04‏/02‏/2021

بار لاغركفيست ورواية الإنجيل

 

بار لاغركفيست ورواية الإنجيل

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.........

     وُلد الأديب السويدي بار لاغركفيست ( 1891_ 1974) في منطقة سمولاند جنوبي السويد في بيئة ريفية متدينة ومحافظة . كان والده موظفًا في سكة الحديد ، وكان أصغر إخوته الثمانية . وعلى الرغم من الظروف المادية الصعبة ، فقد حصلوا جميعًا على تعليم جيِّد . التحق بعد تخرجه من المدرسة الثانوية بجامعة أوبسالا ، إلا أنه لَم يحصل على درجة عِلمية .

     ثارَ على البيئة المحافظة التي ترعرع فيها، وبدأت أفكاره تأخذ منحًى اشتراكيًّا داروينيًّا . تزوَّجَ مَرَّتين،وصارَ عُضوًا في الأكاديمية السويدية عام1940.ومُنح جائزة نوبل للآداب عام 1951. ويُعتبَر من أهم رُوَّاد الحداثة في الأدب السويدي .

     رفضَ لاغركفيست كُلَّ ما هو تقليدي ونمطي في حياته ، كما هاجمَ الأدب المعاصر ، واعتبره أدب انحطاط لا هدف له إلا التسلية، ويتخبط في متاهات الطبيعية.وقد طالبَ بأن يكون الشعر تعبيرًا عن " زماننا "، وبأن يأخذ العِبَر من الشعر القديم والتراث الإسكندنافي ، ويتعلم من الفن .

     أثَّرت الحرب العالمية الأولى على جيل كامل من الكُتَّاب الأوروبيين ، ومنهم لاغركفيست ، فقد زعزعت إيمانهم ، وصارَ التساؤل عن معنى الوجود والصراع بين الخير والشر محور كتاباتهم . وصار الالتزام ومناهضة الطغيان السياسي والحكم الشمولي والظلم الاجتماعي بأنواعه هاجسهم .

     عبَّرت مجموعة لاغركفيست الشعرية " القلق " ( 1916) عن خيبة أمل جيل ما بعد الحرب وضياعه . وكان ديوانه " الفوضى " ( 1919) أول محاولاته في الشعر الدرامي ، حيث عالج فيه موضوع " عبث الوجود"، وتجوَّلت فيه شخصيات بلا أسماء بحثًا عن ذاتها . وكتب مسرحيات من فصل واحد ، منها " حُلم ( كابوس ) منتصف الصيف في المأوى" ( 1914) .

     وقد وصف المؤلف نَفْسَه بأنه ملحد مُتديِّن ، باحث عن جواب السؤال الأزلي حول معنى الوجود . ففي " الابتسامة الأزلية " ( 1920) تبحث مجموعة من الموتى عن الإله لسؤاله عن الهدف مِن خَلْقها فتكون الإجابة : (( الحياة أفضل من العدم )) .

     رأى لاغركفيست مثل كثيرين غَيره من الكتاب والمفكرين الخطر المحدق مع ظهور النازية والفاشية ، فكتبَ " الجلاد " ( 1933) و"القزم " ( 1944) حول رُوح العصر المفعمة بالعنصرية والعنف واللهاث وراء المتعة ، إلا أن ذلك لَم يُفقده الأمل ، فقد رأى أيضًا أن المحبة بين البشر هي المخلِّص والعزاء ، وهي التي تمنح الحياة معناها .

     كتب رواية " بارابَّاس " ( 1950) . واعْتُبرت هذه الرواية تحفة أدبية ، وهو عمله الأكثر شُهرة . والرواية تستند إلى رواية الإنجيل ، حيث حُكم على يسوع الناصري بالموت مِن قِبَل السُّلطات الرومانية مُباشرة قبل عيد الفِصْح اليهودي . وكان من عادة الرومان إطلاق سراح شخص أُدين بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام . عندما يَقدم النائب الروماني بيلاطس البنطي على تحرير يسوع أو بارابَّاس ( لص مُدان وقاتل) ، تقوم مجموعة من الغَوغاء بالمطالبة بإطلاق سراح بارابَّاس ، ويتم إطلاق سراحه ، وصَلْب يسوع ( حَسَب رواية الإنجيل )، ويقضي بارابَّاس حياته في محاولة لفهم لماذا تَمَّ اختياره للعيش بدلاً من يسوع . وقد حُوِّلت هذه الرواية التي تُسيطر عليها الأسئلة الفلسفية والوجودية إلى فيلم ناجح عام 1961 ، وقام الممثِّل العالمي أنتوني كوين بلعب دور البطولة .

     تتمحور كتابات لاغركفيست حول رُوح التشاؤم، لكنه يرى أن إيمان الإنسان بذاته هو ما يُمكِّنه من البقاء . كل ذلك بأسلوب طفولي بدائي ، يلجأ إلى لغة الحديث اليومية البسيطة ، وأحيانًا العامية المحكية ، في جُمل مُجتزأة ، وبإيقاع وسِحر مُتَمَيِّزَيْن .

     تُوُفِّيَ في ستوكهولم ( عاصمة السويد ) في عام 1974 ، في سن الثالثة والثمانين .

     مِن أبرز رواياته: الناس ( 1912) . القلق ( 1916) . الفوضى ( 1919) . أغاني القلب   ( 1926) . الروح القتالية ( 1930) . بارابَّاس ( 1950). الأرض المقدَّسة ( 1964) .

     ومن أبرز مسرحياته:آخر رَجل ( 1917). لحظة صعبة ( 1918) . رَجل بلا رُوح (1936). النصر في الظلام ( 1939) . حجر الفلاسفة ( 1947) .