29‏/06‏/2021

روجيه مارتن دوغار ورفض العنف

 

روجيه مارتن دوغار ورفض العنف

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.................

وُلد الروائي الفرنسي روجيه مارتن دوغار ( 1881_ 1958) في نويي سور سين ، وهي بلدية فرنسية في إقليم هوت دو سين ( مرتفعات السين ) في منطقة إيل دي فرانس، تقع على حدود مدينة باريس على الضفة اليمنى لنهر السين .

يُعتبَر من أبرز الروائيين الفرنسيين في النصف الأول من القرن العشرين . حصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1937 .

كانت عائلته ثرية، وفيها الكثير من المحامين والقُضاة. بدأ مسيرته الأدبية شاعرًا يَكتب القصائد العاطفية ، لكن حياته انقلبت رأسًا على عَقِب في السابعة عشرة من العُمر ، حين قَرأ _ بعد مَشورة والده_ رواية " الحرب والسلام " للروائي الروسي الشهير تولستوي . وهذا الأمر نقله من عالَم الشِّعر إلى عالَم الرواية .

حصل في عام 1898 على شهادة في الفلسفة ، لكنه انقطعَ عن عالَم الفكر والأدب بسبب أدائه للخدمة العسكرية عام 1902 .وفي عام 1906 تزوَّجَ من ابنة محامٍ، وبعدها قَرَّرَ أن يَصبح كاتبًا . وقد سمح له وضعه المادي أن يَتفرغ للأدب .

شاركَ كجندي في الحرب العالمية الأولى.وبعد انتهائها، بدأ في كتابة ملحمته" أُسرة تيبو " ، وهي رواية ضخمة تتكون من ثمانية مجلدات ( وتشتمل على آلاف الصفحات ) ، وقد نُشرت في الفترة ( 1920 _ 1940 ) . وتضمُّ الكثيرَ من ذكريات الطفولة الخاصة بالكاتب.

وهي رواية تتمتع بشعبية جارفة في الوسط الأدبي الفرنسي . وفي هذه الرواية الضخمة، تبرز معاني الحب والسلام في مواجهة الكراهية والحرب .

وتدور أحداث الرواية حول ابنَي آل تيبو أنطوان وجاك ، اللذين تلقَّيا تربيةً قاسيةً مِن قِبَل الأب ، وتعرَّضا لنفْس الظروف الأُسرية والبيئية ، حيث إنهما عاشا في عائلة برجوازية تدين بالكاثوليكية ، وتعتمد على الصرامة والحزم في التعامل مع الأبناء. ومعَ هذا ، سارَ كُل واحد منهما في طريق مختلف ، فقد أصبح أنطوان طبيب أطفال ناجحًا ونزيهًا ، أمَّا جاك فصار متمردًا على المجتمع ، وثائرًا على تقاليده .

لقد سَلَّطَ الكاتب الضَّوء على الطبقية الاجتماعية ، والبرجوازية الباريسية ، سواءٌ الكاثوليكية أَم البروتستانتية . وكَشَفَ أهميةَ قيمة التَّضحية في مجتمع ما بعد الحرب العالمية الأولى .

وقد ذهب أبعد مِن هذا ، حين دعا إلى التآخي الألماني الفرنسي ، والمضي قُدُمًا في مسيرة السلام ، ورفض أشكال العنف ، مهما كانت الأسباب .

ومعَ أنَّ دوغار يُعتبَر وريثًا للرواية الواقعية التقليدية في القرن التاسع عشر ، إلا أنَّه استطاع صناعة أوصاف جديدة للرواية ، تتعلق بتفاصيل السرد والعلاقات النفسية بين الشخصيات ، كما أنه اهتمَّ بالسياق التاريخي للأحداث ، وحاولَ تحليل التاريخ وَفْق المشاعر الإنسانية الداخلية ، وتقنيات عِلم النفس . وأيضًا حاولَ تحليل العلاقة بين الدِّين والحداثة ، في ظل الفصل بين الكنيسة والدَّولة الفرنسية .

كتب دوغار الكثير من نصوص السيرة الذاتية ، ودوَّن يومياته مُنذ الحرب العالمية الأولى ، ووصف حياته العائلية الصعبة ، كما وصف علاقات الصداقة التي قامت بينه وبين مجموعة من الأدباء ، وذَكَرَ مشكلات الحياة الأدبية وتقلباتها . وجُمعت الرسائل التي تبادلها مَعَ كبار الكُتَّاب الفرنسيين مِثْل : أندريه جيد ، وألبير كامو ، إلى جانب المراسلات العامة .

تُوُفِّيَ دوغار في عام 1958 ، ودُفن في مدينة نِيس الفرنسية .

مِن أبرز أعماله الأدبية: المهزلة ( 1913). الثقة الأفريقية ( 1931) . الصامت ( 1932). تيبو( ثمانية مجلدات1920_ 1940). الأعمال الكاملة "مع مقدمة كتبها ألبير كامو " ( 1955) .