20‏/12‏/2020

ألكسندر سولجنيتسين وأرخبيل غولاغ

 

ألكسندر سولجنيتسين وأرخبيل غولاغ

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.............

     وُلِدَ الأديب والمعارِض الروسي ألكسندر سولجنيتسين ( 1918_ 2008) في مدينة كيسلوفودسك في منطقة القفقاس الجنوبية . كان والده ضابطًا ، لكنه تُوُفِّيَ قبل ولادته . وفي عام 1924 انتقلَ مع والدته إلى مدينة روستوف على نهر الدُّون . حيث أمضى طفولته وفُتُوَّته ، وأنهى دراسته في كلية الرياضيات والفيزياء هناك عام 1941. كما دَرس بالمراسلة في معهد موسكو للآداب والفلسفة والتاريخ . لكنَّ الحرب اضطرته لقطع دراسته ، إِذ اسْتُدْعِيَ للالتحاق بالجيش ، وشارك في الحرب ضد النازية .

     اعْتُقِلَ سولجنيتسين في شُباط 1945، لانتقاده ستالين في رسائله إلى زميل له ، وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات.ووراء أسوار السجون المتعددة،بَرزت موهبته الأدبية.وكانت باكورة مؤلفاته ملحمة"الطريق".وهناك أيضًا بدأ يَحُوك الخيوط الأولى من روايته " آب أربعة عشر" ( 1971) .

     بعد أن انتهت مُدَّة سجنه، نُفِيَ إلى صحراء كازاخستان القاحلة ، حيث أمضى ثلاث سنوات أخرى ، ذاق في أثنائها الأمَرَّيْن ، وكتب هناك مسرحية " جمهورية العمل " ( 1954) . وفي العام التالي ، أُدخِل إلى مستشفى الأورام في طشقند ، حيث تَمكَّنت الطبيبة دونايفا مِن إنقاذه مِن المرض الخبيث . وتَحدَّث عنها في روايته المعروفة " جناح السرطان " ( 1968) .

     حَظِيَت رواية " يوم من حياة إيفان دينوسوفيتش " التي نُشرت عام 1962باهتمام النُّقاد والقُرَّاء على السَّواء ، ورُشِّحت لنيل جائزة لينين ، وكان لها الفضل في قبول الكاتب في صفوف اتِّحاد الكُتَّاب السوفييت . وبعد إقصاء نيكيتا خروتشوف ، وتَوَلِّي ليونيد بريجنيف أمانة الحزب الشيوعي ، بدأ نتاج الكاتب يَتعرَّض لحملة من المضايَقات والحذف والحظر ، مِمَّا دَفعه إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى المؤتمر الرابع لاتِّحاد الكُتَّاب السوفييت في أيار 1967، يَشرح مُعاناته مع الرقابة ، ويَدعو إلى إلغائها . ومُنذُ ذلك الحين ، بدأت الْهُوَّة تتَّسع بين الكاتب والسُّلطة ، وسارعَ الغرب إلى تَلَقُّف أعماله . وبدأت هذه الأعمال تجد طريقَها إلى القارئ السوفييتي بطرق مختلفة ، وعبر قنوات غير شرعية مُتعددة ، مطبوعة أحيانًا ، ومُصوَّرة في أكثر الأحيان ، فكانت تُقرَأ ، ويتم تداولها في الخفاء .

     فُصل سولجنيتسين مِن اتِّحاد الكُتَّاب السوفييت في عام 1969. وفي العام التالي نال جائزة نوبل للآداب . وبعد أربعة أعوام أُسقطت عنه الجنسية السوفييتية ، وطُرد من البلاد، فسافرَ إلى ألمانيا الغربية أولاً ثُمَّ إلى سويسرا،فالولايات المتحدة الأمريكية.ومع بداية(البيريسترويكا) أو الانفتاح ، أُعيدت المواطَنة إلى الكاتب ، وأُلغيَ قرار فَصْله من اتِّحاد الكُتَّاب ، ورُفع الحظر عن نشر أعماله وتداوُلها ، كما سُمح له بالعَودة إلى بلاده . وقد عاد إلَيها فِعلاً في عام 1994، وتابعَ نشاطه السياسي بعيدًا عن الأحزاب والكُتل المختلفة . 

     تَتميَّز أعمال سولجنيتسين بالتركيز على وصف الحياة القاسية ، التي ذاق مرارتها بنفْسه . حياة السُّجون والْمُعتقَلات ومُعسكَرات العمل ، والحِرمان مِن كُل شيء إلا مِن القهر والإذلال . ولقد كانت حياته كما يقول عنها في مذكراته ، حياةَ " عِجْل يَنطح شجرة بلوط " .

     وتعود شُهرة سولجنيتسين بالدرجة الأُولَى إلى أنَّه تناولَ مسائل محظورة . كما أنَّ منع نشر مؤلفاته زاد من رغبة القُرَّاء في الحصول عليها ، إضافةً إلى الضجة الإعلامية التي أثارها الغرب مِن حَوْله ، بصفته واحدًا مِن أبرز الكُتَّاب السوفييت المنشقين ، وهذا سبب تَبَنِّي الغرب لأعماله ، ومنحه جائزة نوبل للآداب (1970).وهي نادرًا ما كانت تُمنَح لِكُتَّاب " دُول الكُتلة الشيوعية".

    والغريبُ أنَّ سنوات النَّفْي العشرين التي أمضاها الكاتب في الغرب ، والسنوات اللاحقة التي أعقبت عَودته إلى روسيا ، كانت سنوات عقيمة ، لَم يُبدِع فيها الكاتب جديدًا ، وكُل ما نشره في الغرب آنذاك كان قد كَتبه قبل نَفْيه من بلاده ، بما في ذلك روايته " الدائرة الحمراء " في عشرة مجلدات ، التي تتحدَّث عن الحرب العالمية الأُولَى ، والحرب الأهلية في روسيا .

     تُعتبَر ثلاثية سولجنيتسين " أرخبيل غولاغ " أشهر رواياته على الإطلاق ، وروت هذه الثلاثية التي نُشرت في الغرب تفصيلاتٍ عن الفظائع في منظومة السجون ومُعسكَراتِ العمل القَسْري في الاتِّحاد السوفييتي في الفترة(1918_1956).واعتبرت الصحافةُ السوفييتية سولجنيتسين خائنًا ، وشنَّت هجومًا لاذعًا ضِدَّه بعد نشر الجزء الأول مِن الرواية في عام 1973 .

     تُوُفِّيَ سولجنيتسين بسبب سكتة قلبية بالقُرب من موسكو ، عن عُمر يُناهز التسعين . وتَمَّت إقامة مراسم دفن في دَير دنسكوي في موسكو ، ودُفن في مكان اختاره في مقبرة دنسكوي .

     مِن أبرز أعماله الأدبية:يوم من حياة إيفان دينوسوفيتش(1962). الدائرة الأُولَى ( 1963). جناح السرطان ( 1968) . أرخبيل غولاغ ( ثلاثة إصدارات ) ( 1973_ 1978) . عِجْل يَنطح شجرة بلوط ( 1975) .