرأةِ لِدَعْمِ حُقوقِ المرأةِ / قَتَلْنا الإنسانَ لِدَعْمِ حُقُوقِ الإنسانِ .