08‏/02‏/2021

باولو كويلو ورواية الخيميائي

 

باولو كويلو ورواية الخيميائي

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

............


     وُلد الروائي البرازيلي باولو كويلو ( 1947 _...) في ريو دي جانيرو ، لعائلة ميسورة ماديًّا. والده كان مهندسًا ، أمَّا والدته فكانت كاثوليكية شديدة الإيمان والروحانية .

     تمنى كويلو في مراهقته أن يغدو كاتبًا، إلا أن والدته كان لها رأي آخر عندما صرَّح لها بذلك، وقالت له : (( عزيزي ، والدك مهندس ، رَجل منطقي، عملي، صاحب رؤية واضحة المعالم جدًّا للعالم. هل تعلم حقًّا ما هو معنى أن تصبح كاتبًا ؟ )) .

     وفي السادسة عشرة من عُمره، أدَّت انطوائية كويلو ورفضه للطرق التقليدية في الحياة بوالديه إلى أن يُرسلاه إلى مؤسسة عقلية ، وهو ما دفعه إلى الهرب منها ثلاث مرات قبل أن يُطلَق سراحه منها نهائيًّا في العشرين من عمره. وقد عقَّب كويلو على ذلك الموضوع فيما بعد قائلاً : (( لَم تكن المسألة أنهما يريدان ( يعني والديه ) إيذائي . كانا فقط يجهلان ما ينبغي عليهما فعله اتِّجاهي . إنهما لَم يقوما بذلك لأجل تدميري ، بل لأجل الحفاظ عليَّ )) .

     ونزولاً عند رغبة والديه ، التحق كويلو بمدرسة القانون ، وهجر حلمه القديم في أن يصبح كاتبًا. وبعد ذلك بعام واحد ، ترك كويلو المدرسة ، وعاش حياته بوهيميًّا مُرتحلاً إلى أماكن عديدة في أمريكا الجنوبية ، وشمال أفريقيا ، والمكسيك ، وأوروبا . وبدأ في تعاطي المخدِّرات في ستينيات القرن العشرين. ولدى عودته إلى البرازيل ، عمل كويلو مُؤلِّفًا للأغاني لبعض المطربين ، وتم اعتقاله في عام 1974 بتهمة " أعمال تخريبية " خلال الحكم العسكري السائد حينئذ ، والذي اعتبر مؤلفات كويلو الغنائية يسارية خطرة .

     يُؤلِّف كويلو حاليًّا القصص المحرَّرة مِن قِبَل العامة عن طريق الفيس بوك . تتميَّز رواياته بمعنى روحي يستطيع العامة تطبيقه مُستعملاً شخصيات ذوات مواهب خاصة ، لكنها موجودة عند الجميع. كما يعتمد على أحداث تاريخية واقعية لتمثيل أحداث قصصه . وقد عُيِّنَ عام 2007 رسول السلام التابع للأمم المتحدة .

     قبل أن يتفرَّغ كويلو للكتابة ، كان يُمارس الإخراج المسرحي والتمثيل ، وعمل كمؤلف غنائي،وصحفي.وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغنين البرازيليين ، فيما يزيد عن 60 أغنية.

     بدأ شغف كويلو بالعوالم الروحانية مُنذ شبابه كهيبي ، حِينما جال العالَم بحثًا عن المجتمعات السِّرية، وديانات الشرق .

     نشر أول كتبه عام 1982 بعنوان " أرشيف الجحيم " ، والذي لَم يُلاقِ أي نجاح. وتبعت مصيره أعمال أخرى، ثم في عام 1986 ، قام كويلو بالحج سَيْرًا لمقام القديس جايمس في كومبوستيلا ( شمال غربي إسبانيا ) . وقد كانت هذه الرحلة نقطة تحوُّل رئيسية في حياته ، فقد أفرزت رواية " الحج " في نفس العام ، والمعروفة تجاريًّا بـ " حاج كومبوستيلا " .

     كتب كويلو رائعته "الخيميائي" ، ونشرها من خلال دار نشر متواضعة . لَم يتحمس صاحب دار النشر للرواية ، حتى إنه قرَّر ألا تزيد عدد نسخ الطبعة الأولى عن 900 نسخة وبدون إعادة نشر . عثر كويلو بعد ذلك على دار نشر أكبر ، وبعد نشره لروايته التالية "بريدا" حقَّقت رواية "الخيميائي" أعلى مبيعات في البرازيل ، وتَمَّ طباعة أكثر من 65 مليون نسخة منها ، حتى غدت من أعلى الكتب في التاريخ تحقيقًا لأعلى نسبة مبيعات ، وتَمَّ ترجمتها إلى 71 لغة، وهو ما حدا بها إلى أن تدخل موسوعة غينيس لأكثر رواية مترجمة لمؤلف على قَيْد الحياة .

     و" الخيميائي" رواية رمزية ، نُشِرت لأول مرة عام 1988. وتحكي عن قصة الراعي الإسباني الشاب سنتياغو في رحلته لتحقيق حُلمه الذي تكرَّر أكثر مِن مَرَّة ، والذي تدور أحداثه حول كَنْز مدفون في الأهرامات بمصر . ووراء هذا الحلم ذهب سانتياغو ليقابل في رحلته الإثارة، والفرص، والذل، والحظ والحب . ويفهم الحياة من منظور آخر وهو رُوح الكون .

     وقد أشاد بها النُّقاد وصنَّفوها كأحد روائع الأدب المعاصر . واستلهمَ كويلو حبكة القصة من قصة بورخيس القصيرة " حكاية حالمين " .

     حازَ كويلو على المرتبة الأولى بين تسع وعشرين دولة . ونال العديد من الأوسمة والتقديرات. وقد اعْتُبِر أعلى الكُتَّاب مبيعًا بروايته " 11 دقيقة"، حتى قبل أن تُطرَح في الولايات المتحدة أو اليابان ، و10 بلدان أخرى . واحتلت روايته " الزهير" ( 2005 ) المركز الثالث في توزيع الكتب عالميًّا .