12‏/08‏/2021

شيموس هيني وانقسامات بلاده

 

شيموس هيني وانقسامات بلاده

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

..................

     وُلد الشاعر الأيرلندي شيموس هِيني ( 1939_ 2013) في مزرعة والده الواقعة في شمال غرب بلفاست ( عاصمة أيرلندا الشمالية ) . وكان يُقيم في دَبلِن حتى وفاته . هو الابن الأكبر لتسعة أطفال لعائلة كاثوليكية في مجتمع زراعي . حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1995، بسبب " أعمال الجمال الغنائي والعُمق الأخلاقي الذي يمدح المعجزات اليومية والماضي الحي ".

     بدأ هِيني كتابة الشِّعر حين كان طالبًا في الجامعة ، وكان شِعره في الغالب انعكاسًا لتجاربه الشخصية ، وانعكاسًا للوضع في مسقط رأسه أيرلندا الشمالية .

     نشر بعض المحاولات الشِّعرية أثناء دراسته الجامعية باسم مُستعار . وفي عام 1963عُيِّنَ مُحَاضِرًا في الأدب الإنجليزي.وكان هِيني أستاذًا في جامعة هارفارد في الفترة( 1981_ 1997). وفي عام 1996 شغل منصب قائد الفنون والآداب .

     تتَّسم لُغته الشِّعرية بالعُنفوانية ، والإغراق في الموسيقية اللغوية ، إضافة إلى المضامين الإنسانية الشاملة . واللغةُ لدى هِيني هي أبرز معالم شِعره ، حيث يتجلى ذلك في امتلاكه لناصية اللغة الإنجليزية ، مِن خلال تركيبات مُتشابكة ومُعقَّدة . ومع مرور الوقت ، تحوَّلت قصائده إلى الإيجاز والتكثيف ، كما هي حال الأمثال التي تختزل التجارب الإنسانية في سُطور قليلة .

     يقوم شِعر هِيني على وصف النِّزاعات السياسية في بلاده ، والاختلافات العِرقية بين المواطنين، ووصف حياة الناس وأصواتهم المستمدة من عوالمهم النفسية . كما يبرز في شِعره موضوع الاغتيالات ، والإعدام خارج نطاق القانون ، والتفجيرات . وكل هذا ضِمن منظومة شِعرية متماسكة تعتمد على اختيار الألفاظ المناسبة والمعاني المدهِشة .

     قام هِيني بتشييد عالَمه الشِّعرية اعتمادًا على الطفولة والحياة الزراعية والسياسة والثقافة في أيرلندا الشمالية، واستحضار إسهامات الشعراء الآخرين في الماضي والحاضر . إِن هِيني يغوص في أعماق اللغة، ويفحص هياكلها، وينتقي ألفاظها، ويُحلِّل مَعانيها ، في محاولة مِنه لاحتواء الخيال، وتفعيل سلاح البلاغة ، وتغذية الروح ، واستلهام الحكمة المعتمدة على البصيرة النافذة .

     أثَّرَ هِيني على مجموعة واسعة من الشعراء . وبعض النقاد يَعتبره أعظم شاعر أيرلندي بعد وليم بتلر ييتس . وقد ترك هِيني بصمة مهمة في تاريخ الشِّعر المكتوب بالإنجليزية ، فهو يُعَدُّ شاعرًا مُجَدِّدًا ، وذلك بسبب إعادة اكتشاف أبعاد اللغة ، ورمزيتها ، وغنائية عناصرها ومُكوِّناتها .

     صارَ هيني بالنسبة لكثير من الشعراء مِقياسًا ومثلاً أعلى ، ولا يمكن لأحد أن يحل محله . وتعتمد شُهرته بشكل أساسي على الموضوعات التي عالجها ، والتي تتعلق بأيرلندا الشمالية الحديثة، بمزارعها وريفها ومُدنها التي يسودها الصراع، وبثقافتها،واللغة التي يُسيطر عليها الحكم الإنجليزي.

     وقد تناول المشكلاتِ والصراعات السياسية التي عصفت بالبلاد ، وكثيرًا ما كانت تتَّسم بالعنف. وحاولَ أن يرى تلك المشكلاتِ في سياقها التاريخي مِن منظور إنساني .

     مِن أبرز مجموعاته الشِّعرية : موت رَجل واقعي ( 1966) . باب نحو الظلام ( 1969) . الخروج شتاءً (1972) .الشمال (1979) . تَخَيُّل أشياء ( 1991) . الضوء الكهربائي (2001).