30‏/06‏/2021

رودلف أوكن ونقد الاشتراكية

 

رودلف أوكن ونقد الاشتراكية

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

...................

وُلد الفيلسوف الألماني رودلف أُوكن ( 1846_ 1926) في مقاطعة أوريتش الألمانية ، وتُوُفِّيَ في يينا .

تُوُفِّيَ والده عندما كان طفلاً ، فقامت أُمُّه برعايته والإشراف على تعليمه . درسَ في جامعة غوتنغن ( 1863_ 1866 ) . مِن أبرز أساتذته الذين تلقَّى العِلْم على أيديهم : عالِم اللغويات والفيلسوف فِلهِلم رويتر ، والأستاذ هيرمان وتز ، والأستاذ أدولف تراند الذي ساهمَ في تدعيم النظرة التاريخية للفلسفة الأخلاقية .

حصل أُوكن على شهادة الدكتوراة في فقه اللغة الكلاسيكية والتاريخ القديم من جامعة غوتنغن في عام 1866، واهتم بالجانب الفلسفي من اللاهوت. وبعد عِدَّة سنوات أصبحَ مُحَاضِرًا في جامعة بازل .

بَقِيَ أُوكن في جامعة بازل حتى عام 1874 ، ثُمَّ عمل مُحَاضِرًا في جامعة يينا . وهي إحدى أشهر الجامعات الألمانية وأكثرها عراقة، ومن أشهر خِرِّيجيها الفيلسوف الألماني شوبنهاور ، والفيلسوف الألماني كارل ماركس، وعالِم الفيزياء النمساوي شرودنغر .

     بَقِيَ أُوكن مُحَاضِرًا في جامعة يينا حتى تقاعده في عام 1920 .

وفي الفترة ( 1913_ 1914)، شغل منصب محاضر زائر في جامعة نيويورك . وخلال الحرب العالمية الأُولى ، اتَّخذَ _ مِثْل الكثير من زملائه الأكاديميين _ موقفًا قويًّا ضد الحرب .

وقد وقَّع في عام 1914 ( العام الذي اندلعت فيه الحرب العالمية الأولى ) على بيان المثقفين الألمان . ورأى أن الحرية تتحقق بالعِلم وبمجتمع السلام، فالعِلْم يُوفِّر سيطرة الإنسان على الطبيعة بتعاون العلماء ، ومجتمع السلام يكون بتعاون البشر ووقف صراعهم .

تزوَّج أُوكن في عام 1882 ، وأنجبَ وَلَدَيْن وبِنتًا . وقد أصبحَ ابنه والتر مفكرًا اقتصاديًّا شهيرًا . أمَّا ابنه الثاني أرنولد ، فقد أصبحَ عالِمًا كيميائيًّا .

حصل أُوكن على جائزة نوبل للآداب عام 1908 ، بعد أن كان قد تَمَّ ترشيحه مِن قَبْل عُضوًا في الأكاديمية السويدية. وقد بَيَّنت لجنة نوبل سبب منحه الجائزة: " تقديرًا لبحثه الجاد عن الحقيقة ، وامتلاكه القدرة على اختراق الفكر، وأُفقه الواسع، والدفء والقوة في عَرْض أفكاره، التي ساهمت في تكريس مثالية فلسفة الحياة".

إن فلسفة أُوكن فلسفة حياة . والحياةُ في نظره أنظمة عضوية ومؤسساتية، ووظيفة الفلسفة شرح أنظمة الحياة ، وإظهار معانيها ، ثم اختيار أفضلها . وبما أن الحياة عملية تطور ، فلا يمكن حجزها في فلسفة أو نظام .

وعندما تُحطِّم الحياةُ الحواجزَ الْمُنْشَأة ، تظهر الحاجة إلى فلسفة جديدة ، أو نظام للحياة جديد أكثر شمولاً . والفلسفة الجديدة لا تولد إلا بالعملِ الحي الجاد ، وبالتركيز على الحياة ومعرفة الخير والشر فيها .

والحياة في الإنسان وعي ذاتي ، وهي تتجاوز حدود الفرد لتربط كل الكائنات الواعية . وبهذا التجاوز ، تصبح حياة روحية مستقلة تصل الإنسان بالحقيقة المطْلقة ، والجمال والخير المطْلقَيْن.

انتقدَ أُوكن المذهب الطبيعي الذي يفرض حدودًا زائفة على روح الإنسان . ومعَ أن المذهب الطبيعي هو نتيجة تأثير العِلْم في حياة الإنسان ، إلا أن هذا المذهب يصبح شديد الخطورة إذا قيَّد طاقات الإنسان بالطبيعة وحدها . لذلك أكَّد أُوكن على الاستقلال الروحي الذي يُعطي الأولوية للكُل ، الذي يُؤلِّف الفرد جزءًا منه مِن دُون ذوبان فيه .

كما انتقدَ أُوكن الاشتراكية مِن ستة وجوه : 1_ عجزها عن إضفاء وَحدة على حركة الحياة. 2_ عجزها عن إدراك حاجة الإنسان إلى حياة جوَّانية. 3_ حصرها اللحظة المهمة لحياة الإنسان في الحاضر. 4_ اختزالها الإنسان في معادلة رياضية . 5_ حصرها الإيمان في المذهب الطبيعي ، مِمَّا وَلَّدَ صراع الإنسان ضد أخيه الإنسان . 6_ إجهاض طبيعة الإنسان الحقيقية بسبب تحديد الإنسان بالمصطلحات الاقتصادية .

يُعَدُّ أُوكن من أعمدة " فلسفة الحياة " ، ويحتل مكانةً رفيعة في تاريخ الفلسفة ذات الطابع الروحي الحياتي .

مِن أبرز مؤلفاته : وَحدة الحياة الروحية ( 1888) . النضال من أجل المحتوى الروحي من الحياة ( 1896) . توما الأكويني وكانت ( 1901) . فلسفة التاريخ ( 1907 ) ، مدخل إلى فلسفة حياة الروح ( 1909) .