05‏/10‏/2021

فيليب روث والرواية اليهودية الأمريكية

 

فيليب روث والرواية اليهودية الأمريكية

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

...................


     وُلد الروائي الأمريكي فيليب روث ميلتون ( 1933_ 2018 ) في نيوجيرسي في أمريكا ، وهو الابن الثاني لعائلة يهودية هاجرت إلى أمريكا من منطقة غاليتسيا في أوكرانيا .

     تلقى روث تعليمه في مدارس نيويورك العامة ، وحصل على درجة البكالوريوس من جامعة باكنيل، وعلى الماجستير من جامعة شيكاغو ، ولَم يُكمِل دراسته لنيل درجة الدكتوراة . عمل بتدريس اللغة الإنجليزية ، ثم قام لاحقًا بتدريس الكتابة الإبداعية في جامعتَي أيوا وبرنستون ، وتقاعد من مهنة التدريس في عام 1992 ، ليتفرَّغ نهائيًّا للكتابة . اشْتُهِر معَ بدايات عام 1959 عندما كتب رواية " وداعًا كولومبوس " . وهي صورة عن الحياة اليهودية الأمريكية ، والتي حصل بسببها على الجائزة الأمريكية القومية للكتاب والرواية . كما حصل على الميدالية الذهبية للرواية عام 2001،وهي أعلى تكريم أدبي تمنحه الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب.    

     يُعتبَر روث أهم كاتب في الولايات المتحدة في جيله ، فقد حصل مرتين على جائزة الكتاب الوطني ، ومرتين على جائزة النُّقاد الوطنية للكتاب، وثلاث مرات على جائزة " قلم فوكنر " ، كما حصل على جائزة بوليتزر عام 1997 . وفاز بجائزة " أمير أستورياس " عام 2012 .

     وكان اسم " فيليب روث " يتردد دائمًا للحصول على جائزة نوبل للآداب، إلا أنه لَم يحصل عليها . وهو ينتمي إلى ما يُسمَّى بالمدرسة اليهودية للرواية الأمريكية .

     يرى بعض النقاد أن أعمال روث تعكس حالات الهلع والمخاوف والهواجس، ومظاهر البؤس والشقاء التي تعاني منها مجتمعاتنا الحالية . وكانت لجنة التحكيم لجائزة أمير أستورياس قد أشادت بـِ " كتابته السلسة والرفيعة ، وبشخصيات رواياته وأحداثها وحبكتها التي تُشكِّل رؤية شاملة للواقع المعاصر الذي يتخبَّط في صراع دائم بين العقلانية والعواطف ".

     كما نوَّهت اللجنة بـِ " مستواه الأدبي ونظرته العميقة للواقع المعاش، هذه النظرة التي تقف حَيْرى بين ما هو عقلاني وعاطفي حيال الاضطرابات التي تُميِّز الأزمنة الحاضرة " .

     مِن أعمال روث المبكِّرة " وداعًا كولومبوس " . وهو كتاب يتضمن عِدَّة قصص حول حياة اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية، حقَّق به الكاتب نجاحًا أدبيًّا كبيرًا، ثم جاءت كُتبه الأخرى مِثل : " الهروب " ( 1962)، الذي يُعالج فيه إشكالية احتضار شاب يهودي يتصارع أو يتأرجح بين العقل والعاطفة، ثم روايته الشهيرة " شكوى برتنوي " التي تحوَّلت إلى فيلم عام 1972 .

     ومِن أعمال الروائية المهمة : " الحيوان المُحتضر " . وتبدو هذه الرواية كأنها سيرة ذاتية يرويها رَجل في السبعين من عُمره، يغوص بذاكرته في صلاته وعلاقاته بالنساء اللواتي مَرَرْنَ بِه في حياته . وتُعالج هذه الرواية إشكالية الجسد والجنس في حياة الإنسان المعاصر . وعلى الرغم من وضع الكاتب كلمة "الحيوان " في عنوان كتابه، إلا أنه لا تتم الإشارة البَتَّة إلى أي حيوان داخل الرواية . وقد يكون ذلك رمزًا خفيًّا للشهوة الحيوانية والغريزة الفوضوية لدى شخوص الرواية .

     امتاز روث بغزارة إنتاجه الأدبي، فقد ترك أكثر من ثلاثين كتابًا مُتَنَوِّعًا بين الرواية والقصة القصيرة والمقالة.

     غلبت على أدب روث ملامح سوداوية ، وسيطرت على كتاباته نزعة تشاؤمية . وقد عالج في كتاباته القضايا الوجودية والمسائل الجنسية، وغاص في تفاصيل المجتمع ، وأسرار النفس البشرية.

     وقد قال روث في إحدى المقابلات الصحفية : (( إن خلق سيرة مُزيَّفة، وتاريخ مُزيَّف، وتلفيق وجود نصف خيالي خارج دراما حياتي ، هو حياتي . لا بُد من وجود متعة في هذه الحياة . وهذه هي متعتي )) .