28‏/07‏/2021

سول بيلو والتأثيرات الدينية

 

سول بيلو والتأثيرات الدينية

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.................

وُلد الأديب الأمريكي سول بيلو ( 1915_ 2005 ) في حي فقير للمهاجرين في ضاحية من ضواحي مدينة مونتريال الكندية ، لِمُهَاجِرَيْن يهوديين روسيين .

حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1976 ، " لفهمه الإنسان وتحليله الفصيح للثقافة المعاصرة الممزوجة في عمله "، حسب تقرير لجنة الجائزة .

كان والده يعمل تاجرًا للبصل المصري . وكانت والدته مُتديِّنة جِدًّا ، ولَم يُوفَّق الوالد في تجارته ، فَقَرَّرت العائلة النُّزوح إلى أمريكا ، واستقرَّت في مدينة شيكاغو حين كان عُمر الكاتب تسع سنوات .

بدأت محاولاته في الكتابة بوقت مُبكِّر ، ولَم يُوافق والده على ذلك . وقال له مَرَّةً ساخرًا :  (( أنتَ تكتب ومِن ثَمَّ تشطب )) . وعندما بلغ العشرين مِن عُمره سأله والده : (( هل تعتبر الكتابة وظيفة ؟ )) . لكنه وجد تشجيعًا مِن والدته التي تُوُفِّيت وهو في السابعة عشرة .

في عام 1933، التحقَ بجامعة شيكاغو. وبعد سنتين انتقلَ إلى شمال غربي أمريكا، لأن الجامعة هُناك أرخص . وفي عام 1937، حصل على شهادة بالأنثروبولوجي وبِعِلم الاجتماع، وشَكَّلَ هذان الاختصاصان الأساس لأعماله الروائية . وقال : (( كُل مَرَّة أعمل على أُطروحتي تستحيل إلى قصة )) .

قبل أن يُنهيَ دراسة الماجستير ترك جامعة وسكنسن، وعاد إلى شيكاغو. وفي نهاية الثلاثينيات، انتقلَ إلى مدينة نيويورك ، وحاول كتابة الرواية والقصة ، ولكن مِن دُون أي نجاح ، وبدأ في كتابة عُروض للكتب . وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية رفض دخول الجيش بسبب إصابته بالفتق، ومِن ثَمَّ التحق بِمُشاة البحرية ، وأثناء فترة تدريبه قُصفت هيروشيما بالقنبلة الذرية .

أثناء الخدمة العسكرية كتب روايته الأولى " رَجل مُتحيِّر " ، وعندما بلغ الثلاثين مِن عُمره كتب روايته الثانية " الضحية " حول معاداة السامية . وقد كتبها تحت تأثير الكاتب الروسي دوستويفسكي . ولَم تُسجِّل كلا الروايتين أيَّ حضور أدبي ، بسب ضعف البناء الروائي ، وتأثرهما المفرَط بأسلوب الرواية الأوروبية .

في نهاية أربعينيات القرن الماضي ، حصل على منحة دراسية في باريس ، وبعد فترة طويلة من التَّسكع والتفكير في مستقبله كتب روايته الثالثة "مغامرات أوجي مارش"، التي استوحى شخصيتها من صديق الطفولة جوكي. وعندما نشرها عام 1953 ، دخلت في قائمة الأكثر مبيعًا، ووصفه النقاد بالصوت الجديد في الرواية الأمريكية ، نظرًا لأسلوبه المتدفق الذي يُشبه موسيقى الجاز ، ولغته المختلِطة من اليديش ( لغة يهود أوروبا ) والإنجليزية، والقريبة من لغة الشاعر والت ويتمان.

في روايته الرابعة " هندرسون ملك المطر " ، شعر بأنه قد سَيطر على أدواته الإبداعية ، وتبعها  عام 1964 بروايته الخامسة " هيرزوغ " . وقد حصلت الرواية على جائزة الكتاب الوطني .

وبعد ذلك كتب مسرحية " المحلِّل الأخير " التي لاقت فشلاً ذريعًا عند عَرْضها في مسرح برودواي ، كما هو الحال مع بضع مسرحيات أخرى كتبها فيما بعد .

في عام 1969، كتب روايته " كوكب السَّيد ساملر " ، وهي عَن رَجل ينجو من المحرقة النازية ، ويعيش في نيويورك ، يجترُّ تاريخه وماضيه . وحصل بيلو على جائزة الكتاب الوطني للمرة الثانية عندما نشر روايته " هدية هامبولت " ، والتي كانت واحدة من أنجح رواياته . وقد حصل في عام 1975 على جائزة بوليتزر . ومَهَّدت هذه الرواية الطريق للحصول على جائزة نوبل للآداب ، وقد وصفتها الأكاديمية السويدية قائلة : " إنها تفيض بالأفكار وتُومض بالسُّخرية ، وهي كوميديا مرحة وتتَّقد بالرحمة " .

بعد نوبل كتب رواية قصيرة ومجموعة قصص قصيرة ، ثم كتب رواية طويلة استوحاها من حياة صديقه البروفسور آلن بلوم صاحب كتاب " انغلاق العقل الأميركي "، الذي مات بمرض نقص المناعة المكتسبة ( الإيدز ). وأطلقَ على الرواية اسم " رافيلشتاين " . وقد وصفها حينها الكاتب جونثان ويلسون في " نيويورك تايمز بوك ريفيو " بالرواية العظيمة التي تَتَّحدث عن صداقة الرجل الأمريكي .

تُلاحظ الناقدة الأمريكية كاكوتاني بأن أدب سول بيلو ظَلَّ مَدِينًا لدراسته الأُولَى للتوراة والإنجيل ، ولقراءته لمسرحيات شكسبير ، ولكبار كُتَّاب روسيا من القرن التاسع عشر . وتقول : (( إن أعمال بيلو القوية تستمد تقاليدها من الوجودية الأوروبية، ومِن الأخلاقيين الروس ، ومن الدماء الأمريكية الحمراء ، مِن أجل خلق عالَمه الروائي المتميز )) .

من أبرز رواياته : اغتنم الفرصة ( 1956) . مذكرات موسبي ( 1968) . عميد الكلية وزمهرير الشتاء ( 1982) . حادث سَطْو ( 1989) . منبع الحب الحقيقي ( 1997) .