30‏/10‏/2019

أثاث مستورد لمقبرة محلية / قصيدة

أثاث مستورد لمقبرة محلية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     أعيشُ تَحْتَ الأرضِ / وَلَن أرى الشَّمْسَ إِلا في جِنازةِ أبي / أنا كُلُّ أحزانِ العَالَمِ إِلا أحزاني / سَيَذْبَحُنِي القَمَرُ في مَسَاءٍ خَريفِيٍّ/ والرِّجالُ يَنتظِرُونَ لَيْلَ الشِّتاءِ الطويلَ كَي يُرَكِّزُوا في الجِمَاعِ / أَمْشِي إلى قَبْري في لَيْلةٍ ماطرةٍ / دَمُ الحيْضِ يَختلِطُ بأحمرِ الشِّفاهِ / وأحلامُ الطفولةِ تَسْرِقُ قَطَرَاتِ المطرِ / والقَنَّاصُ يُحَدِّقُ في عُيونِ الأطفالِ /
     أخبارُ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ في ليالي الشِّتاءِ الحزينِ / جِيَفُ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ عَلى الحواجِزِ العَسكريةِ / والْخُلَفَاءُ يَجْمَعُونَ نُهُودَ السَّبايا المقطوعةَ كالعُملاتِ النَّادرةِ/ فَتاةٌ تُعَلِّقُ صُورةَ مُغْتَصِبِهَا في غُرفةِ نَوْمِهَا / والإعصارُ لا يَنامُ / والرَّمادُ يَزُفُّ النِّساءَ إلى خَشَبَةِ الْمَذْبَحِ / ذِكْرَياتي سَيْفَانِ في غِمْدٍ وَاحدٍ / والطحالبُ تُزَيِّنُ أَوْعِيَتي الدَّمويةَ / وابنةُ حَفَّارِ القُبورِ تَحْفَظُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / لِتَجِدَ العَلاقةَ بَيْنَ تَكاليفِ حَفْرِ القَبْرِ والْمَصْرُوفِ الْمَدْرَسِيِّ / والأيتامُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في تحنيطِ الموتى / سَتَنْبُتُ جُثَثُ الرَّاهباتِ في حَديقةِ الدَّيْرِ لَيْمُوناً وَصَدَمَاتٍ عَاطِفِيَّةً / لا تَكْرَهِيني يَا طُفولةَ السَّنابلِ/ لا تَخُونِيني يا أحلامَ الطفولةِ/ كُلُّنَا سَبَايا ننتظِرُ دَوْرَنا في طَابُورِ الاغتصابِ/ لَسْتُ الْحُلْمَ/ أنا الكابوسُ الذي يُطَارِدُ العُشَّاقَ / كُلَّمَا ارْتَفَعَتْ أسعارُ النِّفْطِ في ذَاكرة الموْتِ / ارْتَفَعَتْ أسعارُ السَّبايا في مَوْتِ الذاكرةِ / 
     ذِكْرَياتي / يَا أيَّتُها المقبرةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ في الصَّدى البَعيدِ / مَاتَ الصَّدى / ولا أَسْمَعُ إِلا صُرَاخَ الرَّاهباتِ الْمُغْتَصَبَاتِ في الأدْيِرَةِ الباردةِ/ تُولَدُ أشجارُ المقابرِ في ثُقوبِ رِئَتي/وَلا يَزالُ هَمْسُ شَوَاهِدِ القُبورِ يَرِنُّ في أظافري المكسورةِ / وَأَعْرِفُ أنَّ الغُروبَ يُخَبِّئُ الْخَنْجَرَ المسمومَ بَيْنَ أجنحةِ الحمَامِ /
     يَا أيُّها المحكومُ بالإِعدامِ / احْفَظْ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / كَي تَبْدَأَ العَدَّ التَّنَازُلِيَّ / كُلُّنَا مَحْكُومُونَ بالإعدامِ / وِلادَتُنَا هِيَ بَدْءُ العَدِّ التَّنَازُلِيِّ / يَا أيَّتُها المشنوقةُ بِحَبْلِ الغسيلِ / أَحْرَقَ ضَوْءُ القَمَرِ قُمصانَ النَّوْمِ / وَسَقَطَتْ ثِيَابُ الحِدَادِ عَلى سَطْحِ الدَّارِ / مَاذا يَستفيدُ القَتْلَى مِنَ النَّوْمِ ؟ / مَاذا تَستفيدُ القَتيلاتُ مِنَ الأرَقِ ؟/ القَطيعُ يَسيرُ نَحْوَ حَافَّةِ الْجَبَلِ / والرَّاعي يَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ الذِّئبِ/ أُوَزِّعُ الحواجزَ العَسكريَّةَ على أطفالِ الشَّوارعِ / والزَّوابعُ تَنْثُرُ الأوسمةَ العَسكريَّةَ على أجسادِ الرَّاقصاتِ / وَطَنٌ للعَسْكَرِ والْمُخَابَرَاتِ والرَّاقصاتِ/ وعَسْكَرَةُ رِمَالِ البَحْرِ / جَاءَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ / فَكَيْفَ يَشُقُّ الصَّليبُ طَرِيقَهُ بَيْنَ الثَّدْيَيْنِ ؟ / جَسَدي سِجْني / فَكَيْفَ أَهْرُبُ مِنِّي ؟ .