27‏/01‏/2022

هنريك سينكيفيتش وملحمة الماضي

 

هنريك سينكيفيتش وملحمة الماضي

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     وُلد الروائي البولندي هنريك سينكيفيتش ( 1846 _ 1916 ) في فولا أوكجييسكا ، وتُوُفِّيَ في فيفي .

     اشْتُهِر عالميًّا بروايته التاريخية " كوو فاديس " ( 1896)، وهي أكثر كُتبه رواجًا على المستوى العالمي . وهي رواية تاريخية مكتوبة بالبولندية ، وعنوان الرواية معناه باللاتينية " إلى أين أنت ذاهب أيها الرب ؟ " . ويُلَمِّح إلى سِفر أعمال بُطرُس الْمُلَفَّق ، حيث يهرب بطرس من روما ، ولكنه يلتقي يسوع في طريقه ، ويسأله لماذا هو ذاهب إلى روما ؟. يقول يسوع : " أنا عائد لأُصْلَب من جديد " ، الأمر الذي جعل بطرس يعود إلى روما ويتقبل الشهادة .

     تتكلم الرواية عن قصة حب تتطور بين فتاة مسيحية تُدعَى ليجيا ، وأرستقراطي روماني يُدعَى ماركوس فينيسيوس.وتدور أحداثها في مدينة روما تحت حُكم الإمبراطور نيرون حوالي عام 64م.

     درس سينكيفيتش الإمبراطورية الرومانية بشكل مُكثَّف قبل كتابة الرواية ، وذلك بهدف الحصول على تفاصيل تاريخية صحيحة . وعلى هذا النحو ، ظهرت عدة شخصيات تاريخية في الرواية . والرواية كَكُل تحمل رسالة مُوالية للمسيحية . نُشرت الرواية مُسَلْسَلة في ثلاث صُحف يومية بولندية عام 1895، وخرجت في شكل كتاب عام 1896 .

     ومنذ ذلك الحين تَمَّت ترجمتها إلى أكثر من 50 لغة. وساهمت هذه الرواية بِفَوز سينكيفيتش بجائزة نوبل للآداب عام 1905 . وقد تَمَّ إنتاج العديد من الأفلام عن الرواية ، وبينها فيلمان إيطاليان صامتان أعوام 1912 و 1924، وإنتاج هوليوودي عام 1951 ، واقتباس عام 2001 من قبل جيرزي كافاليروفيتش .

     بدأ سينكيفيتش مشواره في عالَم الكتابة بنشر القِطَع الصحفية والأدبية . وفي عام 1870 سافر إلى الولايات المتحدة ، وكتب مقالاتٍ متعلقة بالسَّفَر والترحال ، وقد حقَّقت له شعبية كبيرة في أوساط القُرَّاء البولنديين. وشيئًا فشيئًا ، أصبحَ واحدًا من الكُتَّاب البولنديين الأكثر شعبيةً في القَرْنَيْن التاسع عشر والعشرين . تُرجمت أعمالُه إلى لغات عديدة ، مِمَّا أكسبه سُمعةً دوليةً ، أوصلته إلى جائزة نوبل للآداب ( 1905) ، لِـ " إنجازاته البارزة ككاتب ملحمي " .

     في عام 1858 بدأ تعليمه في وارسو، حيث استقرت العائلة بعد أن اشترت مبنى من أجل الإقامة الدائمة. وعندما وصل سينكيفيتش إلى سن التاسعة عشرة ، عمل كمُعلِّم من أجل إعالة أُسرته . ويُحتمَل أنه بدأ في هذه الفترة كتابة الروايات والقصص . وفي عام 1866 حصل على الشهادة الثانوية. حاولَ في البداية أن يَدرس الطب ثم القانون في جامعة وارسو . لكنه حسم أمرَه، وقرَّر دراسة فقه اللغة والتاريخ ، وهذا أكسبه معرفةً عميقة بالأدب واللغة البولندية القديمة .

     ولا تُعْرَف تفاصيل حياته في هذه الفترة ، إلا أنه انتقل من بيت أبويه ، وعاشَ حياةً فقيرةً ، لكنَّ حالته تحسَّنت في عام 1868 ، عندما أصبح مُعَلِّمًا في إحدى العائلات الأميرية .

     أكملَ دراساته الجامعية في عام 1871 ، لكنه أخفقَ في الحصول على شهادة الدبلوم بسبب رسوبه في امتحان اللغة اليونانية .

     سافرَ إلى الولايات المتحدة ، وأقام فيها . وواصلَ كتابة القصص . وفي عام 1877 نشر " تخطيطات فحم " في الجريدة الرسمية البولندية ، وكتب مسرحيةً مُوجَّهةً للجمهور الأمريكي .

     وفي عام 1878 غادر الولايات المتحدة نحو أوروبا ، فأقامَ في لندن ثم باريس . وكان يُؤخِّر عودته إلى وطنه بولندا بسبب إشاعات التجنيد الْمُحتمَل في الجيش الروسي الإمبراطوري ، حيث كانت هناك توقعات باندلاع حرب جديدة مع تركيا .

     وفي بدايات القرن العشرين ، لَقِيَتْ مؤلفاته رواجًا كبيرًا ، وهذا عادَ عليه بثروة هائلة . وقد استغل أمواله لدعم الكُتَّاب الْمُكافِحين ، وإغاثة ضحايا المجاعات ، وبناء مصحَّة لعلاج المصابين بالسُّل . وقد قَلَّلت نشاطاته الاجتماعية والسياسية من إنتاجه الأدبي بشكل واضح .

     وفي عام 1916 ، تُوُفِّيَ في أحد فنادق سويسرا بسبب مرض القلب . ودُفن في سويسرا .

     وفي عام 1924 ، بعد أن استعادت بولندا استقلالها ، أُعيدتْ بقاياه إلى وطنه بولندا ، ووُضعت في قَبو كاتدرائية " القِدِّيس جون " . وقد حَظِيَ بتقدير لافت في بلاده، حيث أُقيمت ثلاثة متاحف تخليدًا لاسمه .

     مِن أبرز أعماله الأدبية : " بالنار والسَّيف " ( 1884) . " الطوفان " ( 1886) . " بدون عقيدة " ( 1891) . دَوَّامة ( 1910) .