20‏/11‏/2019

فارسية في موسم الحج / قصيدة

فارسية في موسم الحج / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     رَاحِلَةٌ أنتِ إلى الضَّوْءِ/ لا طَرِيقَ إلا الطريقُ / فَاعْرِفي طَرِيقَكِ قَبْلَ أن يَعْرِفَ الاحتضارُ طَرِيقَهُ إِلَيْكِ / عَرَفْتُ طَرِيقي/ وَمَشَيْتُ إلى البَحْرِ في الليلةِ الحزينةِ / وَكَانَ دَمْعي حَاجِزَاً عَسكرِيَّاً بَيْنَ الشَّرْكَسِيَّاتِ والفَارِسِيَّاتِ/ تَسْتَثْمِرِينَ في الجسَدِ / وأسْتَثْمِرُ في التَّاريخِ / ولا تاريخَ لِي سِوى دُموعِ اليَمامِ /
     جَسَدِي الحرامُ في المسجدِ الحرامِ / أمشي إلى النُّورِ / وتَلْمَعُ أظافري على شَاطَئِ الأمطارِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ عَلى الرُّخامِ / سَيَغْسِلُ ضَوْءُ الشُّموعِ ذاكرةَ المساءِ / والذِّكرياتُ مَغْسُولةٌ بِمِلْحِ الدُّموعِ / وَقَلبي شَاطِئٌ لِطُيورِ البَحْرِ / التي عَادَتْ إلى ذَاكرةِ الأمواجِ في الليلِ الْمُضِيءِ /
     أكفاني مَغسولةٌ بِمَاءِ زَمْزَم/والمصابيحُ تُنيرُ عِظَامي في الطريقِ الطويلِ/وَحْدي أنا مَعَ الذِّكرياتِ/ هَجَمَ المساءُ على الهياكلِ العَظْمِيَّةِ للعَاشِقِين / أموتُ في الحياةِ لأحيا / والخلودُ قَريبٌ مِنِّي / وحَبَّاتُ الكَرَزِ تَصْعَدُ مِن ثُقوبِ جِلْدي /
     العَباءةُ السَّوداءُ في الليلةِ الْمُقْمِرَةِ / مَطَرٌ يَغْسِلُ أعصابي / وأسيرُ وَحْدي إلى أرواحِ الغرباءِ / وأنا الغريبُ في دَمْعِ الْحَمَامِ / رأيتُ دَمي يَتَوَهَّجُ تَحْتَ صَوْتِ الرَّعْدِ / أمشي إلى الضَّوْءِ في آخِرِ النَّفَقِ / أنا السَّائرُ في الطريقِ/ أنا السَّائرُ والطريقُ/ كُلَّمَا مَشَيْتُ إلى ذَاكرةِ الأنهارِ مَشَيْتُ إلى ذَاتِي / أبتعِدُ عَن قَلبي فَأجِدُ قَلْبي / أُسَافِرُ بِاتِّجاهِ رُموشي / لأرى وَجهي في مَرايا الغروبِ / لا أعْرِفُ هُوِيَّةَ الحاصِدِ ولا مَوْعِدَ الحصادِ / لَكِنِّي أعْرِفُ مَوْعِدَ الشُّروقِ / تَغِيبُ الشَّمْسُ / لَكِنَّ شَمْسَ قَلْبي لا تَغِيبُ /
     دَمِي يَلْمَعُ في ضَوْءِ القَمَرِ / سَيَأتي الغُرباءُ كَي يُكَفِّنُوا طُيورَ البَحْرِ بأوراقِ الخريفِ / فَلا تَسْألي عَن مَوْتي أيَّتُها التِّلالُ / أنا حَفَّارُ القُبورِ وَشَاهِدُ القَبْرِ / ومَقْبَرتي في كُلِّ القُلوبِ / حُزْني مَنْبَعُ النَّهْرِ / وأشلائي هِيَ الرَّوَافِدُ / وَدَمْعي يَنْبُعُ مِن ذِكرياتِ الرَّعْدِ / وَيَصُبُّ في أغصانِ المساءِ .