07‏/10‏/2019

نجمة القوقاز / قصيدة

نجمة القوقاز / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............

     الزَّنابقُ تَسْكُنُ في عَرَقِي / وَتُشْبِهُ حَبْلَ مِشْنَقتي / سَيَأْكُلُ الغَسَقُ بَنَادِقَ الجنودِ العَاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ / لَكِنِّي أَحْفِرُ اسْمَ أُمِّي عَلى بُنْدُقِيَّتي الزُّجاجِيَّةِ/ فَلا تُصَدِّقْ دَمْعَ الرِّياحِ في الغُروبِ / وصَدِّقْ بَريقَ الأحزانِ في عُيونِ الشَّرْكَسِيَّاتِ / هَذِهِ البُحَيْراتُ تَكْتَحِلُ بالجِرْذانِ / وُلِدَ الصَّنوبرُ في حُفْرتي / وأنامُ في حُفرتي إلى الأبَدِ / فَاعْشَقْنِي أيُّها الزَّبَدُ القُرْمُزِيُّ حَتَّى النِّهايةِ / أنا الغريقُ في كُلِّ بُحُورِ الشِّعْرِ / وقَصيدتي هِيَ شَاطِئُ الوَداعِ في الليلةِ الغامضةِ البَاردةِ / أنا البَحَّارُ الذي لَم يَعُدْ إلى حِضْنِ البُحَيرةِ / وجُثتي مُلْقَاةٌ عَلى شَاطِئِ القَبائلِ الْمُنْقَرِضَةِ /
     لَمْ يَحْضُرْ جِنازةَ الأمواجِ غَيْرُ السَّحَابِ / عَرَقٌ يَابِسٌ في ثِيَابِ المجرَّاتِ / وَالشَّركسياتُ في أعالي الجِبَالِ / يُطْعِمْنَ ضَوْءَ القَمَرِ جُرُوحَ الزَّعْتَرِ / سَتأكُلُ البُرُوقُ الطائراتِ الوَرَقِيَّةَ / فَمَا نَفْعُ البُكاءِ يَا أطفالَ القَمَرِ البَاكِي عَلى أطلالِ غروزني ؟ /
     تَدْخُلُ الأساطيرُ في أجفاني / تَخْرُجُ الضَّفادعُ مِن سُعالي / والأمطارُ تَجْرَحُ خُدُودَ البَحْرِ الرَّصَاصِيَّةَ/ مَاتَ المساءُ مُتَأثِّراً بِجِرَاحِهِ/ فَلَم يَعُدْ لِقِصَصِ الْحُبِّ مَعْنَى / وأنا أطيافُ الموْتِ بَيْنَ الشُّموعِ والدُّموعِ /
     بَيْنَ نَباتاتِ الزِّينةِ سَقَطَ تاريخُ القَمْحِ / وَالعَنَاكِبُ تَمشي إِلى سَمَاءٍ بلا قَمَرٍ / أنا عَشِيقُ المقاصِلِ الأبَدِيُّ / أَلْوِي ذِراعَ النَّهْرِ / وأعْمِدَةُ الكَهْرَبَاءِ تَرْكُضُ في زَنجبيلِ الجِرَاحِ الحجَرِيَّةِ / والصَّبايا مَصْلُوباتٌ عَلى ملاقِطِ الغسيلِ / سَوْفَ تَبِيضُ الزَّوابعُ عَلى شَارِبِي / أنا الطريدُ والطريدةُ/ أحْرُسُ رَمْلَ البَحْرِ مِن ذِكرياتِ أراملِ البَحَّارةِ الغَرْقَى/ وأحْرُسُ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ مِن بَيْضِ السَّلاحِفِ /
     أُسَلِّمُ مَعِدَتي للطُّرُقَاتِ هَارِبَاً مِن رُكَامِ جُفوني / دَاخِلاً في تَاريخِ الأقمارِ / الذي لا تَقْدِرُ أهدابي عَلى حَمْلِهِ/ اسْمُ جُثماني ثَقيلٌ / وَحْدَهَا شَوارعُ المطَرِ تَحْمِلُهُ في المرافئِ المهجورةِ / أنامُ عَلى أجنحةِ الذبابِ الْمُحَنَّطِ في دَمِ الملوكِ المخلوعين / وأخافُ أن تَطْرُقَ الغُيومُ بَابَ رِئتي / والرُّعودُ تَفْتَحُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ لِتَخْرُجَ عَصافيرُ الثَّوْرَةِ / رَائِحَةُ الْمُلُوخِيَّةِ في حَنجرةِ الفَيَضَانِ / وأنا الطِّفْلُ الْمُدَلَّلُ لِحَبْلِ المِشْنَقَةِ /
     تَتَكَسَّرُ قَارورةُ العِطْرِ بَيْنَ غُروزني وسَراييفو / وَنَجْمَةُ القُوقازِ تَهْرُبُ مِن شَرايينِ النَّيازكِ / أهْرُبُ مِن نفْسي فَتَقْبِضُ عَلَيَّ المرايا فَتَكْسِرُني / فَاهْرُبْ يَا جُرْحِي مِن شَهيقي / يُرَوِّضُ البُكاءُ سَنابلَ الذاكرةِ/ مَاتت الحرْبُ/ مَاتَ السَّلامُ/ وَالْمُحَارِبَاتُ يُخَبِّئْنَ حَليبَ الأبقارِ في بَراميلِ البَارودِ.